أراجيز الطف

[الحسين منقذي]

أراجيز الطف: نشيد كربلاء الخالد

تبارك صباح

تدوين موضوع بهذا الحجم التاريخي لا بد أن يميل إلى الموروث التاريخي المدون، لكون أراجيز الطف هي أشعار ينشدها المقاتلون في ساحة المعركة، يغلب عليها الارتجال وطابع الحماسة. وكان المقاتل يذكر فيها اسمه واسم أبيه واسم قبيلته، مشيرًا إلى مفاخره ومناقب قبيلته من أجل تعزيز معنوياته وإرهاب الخصم. دونت لنا الباحثة تغريد حسون بعض أشعار الحسين عليه السلام:

فإن نهزم فهزامون قدماً
وإن نغلب فغير مغلبينا
وما إن طبنا جبن ولكن
منايانا ودولة آخرينا
إذا ما الموت رفع عن أُناس
بكلكله أناخ بآخرينا
فأفنى ذلكم سروات قوم
كما أفنى القرون الأوّلينا
فلو خلد الملوك إذن خلدنا
ولو بقي الكرام إذن بقينا
فقل للشامتين بنا أفيقوا
سيلقى الشامتون كما لقينا

وحين وقف الحسين (عليه السلام) على جسد الحر (عليه السلام) أنشد:

لنعم الحرّ حرّ بني ریاحِ
صبور عند مختلف الرماحِ
ونعم الحرّ إذ نادى حسينا
فجاد بنفسه عند الصباحِ

وأما رجزه في المعركة:

أنا الحسين بن علي
آليت أن لا أنثني
أحمي عيالات أبي
أمضي على دین النبي

ومن مصادر معتبرة مثل - (دائرة المعارف الإسلامية) و(حياة الإمام الحسين 155:3) وقفنا عند رجز أبي الفضل العباس (عليه السلام):

والله إن قطعتموا يميني
إني أحامي أبدا عن ديني

وكان القاسم بن الحسن (عليه السلام) يرتجز ويقول:

إن تنكروني فأنا ابن الحسن …

وكان عمرو بن جنادة يرتجز قائلا:

أميري حسين ونعم الأمير
سرور فؤادي البشير النذير

وكان علي الأكبر ينشد:

أنا علي بن الحسين بن علي
نحن وبيت الله أولى بالنبي
تالله لا يحكم فينا ابن الدعي
أضرب بالسيف أحمي عن أبي
ضرب غلام هاشمي علوي

وذكر المؤرخون في مجموعة كبيرة من المصادر أراجيز أصحاب الحسين واحدًا بعد واحد. زهير بن القين رضي الله عنه قال:

أقدم هُديت هادياً مهديا
اليوم ألقى جدكَ النبيا
وحسناً والمرتضى عليا
وذا الجناحين الفتى الكميا

نافع بن هلال الجملي رضي الله عنه قال:

أنا الغلام اليمني الجملي
ديني على دين حسين وعلي
أقتل اليوم فهذا أملي

زوجة جنادة بن كعب رضي الله عنهما قالت بعد مقتل ابنها:

أنا عجوزٌ في النسا ضعيفة
خاويةٌ باليةٌ نحيفة
أضربكم بضربةٍ عنيفة
دون بني فاطمة الشريفة

الصدق والشجاعة والنبل والفروسية والوفاء سمات اشتركت في الأراجيز التي انطلقت من أفواه شهداء الطف الأبطال، وأكدت على عظيم ولائهم وشدة تمسكهم بقضية سيدهم الإمام الحسين (عليه السلام). لقد جهرت تلك الحناجر بما أشرق في داخلها من حب ووفاء، فكوّنت بمجموعها نشيد كربلاء الخالد.