إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

نتائج النهضة الحسينية ومميزاتها / ج 1

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • نتائج النهضة الحسينية ومميزاتها / ج 1

    بحث معتبر ومستفيض لسماحة السيد العلامة د. مهند مصطفى جمال الدين
    نتائج النهضة الحسينية ومميزاتها
    (الجزء الأول)
    لم يعرف التاريخ حدثًا له كل هذا التأثير الكبير والانعكاس الأكبر مثلَ مقتل الامام الحسين (عليه السلام) ومثلَ نهضته العظيمة التي زلزلت الارض - وما زالت- تحت اقدام الظالمين، ومثل ما خلق دمُهُ المتفجّرُ حتى يوم الناس هذا، وعيًا بأهمية العيش الكريم وعدم الركون الى الظلم والظالمين، فإنه بقي متجددا بتبدل الزمان والمكان، وراسما للماضين والحاضرين والآتين اليوم الحر الذي ينبغي أن يعيشه الانسان الحر:
    فدمٌ أرقتَ كأنّهُ من جِدّةٍ الآن يعطر في الثرى ويخضّبُ
    وكأنّ حقًّا قد نصرتَ، وباطلًا يهوي وأحقادا عليك تألّبُ( 1)
    وبقيت نهضتُهُ عليه السلام خضراء على الرغم من تقادم الدهر والزمان وهلاك الظالمين ومن ينتسبون اليهم، وبقيت متقدة في قلوب الأحرار، الرافضين للظلم والاستبداد، ولم تزل مؤثرة في طول هذه الحياة، ولم يزل الانسان الموالي متأثرا بها، مهما تنقلت به الأزمنة والأمكنة ومهما دارت به الأرض وارتج به الليل والنهار.
    ولا يخفى انه يمكن أن يتأثر الانسان بموت عزيز له، ويبقى ذاكرا له فترة من الزمن، بل قد يستمر به اثر فقده الى أن يستأثر الله به، وقد تمتلئ ذاكرة اولاد المفجوع أيضا بذلك الفقد لفترة من الزمن، بمعنى أنه يمكن ان تحتفظ بهذا الحزن والألم لمرحلة جيل أو جيلين أو حتى ثلاثة، واذا اردنا ان نبالغ كثيرا فنقول يمكن لها ان تحتفظ بمئة سنة أو مئتين لا أكثر، ثم يصير ذلك الحدث جزءا من التاريخ المدون او المنسي دون أن يكون له تأثير يذكر، واذا اراد ان يأثر فإنه يمكن أن يأثر بفرد واحد او اثنين.
    ولكن يوم الحسين وحرقته ولوعته وكل ما حدث في يوم كربلاء والذكريات التي تحتفظ بها الاجيال تختلف عن كل حدث وقع في هذه الارض، فجيلٌ يسلم جيلًا، وسيرةٌ تستلم من اخرى، وموهبةٌ متقدةٌ وهي تستلم من موهبة يدًا بيد؛ لتكون نهضتهُ وكلمتهُ (عليه السلام) هي المنبع المتدفق، والذي لا يمكن له ان يُنسى مهما تغيرت الاحداث واشتبكت العصور، ومهما تكالبت الأزمات واشتدت المحن وقست السياط على المتون، بل أن الأجيال دأبت على أن تستذكر الحسين كلما حلت بهم مصيبة ونزل بلاء.
    ويمكن لكل جيل ان يصور تلك النهضة بأنها ثورة انسانية تعبد للأحرار طريقهم، اذ انها ليست عبرة ولوعة فحسب، وما تركه ليس حبا ورثه الجيل من الآباء والأجداد، او أنه الزاد والورد الصافي او الحليب الطاهر الذي رضع الاطفال منه وشبوا عليه الى أن كبروا وتمسكوا به؛ لأن المجالس تكرر ذكره بطرق واساليب مختلفة ومتنوعة، وقد تكون متوائمة مع الادوات العصرية التي يمكن لها ان تبقي جذوته متقدة.
    أقول ليست الأمور التي ذكرناها هي التي أبقت الحسين خالدا في الضمائر والسرائر والنهى والقلوب، بل لأنه الطريق والعمل الصالح والكلم الطيب، الذي لابد له ان يكون حليفا لمن يعيش الحياة الدنيا، شرط ذكر الامام ومبادئه وشجاعته واخلاقه وصبره.
    ومن المؤكد أن نهضته وموقفه الخالص لوجه الله تعالى سيسير مع الزمان، لأنه (عليه السلام) كان عارفا بنتائجها وآثارها.
    وقد دأبت الأقلام الشريفة أن تذكر نتائج تلك النهضة وهي كثيرة جدا، وأن احصاءها دونه خرط القتاد، ولذا علينا أن نقتصر على ذكر نتائج ثلاثة وهي على النحو الآتي:
