بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ التحريم/6. إذا كان الأطفال الأذكياء بحاجة إلى دقة واهتمام زائدين، وإذا كان الأطفال الأسوياء بحاجة إلى رعاية ومتابعة دائمتين، فكيف بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة؟ فهم إلى الرعاية أحوج وبالاهتمام أولى. كثيرة هي الحالات من ذوي الاحتياجات هذه، كما أنها متعددة الجوانب والأنواع والأسباب. ذوي الاحتياجات الخاصة من الاحتياجات الفكرية والذهنية، التقينا بالمشرفة التربوية في مراكز ومدارس إمداد الإمام الخميني في لبنان كافة، وهي المديرة لمركز الرعاية والتأهيل في النبطية التابع لجمعية إمداد الإمام الخميني الخيرية، والمتخصصة في التربية المختصة، الأخت شهناز حيدر، وهي أم، أيضاً، لهذه الحالة من الاحتياجات الخاصة، فكان هذا الحوار:
* أولاً: ما هي الإعاقة الفكرية؟ هل يمكن تعريفها؟
في الواقع، وردت تعريفات علمية عدة:
أ- هو نقص في القدرات الذهنية قياساً لمعدل ذكاء الطفل الطبيعي، تطور الذكاء عندهم يتراوح ما بين 70 75 % هؤلاء عندهم تأخر عقلي أما عندما تكون نسبة الذكاء أقل نقول عندهم تخلف عقلي.
ب- نقص في القدرات أي المهارات المعرفية التي تنقسم إلى ستة معايير هي: الإصغاء، المحادثة، القراءة، الكتابة، الرياضيات، التعلم.
عندما نجد أن القدرة على القيام بهذه المهارات ضعيفة أو قليلة أو معدومة نستطيع تشخيص أو تحديد نسبة التخلف. فالمبدأ العام ليس ما يتعلق بالتعلم الدراسي هو التخلف بل هذا يندرج تحت عنوان القدرات التعليمية فقط، لأننا قد نجد حالة لديها تقصير أو تأخر دراسي إعاقات تعليمية فيما تكون المهارات المعرفية سليمة مئة بالمئة.
* من الطبيعي أن تكون لهذه الإعاقات درجات أو مستويات، فما هي أنواع هذه الإعاقات ودرجاتها؟
الإعاقات عموماً عديدة، فهي إعاقات جسدية وأخرى عقلية، وأخرى مركَّبة، فالإعاقات الجسدية إما إعاقات حسيَّة مرتبطة بالحواس فقدان البصر، السمع..، وإما إعاقات حركية في أعضاء الجسد شلل، تشوهات خلقية... أما الإعاقات العقلية فهي ما عرَّفناه من ضعف في الإدراك، وهناك إعاقات مركَّبة جسدية فكرية. وأما مستويات الإعاقة الفكرية فهي ثلاثة: خفيفة، متوسطة، وشديدة، وكل فئة لها حيثيات للتعاطي معها. فالحالات الشديدة قد نجد فيها حالات OTIS أي التوحد، وهي من الحالات الصعبة جداً والعمل على وضع برامج لها صعب ويحتاج إلى اختصاص خاص يمتاز صاحبها بالانطواء على الذات ولا يعرف الأنا ولا الآخر وهو بالتالي غير متكيف مع ذاته أو مع المحيط الآخر، من بشر ومادة تقنيات وغيرها. وإن كانت هذه الحالات قليلة إلاَّ أن التطرق للعمل معها قليل أيضاً إذ لا يوجد في لبنان سوى مركز واحد للتوحد وعندما بدأت الأعداد تتزايد بدأت الجمعية العمل على هذه الحالة.
* هل من توضيح حول الإعاقتين الأخريين وكيفية التعاطي معها؟
في السالف كان التعاطي مع صاحب الإعاقة البالغة الشديدة أو العميقة والإعاقة المتوسطة يقتصر على الإيواء فقط في المصح ولم يكن هناك برامج لتطوير قدراتهم الفكرية. لكن منذ عشر سنوات تقريبا بدأت المؤسسات تعمل على إيجاد برامج لهذه الحالات ولذا بدأنا نشهد تقديم خدمات لا يستهان بها.
* ما هي أسباب هذه الإعاقات؟ وراثية؟ جهل؟ إهمال؟... وكيف يمكن الوقاية منها؟
هناك أسباب متعددة لها:
أولاً: الوراثة وهذا واضح.
ثانياً: أسباب عضوية مثل تناول الكحول والعقاقير الطبية غير المناسبة أو في غير محلها والتي تؤدي إلى تشوهات خُلقية وخلقية أثناء تكون الجنين.
ثالثاً: سوء التغذية، أو عدم تآلف الدمين عند الوالدين.
رابعاً: هناك أسباب، غير علمية، أو غير ظاهرة أو معلومة أسباب غير مادية ولكنها مؤكدة من قِبَل المعصومين عليهم السلام. فالله تعالى لا يريد النقص أو التشوهات لأحد فقد قال وهو أصدق القائلين: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾.
: .
أما بالنسبة لسبل الوقاية، فمن خلال ذكر أسباب هذه الحالة يمكن تحديد سبل الوقاية:
أ- إجراء فحوصات مخبرية قبل الزواج، ثم العودة إلى العائلة إذا كان فيها مثل هذه الحالة وإجراء فحوصات للجنين.
