الأحكام العملية لبناء الأُسرة
صيغة العقد :
أجمع العلماء على توقّف العقد على الإيجاب والقبول اللفظيين .
والإيجاب أن تقول الزوجة : ( زوَّجتُكَ وأنكَحتُكَ نفسي على المهر المعلوم ) .
والقبول أن يقول الزوج : ( قَبِلتُ التزويج ، أو قَبِلتُ النكاح ) .
ولا يكفي مجرد التراضي القلبي ، ولا الكتابة ، ولا الإشارة المفهِمة لمَن يستطيع النطق .
والعقد الصحيح يجب أن يكون باللغة العربية لمَن يتمكّن منها ، ويصح
بغير العربية لغير المتمكن منها (1) .
وفي عصرنا الراهن تعارف الناس على إجراء العقد من قِبل المأذون ، فتيسّر الأمر لجميع أبناء المجتمع .
الإشهاد في العقد :
الإشهاد في العقد سُنّة سنّتها الشريعة الإسلامية ، والتزم المسلمون بها ، وتوارثوها جيلاً بعد جيل ، وهي ليست شرطاً في صحة العقد (2) . سُئل الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ) : في الرجل يتزوج بغير بيّنة ، قال : ( لا بأس ) (3) . واستحباب الإشهاد والإعلان إنّما سُنَّ من أجل إثبات الأنساب ، والميراث ، وإيجاب النفقة ، ودرء الحدود ، وإزالة الشبهات (4) .
سُئل الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ) : عن الرجل يتزوج المرأة بغير شهود ، فقال ( عليه السلام ) : ( لا بأس بتزويج البتَّة فيما بينه وبين الله ، إنّما جُعل الشهود في تزويج البتَّة من أجل الولد ، لولا ذلك لم يكن به بأس ) (5) .
وقال أيضاً : ( إنّما جُعلت البيّنات للنسب والمواريث ) ، وفي رواية أُخرى ( والحدود ) (6) .
ـــــــــــــــــ
(1) جامع المقاصد 12 : 67 . والصراط القويم : 199 . ومنهاج الصالحين / السيد السيستاني ، المعاملات ، القسم الثاني : 16 ـ 30 .
(2) الانتصار : 281 . وجامع المقاصد 12 : 84 .
(3) الكافي 5 : 387 .
(4) المقنعة : 498 . وجواهر الكلام 29 : 40 .
(5) الكافي 5 : 387 / 1 .
(6) الكافي 5 : 387 .
شروط العقد الذاتية والإضافية :
1 ـ يشترط في صحة العقد رضا الزوجين واقعاً ، فلو تظاهرت الزوجة بالكراهة مع العلم برضاها القلبي صحّ العقد ، ولو تظاهرت بالرضا مع العلم بكراهتها واقعاً بطل العقد .
ولو أُكره الزوجان على العقد ، ثمّ رضيا بعد ذلك ، وأجازا العقد صحّ ، وكذلك الحال في إكراه أحدهما ، والأفضل إعادة العقد بعد الإجازة (1) .
2 ـ لا يشترط أن يكون المجري لصيغة العقد ذَكراً ، فيجوز للمرأة أن تكون مجريةً للعقد (2) ، ولكنّ ذلك مخالف للعرف ، فلم نسمع أنّ امرأةً قامت بذلك في مختلف المراحل الزمنية لمسيرة المسلمين .
3 ـ يجب الوفاء بالشروط الخارجة عن أصل العقد ، فإذا اشترط أحد الزوجين على الآخر شروطاً خارجة عن أصل العقد ، وجب الوفاء بها ، إن كانت شروطاً موافقة للشريعة ، ولا يبطل العقد بعدم الوفاء (3) .
سُئل الإمام الصادق ( عليه السلام ) عن ذلك فقال : ( يفي لها بذلك ) (4) .
