إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

يزيد بن معاويه خليفه المسلمين ..(1)

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • يزيد بن معاويه خليفه المسلمين ..(1)


    يزيد بن معاويه خليفه المسلمين ..(1)

    بحث في اربعه فصول
    الفصل الاول - من هو يزيد
    الفصل الثاني - يزيد يقتل الحسين (عليه السلام ) وأهل بيت النبوه
    الفصل الثالث - يزيد ينتقم من الانصار في المدينه المنوره
    الفصل الرابع - يزيد يقصف الكعبه بالمنجنيق
    المقدمه
    تبنى عبد شمس عبدا روميا اسمه اميه وكان من عاده العرب انذاك ان يتمتع الولد المُتبنى بنفس حقوق وامتيازات الولد الشرعي
    وقد اثبتت في كتابي المسمى (بنو اميه ليسوا من قريش وانما من عبيدهم ) بعشره ادله تاريخيه تحليليه بان اميه ليس من صلب عبد شمس وانما هو عبد تبناه عبد شمس
    نازع اميه هاشم بن عبد مناف على زعامه مكه ونشب بينهما صراع قاس كاد ان يؤدي الى نشوب القتال بين بني هاشم وبني اميه واتباعهما
    اقنعت قريش الطرفين بالاحتكام الى الكاهن الخزاعي لتجنب الحرب وحكم الكاهن الخزاعي لصالح هاشم وان ينفى اميه الى الشام لمده عشره سنين ريثما تبرد نار الحسد والحقد والعداوه وان يذبح اميه خمسين ناقه في مكه تطعم لاهلها
    عاد أميه من منفاه بعد أن مات هاشم وصدره بركان يغلي حسداً وحقداً على بني هاشم
    يقول الاستاذ جعفر الخليلي في ( موسوعه العتبات المقدسه) ان الكثير من بني أمية قد حاولوا الاستظهار بعد ذلك على بني هاشم بمختلف الطرق ، وكان صدر أمية نفسه يغلي بالحقد والغضب بعد رجوعه من جلائه ، وكان هاشم قد مات ، ولكنّ بني هاشم أحياء وقد تزعمهم عبد المطّلب ، وعبد المطّلب في ذلك اليوم ذو شأن كبيرجدا في قريش
    وإذا استطاع أمية أن ينتقم لنفسه ويثأر منه فقد يعود له ولبنيه وأصحابه ما فقدوا من عِزّ وما لحق بهم من عار في حدود أعرافهم يومذاك
    فجاء إلى عبد المطلب يراهنه في سباق فرسيهما مراهنة خرجت عن مألوف رهان الخيل العام وانه كان واثقا من فرسه والا لم يقدم على هذه المراهنه بل التحدّي لأخذ الثأر والانتقام فقد كان الشرط أن يدفع المغلوب الذي تقصّر فرسه عن بلوغ الشرط مئة ناقة من الإبل وعشرة من العبيد ، ومثلها من الإماء ، ثمّ استعباد سنة وذلك بأن يستعبد السابق الغالب المتسابق المغلوب سنة كاملة ، يتّخذ منه عبداً ، وفوق كل ذلك فللغالب أن يجزّ ناصية المغلوب
    ومن هذه الشروط القاسيه نفهم أنّ المقصود بذلك كله كان إذلال المغلوب وتحقيره ، والمعتقد أنّ أمية كان واثقاً من فرسه ومعتقداً بفوزه ، وإلاّ فليس هو من الغباوة بحيث يقدم على مثل هذه المغامرة مهما بلغ حسده وغروره وكبرياؤه
    ويقول ابن ابي الحديد في شرح نهج البلاغه (ج 3 ص 466 )
    وكانت النتيجة أن جاءت على خلاف ما كان قد اعتقد أمية وجزم ؛ فدفع الرهان كاملاً ، ولكنّه افتدى جزّ الناصية بمضاعفة استعباد عبد المطّلب له وجعلها عشر سنين
