إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

موكب الجراح من ارض الطف

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • موكب الجراح من ارض الطف

    موكب الجراح من أرض الطف
    يلوج في خلجات روحي جرد عميق . عمقه ألف ونيف من السنين ينزف دما عبيطا .جرح رسمته ليالٍ فارقها القمر خجلا وحزناَ ضعت في غمرة ظلمته الدامسة الذي ذهب به بصري عندها أخذت أتحسس جوانبه بحواس سيطر عليها الجهل والخوف الجهل في حقيقة الجراح والخوف من الضياع في المجهول وخطر يدق في نفسي عند الذكرى من سيوف الطغاة وهي تحز رأسي وترمي به في مفترق الطرقات وتصلب جسدي على جذع نخل خاو وتكتب لائحة هذا جسد الرافضي .أنها أفكار دارت في ارض بكت دما حتى جفت منابعها وعانقه الدم بدل الماء والزرع وأنبتت موقف أصبح للناس مزاراً تقصده لتستمد منه روح التضحية والفداء.. تمتلك نفوس زائريه حرقة لا تطفئها دمع العين من ذكرى ذلك اليوم الدامي . أصبحت الشمس حزينة كأنها تزف لتذبح في مسالخ الطغاة خرجت على وجوه قد طبعت جباههم على الأرض لترسم عليها قبلة شكر لله على نعمة الشهادة . وجوه تقلدوا القلوب على الدروع ووجهوا الصدور إلى أرتال العسكر الزاحف الذي عزم على القتال , كانوا كالجراد الذي يلتهم كل شيء . أنهم أشباه رجال وليس برجال لا يملكون قلوب يفقهون بها ولا آذان يسمعون بها . بل كانوا كالوحوش المفترسة التي لا يشبع رغباتها إلا الفتك والدماء . كلها مرت في خاطري وأنا أحث الخطى وأخوض غمار تلك الأرض وأكثر ما شدني فيها ذلك الطفل المسجى على الأرض كأنه دمية قد لف بقماطه وقد أخرج ذراعيه ضجراً . ولكن دون رأس ! قد حز عنقه سهم مملوء حقد وحسد من جاهلية عمياء . وأردوّه قتيل يعالج العطش . لأي سبب قتل الطفل وما هو ذنبه ؟ لأنه طلب الماء ؟ وهل الماء محرم في عرف البشر . بالطبع لا . وهل كان الماء معدوم الوجود . ولكن ماذا كان في نهر الفرات . لا أدري . لا هذا ولا ذاك . أنهم أرادوا قتل البراءة وقتل السلام ((بغضاً بأبيك )) ولكن ! انظر إلى ذلك الطفل الذي يحمله الحسين عليه السلام أرجوك أمعن النظر أرجوك أنظر لتلك الدماء المتدفقة من نحره الشريف أنظر إلى تلك اليدين التائهتين في بحر متلاطم من الألم تبحث عن مرسى علها تجد فيه الراحة والطمأنينة .... كان المرسى صدر الحسين عليه السلام . أرجوك دقق النظر على تلك الشفاه الذابلات وهي ترتجف من شوق لقاء الدم بدل الماء . أرجوك أنظر إلى تلك العينين التي ذابت في وجه أبا عبد الله عليه السلام . أرجوك أنظر إلى الحسين وهو يضمه إلى صدره الطاهر يقول تعساً لقوم قتلوك يكون غداً جدك خصمهم . أرجوك أنظر إليه كيف يشمه في نحره ويقبله في ثغره .ودموعه تتساقط على وجنتيه كقطرات ندى عند الصباح لترسم صورة من صور العشق المرمل بالدماء . أنظر إلى الحسين عليه السلام كيف يلطخ شيبته المقدسة بدمه الطاهر . أنظر أليه وهو يحمل دمه ويقذفه نحو السماء فلم يسقط منه قطرة . أرجوك أنظر كيف اختلط دم الطفل بدموع الحسين عليه السلام حتى يرسم موقف يفوح بالولاء من طفل رضيع لسيده ومولاه في يوم قل فيه الناصر والمعين . أرجوك أنظر إلى قوم سرهم ذلك المشهد وأخذوا يتغنون طرباً بالنصر المزعوم . ولكن بالله عليك كيف ذلك وهل كان نصرا أم فضيحة على رؤوس الأشهاد .