وإن شرطت أو شرطا شرطاً يخالف الشريعة فلا يصح الشرط ، فلو شرطا عدم التوارث ، وعدم النفقة ، فالشرط باطل (5) ؛ لأنّه يخالف سنن التشريع .
ــــــــــــــــــــ
(1) منهاج الصالحين ، المعاملات : 20 .
(2) مهذّب الأحكام 24 : 226 .
(3) الجامع للشرائع : 443 .
(4) الكافي 5 : 402 / 2 .
(5) الجامع للشرائع : 442 . وجواهر الكلام 31 : 95 وما بعدها .
أولياء العقد :
لا يجوز للصغيرة العقد على نفسها إلاّ بإذن الأب والجد (1) ، ولا يجوز للبالغة البِكر غير الرشيدة أن تجري العقد إلاّ بإذنهما ، فإن عقدت بغير إذنهما خالفت السُنّة ، وكان العقد موقوفاً على إمضائهما (2) .
قال الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ) : ( لا تُزوج ذوات الآباء من الأبكار إلاّ بإذن آبائهنّ ) (3) .
فللأب والجد ولاية على الصغيرة والبالغة غير الرشيدة ، فهما أعرف منها بمصلحتها في اختيار الزوج والاقتران به ؛ للتجربة التي عايشاها ، ومعرفتهما بأحوال الناس ، ومدى أهليتهم للقيام بمسؤولية الأُسرة من الناحية المادية والمعنوية ، وللحيلولة دون انسياق الفتاة وراء المخادعين والمنحرفين من الرجال .
وقد تُرجّح ولاية الجد على ولاية الأب ، وإن سبق الأب إلى العقد لم يكن للجدّ اعتراض عليه (4) .
وإذا سبق أحدهما إلى العقد لم يكن للآخر فسخه (5) .
وتسقط الولاية في حالة منعهما البنت البالغة الرشيدة من الزواج بالأكفاء ، فلها الحقّ أن تجري العقد بغير إذن منهما ، ولم يكن لهما
ـــــــــــــــــ
(1) السرائر 2 : 560 . ونحوه في جواهر الكلام 29 : 174 . والصراط القويم : 201 .
(2) الكافي في الفقه : 292 . ونحوه في جواهر الكلام 29 : 182 ـ 183 .
(3) تهذيب الأحكام 7 : 379 .
(4) الانتصار : 287 . ونحوه في : جواهر الكلام 29 : 174 ، 209 .
(5) جامع المقاصد 12 : 103 . والكافي في الفقه : 292 .
الفسخ (1) .
ولا ولاية لأحد على غير الباكر ، ولكن يستحبّ لها أن تعقد بإذنهما (2) ، واستشارة الأب أو الجد ، وطلب إذنهما من القضايا المحبّبة لدى الشريعة ولدى العرف ؛ لأنّ الزواج هو تعميق للعلاقات الاجتماعية بين الزوج والزوجة وأرحامهما ، فليس من الحصافة أن تتزوج المرأة دون إذن من أبيها أو جدها أو كليهما ، وكذا الحال في الرجل .
سُئل الإمام الصادق ( عليه السلام ) عن زواج غير الباكر ، فقال : ( هي أملك بنفسها ، تولّي أمرها مَن شاءت إذا كان كفواً ، بعد أن تكون قد نكحت زوجاً قبل ذلك ) (3) .
ويجوز للباكر العقد على نفسها في حالة غيبة وليّها عنها (4) .
والغيبة هنا هي الغيبة الطويلة ، التي ينقطع بها الاتصال بين البنت وأبيها أو جدّها ، بحيث لا تستطيع الاستئذان ، ومثال ذلك ، سفر الولي إلى خارج البلاد ، أو فقده ، فليس من العقل أن تنتظر الفتاة وليّها المجهول الحال فترةً زمنية تضر بحالها ، وهي بحاجة إلى الزواج .