    ويقول أنّ أمية بقي في حشم عبد المطلب وعضاريطه عشر سنين
    ورّث اميه حقده وحسده لابنائه واحفاده لعلهم يتمكنوا من قهر بني هاشم وانتزاع السياده على مكه منهم
    وعندما بعث الله محمدا (صلى الله عليه واله ) نبيا ورسولا إجتمع شمل الحاسدين الثلاثه قريش واليهود وبنو اميه وشكلواحلفاً ثلاثيا للقضاء على الاسلام وبني هاشم
    وفي معركه بدر تمكن المسلمون من قتل سبعين من المشركين من قريش وبني اميه نصفهم بسيف علي بن ابي طالب فتأججت نار الحسد والحقد في قلوب المتحالفين على رسول الله (ص) وعلي (ع ) ودخلت قريش وبنو أميه الاسلام بعد فتح مكه لحقن دمائهم والوصول الى السلطه ونسف الاسلام من الداخل وإستئصال بني هاشم وكل مَنْ ساعد رسول الله (صلى الله عليه واله ) من الانصار وتغيير معالم الدين لما يلائم إستعباد الشعوب وإمتطاء ظهورها
    دفعت قريش بقياده ابو بكر وعمر معاويه لولايه الشام ثم تمكين معاويه (كسرى العرب ) ( على حد تسميه عمر له) ليصبح ملكا للعرب والمسلمين
    وبدأ بنو اميه تنفيذ برنامجهم باستئصال بني هاشم وتطرقت لذلك بالتفصيل في كتابي (لاتبقوا لاهل هذا البيت باقيه )
    وقتل معاويه عليا والحسن ( عليهم السلام ) واوصى يزيد باستكمال المهمه بقتل الحسين (عليه السلام ) واهل بيت النبوه والانتقام من الانصار صحابه رسول الله في المدينه المنوره عقابا لهم على مؤازره ونصره رسول الله
    الفصل الاول - من هو يزيد ؟؟
    جده الاكبر اميه اباحي ديوث
    يقول المقريزي في كتابه النزاع والخاصم وابن ابي الحديد في شرح نهج البلاغه ان أميّة كان أحرص خلعان مكه على الخلاعه واشدهم تمسكا بمنكراتها وتدل اخباره المرويه على ان الادمان والاستخفاف بلغا منه مبلغا أدانه بالاباحيه والدياثه وجره الى أفعال تستنكرها جاهليه المنكرات
    روي انه نزل عن زوجته لابنه ذكوان (ابو عمرو) فبنى عليها ذكوان و أميّة حي لا يأنف ولا يطرق ولايندى
    فكان بهذه الاباحيه نقيصه من نقائص عصره ومحيطه واسلوبا من اساليب الفسق واخلاق العبيد لا يعرفه العرب
    ابوه (معاويه ) بن ابي سفيان
    جاء في كتاب النصائح الكافيه لمن يتولى معاويه للسيد محمد بن عقيل العلوي ج1 ص144
    (كان معاوية يعزى إلى اربعة و منهم الصباح وهو مغن كان لعمارة بن الوليد وكان عسيفا (اجيرا) لابي سفيان وكان أبو سفيان دميما قصيرا وكان الصباح شابا وسيما فدعته هند إلى نفسها فغشيها وقالوا ان عتبة ابن ابي سفيان من الصباح ايضا وذكر اهل الاخبار ان امية بن عبد شمس جد هذه الطائفة ذهب إلى الشام لما نافر عمه هاشما فاقام بصفورية وزنى بامراه يهودية ولها زوج يهودي فولدت ولدا على فراش اليهودي فاستلحقه امية مع ان الولد للفراش وسماه ذكوان وكناه ابا عمرو وقدم به مكة وابو عمرو هذا هو والد ابي معيط الذي هو والد عقبة المقتول ببدر صبرا وذكر ابن قتيبة وغيره انه صلى الله عليه واله وسلم لما امر بقتل عقبة قال له يا محمد ناشدتك الله والرحم فقال له رسول الله (انما انت يهودي من اهل صفوريه)
