تويت
بِسْمِ اَللهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ
اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد
اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد
قال الله تعالى: ﴿صِبْغَةَ اللهِ ۖ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً ۖ وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ﴾.[1]
آية فريدة في صيغة التعبير، عرضا جامعا لما يتوجب الالتزام به على كل العالمين، فما هي ﴿صِبْغَةَ اللهِ﴾ حتى نصطبغ بها او نلتزمها؟ وليست لله صبغة يمكن الاصطباغ بها، ولا أية صبغة! ﴿صِبْغَةَ اللهِ﴾ هي من إضافة الفعل الى فاعله، كخلق الله وروح الله وأخلاق الله وشرعة الله أم أي فعل لله، وهي كفطرة الله أدبيا ومعنويا مهما كانت أعم منها ومن سائر الصبغة، تكوينية وتشريعية، فهي مفعول مطلق نوعي تعني صبغا خاصا إلهيا لقبيل الإنسان وسائر المكلفين
ولقد صبغ الله الناس كلهم بصبغة الفطرة، ثم العقلية التي تتبناها، ثم شرعة من الدين الهادية لهما، الشارحة لأحكامهما، الشارعة سبيلهما الى الخير المرام، ولقد اختصرت في: ﴿قُلْ آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾.[2]
وكل صبغة دون صبغة الله هي صبغة ابليسية مهما اختلفت دركاتها، كما والصبغة الإلهية - في حقل التكوين والتشريع والتكليف، والواقع الحاصل بينها - درجات.
أجل ﴿صِبْغَةَ اللهِ﴾ لا الصبغة اليهودية والنصرانية.
﴿صِبْغَةَ اللهِ﴾، الصبغ في اصل اللغة التلوين ومعمول عند النصارى انهم يغسلون أولادهم بماء يقال له المعمودية تطهيرا لهم فيما يزعمون، ويستعمل هذا الاصطباغ للمذنبين عندهم فأنكر الله عليهم ذلك وقال: ان المعمودية وغيرها لا تطهر الإنسان من درن الأخلاق والرذائل والمعاصي، وانما يطهره السير على الفطرة الصحيحة التي يشيدها العلماء الربانيون، فنحن المسلمين نطهر أنفسنا بإيحاءات الفطرة، ونعبد الله وحده ولسنا مثلكم يا اهل الكتاب في شرككم بالله، حيث تنسبون له الأبناء وتساوونه بغيره، واصولا لا ربط للاغتسال بالماء باستجلاب عقيدة جديدة، او تثبيت عقيدة موروثة وعالم العقائد لا ربط له الاّ بالبرهان والمنطق الوزين، وامّا فضائل الأخلاق ومحاسن الآداب فهي مبتنية على تنمية الفطرة، وتوسيع نطاق مواهبها المندمجة في النفس، وهذه التنمية والتوسيع لا يعقلان بغير التتلمذ على يد علماء الأخلاق والحضور، عند المربين والتلقي عن المثاليين، ويظن ان هذا الخطأ تنزّل الى المسلمين كما تنزل بهم اخلاقيا من ناحية الغربيين المسيحيين أولئك الذين يعيشون على الشكليات الفارغة.
والله سبحانه عاب على اهل الكتاب كلتا الجنبتين العقائدية؛ بأنهم لا يعبدون الله وحده بل يشركون معه في الربوبية المسيح وامّه والعزير وغيره، والأخلاقية بأنهم يرون تطهير الفسق يكون بالماء، والفسق لا يطهر الاّ بتعويض اعمال النفس من العصيان الى الطاعة، ومن الرذيلة الى الفضيلة.
وقيل: في نصب صِبْغَةَ انه على البدلية من مِلَّةَ إبراهيم السابقة الذكر في قوله تعالى: ﴿بَلْ مِلَّةَ إبراهيم حَنِيفاً﴾.[3]
وقيل انه على الإغراء بمعنى الزموا صِبْغَةَ اَللهِ.
وردت عدة روايات في معنى قوله: ﴿صِبْغَةَ اَللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اَللهِ صِبْغَةً﴾، منها:
1 - عَنْ عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ : فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿صِبْغَةَ اَللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اَللهِ صِبْغَةً﴾ قَالَ: ((صَبَغَ اَلْمُؤْمِنِينَ بِالْوَلاَيَةِ فِي اَلْمِيثَاقِ)).[4]
2 - وعَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ بْنِ كَثِيرٍ اَلْهَاشِمِيِّ مَوْلَى أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : فِي قَوْلِ اَللهِ ﴿صِبْغَةَ اَللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اَللهِ صِبْغَةً﴾ قَالَ: ((اَلصِّبْغَةُ مَعْرِفَةُ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ بِالْوَلاَيَةِ فِي اَلْمِيثَاق)).[5]
3 - وعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَحَدِهِمَا عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ : فِي قَوْلِ اَللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿صِبْغَةَ اَللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اَللهِ صِبْغَةً﴾ قَالَ: ((اَلصِّبْغَةُ هِيَ اَلْإِسْلاَمُ)).[6]
[1] سورة البقرة، الآية: 138.
[2] سورة آل عمران، الآية: 84.
[3] سورة البقرة، الآية: 135.
[4] الكافي، ج 1، ص 422.
[5] تفسير العياشي، ج 1، ص 62.
[6] الكافي، ج 2، ص 14.