إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ماهو واقع الأمّة ما قبل الثورة الحسينيّة؟

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ماهو واقع الأمّة ما قبل الثورة الحسينيّة؟

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وألعن اعدائهم
    السلام على الحسين ....وعلى علي بن الحسين
    وعلى اولاد الحسين..... وعلى اصحاب الحسين


    واقع الأمّة ما قبل الثورة الحسينيّة
    يُمكن للباحث أن يعرف ظروف وواقع الأمّة الإسلاميّة من خلال بيان أقسام وفئات الأمّة في ذلك الزمن، وهذه الفئات هي:
    الأولى: وكانت تُشكِّل جزءاً كبيراً من الأمّة، وهي الّتي فقدت خلال عهد معاوية إرادتها وقدرتها على مواجهة الوضع القائم وهي تشعر بالذلّ والاستكانة، وأنّ خسارة كبيرة تحيق بالأمّة الإسلاميّة وهي تبديل الخلافة إلى كسرويّة وهرقليّة.
    الثانية: وهي الّتي هان عليها الإسلام، فلم تعد تهتمّ بالرسالة بقدر اهتمامها بمصالحها الشخصيّّة، وتضاءلت عندها الرسالة.
    الثالثة: وهي الفئة المغفّلة الّتي كان بالإمكان أن تنطلي عليها حيلة بني أميّة لو سكت الإمام الحسين عليه السلام عن تحويل الخلافة إلى قيصريّة وكسرويّة... فإنّ الخلافة وإن انحرفت عن خطّها المستقيم منذ توفّي النبي ّصلى الله عليه وآله وسلم لكن بقي مفهومها هو مفهوم الخلافة، غاية الأمر اغتصبها أبو بكر ومن ثمّ عمر وعثمان. بينما في عهد معاوية ابن أبي سفيان طرأ على نفس المفهوم تغيّر أساس إذ لم تعد الخلافة حكماً للأمّة، وإنّما حوّلها معاوية إلى حكم ملكي كحكم كسرى وقيصر، وهو تحويل خطير في المفهوم أراد معاوية أن يُلبسه ثوب الشرعيّة.
    الرابعة: وهي الّتي ترتبط بقضية الصلح الّذي أبرمه الإمام الحسن عليه السلام مع معاوية، فإنّ الواقع الّذي من أجله صالح الإمام الحسن عليه السلام لم يكن مكشوفاً إلّا داخل دائرة الجماهير الّتي كانت تعيش المأساة عن قرب كالعراق بشكل عامّ دون من كان يعيش في أطراف العالم الإسلاميّ كأقاصي خراسان حيث لم يعيشوا المحنة يوماً بعد يوم، ولم يكتووا بالنار الّتي اكتوى بها الإمام الحسن عليه السلام في الكوفة من قواعده وأعدائه معاً. وهذه الفئة لم تكن تميّز هل أنّ هذا التنازل هو اعتراف بشرعيّة الأطروحة الأمويّة، أم هو تصرّف اقتضته الضرورة والظروف الموضوعيّة الّتي كان يعيشها الإمام الحسن عليه السلام؟

    فكان لا بدّ للإمام الحسين عليه السلام أن يختار موقفاً يُعالج فيه مشكلة كلّ واحدة من هذه الفئات الأربع من الأمّة، وكان لا بدّ أن يختار الموقف الّذي يُرجع فيه للفئة الأولى إرادتها الّتي فقدتها بسبب الإرهاب الأمويّ، وإلى الفئة الثانية إيمانها بالرسالة وشعورها بأهميّة الإسلام، فيختار حينئذٍ الموقف الّذي يشرح فيه - حتّى لمن كان بعيداً عن الأحداث - أنّ تنازل الإمام الحسن عليه السلام لم يكن إمضاءً لعمليّة التحويل، ويوقظ فيه الفئة الثالثة من غفلتها ويظهر للفئة الرابعة الواقع الّذي ألجأ الإمام الحسن عليه السلام إلى الصلح.