المحلّل والمحرّم في النكاح :
وضع الإسلام قيوداً في تحليل وتحريم النكاح ، منسجمةً مع الفطرة الإنسانية ، وطبيعة الأواصر الأُسريّة ، فحرّم النكاح من أصناف النساء
ــــــــــــــــ
(1) جامع المقاصد 12 : 127 . وجواهر الكلام 29 : 184 .
(2) الكافي في الفقه : 293 ، والوسيلة إلى نيل الفضيلة : 300 . ونحوه في جواهر الكلام 29 : 186 .
(3) مَن لا يحضره الفقيه 3 : 397 .
(4) الوسيلة إلى نيل الفضيلة : 299 .
والرجال ، قال تعالى : ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ ... ) (1) .
أَوّلاً : المحرّم بالنسب :
يحرم الزواج من الأصناف التالية من النساء من جهة الأنساب (2) :
1 ـ الأُمّ وإن علت كأُمّ الأُمّ .
2 ـ البنت وإن نزلت كبنت البنت .
3 ـ الأخت وبناتها وإن نزلنَ .
4 ـ العمّة والخالة وإن علتا كعمّة العمّة وخالة الخالة .
5 ـ بنات الأخ وإن نزلنَ .
لا تُحرم زوجة العمّ وزوجة الخال على ابن الأخ وابن الأخت في حال طلاقهما أو موتهما .
ولا يجوز للرجل أن يتزوج بنت أخت الزوجة ، أو بنت أخيها ، جمعاً بينهما وبين الخالة أو العمة إلاّ بإذنهما ، قال الإمام الباقر ( عليه السلام ) : ( لا تتزوج
ــــــــــــــــ
(1) سورة النساء : 4 / 23 .
(2) جامع المقاصد 12 : 188 .
على الخالة والعمّة ابنة الأخ وابنة الأخت بغير إذنهما ) (3) .
ويجوز للرجل أن يتزوج العمّة والخالة دون إذن ابنة أخيها وابنة أختها (2) .
ثانياً : المحرّم بالرضاع :
يحرم من الرضاع جميع ما يحرم من النسب (3) ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ) (4) .
حيث تصبح المرضِعة أُمّاً للرضيع ، وزوجها ـ صاحب اللبن ـ أباً له ، وإخوتهما أخوالاً وأعماماً له ، وأخواتهما خالات وعمات له ، وأولادهما إخوة له ، بعد توفر شروط التحريم من الرضاعة وهي (5) :
1 ـ أن تكون مدة الرضاعة يوم وليلة ، أو خمس عشرة رضعةً مباشرة من الثدي ، غير مفصولة برضاع آخر من مرضعة ثانية .
2 ـ أن يكون اللبن الذي يرتضعه الطفل منتسباً بتمامه إلى رجل واحد .
3 ـ عدم تجاوز الرضيع السنتين من العمر حال الرضاعة .
ولا يعتبر أخ وأُخت المرتضع أبناءً للمرتضِعة ، فيجوز لهما الزواج من
ـــــــــــــــــــ
(1) الاستبصار 3 : 177 . وجامع المقاصد 12 : 340 .
(2) الانتصار : 278 . وجامع المقاصد 12 : 340 .
(3) جامع المقاصد 12 : 196 . والمقنعة : 499 .
(4) المقنعة : 499 .
(5) جامع المقاصد 12 : 213 ـ 223 . وجواهر الكلام 29 : 264 وما بعدها . ومنهاج الصالحين ، المعاملات / القسم الثاني : 41 ـ 42 . والصراط القويم : 203 .
أبنائها وبناتها .
ثالثاً : المحرّم بالمصاهرة :
ذكرت الآية المتقدّمة حرمة الزواج من : زوجة الأب ، وزوجة الابن ، ومَن عقد على امرأة ودخل بها فلا تحلّ له ابنتها بنكاح أبداً (1) .
