إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿مَا وَلَّاهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ﴾

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿مَا وَلَّاهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ﴾

    بِسْمِ اَللهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ

    اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد

    قال الله تعالى: ﴿سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا ۚ قُل للهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ۚ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ.[1]
    وصلنا الى ختام القسم الرابع من سورة البقرة، حيث تمّ التركيز فيه على موضوع (القبلة) بصفتها مظهرا لأهم تعامل عبادي مباشر مع الله تعالى، ألا وهو الصلاة، ثم ربط النص بين موضوع القبلة وبين الكتابيين الذين يشكلون محورا فكريا مشتركا بين هذا المقطع وغيره من مقاطع السورة الكريمة.
    فقد ورد في الأثر عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، بِإِسْنَادِهِ عَنِ اَلصَّادِقِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ)، قَالَ: ((تَحَوَّلَتِ اَلْقِبْلَةُ إِلَى اَلْكَعْبَةِ بَعْدَ مَا صَلَّى اَلنَّبِيُّ (صَلَّى اَللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) بِمَكَّةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً إِلَى بَيْتِ اَلْمَقْدِسِ، وَبَعْدَ مُهَاجَرَتِهِ إِلَى اَلْمَدِينَةِ صَلَّى إِلَى بَيْتِ اَلْمَقْدِسِ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ - قَالَ-: ثُمَّ وَجَّهَهُ اَللهُ إِلَى اَلْكَعْبَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ اَلْيَهُودَ كَانُوا يُعَيِّرُونَ رَسُولَ اَللهِ (صَلَّى اَللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ)، وَيَقُولُونَ لَهُ: أَنْتَ تَابِعٌ لَنَا، تُصَلِّي إِلَى قِبْلَتِنَا؛ فَاغْتَمَّ رَسُولُ اَللهِ (صَلَّى اَللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) مِنْ ذَلِكَ غَمّاً شَدِيداً، وَخَرَجَ فِي جَوْفِ اَللَّيْلِ يَنْظُرُ إِلَى آفَاقِ اَلسَّمَاءِ، يَنْتَظِرُ مِنَ اَللهِ فِي ذَلِكَ أَمْراً، فَلَمَّا أَصْبَحَ وَحَضَرَ وَقْتُ صَلاَةِ اَلظُّهْرِ، كَانَ فِي مَسْجِدِ بَنِي سَالِمٍ قَدْ صَلَّى مِنَ اَلظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ، فَنَزَلَ عَلَيْهِ جَبْرَئِيلُ وَأَخَذَ بِعَضُدَيْهِ وَحَوَّلَهُ إِلَى اَلْكَعْبَةِ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ: ﴿قَدْ نَرىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي اَلسَّمٰاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضٰاهٰا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ اَلْمَسْجِدِ اَلْحَرٰامِوَكَانَ قَدْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ إِلَى بَيْتِ اَلْمَقْدِسِ، وَرَكْعَتَيْنِ إِلَى اَلْكَعْبَةِ، فَقَالَتِ اَلْيَهُودُ وَاَلسُّفَهَاءُ: ﴿مٰا وَلاّٰهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ اَلَّتِي كٰانُوا عَلَيْهٰا﴾)).
    [2]
    وفي الباب (احكام القبلة) اخبار وفيرة عن العامة والخاصة تشير الى مضمون ما أسلفناه.
    ومحصول الآية من حيث المنطق سيقول خفاف العقول قليلو البصيرة من الناس ما الذي حرفهم عن قبلتهم التي صلّوا إليها طيلة زمن الإسلام؟ سواء كان القائلون هم اليهود او المنافقون او المشركون وكلّ متحيز مرموز، مريدين بذلك إبداء نقطة ضعف امام الجهّال حتى يقلبوهم عن معتقدهم بالإسلام، او يؤخروهم عن التقدم الى اعتناقه، لو كانت فيهم همّة دفّاعة اليه. فقل يا محمّد في جوابهم ان الصلاة عبادة لله، والله سبحانه ليس في جهة خاصة لكن حذرا من تذبذب المكلفين حين يختار كلّ انسان جهة برغبته، خصصنا القبلة بجهة خاصّة لها احترامها الشرعي كبيت المقدس والكعبة، وانّما عينّا القبلة الى بيت المقدس زمن ما قبل الهجرة وقليلا بعدها؛ لنمتحن من آمن بمحمّد من العرب الذين كانوا يقدّسون الكعبة أكثر من غيرها، ولم تكن لهم رابطة ببيت المقدس هل انّهم يقدمون التشريع على عادة اقوامهم وما ألفوه لأنفسهم أو لا، فالمؤمن تابع والمشرك تعلّل بان بيت المقدس لليهود لا لنا.
    وانما صرفناها بعد الهجرة عن بيت المقدس الى الكعبة؛ لأنّ مقام اليهود في المدينة وضواحيها كان أكثر من أي مكان آخر، فكانوا يقولون انّ دينكم من ديننا في جذوره فاتبعونا ولا تتبعوا محمّدا في دينه، ولا تنتظروا منّا اتباع دينكم ونحن الأصل فلما حولت القبلة الى الكعبة سكنت نامّتهم.
    والمراد بالسفيه من أتاه رشده وأعطاه من يده تعمّدا وتقصّدا إرضاء لعاطفته واهل الكتاب والمنافقون والمشركون شرع في ذلك السفه الذي أبدوه من أنفسهم ليدكّوا به الحقّ فيما يزعمون بإيجاد الغبرة عليه في أنظار العوام.
    وقوله تعالى: ﴿يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾، ليس المنظور به التشهي في الإرادة بل انه تعالى يساعد على الهداية من أرادها ويعرض عمّن يستغنى عنه مكتفيا بنفسه ومعتزّا بذاته كمن أشرنا إليهم من اهل الكتاب والمنافقين والمشركين.
    وامّا هداية الله للمؤمن فمعناها حضوره لقبول ما يتعبده المولى به فتارة ينكشف له معنى ما تعبّده به كالعلة التي ذكرناها في توجيه النبي اوّل مرة الى بيت المقدس وبعد الهجرة الى الكعبة واخرى لا ينكشف له ذلك كجملة من شؤون العبادات.


    [1] سورة البقرة، الآية: 142.
    [2] مستدرك الوسائل، ج 1، ص 340.

المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X