وتتلاحق الخطى المثقلة بالهم والحزن من ذلك الموقف وطول الطريق . حتى تقف على جسد طاهر قد ناوشته السيوف والرماح والسهام من كل صوب حتى فاضت الدماء من جراحة تسقي عطش الأرض بالعطاء ومختلطة مع آمال عانقت الشمس الذي فارقته منذ زمن إسماعيل ويحيى عليهم السلام ممزوجة بعطش الماء الذي صنع ذلك الثغر الباسم الذي يسبح لله في ساعات السحر كأنه وردة ذابلة عانقت الموت من كثر الجراح التي ارتسمت على جسده وهو في ريعان الشباب كان وجهه فلقة قمر في تمامه أشبه الناس خَلقاً وخُلقاً برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. ساح دمه على الثرى لينبت موقف يقطر دما يرتشف منه كل من أراد السير على طريق الشهادة . أنظر من الجانب الآخر إلى ذلك الأب الحنون الذي فارق ولده عند الوداع وقد تعانقا وهم يبكيان حتى سقطا إلى الأرض انه الوداع الأخير الذي ما بعده لقاء إلا عند مليك مقتدر (( وما أسرع اللقاء بكِ)) . يا لها من لحظات أمتزج فيها حب الأبوة والبنوة الصادقة وسمى فيها حب الفناء في سبيل المعشوق الأزلي . صورة تعبر عن أروع ملحمة سطر فيها أب وأبنه أسمى معاني الإيثار والجود لتحقيق الغاية الأسمى .أنه الحسين عليه السلام وما أدراك ما هو مصباح هدى وسفينة نجاة وثار الله وبن ثاره ووليه على خلائقه . كان الحسين يحب علي الأكبر ؟ .... ولكن كم وكيف .وعلي قطعته السيوف وناوشته الرماح وحمله فرسه وسط العسكر وعمود فلق هامته . كل هذا وهو يصارع العطش وما أدراك عطش أيام قيض وحرارة ممزوجة بالرمال . كيف ذلك الحب وهو يرحل دون رجعة .آه.......... إلى تكل الدموع التي سالت على وجنتيك يا أبا عبد الله . آه.........

    على تلك الصرخة التي دوت مسامع العسكر واخترقت حجب عالم الملك لتصل إلى أطناب مسامع كل حجر ومذر . آه ......... على الكلمات التي رنت مسامع الحسين ( عليك مني سلام الله يا أبي يا أبا عبد الله . مولا ي هل تعثرت قدماك في الأرض حتى أصبحت تقوم وتقع ؟ مولاي هي الأرض التي تعثرت بك خوفا منك وحزناً عليك . لا . بل عميت الأرض من هول المصيبة . وكيف لا ورسول الله وحبيبه يذبح في حضرته . لا أدري هذا أو ذلك أو أمر لا يعلمه إلا هو ........ولكن أنظر وأمعن النظر طويلاً إلى ذلك الأب الذي يزف ولده إلى الجنة مع الشهداء . أنه لا يقوى على حمله . هل كان لا يقوى على ذلك . أم الجثمان قد ناوشته السيوف وأصبح قطع متناثرة . ((أحملوا أخاكم )). نعم هذه وتلك . أرجوك أنظر إلى الحسين وقد وضع ولده في الخيمة وانحنى عليه يلثمه قبلاً حتى كادت روحه أن تزهق مع علمه بالمئال الذي هو أليه ولدي أبلغ جدك من السلام وقل أنه على الأثر . ....ويأخذ المسير في بحر الدم ويلوح في الأفق قمر قد أضاء نور وجهه حلكت أرض المعركة السوداء من كثر الجيوش والخيل والدواب الذي استحوذ عليها الشيطان فأنساها ذكر الله . أنه بطل قد عاهد الله أن يعانق ضوء وجهه ضياء الشمس المتمثل بالحقيقة المحمدية الذي تربى من أجلها انه الحسين عليه السلام لذلك تراه قد تآزر في الموت وهو يحمل على كتفيه أمانة أسمها زينب قد خطها القدر عليه وهو من علم الله . وأمانة أخرى لا تقل أهمية ألا وهي القربة التي تحمل الماء إلى الأطفال والعيال والثالثة الراية .... أنطلق نحو العسكر والثلاثة لا تفارق باله وأخذ نوره يمزق ويكشف زيف الصفوف ويناوش الذئبان حتى أخذ منهم مأخذاً كبير حتى وصل الماء ليؤدي إحدى الأمانات وقد فجه بحصانه ونزل من ركابه وقدم الماء إلى حصانه ثم أراد الشرب ! هل فعلا أبا الفضل أراد الشرب . كيف ذلك . لا وألف لا . بل لم يفكر في ذلك أبدا . كيف والحسين عطشان ؟ كيف والأطفال عطشى ؟ كيف والنساء عطشى ؟ كيف وسكينة عطشى ؟ كيف والعليل عطش ؟ كيف وزينــــــــب عطشــــــــــــــــــــــــــــــــــــــى يا موالين ؟ كيف وكيف وألف كيف . لا .لا أصدق ما يقولون . وكيف يحلوا له الشرب وقد ترك أطفال تتصارخ ونساء تتباكى . فوق هذا وذا هل كان أبا الفضل يرى له وجود مع الحسين حتى يشرب أو يفكر أن يشرب أو يلتمس الماء ليشرب كيف بكم كيف تحكمون . ولوكان هذا فيه لما كان هو العباس ولم يكون يوما .لا يا أبا الفضل عذرا لما قيل وما يقال أنت أسمى وأكبر من تلك الأمور الدنية . بعدها عاد ركبه مع الماء إلى المخيم وفاءً منه للقربة وللعيال وللنساء وللحسين عليه . ولـــــكن وما أدراك ما لكن ! حيل بينه وبين العودة حتى ذابت يداه في ذات الله ولحقته القربة ثم عينه وهامته وهو ينادي عليك مني السلام يا أخي يا أبا عبد الله . أتسمعونها مدوية عند نهر العلقمي ما زالت خالدة . لا تصدقون اسألوا كل ذرات التراب وحبات المياه وجرف النهر وطيور الأوز لا تصدقون أسألوا شجر النخيل ما زال يبكي منذ ذلك اليوم . أعذروني هكذا وجدتها تقول .أنها صيحات دوت في أرض المعركة وهزة جوانح وجوارح الحسين عليه السلام من ذلك الفدائي الذي رسم للدنيا صورة أبها وأنصع من كل صور الوجود حملت في طياتها معاني الأخوة والإخلاص والثبات والبطولة والتضحية والأمانة والإيثار و. و. و على الدين على الإنسانية على الحب على السلام .إلى دنيا زيفتها دول الضلال تحت حكم الشيطان .أنظر بالله عليك إلى رأس نزح منه الدم مع المعالم الإنسانية ليطفئ قنديل من قناديل الطف. وسهم يريد إطفاء نور الحقيقة وإراقة معاني الحب الحقيقي والولاء الحقيقي في عالم الغش والخداع والنفاق . .................... - أرجوك تأمل في ذلك الفتى الذي عانق الثرى وصوته يدوي هذا اليوم وكل يوم من عالم قد ساده الصمت (عليك مني سلام الله يا أخي يا أبا عبد الله ) بالله عليك قف لحظة وأنظر بعين البصيرة في وجود أبا عبد الله أرجوك تصفح قسمات وجهه وتحسس نبضات قلبه تجد أن الرجل صارع واقع مرير بكل معالمه وجزئياته وقد هد من كيانه شيء كثير . أنظر إليه وقد فقد ولده وأخوته وصحبه. أرجوك ألحق خطاه خطوة بخطوة حتى تحس بآلامه التي أخذت منه الكثير ألم أهل بيته وصحبه ألم أعداءه التي تدخل النار بسببه ألم سبي عياله ونساءه ألم و. و.... لا تعدو لا تحصى . أنظر كيف أنتفض عندما سمع صوت طالما يناديه يا أبا عبد الله . أنظر إلى الحسين وقد رأى صرح البطولة قد عانق الثرى . أتحس بخطواته المتلاحقة أنظر هل كانت قدماه تحملانه أم هو الذي يحملها . لا بل هي التي تحاول اللحاق بهِ لتقف وتسجل موقف . أنظر أليه وهو عند رأس أخيه يضعه في حضنه وأبي الفضل يأبى ذلك . ولكن لِمَكان يرفض . يا لها من محبة يا له من إيثار يا لها من أخوه أختلط فيها الدم مع الحب فأنبتت درساً سجله التاريخ بسطور من الذهب تحمل أرقى وأرفع وأعمق مشاعر المحبة والاحترام بين أخوين عاشا ورحلا في طريق واحد ولهدف واحد .