أمّا إذا لم يدخل بالأُمّ فيجوز له نكاح ابنتها ، وهو نصّ القرآن الكريم في الآية المتقدّمة ، وقال الإمام علي ( عليه السلام ) : ( إذا تزوج الرجل المرأة حرمت عليه ابنتها إذا دخل بالأُمّ ، فإذا لم يدخل بالأُمّ فلا بأس أن يتزوج بالابنة ) (2) .
وإذا عقد على البنت حرمت عليه أُمّها ، سواء دخل بها أم لم يدخل ، قال الإمام علي ( عليه السلام ) : ( وإذا تزوج الابنة فدخل بها أو لم يدخل بها ، حرمت عليه الأُمّ ) (3) .
ومَن عقد على امرأة حرمت على ابنه ولم تحل له أبداً ، وكذلك تحرم معقودة الابن على الأب حرمةً دائمة ، ولا يشترط في جميع ذلك الدخول ، فمجرد العقد يؤدي إلى الحرمة (4) .
رابعاً : المحرّم بسبب تجاوز القيود الشرعية :
الزواج في الإسلام رابطة مقدّسة بين الرجل والمرأة ، وهو مقدمة
ــــــــــــــــــــ
(1) جامع المقاصد 12 : 282 . والمقنعة : 502 .
(2) تهذيب الأحكام 7 : 273 .
(3) المصدر السابق .
(4) المقنعة : 502 . وجواهر الكلام 29 : 350 وما بعدها .
لتعميق أواصر الإخاء والتآزر والتعاون بين الأُسر ؛ لذا حرّم الإسلام العلاقات الزوجية التي تؤدي إلى التنافر والتباغض ، مراعياً الفطرة الإنسانية وما ينسجم معها من علاقات .
فلو عقد الرجل على امرأة ذات زوج ، حرمت عليه أبداً ، إذا كان عالماً أنّها ذات زوج ، سواء دخل بها أم لم يدخل ، فلا يجوز له العقد عليها ثانية بعد طلاقها من زوجها أو بعد موته .
ولا فرق في ذلك بأن كانت في عصمة زوجها ، أو في عدّةٍ لها من طلاق أو موت .
أمّا إذا كان جاهلاً بأنّها ذات زوج ولم يدخل بها ، فإنّها تحلّ له بعد طلاقها من زوجها أو بعد موته ، أمّا إذا دخل بها فتحرم حرمةً أبدية (1) .
ومَن زنى بامرأة ذات زوج ، أو ذات عدّة حرمت عليه أبداً ، فلا يجوز له الزواج منها بعد الطلاق أو بعد إتمام العدّة (2) .
مراسيم الزواج :
من المتعارف عليه عند المسلمين ، هو إقامة مراسيم الزواج في اليوم الأَوّل ، من أيام البدء الفعلي للعلاقات الزوجية بالدخول إلى بيت الزوجية ، حيث يجتمع أهل الزوجين والأقارب والجيران والأصدقاء سويّةً ، وبذلك تتهيّأ الفرصة للتعارف ، وتمتين العلاقات الأُسريّة والاجتماعية ، ومن السُنّة
ـــــــــــــــ
(1) جامع المقاصد 12 : 306 . وتهذيب الأحكام 7 : 306 ـ 307 ، والانتصار : 264 . وجواهر الكلام 29 : 430 .
(2) جامع المقاصد 12 : 314 . وجواهر الكلام 29 : 430 . والانتصار : 262 ، 264 .
إقامة الوليمة في يوم الزفاف ، وجمع الإخوان على الطعام ، وإظهار المسرّة ، والشكر لله تعالى ، والحمد على نِعَمه (1) .
فحينما تزوج رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ميمونة بنت الحارث ، أَولَم عليها وأطعم الناس (2) ، ويستحب أن يكون الزفاف ليلاً ، عن الإمام الرضا ( عليه السلام ) أنّه قال : ( إنّ من السُنّة التزويج بالليل ؛ لأنّ الله عزَّ وجلَّ جعل الليل سكناً ، والنساء إنّما هنّ سكن ) (3) .