    الأولى : تعرية النظام الفاسد، ولا سيما الحكم الأموي ومرحلته الجائرة، التي حاولت ان تتلبس بالإسلام وتتمظهر بأخلاقه ودعواته الى التحرر، بل استطاعت النهضة أن تعري كل نظام يحاول ان يخدع الناس بالمظاهر البراقة، وان تقف لكل نظام لتقول له أمامك طريقان طريق الحق وطريق الباطل، وان طريق الباطل وان طال به الزمان، ولكنه لابد ان يكون مفضيا الى الموت والفناء بأبشع صورة وأذل وأحقر مظهر.
    قال تعالى: ((وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ ۚ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا ۚ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ))(2 ).
    ونهضته (عليه السلام) هي الحد الفاصل بين الحق والباطل، وبين العدل والظلم، إذ لابد للإنسان في الحال هذه إما أن يقف هنا أو هنا، ومن الجلي أن الظالمين، لا سيما الحكام، سيتبجحون بظلمهم وسيقتفون آثار (يزيد) ويفتكون بكل من ان ينتمي الى (الحسين)؛ لأنه الممثل الحقيقي للإسلام الحقيقي؛ ولأنهم يخافون الحسينيين، بوصفهم رموزا مكافحة ضد الظلم والاستبداد؛ ولأن روحه (عليه السلام) مادامت متقدة لابد لها أن تنفخ روح الحياة في الاجسام.
    الثانية: الشعور بالإثم؛ لعدم نصرة الامام (عليه السلام)، إذ إن الأجيال تعي هتاف زينب (عليها السلام) ساعة قالت: (فلا رقأت الدمعة، ولا هدأت الرنة)(3 )، فراحت تنتصر لموقفه الخالد بهذه التصرفات المرئية والمسموعة، وبالدموع المتفجرة في كل زمان وكل مكان، عادّةً مثل هذا الشعور العاطفي موقفا صلبا ازاء ما حدث في ذلك اليوم الرهيب، بحسبان أنه اعلان للثورة ضد الظلم والطغيان.
    الثالثة: احياء الارادة لأمة تخاذلت بعد أن عم بها الظلم والجور والاستبداد، إذ خلقت النهضة فيها روح الجهاد في سبيل الله تعالى، ولا يخفى ان كل جهاد حق هو مصداق للجهاد في سبيل الله، سواء كان لنيل الحرية او العدالة او لتحقيق الانصاف او لإرضاء الطموح المشروع او لمسيرة يسود فيها القانون وتتراجع الفوضى ويعم الأمن والأمان، فالمؤمنون لا يستسلمون ولا يساومون ولا ينتهزون الفرص على حساب الكرامة، ولا يختارون الا ما اختاره (عليه السلام) في يومه الخالد، اذ قال: ((ألا وأنَّ الدَّعيَّ ابنَ الدَّعي قد ركز بَين اثنَتينِ: بين السلَّة والذِّلَّة وهَيهات منّا الذِّلَّةُ، يأبى اللهُ ذلك ورَسُولُهُ والمؤمِنوُنَ وحُجُورٌ طابَت وأنوفٌ حَميَّةٌ ونفوسٌ أبيَّةٌ، أنْ نؤْثِر طاعة اللِّئامِ عَلى مَصارِعِ الكِرامِ))( 4)، ومن المعلوم عندهم أن طريق السلة هو طريق الاحرار والمجاهدين الذي لابد لهم ان يسلكوه باختيارهم وارادتهم.
    ...............
    الهوامش

    1- الديوان : مصطفى جمال الدين، ج2 ص 515
    2 - آل عمران: 178
    3- بحار الانوار، المجلسي ، ج45 ، ص109
    4 - بحار الانوار، المجلسي، ج45 ، ص83​


  • #2
    قال سيد الكونين (ص):ان لقتل ولدي الحسين حرارة في قلوب المؤمنين
    لن تبرد ابدا.....


    -------------------------------



    تعليق


    • #3
      المشاركة الأصلية بواسطة فداء الكوثر مشاهدة المشاركة
      قال سيد الكونين (ص):ان لقتل ولدي الحسين حرارة في قلوب المؤمنين
      لن تبرد ابدا.....


      -------------------------------



      احسنتم وسددتهم وعظم الله اجوركم جميعا

      تعليق

      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
      حفظ-تلقائي
      Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
      x
      يعمل...
      X