إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ﴾

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ﴾

    بِسْمِ اَللهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ

    اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد


    قال الله تعالى: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا ۗ فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ﴾.[1]
    ﴿فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا﴾، الآية الشريفة الملازمة بين حصول التوفيق بقضاء مناسك الحج وذكر الله مثل ذكر الاباء او اشد لمن كانت له البصيرة.
    وبيان ذلك ان ذكر الاب بالقلب والتوجه اليه لكونه من العلل الاعدادية لوجود الابن؛ وكونه في اول الامر منعما على الابن من الحضانة وكفالة المصارف-والامر من الجهتين في الله اشد، فان العلة الاعدادية لا تفيض الوجود ولا احتياج في البقاء الى بقائها بخلاف العلة الفاعلية، فإنها مفيضة للوجود فيما اذا كان الصادر هو الوجود؛ وفي الحدوث والبقاء يفتقر الى فاعله، وكذلك من جهة النعماء لا مقايسة، فان النعماء الداخلية فوق حد الاحصاء اذ في كل آن يفتقر جميع الاجزاء الى المدد منه تعالى، والخارجية غير محصاة اذ رزقك موقوف على الاشياء الكثيرة من السموات والكواكب وحركاتها وغير ذلك فلا بد من التصرف فيها لأجل كل نعمة نعمة، فلو حصل الصفاء التام للنفس من المناسك يكون ذكرها لله اشد، والا كذكر الاباء فالناسك اذا كان ناسكا في الحقيقة يحصل له احد الذاكرين لا محالة، ومن لا يحصل له لم يكن ناسكا لتخلف اثره وهو نورانية النفس، ثم بعد التذكر من كان ذكره لله لأجل الدنيا فلا نصيب له في الاخرة، ومن كان للدنيا والاخرة يكون لهم النصيب مما كسبوا، فدلت الآية الشريفة على ثبوت الملازمة بين التذكر للدنيا وحدها وعدم الخلاف والنصيب في الاخرة، وعلى ثبوت الملازمة بين تذكرهما واستدعائهما والنصيب في الاخرة، وبيان الاول ان الفيض يقتضى ان يعطى كل ذي حق حقه، ولما ان الارتباط ما لم يحصل والاستعداد لا يتم لا يصل الشيء الى الكمال المتوقع، فمن لا يذكر الله الا للدنيا فلا سنخية لها مع الدار الاخرة العالية والا كان متوجها اليها، اذ كل محب يتوجه الى محبوبه واذا لم يكن بينه وبين الاخرة علاقة فلا يصل اليها أي الى الدار الاخرة العالية، اذ في الافاضة يشترط حصول الاستعداد، ومن هنا ظهر سر الملازمة الاخيرة، اذ لما حصلت العلاقة والارتباط حصلت المحبة والتوجه والاستدعاء من الله وهو الفياض فيفيض على المستعد اذ بالأفعال والمناسك حصل الصفاء وبعد الصفاء استدعى الامرين لحصول الارتباط.
    ﴿فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ﴾، عطف نحو عطف التّفصيل على الإجمال باعتبار المعنى كأنّه قيل: النّاس في ذكر الله أصناف أو قائم مقام جزاء شرط محذوف كأنّه قال: وإذا ذكرتم الله فأخلصوا نيّاتكم عن طلب الدّنيا لأنّ ﴿فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا﴾، ولم يذكر المسئول للإشعار بأنّه من جنس الدّنيا فلا حاجة الى ذكره بخلاف المؤمن فانّه لا يطلب في الدّنيا الاّ ما هو مطلوب للآخرة ولذلك ذكر مطلوبه. اعلم انّ الدّنيا معبر الكلّ لا وقوف لأحد فيها قد وكّل الله على كلّ نفس جنودا كثيرة يعنفونه السّلوك الى الآخرة لا يدعونه يقف آنا واحدا في مقام، فالأحمق من يظنّ المقام فيها ويطلب من القادر الغنىّ ما يتركه ويذهب هو عنه فالطّلب للدّنيا من غاية العمى عنها وعن الآخرة، ولمّا كان النّاظر الى الدّنيا أعمى عنها وعن ذهابها عنه وكان لا يطلب فيها للآخرة شيئا وما يطلب للدّنيا لا يبقى معه فيخرج من الدّنيا صفر اليد من متاع الدّنيا والآخرة.
    ﴿وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ﴾، أي نصيب من الخير فانّه يستعمل في الخير.
    وقد ورد عَنْ‌ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ‌، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ‌)، فِي قَوْلِ اَللهِ‌، مِثْلَهُ سَوَاءً‌: ((أَيْ كَانُوا يَفْتَخِرُونَ بِآبَائِهِمْ‌، يَقُولُونَ‌: أَبِي اَلَّذِي حَمَلَ اَلدِّيَاتِ‌، وَاَلَّذِي قَاتَلَ كَذَا وَكَذَا. إِذَا قَامُوا بِمِنًى بَعْدَ اَلنَّحْرِ، وكَانُوا يَقُولُونَ أَيْضاً - يَحْلِفُونَ بِآبَائِهِمْ‌: - لاَ وأَبِي، لاَ وأَبِي)).
    [2]


    [1] سورة البقرة، الآية: 200.
    [2] تفسير العياشي، ج 1، ص 98.

المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X