وقال الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ) : ( زفّوا عرائسكم ليلاً ، وأَطعموا ضحىً ) (4) .
ويستحبُّ للزوج أن يتجمّل ، ويتنظّف ، ويمسّ الطيب (5) .
ويستحبُّ تقديم شيء من المهر للزوجة ، قبل الدخول (6) ؛ فالعطاء يدخل السرور على المرأة في بداية حياتها الزوجية .
ويستحبّ أن يكون الزوجان على طهارة ، وأن يصليا ركعتين ، ثمّ يحمدا الله تعالى ، ويصليا على محمد وآله الطيبين الطاهرين (7) .
ـــــــــــــــــــ
(1) المقنعة : 515 .
(2) تهذيب الأحكام 7 : 409 .
(3) تهذيب الأحكام 7 : 418 . وجامع المقاصد 12 : 15 ـ 19 .
(4) تهذيب الأحكام 7 : 418 .
(5) المقنعة : 515 .
(6) الوسيلة إلى نيل الفضيلة : 298 .
(7) تهذيب الأحكام 7 : 410 .
وحثّ الإسلام على الابتداء بالدعاء ؛ ليكون أَوّل اتصال بين الزوج والزوجة اتصالاً معنوياً روحياً ، وليس مجرد اتصال بهيمي جسدي ، فيستحب الدعاء بإدامة الحب والود : ( اللهمّ ارزقني إلفَها وودّها ورضاها بي ، وأرضني بها ، واجمع بيننا بأحسن اجتماع ، وأيسر ائتلاف ، فإنّك تحبُّ الحلال وتكره الحرام ) (1) .
ويستحب الأخذ بناصيتها ، ويستقبل بها القبلة ، ويخلع خفّها ، ويغسل رجلها إذا جلست ، ويصب الماء في جوانب الدار (2) .
والالتزام بذلك يخلق جواً من الاطمئنان ، والاستقرار ، والهدوء ، في أَوّل خُطوات اللقاء ، ويدفع ما في نفس الزوجة من دواعي القلق والاضطراب ، خصوصاً وإنّ الزوجة تعيش في أَوّل يوم من حياتها الزوجية ، حالةً من الخوف والاضطراب النفسي ، فإذا شاهدت مثل هذه الأعمال من صلاة ودعاء ، فإنّها ستعيش في جوّ روحي يبدّد مخاوفها ويزيل اضطرابها ، ويستحب للرجل حين الجماع أن يدعو : ( اللهمّ ارزقني وَلداً ، واجعله تقياً زكياً ، ليس في خَلقه زيادة ولا نقصان ، واجعل عاقبته إلى خير ) (3) .
وهذا إيحاء للمرأة وللرجل بأنّ العلاقة الجنسية ليست مجرد إشباع للغريزة ، وإنّما هي مقدمة للإنجاب والتوالد ، حيث يبتدئ الجماع ( ببسم الله الرحمن الرحيم ) (4) ، فتكون ليلة الزفاف ليلةً مباركة بذكر الله تعالى .
ـــــــــــــــــــ
(1) تهذيب الأحكام 7 : 410 ، ومكارم الأخلاق : 208 . وجواهر الكلام 29 : 43 .
(2) الوسيلة إلى نيل الفضيلة : 313 . وجواهر الكلام 29 : 46 .
(3) تهذيب الأحكام 7 : 411 ، ومكارم الأخلاق : 209 .
(4) مكارم الأخلاق : 209 .
كراهية المباشرة في أوقات معيّنة :
يكره للزوج أن يباشر ويجامع زوجته في الأوقات التالية (1) .
1 ـ ليلة الهلال باستثناء هلال شهر رمضان .
2 ـ ليلة النصف من الشهر ، وليالي المُحاق .
3 ـ يوم الكسوف وليلة الخسوف .
4 ـ وقت الزلازل والرياح السود والصفر .
5 ـ ما بين طلوع الفجر والشمس .
6 ـ ما بين غروب الشمس ومغيب الشفق ، وما بعد الظهر .