    وجدته لابيه هند بنت عتبه
    قال هشام: و كانت هند من المغتلمات‏ ، و كان احبّ الرجال اليها السودان، فكانت اذا ولدت أسود قتلته وكان الصبّاح مغنّ لعمارة بن الوليد. و قد كان ابو سفيان دميما قصيرا، و كان الصبّاح أجيرا لابي سفيان شابا وسيما، فدعته هند الى نفسها فغشيها
    و قالوا: إنّ عتبة بن ابي سفيان من الصبّاح ايضا، و قالوا: إنها كرهت أن تضعه في منزلها فخرجت الى أجياد فوضعته هناك. و في هذا المعنى: قول حسان أيام المهاجاة بين المسلمين و المشركين في حياة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قبل الفتح
    لمن سواقط سودان منبذة * * * باتت تفحص في بطحاء أجياد
    فيهم صبي له أم لها نسب‏ * * * في ذروة من ذرى الأحساب أياد
    تقول و هنا و قد جدّ المخاض لها * * * يا ليتني كنت أرعى الشول للغادي‏
    قد غادرته لحر الوجه منعفرا * * * و خاله و أبوه سيّد النادي‏
    يعني بأبيه: عمارة بن الوليد بن المغيرة، و خاله: الوليد بن عتبة بن ربيعة
    و قال العلامة المعتزلي: كانت هند تذكر في مكّة بفجور وعهر
    : و لمّا أسلمت و أنزل اللّه عزّ و جلّ وفي مثالب العر للكلبي
    يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ عَلى‏ أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَ لا يَسْرِقْنَ وَ لا يَزْنِينَ
    ولا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَ‏ (الآية12 الممتحنه)
    أتت هند لتبايع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وسلم فقال لها
    لا تسرقي
    قالت: بأبي و أمي إني لأسرق من مال أبي سفيان لأيتام عبد مناف
    قال: فلا تفعلي
    قالت: لا أفعل
    قال: و لا تزني و لا تقتلي ولدك
    قالت: بأبي أنت و أمي و هل تزني الحرة؟
    فالتفت رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه و آله وسلم) إلى بعض من كان بحضرته و تبسّم لعلمه بها
    تزوج الخليفه الاموي عثمان بن عفان وائله بنت الفرافصه النصرانيه وتزوج معاويه بن ابي سفيان ميسون بنت بجدل الكلبيه النصرانيه التي مارست الجنس مع عبدٍ لابيها فولدت منه يزيد
    امه ميسون الكلبيه
    فاما ميسون فقد أقامت في قصر معاويه وكرهته وأنشدت ذات يوم تقول:
    لبيت تخرق الأرواح فيه * أحب إلي من قصر منيف
    وكلب ينبح الطراق عني * أحب إلي من قط ألوف
    وبكر يتبع الأظعان صعب * أحب إلي من بغل زفوف
    ولبس عباءة وتقر عيني * أحب إلي من لبس الشفوف
    وخرق من بني عمي نحيف * أحب إلي من علج عليف
    وأصوات الرياح بكل فج * أحب إلي من نقر الدفوف
    خشونة عيشتي في البدو أشهى * إلى نفسي من العيش الطريف
    فما أبغي سوى وطني بديلا * فحسبي ذاك من وطن شريف
    فقال معاوية جعلتني علجا علوفا فطلقها وألحقها بأهلها (1)
    عاشت ميسون مع اهلها في الباديه ومكّنت عبد ابيها من نفسها فجاء يزيد شبيها بعبد ابيها بجدل
