قال النبي صلى الله عليه وآله: "لن يدخل الجنة عبدٌ في قلبه مثقال حبةٍ من خردلٍ من كبر" الكبر هنا هي الحالة النفسية التي يتفرع منها التكبر بظهوره على جوراح الإنسان وأفعاله وسكناته، وهو حب التعالي والتفاخر، ومنها تتفرع الكثير من الرذائل، وهذا هو الجهل المذكور في حديث جنود العقل والجهل، ويستفاد من الروايات أن النفس هي الجهل.
وللإمام الخميني قدس سره تفسير للحديث الشريف الوارد عن الإمام علي عليه السلام "حب الدنيا رأس كل خطيئة" حيث يقول بأن المقصود من حب الدنيا هو حب النفس، فالآخرة تختص بمرتبة العقل وشرح هذه المسألة يطول، أما مرتبتي النفس والبدن فإن لم يخضعا لحكم العقل فهما في إطار حب الدنيا.
حب النفس منشأ للتأثر بالمحيط بشكل سلبي لتتكون بذلك حالات من قبيل الحسد والغضب والحقد والرياء والعُجب وغيرها، وكل هذه الأمور تسمى حجب ظلمانية تحجب الإنسان عن النور فلا علم له إلا بنفسه وشواغلها ولم يفكر أن يخطو خارج نفسه ليتنور بالآيات إلهية المحيطة به، فباطنه جهل وظلام ووحشة.
وعند إنعدام حب النفس وزوال آثاره نهائياً يصبح الإنسان مؤهلاً لدخول الجنة، قال عز وجل "وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ ۚ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ ۚ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ ۚ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ". لاحظ لفظة "لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ" لا طمع له بالجنة، فآخر مرتبة يصل لها الإنسان في جهاده مع نفسه هي في هذه الآية لينتزع من باطنه حبه المفرط لنفسه.
الرذائل التي سنذكرها لها دور كبير في استئصال الكثير من المعاصي وإن بدى عكس ذلك.
--------------------
بوارق الملكوت - السير إلى الله