- فتحت نهضة الأمام الحسين عليه السلام وحركة الإمام السجاد عليه السلام في الكوفة والشام، الباب على مصراعيه أمام ثورات لاحقة كانت تنفجر من حين لاخر. وتختلف فيما بينها. إلاّ أنها تجتمع على أمر واحد. وهو مقارعة المشروع الأموي لقد كسرالإمام الحسين الحاجز، وساهم الإمام السجاد في إثارة الرأي العام، فكانت ثورة المدينة بقيادة عبد الله بن حنظلة الأنصاري الذي طرد ال أمية من المدينة
ثم جاءت ثورة مكة بقيادة عبد الله بن الزبير التي لم تنتهِ إلاّ بعد محاصرة مكة ورميها بالمنجنيق، ثم انفجرت ثورة التوابين بقيادة سليمان بن صرد الخزاعي تحت شعار
" وجوب التكفير عن ذنبهم لعدم نصرتهم الحسين "
وأخيراً جاءت ثورة المختار الثقفي الذي تتبَّع قتلة الحسين فقتل منهم مائتين وثمانين رجلاً منهم عبيد الله بن زياد وعمر بن سعد والشمر بن ذي الجوشن.
طبيعة عمل الإمام (ع) :
استخدم الإمام زين العابدين الدعاء كوسيلة تربوية إصلاحية وأثار في أدعيته كل القضايا التي تهم الإنسان والمجتمع وقد جمعت تلك الأدعية في كتاب عُرف فيما بعد بالصحيفة السجادية، كما كان يعقد الحلقات الدينية والفكرية في مسجد الرسول حتى أصبحت مجالسه محجّة للعلماء والفقهاء وتخرج من هذه المدرسة قيادات علمية وفكرية حملت العلم والمعرفة والإرشاد إلى كافة البلاد الإسلامية ولم يتركالإمام بحكم كونه إماماً الجانب الإنساني والاجتماعي حيث نجد في الروايات أنه كان يخرج في الليالي الظلماء يحمل الجراب على ظهره. فيقرع الأبواب ويناول أهلها من دون أن يُعرف، كما كان يشتري في كل عام مئات العبيد ليحررهم في الفطر والأضحى بعد أن يربيهم التربية الاسلامية المباركة
منزلة الامام علي بن الحسين (ع) عند المسلمين:
حج هشام بن عبد الملك فحاول أن يلمس الحجر الأسود فلم يستطع من شدة الازدحام فوقف جانباً، وإذا بالامام مقبلاً يريد لمس الحجر فانفرج له الناس ووقفوا جانباً تعظيماً له حتى لمس الحجر وقبله ومضى فعاد الناس الى ما كانوا عليه. فانزعج هشام وقال: من هذا؟ وصادف أن كان الفرزدق الشاعر واقفاً فأجابه هذا علي بن الحسين بن علي ثم أنشد فيه قصيدته المشهورة التي يقول فيها:
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته والبيت يعرفه والحل والحرم
هذا ابن خير عباد الله كلهم هذا التقي النقي الطاهر العلم
زوجاته وأولاده :
تزوج الامام علي بن الحسين من ابنة عمه فاطمة بنت الحسن فأنجبت له محمد الباقر وسائر أولاده هم من إماء، وكان أبرزهم زيد بن علي الشهيد الذي تنسب له الشيعة الزيدية
شهادة الإمام (ع) :
هذه المسيرة الإصلاحية الهادفة لم تخفَ عن عيون عبد الملك بن مروان التي بثّها في المدينة لتراقب تحركاتالإمام فسرعان ما تبرّم هذا الحاكم من حركة الإمام التي أثمرت في توسيع القاعدة الشعبية والفكرية المتعاطفة معه. فاعتقله وأحضره إلى دمشق مقيداً، لكن قوّة شخصية الإمامأثارت الاحترام في نفس السلطان فأمر بإطلاقه وإعادته سالماً إلى المدينة. وأخيراً قرّر الوليد بن عبد الملك تصفيةالإمام فأوعز إلى أخيه سليمان فدسّ السم له