    قال ابن راشد في إلزام الناصب / 169
    رووا أن أمه بنت بجدل الكلبية أمكنت عبد أبيها من نفسها فحملت بيزيد، وإلى هذا المعنى أشار النسابة الكلبي يقول:
    فإن يكن الزمان أتى علينا *** بقتل الترك والموت الوحيِّ
    فقد قَتل الدعيُّ وعبدُ كلبٍ *** بأرض الطفّ أولادَ النبيِّ
    أراد بالدعي عبيد الله بن زياد... ومراده بعبد كلب: يزيد بن معاوية لأنه من عبد بجدل الكلبي
    نشأه يزيد بين النصارى
    يقول العالم الأزهري الشيخ عبد الله العلايلي في كتابه عن الإمام الحسين (عليه السلام): سمو المعنى في سمو الذات / 59
    إذا كان يقينا أو يشبه اليقين أن تربية يزيد لم تكن إسلامية خالصة أو بعبارة أخرى كانت مسيحية خالصة، فلم يبق ما يستغرب معه أن يكون متجاوزا مستهترا مستخفا بما عليه الجماعة الإسلامية، لا يحسب لتقاليدها واعتقاداتها أي حساب ولا يقيم لها وزنا
    ويؤيد ذلك أن ندماءه وخاصته نصارى، فكان سرجون النصراني صاحب أمره كما كان صاحب سر أبيه (2)
    وإصطفى يزيد جماعة من الخلعاء والماجنين فكان يقضي معهم لياليه الحمراء بين الشراب والغناء، وفي طليعة ندمائه الأخطل الشاعر المسيحي الخليع فكانا يشربان ويسمعان الغناء وإذا أراد السفر صحبه معه. (3)
    ويقول الشيخ علي الكوراني في كتابه جواهر التاريخ ج3 ص403
    أمّا صفاته النفسية: فقد ورث صفات الغدر والنّفاق، والطيش والاستهتار من سلفه، حتّى قال المؤرّخون: كان يزيد قاسياً غدّاراً كأبيه، (إن كان من معاوية طبعاً)، ولكنّه ليس داهيةً مثله. كانت تنقصه القدرة على تغليف تصرّفاته القاسية بستار من اللباقة الدبلوماسية الناعمة، وكانت طبيعته المنحلّة وخُلقه المنحطّ لا تتسرّب إليها شفقة ولا عدل. كان يقتل ويعذّب نشواناً للمتعة واللّذة التي يشعر بها، وهو ينظر إلى آلام الآخرين، وكان بؤرة لأبشع الرذائل، وها هم ندماؤه من الجنسين خير شاهد على ذلك، لقد كانوا من حثالة المجتمع
    وقد نشأ يزيد عند أخواله في البادية من بني كلاب الذين كانوا يعتنقون المسيحية قبل الإسلام، وكان مرسل العنان مع شبابهم الماجنين فتأثّر بسلوكهم إلى حدّ بعيد، فكان يشرب معهم الخمر ويلعب معهم بالكلاب
    ولع يزيد بالصيد
    ومن مظاهر صفات يزيد ولعه بالصيد، فكان يقضي أغلب أوقاته فيه. قال المؤرّخون: كان يزيد بن معاوية كلفاً بالصيد، لاهياً به، وكان يُلبِسُ كلابَ الصيد الأساورَ من الذهب، والجلال المنسوجة منه، ويهب لكلّ كلب عبداً يخدمه (4)
    شغفه بالقرود
    وكان يزيد - فيما أجمع عليه المؤرّخون - ولعاً بالقرود، وكان له قرد يجعله بين يديه ويُكنّيه بأبي قيس، ويسقيه فضل كأسه، ويقول: هذا شيخ من بني إسرائيل أصابته خطيئة فمُسخ، وكان يحمله على أتان وحشية ويرسله مع الخيل في حلبة السّباق، فحمله يوماً فسبق الخيل فسُرّ بذلك،
    وأرسله مرّةً في حلبة السّباق فطرحته الريح فمات، فحزن عليه حزناً شديداً، وأمر بتكفينه ودفنه، كما أمر أهل الشام أن يعزّوه بمصابه الأليم، وأنشأ راثياً له