7 ـ ليلة الأضحى ، وليلة النصف من شعبان .
8 ـ بين الأذان والإقامة .
كراهية المباشرة في أحوال معيّنة :
يكره للزوج مجامعة زوجته عرياناً ، وقائماً ، ومستقبل القبلة ومستدبرها ، وفي وجه الشمس إلاّ أن يرخي ستراً .
ويكره له أن يجامع زوجته قبل الاغتسال من احتلام له .
ويكره له أن يتكلم أثناء الجماع باستثناء الكلام بذكر الله تعالى (2) .
ويكره للرجل أن يجامع زوجته متخيّلاً امرأةً أخرى ، قال رسول
ــــــــــــــــــ
(1) الوسيلة إلى نيل الفضيلة : 313 . وجامع المقاصد 12 : 22 . وجواهر الكلام 29 : 61 .
(2) الوسيلة إلى نيل الفضيلة : 314 . وجواهر الكلام 29 : 60 .
الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( لا تجامع امرأتك بشهوة امرأة غيرك ، فإنّي أخشى إن قضي بينكما وَلد أن يكون مخنّثاً ، مؤنثاً ، مخبلاً ) (1) .
مستحبات المباشرة :
يستحبّ للرجل غضّ البصر ( ولا ينظرنَّ أحد في فرج امرأته ، وليغضّ بصره عند الجماع ، فإنّ النظر إلى الفرج يورث العمى في الولد ) (2) ، ويستحب له أن يذكر الله تعالى ، وأن يسأله أن يرزقه ذَكراً سوياً ، كما يستحب الغسل أو الوضوء بعد الجماع قبل أن يجامع مرةً أُخرى (3) .
وتستحب المداعبة والملاعبة (4) ؛ لأنّ ذلك يعمّق الود والحب ، وينقل الجماع من صورته البهيمية إلى صورة إنسانية ، تتناسب مع طبائع الإنسان وعواطفه وإحساساته .
المحرّم في المباشرة :
يحرم على الرجل الدخول بزوجته الصغيرة التي لم تبلغ تسع سنين ، قال الإمام محمد الباقر ( عليه السلام ) : ( لا يدخل بالجارية حتى يأتي لها تسع سنين أو عشر سنين ) (5) .
فإن دخل بها وأفضاها حرم عليه جماعها أبداً ، ووجب عليه دفع
ــــــــــــــــ
(1) مكارم الأخلاق : 209 . وجواهر الكلام 29 : 61 .
(2) مكارم الأخلاق : 209 .
(3) الوسيلة إلى نيل الفضيلة : 314 .
(4) مكارم الأخلاق : 212 .
(5) تهذيب الأحكام 7 : 391 .
الأرش ، والإنفاق عليها مدة حياتها (1) .
ويحرم جماعها وهي حائض (2) .
أحكام الجنابة :
يحرم على المجنب قراءة سور العزائم ، وهي السور التي فيها آيات السجدة الواجبة .
ويحرم دخول المساجد ، ووضع شيء فيها .
ويحرم مس كتابة المصحف ، ومس كل كتابة من أسماء الله تعالى . ويكره قراءة ما زاد على السبع آيات من القرآن ، ويكره للمجنب الأكل والشرب إلاّ بعد الوضوء ، أو بعد غسل اليدين والتمضمض وغسل الوجه (3) .
وتتحقّق الجنابة بالجماع بقذف أو دون قذف ، وبالقذف بغير جماع .
أحكام الحيض :
يحرم على الحائض قراءة سور العزائم ، ومس كتابة القرآن وأسماء الله تعالى ، ودخول المساجد ووضع شيء فيها .
ويبطل صوم الحائض ، ويجب عليها قضاء الصوم الذي فاتها في زمن حيضها ، ولا يجب عليها قضاء الصلاة ، إلاّ إذا حاضت بعد دخول الوقت ،
يتبع
تعليق