    تقويم مواقف الفئات الأربع‏
    إنّ تقويم المواقف الأربعة لهذه الفئات المتقدّمة من حيث قدرة كلّ منها على تحقيق الأهداف المُشار إليها يمكن بيانه كما يلي:
    أمّا الموقف الأوّل: وهو أن يبايع يزيد، فهو لا يحقّق مكسباً على مستوى معالجة تلك الفئات من الأمّة... لأنّ قصّة يزيد لم تكن قصّة أبي بكر وعمر وعثمان، لأنّ التحويل هنا على مستوى المفهوم، ولم يكن بالإمكان أن تمرّ دون أن يقف أهل البيت عليهم السلام الّذين هم القادة الحقيقيّون للأمّة الموقف الدينيّ الواضح المحدّد من عمليّة التغيير هذه.
    وأمّا الموقف الثاني: فهو لا يحقّق ذلك المكسب الّذي يريده الحسين عليه السلام أيضاً، وذلك لأنّ الإمام الحسين عليه السلام كان يؤكد أنّه لو بقي في المدينة أو في مكّة رافضاً البيعة لقُتل من قِبل بني أميّة حتّى ولو كان معلّقاً بأستار الكعبة، وهذا القتل لن يُحرِّك المسلمين تجاه رسالتهم ودينهم. وإرجاع الأمّة إلى دينها وعقيدتها لا يمكن أن يتحقّق من خلال قتلٍ عابرٍ سهل من هذا القبيل، بل لا بدّ أن تُحشد له كلّ المثيرات والمحرِّكات.
    وأمّا الموقف الثالث: فهو وإن كان أسلم من الأوّل والثاني على المدى القصير إذ يمكنه أن يعتصم بشيعته في اليمن مثلاً إلى برهةٍ معينة لكنّه سوف ينعزل، ويحيط نفسه بإطار منغلق عن مسرح الأحداث بينما لا بدّ أن يباشر عمله التغييريّ على مسرح الأحداث الّذي كان وقتئذٍ هو الشام والعراق ومكّة والمدينة كي يمكن لهذا العمل أن يؤثّر تربويّاً وروحيّاً وأخلاقيّاً في كلّ العالم الإسلاميّ.

    وعليه كان لا بدّ للإمام الحسين عليه السلام أن يختار الموقف الرابع الّذي استطاع أن يهزّ به ضمير الأمّة من ناحية، ويشعرها بأهميّة الإسلام وكرامة هذا الدِّين من ناحية ثانية، وأن يدحض عمليّة تحويل الخلافة إلى كسرويّة وقيصريّة من ناحية ثالثة، وأن يوضّح لكلّ المسلمين مفهوم الصلح عند الإمام الحسن عليه السلام وأنّه لم يكن موقفاً إمضائيّاً وإنّما كان أسلوباً تمهيديّاً لموقفه عليه السلام.

    ومن أجل هذا كلّه كانت الثورة الحسينيّة الّتي استطاع من خلالها الإمام الحسين عليه السلام أن يفضح المخطّطات الأمويّة، ويحطّم الإطار الدينيّ المزيّف الّذي أحاطوا به سلطانهم، ويحرّك مشاعر الأمّة الإسلاميّة لتعود إلى دينها وعقيدتها وتشعر بتقصيرها الفادح تجاه رسالة محمّد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم.


    الخلاصة
    كان للإمام الحسين عليه السلام بعد استشهاد الإمام الحسن عليه السلام نشاط سياسيّ واضح تجاه معاوية، فهو لم ينقض بنود الصلح الّتي أمضاها أخوه الحسن عليه السلام مع معاوية كما نقضها معاوية، ولكنّه بدأ يتحرّك باتّجاه إعداد وتجنيد الطاقات المستعدّة للمعارضة، وابتدأ بمواجهة معاوية بكلّ جرأة وصرامة لأخذه البيعة اللاّمشروعة ليزيد كوليّ للعهد بعده.

    لم يتحرّك الإمام الحسين عليه السلام قبل موت معاوية لأنّه لم يكن مستعدّاً لنقض بنود الصلح الموقّعة في زمن الإمام الحسن عليه السلام بحالٍ من الأحوال. وهو كان ينتظر توفّر كلّ الشروط اللّازمة للثورة الّتي لم تكن متوفّرة عند استشهاد الإمام الحسن عليه السلام.

    يعود الدافع الحقيقيّ للثورة الحسينيّة بهذا الشكل الّذي تحقّق وإن لم يكن فيها مكسب آنيّ من حيث الوصول إلى الحكم إلى أنّ إرادة الأمّة كانت قد أصبحت ميّتة بعد أن عرفت حقيقة خطّ أهل البيت عليهم السلام.

    لم يكن أيّ إجراء بقادرٍ على تحريك ضميرها إلّا الشهادة والتضحية الّتي تغرس في أعماق وجودها عظمة الدِّين ورخص النفس والحياة الماديّة بالنسبة إلى دين الله الّذي جاء بكرامة الإنسان واستهدف إيصاله إلى الكمال اللائق به.
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X