إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ﴾

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ﴾

    بِسْمِ اَللهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ

    اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد

    قال الله تعالى: ﴿وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ۚ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ..﴾.[1]
    ﴿ومٰا أُنْزِلَ عَلَى اَلْمَلَكَيْنِ بِبٰابِلَ هٰارُوتَ ومٰارُوتَ﴾، هما اسمان أعجميّان ولذا لم ينصرفا أو عربيّان مأخوذان من هرت ومرت كما قيل بمعنى كسر ولا وجه حينئذ لعدم صرفهما، ووزنهما فلعوت مقلوب هريوت ومريوت مثل طاغوت، ويجوز ان يكون من مار يمور بمعنى تحرّك وتموّج، أو من مار يمير بمعنى جلب الطّعام الى اهله، أو من هار الجرف بمعنى انصدع، ومنع صرفهما لمكان التّاء والعلميّة.
    وعن الصّادق عليه السلام أنّه قال: ((وَكَانَ بَعْدَ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَدْ كَثُرَ اَلسَّحَرَةُ وَاَلْمُمَوِّهُونَ فَبَعَثَ اَللهُ عَزَّ وَجَلَّ مَلَكَيْنِ إِلَى نَبِيِّ ذَلِكَ اَلزَّمَانِ بِذِكْرِ مَا تَسَحَّرَ بِهِ اَلسَّحَرَةُ وَذِكْرِ مَا يُبْطِلُ بِهِ سِحْرَهُمْ وَيَرُدُّ بِهِ كَيْدَهُمْ فَتَلَقَّاهُ اَلنَّبِيُّ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ عَنِ اَلْمَلَكَيْنِ وَأَدَّاهُ إِلَى عِبَادِ اَللهِ بِأَمْرِ اَللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَقِفُوا بِهِ عَلَى اَلسِّحْرِ وَأَنْ يُبْطِلُوهُ وَنَهَاهُمْ أَنْ يَسْحَرُوا بِهِ اَلنَّاسَ)).
    [2]
    وعَنْ عَلِيِّ بْنِ اَلْجَهْمِ عَنِ اَلرِّضَا عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فِي حَدِيثٍ قَالَ: ((وَأَمَّا هَارُوتُ وَمَارُوتُ، فَكَانَا مَلَكَيْنِ عَلَّمَا اَلنَّاسَ اَلسِّحْرَ لِيَحْتَرِزُوا بِهِ سِحْرَ اَلسَّحَرَةِ وَيُبْطِلُوا بِهِ كَيْدَهُمْ وَمَا عَلَّمَا أَحَداً مِنْ ذَلِكَ شَيْئاً حَتَّى قَالاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَكَفَرَ قَوْمٌ بِاسْتِعْمَالِهِمْ لِمَا أُمِرُوا بِالاِحْتِرَازِ مِنْهُ وَجَعَلُوا يُفَرِّقُونَ بِمَا تَعَلَّمُوهُ بَيْنَ اَلْمَرْءِ وَزَوْجِهِ قَالَ اَللهُ تَعَالَى: ﴿وَمٰا هُمْ بِضٰارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاّٰ بِإِذْنِ اَللهِيَعْنِي يُعَلِّمُهُ)).
    [3]
    ليس ببعيد كون الفقرة من الآية إشارة إلى عملية الأسر البابلي لبنى إسرائيل التي وقعت في زمن بخت النصّر ومعلوم أن ما أنزل على الملكين ليس هو السحر الذي هو من عمل الشيطان وهو كفر؛ إلاّ أنه يمكن أن يكون مقتضى العلم بإبطاله العلم بعمله.
    واليهود لا يعرفون هاروت وماروت ولم يذكر اسمهما في العهد العتيق وهذا من الأنباء التي انفرد بها القرآن وتمثّل الملكين بصورة بشرين يشعر بكثرة شيوع السحر فيهم.
    وهذان الملكان أهبطا إلى الأرض ليعلّما الناس السحر إظهارا للفرق بينه وبين المعجزة، وليعلموا أنّ ملك سليمان، وما كان فيه من مظاهر العظمة والخوارق الطبيعية والسلطان العجيب لدى الإنس ومردة الجنّ‌، لم يكن قائما على السّحر والشعوذة، بل على كرامات ومواهب ربّانيّة. وما كان سليمان ساحرا بل كان رسولا نبيّا عظيما مكرّما، وإلاّ فأين السحر من تكليم الطير، وفهم لغة النمل، وتسخير الهواء والماء وسائر الجمادات‌؟ ومن يعرف السحر يعرف الفرق بين هذه المواهب الرّبانية وبين السحر، تماما كما عرف سحرة فرعون أن عصا موسى لم تكن سحرا، بل أمرا خارقا للعادة البشرية، ومخالفا لمقتضى ما عرفوا من الشعوذة والسحر، وأن جميع أعماله الإعجازية ذات حقيقة من عند من هو فوق الطبع والطبيعة، ولذا أنزل الله الملكين لبطلا سحر السحرة، لا ليسحر الناس، أنزلهما الله تعالى ببابل‌.
    وذلك النبيّ أمر الملكين أن يظهرا للناس بصورة بشرين ويعلّماهم ما علّمهما الله من ذلك، ويعظاهم.
    فشرعا في التعليم والوعظ والنّصح كما أخبر الله عن ذلك: ﴿وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ﴾، فينصحان من يعلّمانه ويخبرانه أنهما ابتلاء من الله واختبار، ثم ينهيانه عن التعلّم إذا كان يريد أن يعمل بما تعلّمه ويقع في الامتحان والاختبار
    .

    ولمّا كان الله قد أنزل علم السحر على الملكين، فإننا نستكشف عدم حرمة تعلّمه، والمحرّم هو العمل به حين يستعان في تحصيله على التقرب من الشياطين وتسخير الجنّ‌، واستعمال الحيل والمكر وإتيان الباطل وإظهاره بصورة الحق مخادعة للناس وتمويها عليهم، وإبرازا له بشكل المعجزة التي تغيّر الواقع شعوذة وخيالا.
    والحاصل أن تعلّم السحر كتعلّم كتب الضلال
    ، فإن تعلّمها وشراءها وبيعها لا يحلّ إلا في حالة واحدة تتلخّص في فهمها والردّ عليها ودحض مطالبها.


    [1] سورة البقرة، الآية: 102.
    [2] عيون اخبار الرضا عليه السلام، ج 1، ص 266.
    [3] وسائل الشيعة، ج 17، ص 147.

المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X