    كان جواب أبا الفضل عليه السلام للتاريخ بأن الحسين بعد ساعة من يضع رأسه في حجره إذا سقط على الأرض ؟أنظر وتفكر وأعرف من لمثل هذا الموقف غير العباس عليه السلام الذي رضع من الرسالة وتربى في أحضان أمير المؤمنين عليه السلام ... أنظر...... إلى وجه أبا الفضل . هل أن يشكو كثرة الجراح لأخيه أم قطع كفيه أم فلق هامته أم من السهم الذي أصاب عينه . لا هذا ولا ذاك .... بل اشد ما يحزن قلب أبا الفضل عليه السلام هو إراقة ماء القربة الذي وعد به الأطفال والعيال . لابل هو ترك زينب الذي كفلها عند الخروج من المدينة والتي كانت هيبتها وعفتها شغله الشاغل وقد وعدها أن يحميها من كل شيء . بل هو الحسين ..... ووحدة الحسين وغربة الحسين وعطش الحسين وشيبة الحسين ومنحر الحسين وصدر الحسين وروح الحسين وبدن الحسين أرجوك أنظر كان كل ذلك في نفس أبا الفضل عليه السلام ؟ ولكن أيهما أعمق جرحاً وأكثر أثراً ؟؟؟؟. أرجوك أنظر إلى ذلك المتفاني في ذات الله وقد غابت روحه وعانقت روح أخيه .أنظر كيف تشابكت ثم هوت ثم اندمجت وأصبحت روح واحدة . أرجوك أنظر إلى تلك الأيادي التي طالما قبلتها وجوه كثيرة عشقت قمراً أضاء ليل الدجى في واقعة الطف . أرجوك أنظر إلى ذلك الظهر قد أنحنى وذابت آماله في حامل اللواء بعد أن فاضت روحه بين يديه . عندها أخذ الإمام الحسين عليه السلام يلملم بقايا جراحه ويحزم سيفه ويحضر راحلته آيس من الحياة استعداد للمنازلة الأخيرة بعد فقد الأمل من عالم خالطه الشيطان وذاب في نزوات الدنيا وأصبح كالبهائم همه علفه بل هو أضل سبيل . أرجوك وقد أطلت عليك أنظر إلى ذلك الجسد المسجى وقد مزقه الحقد والحسد والبغض وطلب الثأر الذي تحكمه الجاهلية التي ترفض الإسلام والمساواة والعدل جملة وتفصيلاً . وأنظر إلى تلك الخيول وهي تصول وتجول على جسدِ طالما حمله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على عاتقه بمنظر ومرأى من الناس مع أخيه الإمام الحسن عليه السلام في كل موضع وموقف . أرجوك هل كان فيجسد الإمام الحسين موضع لم تمسه خيول الأعداء وسيوفهم ورماحهم . بل أنظر هل كان شيء في جسد الإمام الحسين عليه السلام لم يعانق الجراح . لم تترك سهام القوم شيء من جسده الطاهر وكأنه القنفذ من كثرت السهام . أرجوك أنظر إلى مشرق الشمس ومغربها هل تجد في مثل هذا اليوم جسد قد كفنوه بحصير من القصب وهل مَر في عدد السنين الغابرة والسنين العابرة جسدا أطهر من جسد الإمام الحسين عليه السلام أنه جسد رسول الله (( حسين مني وأنا من حسين )) وقد سلبت ملابسه حتى خاتما كان بيده قد بتر مع الإصبع . أنظر أليه ما زال إلى اليوم جسدا عاريا يبحث عن أمة تغسله وتكفنه وتواري التراب عليه .أرجوك أنظر كم هي تلك النفوس التي سارت خلف الجنائز التي تحوي من أعفن ما حملت الأرض وأنظر إلى أرض الطف لتجد الإمام علي بن الحسين وحيدا يلملم أجزاء الجثامين الطاهرة للأئمة عليهم السلام والصحبة الكرام ويواري عليهم التراب أرجوك أنظر كم جرح ما زال ينزل ينزف على أرض الطف , جرح زينب وجرح السجاد وجرح اليتامى وجرح النساء وجرح الخيام التي شبت بها النار في زحمة الخيول . أرجو هل جراح الحسين والعباس وأهل البيت الكرام اندملت أم ما زلت تنزف دما عبيطا لسبي زينب والعيال هل ما زالت تأن من السياط . هل قام الحسين والعباس وباقي الصفوة للتوديع ؟ هل أركبوا زينب وباقي النسوة على النّياق . سيدي أبا عبد الله سيدي أبا الفضل كيف كانت قلوبكم وعيونكم وأنفسكم وأرواحكم عند مسير السبايا أما زالت تنزف وتنزف وتنزف وإلى متى .؟؟؟؟أرجوك أبحث في فلوات النووايس عن تلك الجراح واصبغ شيبك ووجهك من دمائهم . أرجوك أذرف الدمع فوق إطلالتها عسى أن يسعفك الحظ لتنال شفاعتهم وتكفر عن سيئاتك ولكن ......... هل أستطيع ........ولكن ............ هل أستحق ؟؟؟؟؟ 14 / 1 / 2003
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X