صباح أشرق وترقرق على قلوب كأنّها الورود النّدية..
تحمل عطراً زاكياً عابقاً بالحياة والأمل بيوم جديد وجميل..
وكيف لا يكون كذلك وهو اليوم المدرسيّ الأول من العام الدراسي..
توزّعت الطالبات في الساحة المدرسية كأنهنّ فراشات يرتدينَ ملابسهنّ الجميلة وحُلتهنّ المدرسية النظيفة والمرتبة..
فلا أنكر أنه ليس الكلّ يقدر على شراء الجديد لأولادهم بخاصة ونحن نتحدّث عن مدرسة في إحدى النواحي الريفية..
وانتظم الاصطفاف بوجود الملاك التربوي من معلمات ومديرة كفوءة تهتم جداً بالاصطفاف الصباحي وبكلّ مناسبة من مواليد وأهل
البيت عليهم السلام ووفياتهم وتعدّ العدة المسبقة لذلك بالأمتار من القماش الذي تكتبُ عليه ما يُحيي تلك المناسبة المباركة..
وها هي تفعل الأمر نفسه بوشاح أبيض كبير مكتوبٌ عليه بأمتار من خيوط الزينة ((أهلاً وسهلاً بالعام الدراسي الجديد))
وتجمّله بالورود المتفرّقة على الكتابة هنا وهناك..
عبارة مهيبة واحتفال بهيج يبعثُ في نفس الكبير قبل الصغير مزيجاً من مشاعر الانشراح والفرح والترقُب،
وتُهنّئ الطالبات بكلمات الحُبّ والحنان والحرص والتأكيد على المستوى الدراسي..
وشدّ الاصطفاف كلّ الطالبات على الرغم من أنّ بينهنّ طالبات الصف الأول اللاّتي لا يخفى على أحد صعوبة الأيام الأولى في المدرسة عليهنّ
وعلى الأمهات أيضاً؛ لأنه عالم مجهول يحمل من الخوف والترقب الكثير..
لكن المديرة قطعت خيوط الخوف والقلق وهي توزّع الحلويات والورود الزاهية الألوان لتحوله لفرحة غامرة حملت عطر الزهور وشذاها..
وانصرف الجميع بانتظام إلى الصفوف المرتبة، وأكملت المعلّمات المسيرة بالتوعية والتوجيه للطالبات وتوزيع الأقلام والقرطاسية عليهنّ..
والذي أدهشني أكثر التكافل الاجتماعي في تلك المدرسة البسيطة جداً فوجدت المعاونة بدأت تحتوي الطالبات بتوزيع الملابس المدرسية بشكل
منتظم وعن طريق مُعدّ مسبقاً من قبل المعلّمات والإدارة عن أسماء المحتاجات واليتيمات من الطالبات..
وعندما استفسرت أكثر علمت أنّ المعلمات متكاتفات فيما بينهنّ ومع بعض العوائل الميسورة بتنظيم توزيع الكسوة الصيفية والشتوية ورغم أعداد
الطالبات الكثيرة إلّا أن التنسيق بالتوزيع قد شمل الكل وحسب الحاجة للمساعدة..
ووجدت البعض من المعلمات تستثمر التوزيع للملابس لتقدّيمها بطريقة أجمل لتكون كحافز للطالبات المحتاجات وبلا إحراج أو إخبار
بأنها مساعدة بل بأنها هدية تُحفُّ بالتصفيق والكلمات التحفيزية بالصف أمّا شعور الطالبة بتلك الهدية وإن كانت متواضعة..
شعورٌ يعانق الجبال علواً وفخراً..
ويقارب الشمس نوراً وإشراقاً..
ويجعلها كزهرة فواحة متجددة النظارة..
ملكتها وتيمت قلبها تلك المعلمة وذلك العطاء وإن قلّ؛ لأنه أشعرها بأنها إنسانة تستحق أن ترتدي الجديد، وتستحق الذكر والتشجيع فهي تشمل
مساحة من مجتمع يعرف معنى التكافل والحُب والتقدير للجميع صغيراً أو كبيراً..
فليت الجميع يتحلى بذلك العطاء الذي يهبُ المدرسة والدراسة طعماً آخر ويجدد الإبداع وجذور الحبّ والقدير بالنفس خاصة لنبتاتنا اللاتي جفت
قبل أن تُعطي أكلها الخصب وثمارها اليانعة بالنجاح والتفوق.
زهراء حكمت
تم نشره في المجلة العدد99
تعليق