    تمسّك أبا قيس بفضل زمامها *** فليس عليها إن سقطتَ ضمانُ
    فقد سبقتْ خيلَ الجماعة كلّها *** وخيلَ أمير المؤمنين أتانُ
    وذاع بين النّاس هيامه وشغفه بالقرود حتّى لقّبوه بها، ويقول رجل من تنوخ هاجياً له
    يزيد صديق القرد ملّ جوارَنا *** فحنّ إلى أرض القرود يزيدُ
    فتبّاً لمنْ أمسى علينا خليفةً *** صحابتُه الأدنون منه قرودُ (5)
    إدمانه على الخمر
    والظاهرة البارزة من صفات يزيد إدمانه على الخمر حتّى أسرف في ذلك إلى حدٍ كبيرٍ، فلم يُرَ في وقت إلاّ وهو ثمل لا يعي من فرط السُكر، ومن شعره في الخمر
    أقول لصحبٍ ضمّت الخمرُ شملهمْ *** وداعي صبابات الهوى يترنّمُ
    خذوا بنصيبٍ من نعيم ولذّةٍ *** فكلّ وإن طال المدى يتصرّمُ (6)
    وَمن شعره أَيْضا فِيهَا
    (وَدَاعٍ دَعانِي والثُّرَيَّا كأَنَّهَا ... قلائصُ قد أعنقْنَ خَلْفَ فَنِيقِ)
    (وَقَالَ اغتنِمْ من دَهْرنا غَفَلَاتِهِ ... فَعَقْدُ ذِمَامِ الدَّهْرِ غَيْرُ وَثِيقِ)
    (وناولنِي كَأْسًا كَأَنَّ بنانَهُ ... مخضَّبةٌ مِنْ لَوْنِهَا بِخَلُوقِ)
    (إِذا مَا طغَى فِيهَا الحَياءُ حسبتَهَا ... كَوَاكبَ دُرِّ فِي سمَاءِ عَقِيقِ)
    (تَدُبُّ دَبِيبَ النَّمْل فِي كُلِّ مفْصلٍ ... وتَكْسُو وجُوهَ الشَّرْبَ ثَوبَ شقِيقِ)
    (وإنِّيَ مِنْ لَذَّاتِ دَهْرِي لقانعٌ ... بحلْوِ حَدِيثٍ أَوْ بِمُرِّ عتيقِ)
    (هَما مَا هُمَا لَمْ يَبْقَ شيءٌ سِوَاهُمَا ... حَدِيثُ صَدِيقٍ أَوْ عَتِيقُ رَحِيقِ)
    وَمِمَّا ينْسب إِلَيْهِ يُخَاطب أَبَاهُ مُعَاوِيَة عِنْد نَهْيه إِيَّاه عَن شرب الْخمر قَوْله
    (أَمِنْ شَرْبَةٍ من ماءِ كرْمٍ شَرِبْتُهَا ... غبْتَ عليَّ الآنَ طابَ لي السُّكْرُ)
    (سأشرَبُ فاغضَبْ لَا رَضِيت كِلَاهُمَا ... حبيبٌ إِلَى قَلْبِي عُقُوقُكَ والخَمْرُ)
    توفّي كَمَا تقدم فِي ربيع الأول سنة أَربع وَسِتِّينَ وَله تسع وَثَلَاثُونَ سنة وَكَانَت خِلَافَته ثَلَاث سِنِين وَتِسْعَة أشهر وَدفن بحوارين من أَرض دمشق بمقبرة بَاب الصَّقْر وَفِيه يَقُول الْقَائِل
    (بأَيُّهَا القَبْرُ بِحَوَّارِينَا ... ضَمَمْتَ شَرَّ الناسِ أَجْمَعِينا)

    رأي الصحابه والتابعين بيزيد بن معاويه
    سمع عبد الله بن حنظله (غسيل الملائكه ) بموبقات يزيد فاراد ان يطلع بنفسه على حقيقه الامر فذهب الى الشام مع وفد من أهل المدينة في أعقاب استشهاد الإمام الحسين (عليه السّلام) ولما عاد الى المدينه المنوره قال :
    (والله، ما خرجنا على يزيد حتّى خفنا أن نُرمى بالحجارة من السّماء؛ إنّه رجل ينكح الاُمهات والبنات والأخوات، ويشرب الخمر ويدع الصّلاة. والله، لو لم يكن معي أحد من النّاس لأبليت لله بلاءً حسناً ) (7)
    وقال أعضاء الوفد: قدمنا من عند رجل ليس له دين؛ يشرب الخمر، ويعزف بالطنابير، ويلعب بالكلاب
    ونقل عن المنذر بن الزبير قوله في وصفه يزيد:
    والله إنّه ليشرب الخمر، والله إنّه ليسكر حتّى يدع الصّلاة
    ووصفه أبو عمر بن حفص بقوله:
    والله، رأيت يزيد بن معاوية يترك الصّلاة مسكراً
    ويتبدّى الكفر في وصفه للخمر في الأبيات الآتية
    شميسة كرم برجها قعر دنِّها *** ومشرقها الساقي ومغربها فمي
    إذا اُنزلت من دنِّها في زجاجةٍ *** حكت نفراً بين الحطيم وزمزمِ
    فإن حَرُمَتْ يوماً على دين أحمدٍ *** فخذها على دين المسيح بن مريمِ (8)
    و قال عنه المسعودي: وكان يزيد صاحب طرب وجوارح وكلاب، وقرود وفهود ومنادمة على الشّراب، وجلس ذات يوم على شرابه وعن يمينه ابن زياد، وذلك بعد قتل الحسين، فأقبل على ساقيه فقال
    اسقني شربةً تُروّي مُشاشي *** ثمّ مِلْ فاسقِ مثلها ابن زيادِ
    صاحبَ السرّ والأمانة عندي *** ولتسديد مغنمي وجهادي
    ثمّ أمر المغنّين فغنّوا
    وغلب على أصحاب يزيد وعمّاله ما كان يفعله من الفسوق، وفي أيامه ظهر الغناء بمكة والمدينة، واستُعملت الملاهي، وأظهر النّاس شرب الشّراب
    ويؤكّد في مكان آخر: وكان يسمّى يزيد السكران الخمّير
    إنّ مطالعة الحياة الماجنة ليزيد في حياة أبيه تكفي لفهم دليل امتناع عامّة الصّحابة والتابعين من الرضوخ لبيعة يزيد بالخلافة
    إلحاد يزيد وكفره وحقده على رسول الله (صلّى الله عليه وآله)
    إنّ نوايا يزيد ونزعاته المنحرفة قد تجلّت بشكل واضح خلال فترة حكمه القصيرة، حتّى أنّه لم يبالِ بإظهار ما كان يضمره من حقد للرسول (صلّى الله عليه وآله)، وما كان ينطوي عليه من إلحاد برسالته (صلّى الله عليه وآله) بعد أن دنّس يديه بقتل سبط الرّسول وريحانته أبي عبد الله الحسين (عليه السّلام)، وهو متسلّط بالقهر على رقاب المسلمين باسم الرّسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله)
    لقد أترعت نفس يزيد بالحقد على الرّسول (صلّى الله عليه وآله) والبغض له؛ لأنّه وتره باُسرته يوم بدر، ولما أباد العترة الطاهرة جلس على أريكة الملك جذلان مسروراً، فقد استوفى ثأره من النبيّ (صلّى الله عليه وآله)، وتمنّى حضور أشياخه ليروا كيف أخذ بثأرهم، وجعل يترنّم بأبيات عبد الله بن الزبعرى
    ليتَ أشياخي ببدرٍ شهدوا *** جزعَ الخزرج من وقع الأسلْ
    لأهلّوا واستهلّوا فرحاً *** ثمّ قالوا يا يزيد لا تُشلْ
    قد قتلنا القرمَ من أشياخهمْ *** وعدلناه ببدرٍ فاعتدلْ
    لعبت هاشمُ بالملك فلا *** خبرٌ جاء ولا وحيٌ نزلْ
    لستُ من خندف إنْ لم أنتقمْ *** من بني أحمد ما كان فعلْ (9)
    بل إنّ يزيدَ جاهر بإلحاده وكفره عندما تحرّك عبد الله بن الزبير ضدّه في مكة؛ فقد وجّه جيشاً لإجهاض تحرّك ابن الزبير وزوّده برسالة إليه، وردّ فيها البيت الآتي
    ادع إلهك في السّماء فإنّني ***أدعو عليك رجال عكٍّ وأشعرا(10)
    الالوسي يقول ان يزيد لم يكن مصدقا برساله النبي
    يقول الالوسي في تفسيره روح المعاني للايه 22 من سوره محمد (ج26 ص73)
