[لقد كان الشيخ محمّد حسن صاحب الجواهر [١] يصر على الطلبة لديه بالتصريح بما يرد في أذهانهم من إشكالات في حلقة الدرس، ولهذا كانت حلقات درس المرحوم صاحب الجواهر جلسات بحث ومناقشة.
وفي أحد الأيام أنهى الأستاذ (صاحب الجواهر) الدرس ولكن لم يورد أي واحد من الطلبة إشكالا، فتعجب وقال: هل كان حديثي وحيًا منزلًا فلم يشكل عليه أحد؟
فرد بعض طلابه :
لقد كان البَراغيثُ[٢]كثيرة ليلة أمس فلم نستطع المطالعة لكثرتها.
فقال لهم الأستاذ الشيخ (صاحب الجواهر) :
أجل لقد كان البرغوث كثيرًا وكانت المطالعة عسيرة، ولكني كنت مجبرًا على التحضير لأن دوري لا يقتصر على الاستماع مثلكم بل علي أن ألقي الدرس ففكرت ما الذي أفعل، وتذكرت أنه توجد غرفة في السطح اتخذناها مخزناً، ففكرت بالذهاب لتلك الغرفة غير أنها كانت وسخة ويعلوها التراب لأنها كانت مهملة، ولذلك نزعت ملابسي واكتفيت بإزار، فحملت مصباحًا ثم دخلت المخزن وأوصدت الباب لئلا تدخلــه البراغيث ولكن المشكلة أن الغرفة لم تكن نظيفة، و
كان الجو حارًا، وهذا يعنـي أنها كانت موطنًا للحشرات الأخرى والصراصير التي كانت تسرح وتمرح على ظهري!
فكم من عالم فقيه ومؤلفًا لدينا كصاحب الجواهر الذي أنفق الأعوام الطويلة من عمره للعلم والتعليم و التأليف؟ إن الاكتفاء ببضعة دروس في اليوم الواحد لا يصنع عالمًا مثل صاحب الجواهر( رضوان الله عليه).][٣]
ــــــــــــــــــــــــ
[١]الشيخ محمّد حسن ابن الشيخ باقر بن عبد الرحيم النجفي المعروف بالشيخ (صاحب الجواهر).
ولد حوالي عام 1192ﻫ بمدينة النجف الأشرف.
تُوفّي(قدس سره) غرّة شعبان 1266ﻫ بالنجف الأشرف، ودُفن بمقبرته المجاورة لمسجده المشهور، وقبره معروف يُزار.
اُنظر :أعيان الشيعة 9/149.
[٢]بَرْغوث:-
جمع بَراغيثُ: (الأحياء) نوع من الحشرات، من صغار الهوامّ من فصيلة البُرْغوثيّات، عَضُوضٌ شديدُ الوَثْب، يمتصّ دمَ الإنسان والحيوان ويَنْقل إليه الأمراضَ الخبيثةَ :-البرْغوث حشرة صغيرة.
[٣] قصص وعبر (مخطوط)/ عادل آل جوهر .