بِسْمِ اَللهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ
اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد
اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد
قال الله تعالى في كتابه الكريم:﴿ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾.[1]
البعث اثارة الشيء من محلّه فيقال بعث فلان عبده لهذا العمل بمعنى أثاره عمّا كان عليه من حالة لهدف لم يكن منبعثا له قبل هذا البعث وبعثه الله من مرقده أثاره من موضع رقوده نوما كان أم موتا والآية تصرّح بأن الله أماتهم بالصاعقة التي اخذتهم ثم بعثهم احياء من بعد اماتتهم بعثا في هذه الحالة لعلّهم يشكرون الله بالعمل الصالح فيما بقي لهم من عمر يعيشونه فيها: والقائلون بجواز الرجعة في هذه الدنيا أحد أدلتهم عليها نص هذه الآية.
وقد بيّن الإمام الرضا عليه السلام هذه المسألة عندما جمع المأمون العباسي علماء الأديان وأهل البدع والضلال والمتكلمين، ليناظروا الإمام عليه السلام ويسقطوا حجته، ويحرجه المأمون أمامهم حسب اعتقاده وحقده الأعمى.
لذا رُوِيَ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ اَلنَّوْفَلِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى اَلرِّضَا صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ عَلَى اَلْمَأْمُونِ أَمَرَ اَلْفَضْلَ بْنَ سَهْلٍ أَنْ يَجْمَعَ لَهُ أَصْحَابَ اَلْمَقَالاَتِ..... فَرَحَّبَ بِهِمُ اَلْمَأْمُونُ ....قَالَ اَلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ: ((ثُمَّ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَأَصْحَابُهُ اَلسَّبْعُونَ اَلَّذِينَ اِخْتَارَهُمْ صَارُوا مَعَهُ إِلَى اَلْجَبَلِ فَقَالُوا لَهُ إِنَّكَ قَدْ رَأَيْتَ اَللهَ سُبْحَانَهُ فَأَرِنَاهُ كَمَا رَأَيْتَهُ فَقَالَ لَهُمْ: إِنِّي لَمْ أَرَهُ فَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّٰى نَرَى اَللهَ جَهْرَةً ... فَأَخَذَتْهُمُ اَلصّٰاعِقَةُ فَاحْتَرَقُوا عَنْ آخِرِهِمْ وَبَقِيَ مُوسَى وَحِيداً فَقَالَ: يَا رَبِّ اِخْتَرْتُ سَبْعِينَ رَجُلاً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَجِئْتُ بِهِمْ وَأَرْجِعُ وَحْدِي فَكَيْفَ يُصَدِّقُنِي قَوْمِي بِمَا أُخْبِرُهُمْ بِهِ فَلَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيّٰايَ أَتُهْلِكُنٰا بِمٰا فَعَلَ اَلسُّفَهٰاءُ مِنّٰا فَأَحْيَاهُمُ اَللهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِمْ)).[2]
وأصل القضيّة أنّ موسى عليه السّلام لمّا رجع من الطور الى قومه ورأى قومه، ما هم عليه من عبادة العجل، وقال لأخيه والسامري ما قال واحرق العجل و ندم القوم على ما فعلوا، امر الله موسى ان يأتيه في ناس من إسرائيل، يعتذرون من عبادة العجل، فاختار موسى سبعين من قومه، من خيارهم، فلمّا خرجوا الى الطور، قالوا لموسى، سل ربّنا، حتّى يسمعنا كلامه، فسأل موسى ذلك فأجابه الله، و لمّا دنا من الجبل، وقع عليه عمود من الغمام وتغشّى الجبل كلّه، ودنا من موسى ذلك الغمام، حتى دخل فيه وقال للقوم، ادخلوا، فكلّم الله موسى، يأمره وينهاه وكلّما كلّمه تعالى، أوقع على جبهة موسى، نورا، ساطعا، لا يستطيع احد من السبعين، النظر اليه وسمعوا كلامه تعالى، مع موسى، افعل ولا تفعل، فعند ذلك طمعوا في الرؤية وقالوا، ما قالوا، فأخذتهم الصاعقة، فخرّوا صعقين، ميّتين، يوما وليلة، فلمّا ماتوا، جعل موسى، يبكى ويتضرّع، رافعا يديه، يدعو ويقول: يا إلهي، اخترت من بني إسرائيل، سبعين رجلا، ليكونوا شهودا، بقبول توبتهم وما ذا أقول لهم، إذا أتيتهم وقد أهلكت، لو شئت أهلكتهم قبل هذا اليوم مع اصحاب العجل، أتهلكنا بما فعل السفهاء منّا؟ فلم يزل، يناشد ربّه، حتّى أحياهم الله؛ وطلب توبة بني إسرائيل، من عبادة العجل، فقال الله، لا، الاّ أن يقتلوا أنفسهم، قالوا انّ موسى، سأل الرؤية، في المرّة الاولى، في الطور ولم يمت، لأنّ صعقته، لم يكن موتا ولكن غشيته غشية، بدليل قوله تعالى: فلمّا أفاق؛ وسئل قومه، في المرّة الثانية، حين خرجوا، للاعتذار، وماتوا وذلك لأنّ، سؤالهم، سؤال افتراء وتكذيب وسؤال موسى، كان عن لسانهم، أو عن اشتياق واسترشاد.
[1] سورة البقرة، الآية: 56.
[2]عيون الأخبار، ج 1، ص 154.
تعليق