إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ﴾

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ﴾

    بِسْمِ اَللهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ

    اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد


    قال الله تعالى: ﴿هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ ۚ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ﴾.[1]
    الإتيان بحسب ما يراه الإنسان الغير محصن نفسه بالعقيدة الحقة، قد يتصور بأن الله عز وجل لديه قدمين يأتي ويروح بهما ويتنقل أينما شاء حاله كحال مخلوقيه، وهذا اعتقاد فاسد حمله المشركين بالله واهل الديانات المحرفة وأصحاب العقائد الفاسدة من المسلمين.
    وقد علمنا أنّ انتساب الحركات والحوادث والعوارض إلى الله سبحانه من المحال وتأبى عنها ذاته المطلقة المقدّسة الكاملة، ونعلم أيضا أنّ كلّ ما في الوجود فهو من آثار جوده، فلا استقلال لموجود في وجوده ولا في آثار وجوده، حيث إنّه لا مؤثّر في الوجود إلاّ الله ولا حول ولا قوة إلاّ بالله وقال تعالى: ﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللهَ رَمَى
    [2]، فنفى الحوادث والعوارض والأوصاف والانفعالات عنه، سبحانه، من جهة ما فيها من النقص والفقر والحدّ والعدّ، وانتسابها إليه كانتساب الخلق والرزق والرضا والغضب والرمي والإتيان الإنزال والإخراج و...من جهة ما فيها من الكمال والوجود والخير والنور، ولهذا قد يقدّر في كلامه تعالى ما ينبّه بتلك الجهة الكماليّة ويصرف المخاطب من قياس فعله تعالى بفعل غيره؛ كما روى عن أمير المؤمنين عليه السّلام في قوله تعالى: وَجاءَ رَبُّكَ وَاَلْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا قال: ((فَإِنَّ ذَلِكَ حَقٌّ كَمَا قَالَ اَللهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَيْسَ لَهُ جَيْئَةٌ كَجَيْئَةِ اَلْخَلْقِ))[3]، فالظاهر أنّ المراد بإتيان الله سبحانه إتيان أمره كما قال: ﴿أَتَى أَمْرُ اللهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ[4]، والتعبير بإتيان الله لاستعظام انتظارهم كما استعظم في سورة الأنعام: ﴿هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَۗ[5]، النظر هنا بمعنى الانتظار والترقب أي هل ينظرون والمادة واحدة وهي المعاينة فإن النظر الذي هو في مقابل الانتظار يكون بالفعل وبمعنى الانتظار يكون لما هو مستقبل و﴿ال‍ظُلَلٍ‌﴾، جمع ظلّة وهو ما غطى وستر من سحاب أو جبل أو غير ذلك، و﴿الْغَمَامِ﴾، هو السحاب الأبيض ومفاد الآية ان هؤلاء الذين يزلون عن الجادة وينحرفون عن الطريق المستقيم مع تهديد الله لهم ووعيده إيّاهم لا ينتظرون في الواقع - وان كان ليس في خيالهم ذلك - ﴿إِلَّا أَن يَأْتِيَهُمُ اللهُ﴾، أي يجيء عذابه وانتقامه بمثل قطع الغمام العظيمة التي تستر صفعا عظيما بسعتها فيهلكهم بذلك إهلاكا جماعيا لا يبقى ولا يذر، ويأتي الملائكة المؤتمرون بأوامره منفذين لما يريده بهؤلاء من تنكيل وتعذيب حتى يتمّ الأمر ويحق القضاء وينتهى ما يراد بهم من إيقاع وايجاع، ومآل الأمور كلها الى الله والمراد بذلك يوم القيامة وختم نشأة الدنيا بابتداء نشأة الآخرة وهَلْ‌ في مبتدأ الآية استفهام بمعنى النفي أي لا ينظرون الاّ. وكلّ مجرم وخاطئ ومرتكب خلاف الصحيح يعلم جزما ان لما ارتكبه أثرا وضعيا ولكن ما تسول به نفسه الفعلية تحول بينه وبين المستقبل وحتى لو كان قريبا جدّا ويكفينا شاهدا على ذلك ان الشابّ المغرور يرتكب من الشهوات ما يؤلمه ألما شديدا في المستقبل القريب ومع قرب الوقيعة به لا ينثني ولا يرعوي فكيف به مع العواقب التي يظنّها بعيدة عليه.
    وقد ورد عن عَلِيُّ بْنُ اَلْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَأَلْتُ اَلرِّضَا عَلِيَّ بْنَ مُوسَى (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) عَنْ قَوْلِ اَللهِ عَزَّ وجَلَّ: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّٰ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اَللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ اَلْغَمامِ واَلْمَلائِكَةُ. قَالَ: ((يَقُولُ: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اَللهُ بِالْمَلاَئِكَةِ فِي ظُلَلٍ مِنَ اَلْغَمَامِ، وهَكَذَا نَزَلَتْ. وعَنْ قَوْلِ اَللهِ عَزَّ وجَلَّ: وجاءَ رَبُّكَ واَلْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا. فَقَالَ: إِنَّ اَللهَ عَزَّ وجَلَّ لاَ يُوصَفُ بِالْمَجِيءِ واَلذَّهَابِ، تَعَالَى عَنِ اَلاِنْتِقَالِ، وإِنَّمَا يَعْنِي بِذَلِكَ: وجَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ واَلْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً))
    [6].



    [1] سورة البقرة، الآية: 210.
    [2] سورة الأنفال، الآية: 17.
    [3] التوحيد، ص 254.
    [4] سورة النحل، الآية: 1.
    [5] سورة الأنعام، الآية: 158.
    [6] تفسير البرهان، ج 1، ص 447.

المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X