في كلّ يوم تراها تكبر كزهرة تتفتح أوراقها لتستنشق عبير الحياة المقبلة عليها، يقفز قلبها فرحاً وهي تعطيها من دروس التقى والعفاف
والحشمة ما يحافظ عليها، تحوطها بقلبها، وترعاها، في أحد الأيام حدّقت الأم بابنتها وهي تستعد للخروج مع صديقاتها، فانتبهت إلى لون
حجابها الذي بدا زاهياً براقاً، فبادرتها قائلة: ما أجمل هذا الحجاب حبيبتي.
أجابت الابنة: نعم يا أمّي ألا تذكرينه؟ فأنتِ اشتريته لي حينما ذهبنا سوية إلى السوق وأصريتُ على شرائه، الأم: آه غاليتي.. نعم تذكرت،
وأتذكر حينها قلتُ لكِ أنه ينفع أن يُلبس في المناسبات النسائية فقط، ولا ينبغي أن يراه عليك الأجنبي، لأنه يجذب الأنظار.
الابنة: ولكن اليوم يختلف عن بقية الأيام، إنه عيد ميلاد صديقتي، وكلّ صديقاتي سيلبسنَ أجمل ما لديهنُّ، وأنا أريد أن أظهر بأبهى حُلّة.
الأم: ما أجملك صغيرتي وأنتِ محاطة بهالة من الجمال الرباني الذي أغدقه عليك ربّ العباد، وأنتِ تنتقين بذوقك الأخّاذ حجاب رأس يزيد ذلك
الجمال أضعافاً ويمتزج لون حجابك مع نور وجهك فيزهو كالقمر في ليلة تمامه.. نعم صغيرتي أنتِ أجمل ما في الكون، وأنا أخشى
عليك من عيون المتلصّصين، وعيون الحاسدين، فالبسي حجاباً بلون غامق لا يجذب إليك تلك العيون، وحينما تصلين إلى المكان
الذي ستلتقين فيه مع صديقاتك أبدلي حجابك وتزيّني بما بدا لك.
الزينة لا ينبغي إظهارها في الشارع أمام الأجانب، فهذه نعمة من الله يجب المحافظة عليها وأنت أهل لذلك غاليتي،
تألقي بحجابك وتأنقي بالحياء، أرخي على عينيك ستار الخفر، وارتجي من الكمال مغانمَ تسعدي،
قولي لقلبكِ: لا تمِل إلى الهوى، ابتغِ رضا الرحمان سعياً للسعادة والهناء، املأ عشق الإله شغافكَ، لا تشقى بهوى النّفس ففيها الرّدى.
الابنة: ما أجمل كلماتك أمي، لكن قلبي يقول: قولي لأمّك ما لها تنهاني فأنا خُلقت للحبّ والهوى؟
الأم: للقلب أوعية لغرام الله تعالى خُلقت فليس لمحبوب سواه محبة، فاملئيه برضا المعبود ينعم بالراحة والسرور، ولن يقبل دونه بديلاً.
تعليق