إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الأمور التي تسبق أي عمل يقوم به الإنسان

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الأمور التي تسبق أي عمل يقوم به الإنسان





    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صلِ على محمد و آل محمد
    يبدأ الإمام (ع) دعاء مكارم الأخلاق بأن يؤكد على ثلاثة مفاهيم معنوية فيقول: (اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَبَلِّغْ بِإِيمَانِي أَكْمَلَ اَلْإِيمَانِ، وَاِجْعَلْ يَقِينِي أَفْضَلَ اَلْيَقِينِ، وَاِنْتَهِ بِنِيَّتِي إِلَى أَحْسَنِ اَلنِّيَّاتِ)
    فالإمام (ع) يضرب على أوتار ثلاثة تتعلق بقلب الإنسان، الإيمان واليقين والنية. ثم يجعل العمل الحلقة الأخيرة من سلسلة التفاعلات الباطنية فيقول: (وَبِعَمَلِي إِلَى أَحْسَنِ اَلْأَعْمَالِ). فتارة يقوم العبد بعمل صالح تلقائيا ومن دون تخطيط مسبق، فيذهب إلى الجامع صدفة على سبيل المثال، إلا أن ذلك ليس هو المطلوب. إن الإمام (ع) يبين ضرورة الاستعداد والتخطيط للأعمال الصالحة ولا ينتظر أن يرزقها فجأة.

    عندما يقوم الإنسان بأي عمل خارجي يكون ذلك العمل تحقيقا لعدة تفاعلات معقدة في نفسه. فقد يكون الإنسان مستلقيا على فراشه أو أثناء قيادة سيارته وإذا بخاطرة من الخواطر البسيطة تمر في ذهنه كخاطرة الزواج، وقد تكون هذه الخاطرة قد انقدحت في ذهنه بعد مرور امرأة من أمامه. وتسمى هذه المرحلة مرحلة التصور. ثم يتحول التصور إلى فكرة وهي أن الزواج أمر نافع، ثم يستمر في التفكير بصورة أعمق حتى يصل إلى قناعة تسمى تصديقا؛ أي أن قلبه اطمئن لهذه الفكرة وأصبحت حاجة ملحة. ثم تدخل الفكرة في معمل آخر من معامل النفس ليرتب على هذا التصديق جميع الفوائد المتصورة لهذه الفكرة.

    ثم بعد ذلك يشعر بغليان باطني خفيف وميل ورغبة لتنفيذ الفكرة، ونسمي هذه المرحلة مرحلة تصور الفائدة. وأما المرحلة الخامسة هي مرحلة الشوق واستلطاف الفائدة ثم مرحلة العزم وهي تفاعلات باطنية قوية تجره إلى مرحلة الجزم وهي الإرادة القطعية لتنفيذ الفكرة، وهي آخر حد من حدود النفس. وبعد ذلك يصدر المخ أوامر للعضلات واليدين والرجلين بالاتجاه إلى باب منزل الفتاة وطلب يدها من أبيها، وقد يلجأ إلى البكاء والتوسل إن منع منها وقد ينهار، وهكذا إلى آخر مراحل العشق المعروفة. و في التجارة، يتصور الإنسان معاملة مربحة ثم تصديق ثم تصور الفوائد ثم استلطاف فعزم فجزم وذهاب للسوق لتنفيذ المعاملة.

    وهكذا الأمر في عالم المعنى. تخطر للإنسان خاطرة لسلوك السبيل إلى الله سبحانه، وهذه خاطرة رحمانية قد تأتيه عند النظر إلى الكعبة المشرفة على سبيل المثال، وقد تكون هذه هي العلة في أن النظر إلى الكعبة عبادة. وليس النظر إلى الكعبة عبادة فحسب؛ بل النظر إلى باب بيت العالم عبادة، وقد يكون السبب في ذلك أنها تثير الخواطر الإيجابية في نفس الإنسان. ولذلك عندما قيل للمسيح (ع) من نصاحب؟ قال: (يُذَكِّرُكُمُ اَللَّهَ رُؤْيَتُهُ)وهذه المراحل التي ذكرناها في عالم المادة إن كانت بطيئة لتنفيذ الهدف هناك فإنها سرعان كما تؤتي أكلها في عالم المعنى لوجود من يدعمه في هذه المراحل ويحثه على السير.

    ولكن هناك مثبطات وعوارض تمنع الإنسان من تنفيذ الخواطر الرحمانية أو تجره لتنفيذ الخواطر الشيطانية. ففي عالم الخواطر تأتي الوساوس الشيطانية لإبعاد الخواطر الرحمانية، وفي عالم الأفكار والتصورات والتصديقات قد يصاب العقل بالسبات وهو ما يستعيذ منه الأولياء: (نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ سُبَاتِ اَلْعَقْلِ)؛ فقد يفكر الإنسان ويتصور ويصدق ولكن لا دور للعقل في هذه المراحل كلها. ثم في مرحلة الاستلطاف والميل لا بد أن يدرس المؤمن الحالة هل ميله للهوى أم للهدى؟ وأما آفة العزم والجزم هو الوهن وعلاجه الجهاد الأكبر لتحويل الفكرة المستلطفة إلى عمل وفعل حقيقي يحبه الله عز وجل. وقد تأتي هذه المراحل في الفعل المحرم ويصل الإنسان إلى مرحلة التنفيذ فإما أن تداركه رحمة من ربه كالحر وبشر الحافي أو يمضي في الفعل المحرم مسلوب الإرادة فيما يفعل. والمؤمن قبل الوصول إلى هذه المرحلة يبحث في المقدمات فما كان منها إلهيا عززها وقواها وما كان منها شيطانيا اجتنبها وأوهنها.

    ولنطبق هذه المعادلة على دعاء مكارم الأخلاق وقول الإمام (ع): (اَللَّهُمَّ وَفِّرْ بِلُطْفِكَ نِيَّتِي، وَصَحِّحْ بِمَا عِنْدَكَ يَقِينِي، وَاِسْتَصْلِحْ بِقُدْرَتِكَ مَا فَسَدَ مِنِّي)، ونحن لسنا بصدد أن نحمل كلام الإمام (ع) ما لا يحتمل ولكن يمكن القول: أن الإمام (ع) بقوله: (وَفِّرْ بِلُطْفِكَ نِيَّتِي) يشير إلى مرحلة الخواطر التي تنقدح في نفس الإنسان، وفي قوله: (وَصَحِّحْ بِمَا عِنْدَكَ يَقِينِي) يشير إلى مرحلة التفكر والتدبر والإرادة، وأما في قوله: (وَاِسْتَصْلِحْ بِقُدْرَتِكَ مَا فَسَدَ مِنِّي)، فقد يشير الإمام (ع) إلى مرحلة العزم والجزم، فكأن النية قد عقدت واليقين حصل لفعل عمل محرم إلا أن الإنسان يلوذ بهذه الفقرة ويطلب من ربه أن يستصلح ما فسد من النية واليقين، ويصرفه عن الباطل. وهو يشبه السائق الذي فقدت السيطرة على سيارته وأخذت طريق الوادي وإذا به وعلى حافة الهاوية وبحركة واحدة يصحح مساره ويعود إلى الطريق، فهو وإن كان بحاجة إلى التسديد الإلهي في كل هذه المراحل ولكن الحاجة تتأكد في المرحلة الأخيرة قبل السقوط في هاوية المعصية.


  • #2
    احسنتم....وبارك الله بكم

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X