إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الحياة والموت زوجان في عالم الوجود

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الحياة والموت زوجان في عالم الوجود





    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صلِ على محمد و آل محمد

    ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ﴾ [الملك: 2]

    صدق الله العلي العظيم

    الحياة قسمان: حياة ملكية، وحياة ملكوتية.
    الحياة الملكية هي هذه الحياة القصيرة الفانية التي نعيشها، والتي يعبر عنها القرآن الكريم بقوله ﴿تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [الملك: 1] ولكن هناك حياة ملكوتية والقرآن الكريم يعبر عنها ﴿فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ [يس: 83]

    عندما نقرأ قوله تعالى: ﴿تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا﴾ [الإسراء: 44] كل شيء يسبح، إذن كل شيء له لغة، إذن كل شيء له حياة، التسبيح فرع اللغة، اللغة فرع الحياة، التسبيح فرع الوعي، الوعي فرع الحياة، إذا كان كل شيء يسبح إذن لكل شيء حياة، لكن ليست حياة ملكية وإنما حياة ملكوتية، حياة غيبية، حياة لا نراها ولا نبصرها ولكنها موجودة، تلك هي الحياة الملكوتية.

    نحن كلنا كنا قبل هذا العالم أحياء، كنا أحياء ثم جئنا إلى هذا العالم، كنا في عالم قبل هذا العالم، ذلك العالم الذي كنا فيه كان أيضاً عالم حياة، لاحظ القرآن الكريم عندما يقول: ﴿وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ [الأنعام: 94]

    الإنسان عندما يموت يذهب إلى الله فرادى، لا أب لا أم لا أهل لا زوجة لا أولاد، يذهب بمفرده، هو وقطعة كفنه، ﴿كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ معناها أن الإنسان خُلق مرتين، المرة الأولى خلق مفرداً، والمرة الثانية خلق من أب وأم، وهي الحياة التي نعيشها في الدنيا، أما المرة الأولى خلقنا في عالم الذر، وفيه خُلقَتْ الأرواح والأنفس وحدها بلا أب ولا أم ولا عشيرة، بلا علاقات ولا ارتباطات، لذلك القرآن يعيدنا إلى ذلك العالم.

    ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ﴾ [الأعراف: 172] هذه الشهادة كانت في عالم قبل هذا العالم، كانت في عالم الذر.

    القرآن الكريم يقول: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ﴾ [الحجر: 21] كل شيء كان مختزن عند الله ثم نزل إلى عالم الدنيا، نحن كنا مختزنين في عالم آخر ثم نزلنا إلى الدنيا بأقدار معينة.

    العالم الحقيقي هو العالم بعد الموت، العالم الذي نعيش فيه الآن عالم زائل تافه قصير، العالم الحقيقي هو الذي ستفتح عينيك عليه بعد الموت مباشرة، في أول لحظة بعد الموت ستفتح عينيك على العالم الحقيقي، أنت الآن في عالم صغير قصير ضيق، بمجرد أن تموت سترى عالماً غريباً، فيه أشباح، وأرواح، وملائكة، وأصناف، وألوان، عالم لم تعهده ولم تره يوماً من الأيام، ستنفتح عليه في أول لحظة بعد الموت.

    ويقول القرآن الكريم: ﴿وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ﴾ [ق: 19] ثم يقول: ﴿فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾ [ق: 22] كنت في الدنيا أعمى، كان حولك غطاء، وسنكشف عنك الغطاء وسترى العالم الحقيقي كما خلقه الله، هذه هي الحياة الملكوتية الحقيقية.

    الأمر الثالث: الحياة بعد الموت، وهي قسمان: حياة انفصالية، وحياة اتصالية.
    الحياة الانفصالية مثل حياة أكثرنا، يعيش بعد الموت حياة ثانية ولكن حياة منفصلة عن عالم الدنيا، ينطلق إلى حياة أخرى منفصلة عن هذه الحياة، ولكن قسم من الناس يموت لكن تبقى له علاقة مع عالم الدنيا، يبقى يرفرف على الأرض، يرفرف على عالم الدنيا وإن مات، يعيش حياة اتصالية لا انفصالية، هؤلاء الذين يعيشون حياة اتصالية بعد الموت يقول عنهم القرآن الكريم: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾ [آل عمران: 169]

    ويقول: ﴿بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ﴾ [البقرة: 154]

    هم يرفرفون عليكم ولكن لا تشعرون بهم، هم انطلقوا وماتوا ولكن حياتهم بعد الموت حياة اتصالية، حياة ترتبط بالأرض وبالكائنات على الأرض، لذلك يقول القرآن: ﴿وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ﴾ حياة الشهداء، حياة الذين ضحوا وبذلوا وقدموا في سبيل مبادئهم، وفي سبيل قيمهم، وفي سبيل إحياء أمر السماء في الأرض، هؤلاء يبقون أحياء في الدنيا وفي الآخرة، لذلك تقرأ في زيارة الشهيد سيد الشهداء: ”أشهد أنك تسمع الكلام وترد الجواب“ هو يسمع سلامنا ويرد جوابنا لأنه يعيش حياة اتصالية، روحه ترفرف على ذلك الضريح العظيم، الشهيد يحيا فكيف بسيد الشهداء! فكيف بأبي الأحرار أبي عبد الله الحسين، إمام الهدى، سبط النبوة، والد الأئمة..


المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X