للمطالعة
الفرزدق وهشام
مع أنّ هشام بن عبد الملك كان ولياً للعهد في ذلك الوقت الذي بلغت فيه الدولة الأموية أوج عظمتها وتسلّطها. إلاَّ أنه لم يستطع الوصول إلى (الحجر الأسود) بعد أن أتمّ طواف الكعبة، بالرغم من محاولته اليائسة
كان حُجَّاج بيت الله الحرام يرتدون لباساً واحداً هو لباس الإحرام، وكانوا مشغولين بأعمال واحدة هي أعمال الحج، وكانوا مستغرقين بأحاسيسهم الأخروية التي تشغلهم عن كل شخصية ومقام فكانوا بذلك سواسية لا يفرّق بينهم شيء
أما هشام فكان قد جلب معه الرجال والحشم ليحفظوا له أبّهته وفخامته، وكان هؤلاء صاغرين ازاء عظمة الحجّ وسموّه المعنوي
كرَّر هشام محاولته اليائسة للمس الحجر ولكنه رجع خائباً لشدة الازدحام واجتماع الخلق، فأمر بأن ينصب له عرش على مكان مرتفع حتى يقيّض له النظر إلى الحجيج وليملأ عينيه بتفرجه على هذا الاجتماع المهيب
وبينما هو وحاشيته على هذه الحال إذ شاهد رجلاً يعلو سيماءه التقوى والورع، يغطي جسمه قميص أبيض مثل سائر الحجاج، بدأ بالطواف حول الكعبة ثم توجه بخطوات مطمئنة يريد لمس الحجر الأسود، فلما راه الناس انفرجوا قسمين وتنحّوا عنه هيبةً وإجلالاً
دُهش الشاميّون لهذا المنظر العجيب ولم يستطيع أحد أن يمسك نفسه عن أن يسأل هشام قائلاً: من هذا يا أمير المؤمنين؟
فأجاب هشام: لا أعرفه
والحقيقة أن هشاماً كان يعرفه حق المعرفة إلاَّ أنه قال ذلك حتى لا يرغب أهل الشام به
ترى من الذي يملك الجرأة في تعريف هذا الشخص.. ومن ذا الذي لا يخاف سيف هشام وسطوته، فيقدم على تعريف الرجل الشامي بهذا الرجل؟
لم يوجد من هو أشجع من الفرزدق الذي لم يبالِ بما سيلحقه من تشرّد وأذى إن هو أجاب، فقال: أنا أعرفه!
فقال الشامي: من هو يا أبا فراس؟
فأنشأ الفرزدق قصيدته الغرَّاء في مدح الامام زين العابدين، علي بن الحسين والتي منها:
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته
والبيت يعرفه والحل والحرم
هذا ابن خير عباد الله كلهم
هذا التقي النقي الطاهر العلم
وليس قولك من هذا بضائره العرب تعرف من انكرت والعجم
فغضب هشام لسماع هذه القصيدة وقال للفرزدق: ألا قلت فينا مثلها؟ فقال الفرزدق: هات جداً كجده وأباً كأبيه وأماً كأمه حتى أقول فيك مثلها؟ فأمر هشام بحبسه في )عسفان( بين مكة والمدينة فحُبس ولكنه لم يأبه بذلك، فلما بلغ خبره علي بن الحسين بعث إليه باثني عشر الف درهم وقال: اعذرنا يا أبا فراس فلو كان عندنا أكثر من هذا لوصلناك به، فردها الفرزدق وقال:
يا ابن رسول الله ما قلت فيك الذي قلت إلاَّ غضباً لله ورسوله وما كنت أريد أن أرزق عليه شيئاً. فردَّها الامام ثانية إليه وقال: بحقي عليك، تقبَّلها فقد رأى الله مكانك وعلم نيّتك، عند ذلك قبلها الفرزدق.
⚙⚙⚙⚙
موسوعة اهل البيت عليهم السلام