    (فَهَل عَسَيتُم إِن تَوَلَّيتُم أَن تُفسِدُوا فِي الأَرضِ وَتُقَطِّعُوا أَرحَامَكُم )محمد 22
    أقول: الذي يغلب على ظني أن الخبيث (ويقصد يزيد ) لم يكن مصدقا برسالة النبي صلّى الله عليه وسلّم وأن مجموع ما فعل مع أهل حرم الله تعالى وأهل حرم نبيه عليه الصلاة والسلام وعترته الطيبين الطاهرين في الحياة وبعد الممات وما صدر منه من المخازي ليس بأضعف دلالة على عدم تصديقه من إلقاء ورقة من المصحف الشريف في قذر، ولا أظن أن أمره كان خافيا على أجلة المسلمين إذا ذاك ولكن كانوا مغلوبين مقهورين لم يسعهم إلا الصبر ليقضي الله أمرا كان مفعولا، ولو سلّم أن الخبيث كان مسلما فهو مسلم جمع من الكبائر ما لا يحيط به نطاق البيان، وأنا أذهب إلى جواز لعن مثله على التعيين ولو لم يتصور أن يكون له مثل من الفاسقين، والظاهر أنه لم يتب، واحتمال توبته أضعف من إيمانه، ويلحق به ابن زياد وابن سعد وجماعة فلعنة الله عز وجل عليهم أجمعين، وعلى أنصارهم وأعوانهم وشيعتهم ومن مال إليهم إلى يوم الدين ما دمعت عين على أبي عبد الله الحسين، ويعجبني قول شاعر العصر ذو الفضل الجلي عبد الباقي أفندي العمري الموصلي وقد سئل عن لعن يزيد اللعين
    يزيد على لعني عريض جنابه ... فأغدو به طول المدى ألعن اللعنا
    وقال عبد الله بن حنظله غسيل الملائكه في وصف يزيد بن معاويه
    (إنه رجل ينكح أمهات الأولاد والبنات والأخوات، ويشرب الخمر، ويدَع الصلاة ) (11)
    معاويه يعهد الى نصراني لتربيه ولده
    رجّح بعض المؤرّخين أنّ بعض نساطرة النّصارى تولّى تربية يزيد وتعليمه، فنشأ نشأةً سيّئة ممزوجةً بخشونة البادية وجفاء الطبع، وقالوا: إنّه كان من آثار تربيته المسيحية أنّه كان يقرّب المسيحيين ويكثر منهم في بطانته الخاصّة (12)
    ولا يمكن أن تعلّل هذه الصّلة الوثيقة وتعلّقه الشّديد بالأخطل وغيره إلاّ بتربيته ذات الصّبغة المسيحية. هكذا حاول بعض المؤرّخين والكتّاب أن يعلّل استهتار يزيد بالإسلام ومقدّساته وحرماته
    وهذا التعليل يمكن أن يكون له ما يسوّغه لو كانت لحياة البادية وللتربية المسيحية تلك الصّبغة الشاذّة التي برزت في سلوك يزيد من مطلع شبابه إلى أن أصبح وليّاً لعهد أبيه وحاكماً من بعده، في حين أنّ العرب في حاضرتهم وباديتهم كانت لهم عادات وأعراف كريمة قد أقرّها الإسلام؛ كالوفاء وحسن الجوار، والكرم والنجدة وصون الأعراض وغير ذلك ممّا تحدّث به التأريخ عنهم، ولم يُعرف عن يزيد شيء من ذلك


    المصادر
    (1) تاريخ دمشق: 70 / 134
    (2) تاريخ دمشق: 20 / 161
    (3) الأغاني: 7 / 170
    (4) تاريخ الطبري 4/368
    (5) أنساب الأشراف 2 / 2
    (6) حياة الإمام الحسين (عليه السّلام) 2 / 183
    (7) تأريخ ابن عساكر 7 / 372
    (8)تتمة المنتهى / 43
    (9) البداية والنهاية 8 / 192
    (10) مروج الذهب 2 / 95
    (11) سير اعلام النبلاء ج3 ص 324
    (12)المناقب للقاضي نعمان المصري/71
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X