تويت
بِسْمِ اَللهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ
اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد
اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد
قال الله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ﴾.[1]
توجه بعض الصحابة لرسول الله صلى الله عليه واله بعدة أسئلة كما في الآية الشريفة وكان آخرها ﴿وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ﴾
وقد ورد في تفسير «الدّر المنثور» في شأن نزول هذه العبارة من الآية عن ابن عبّاس أنّ المسلمين سألوا الرسول صلى الله عليه واله وسلّم عند نزول آيات الحثّ على الإنفاق: ماذا ينفقون؟ أينفقون كلّ أموالهم أم بعضها؟ فنزلت الآية لتأمر برعاية (العفو).
﴿قُلِ اَلْعَفْوَ﴾ وهو نقيض الجهد، وهو أن ينفق ما لا يبلغ إنفاقه منه الجهد واستفراغ الوسع، ومنه يقال للأرض السهلة: العفو. والمعنى: أن ينفق ما تيسّر له بذله، ولا يبلغ منه الجهد. فعَنْ عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ قَالَ: ((سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اَللهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ عَنْ قَوْلِهِ يَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ قُلِ اَلْعَفْوَ، قَالَ: اَلَّذِينَ إذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً، قَالَ نَزَلَتْ هَذِهِ بَعْدَ هَذِهِ هِيَ اَلْوَسَطُ)).[2] وعن أبي عبد الله عليه السّلام: ((أنّ العفو الوسط من غير إسراف ولا إقتار)). وعَنِ اَلْبَاقِرِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: ((اَلْعَفْوُ هَاهُنَا مَا فَضَلَ عَنْ قُوتِ اَلسَّنَةِ. قال: ونسخ ذلك بآية الزكاة)).[3]
وعن ابن عبّاس: (أنّ المراد بالعفو ما فضل عن الأهل والعيال).[4] وقيل: أفضل المال وأطيبه.
وروي أنّ رجلا أتى النبيّ صلّى الله عليه واله وسلّم ببيضة من ذهب أصابها في بعض المغانم، فقال: خذها منّى صدقة، فأعرض عنه، حتى كرّر عليه مرارا، فقال: هاتها مغضبا، فأخذها فخذفها خذفا لو أصابه لشجّه، ثمّ قال: يأتي أحدكم بماله كلّه يتصدّق به ويجلس يتكفّف الناس! إنّما الصّدقة عن ظهر غنى.
واعلم أنّ كلام الصادق عليه السّلام يدلّ على الالتزام بالأوساط في الإنفاق كلّه، واجبا كان أو مندوبا، صدقة وغيرها، وهو طريق السلامة والأمن من الإفراط والتفريط الموبقين.
وكلام الباقر عليه السّلام يدلّ على استحباب الصدقة بما فضل عن القوت، وبذلك وردت أخبار كثيرة ومرغبات عظيمة، حتى انّ زين العابدين عليه السّلام كان يتصدّق بفاضل كسوته.
وكلام ابن عبّاس يدلّ على كراهية الصدقة بما هو توسعة على العيال، ولذلك قال النبيّ صلى الله عليه واله: «لا صدقة وذو رحم محتاج». وعلى كراهية ما لم يبق غنى، فإن آل إلى الإعدام ولا كسب له ربما يصير حراما، خصوصا مع وجود العيال. والقول الرابع يدلّ على أنّه تستحبّ الصدقة بالمال اللذيذ والشهيّ.
وكذلك نقل عن الحسن المجتبى عليه السّلام أنّه كان يتصدّق بالسكّر، فقيل له في ذلك فقال: إنّي أحبّه، وقد قال الله تعالى: ﴿لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ﴾.[5]
أي أنفقوا الميسور والسهولة أي ما سهل وتيسّر ولم يشقّ عليك إنفاقه؛ فالعفو من المال ما يسهل إنفاقه، والجهد من المال ما يعسر إنفاقه والقدر السهل ما كان فاضلا عن حاجة نفسه وعياله ومن عليه مؤونته ولكن بشرط الاقتصاد.
قيل: إنّ السائل عمرو بن الجموح، حيث سأل أوّلا عمّا ينفق من الأموال، وعن مصرفه، ثمّ سأل عمّا ينفق من حيث المقدار والكمّيّة، فأجاب سبحانه بقوله: قُلِ اَلْعَفْوَ قيل: إنّه الزائد عمّا يحتاج إليه المنفق.
وقيل: أن ينفق ما يسهل ويتيسّر.
[1] سورة البقرة، الآية: 219.
[2] وسائل الشيعة، ج 21، ص 554.
[3] تفسير نور الثقلين، ج 1، ص 211.
[4] تفسير العياشي، ج 1، ص 106.
[5] سورة آل عمران، الآية: 92.
تعليق