ب- الجانب الآخر هو الجانب الروحي وهو الالتزام بالمستحبات بعد الواجبات في العلاقات الزوجية الجماع خصوصاً عند انعقاد النطفة، فهناك بعض الحالات التي تكره فيها المباشرة الزوجية أو تحرم أو تستحب أوقات وأوضاع وحالات من بعض الأيام الفلكية
* إذا وجدت الحالة، فما هي العلاجات، ومن يحددها؟
نحن نحدد الحالة فيما إذا كانت ترتبط فيها مشاكل طبية صحية مثلاً فيجب متابعتها مع الطبيب المختص. وهناك مثلاً مشاكل أخرى ناتجة عن التأخر الفكري كما في مشاكل النطق التي لا تكون ناتجة عن إعاقة حسية يعني الطفل ليس أبكماً فهذه حالة ناتجة عن الضعف الذهني وعلاجها يكون تربوياً وليس عضوياً، لذا ينبغي تأمين معالج نطق وبعد تقويم حالته يتابع تعليمه القراءة والكتابة وغيرهما. من هنا نقول انه يجب تشخيص الحالة ومستوى الإعاقة وشكلها ومشاكلها، فإذا كان هناك مثلاً عدم توازن في أعضاء الجسد هذا يمنعه من الانخراط في البرامج الرياضية للمدرسة، وهنا ينبغي تأمين علاج فيزيائي. أما العلاجات التربوية وهي العبارة المناسبة تماماً للحالة، فكل حالة لها علاج مختلف وذلك يتم بعد تحديد قدراتها فنقول: إن هذه الحالة تحتاج إلى علاج طبي، سلوكي، انشغالي، تربوي، نفسي.
والذي يحدد الحالة ونوعها هو فريق متكامل يسمى "حلقة التشخيص التكاملي" عبر ملء استمارات تتضمن معلومات كاملة عن الحالة ثم وضع الخطة المناسبة لها:
أ- العائلة الأم والأب، حالته المنزلية مع والديه وأخوته ونفسه.
ب- البيئة والمجتمع الذي يتحرك فيه، يخرج إليه، يلعب معه أم لا.
ج- الباحث النفسي.
د- المربي المختص.
هـ- الباحث الاجتماعي.
و- الطبيب المختص.
ز- الإدارة.
فالمربي ينفّذ الخطة في المدرسة ويطلب إلى الأهل تنفيذ البرامج المطلوبة في البيت والمتفق عليها في المدرسة حتى تكون العملية التربوية ضمن خطين متوازيين متكاملين لنجاح الهدف.
* كيف ينبغي التعامل مع هذه الإعاقة؟
في البداية ملاحظة عامة: أن التسمية المطلوبة والصحيحة هي "ذوي الاحتياجات الخاصة" وليست معاق أو منغولي. فلفظة منغولي هي اسم بلد له سمات معينة وهي لا تدل على هذه الحالة اطلاقاً أما تشخيص الحالة فهي Down cyndrom أو متلازمة داون وهي عبارة عن نقص في Chromosome أو زيادة فيه وقد اكتشفها داون. وما يُعرف بصاحب الملامح المخفضة على أساس شكله الخارجي المختلف عن الآخرين، فالطفل صاحب هذه الحالة يعرف أنها صفة ونعت له وهو يفهمها ويدرك أنها تقال له في أوقات معينة فتحدث أثراً سلبياً ينعكس عليه لذا ينبغي الحذر وعدم إطلاقها احتراماً له.
أما التعامل مع هذه الفئات فهو عند:
أ- الأهل: على الأهل أولاً أن يتعاطوا بقبول هذه الحالة وقناعة بها لأنهم إذا لم يقتنعوا أو يقبلوا بحالة ولدهم معناه أنهم يرفضون إرساله إلى مؤسسة ويحرمونه من تلقي البرامج الخاصة به وبالتالي فرصة الدمج الاجتماعي بشكل طبيعي. ولو تأخر هذا القبول لهذا الواقع فعليهم اعتباره عطاءً من الله تعالى لا يمكن رده.
وثانياً: عليهم معرفة أن هذه الحالة لا يمكن أن تختفي في وقت قريب فهو ليس مرضاً قابلاً للشفاء بل البحث عن المكان المناسب لقدراته واحترام حالته ووضعه في مركز مختص لتكون له الفرصة لتطوير قدراته مع العلم بعدم اختفاء هذه الحالة من حياته.
ب- المجتمع: تعاطي المجتمع ينقسم إلى أربعة أنواع:
نوع لا يعرف شيئاً عن هذه الحالات، فإذا شاهدها تجاهلها تماماً، نوع يعرفها ويتعامل معها بسخرية واحتقار ودونية، ونوع يتعامل معها بشفقة، ونوع رابع وهو الذي عنده مثل هذه الحالات ويعرف كيفية التعامل فيحترمها لأنه يمتلك الوعي والمعرفة بها إلى حدٍ ما. وهنا نحن نطالب المجتمع بالنظر إلى هؤلاء الأشخاص على أنهم بشر لهم حق الاندماج الاجتماعي، فعلى الآخرين تقبله واحترامه ومساعدته لأنه لا يعرف متى تصيبه مثل هذه الحالة أو توجد عنده في بعض أولاده. لذا من الإنسانية أن نساعدهم في تطويرهم المهني أيضاً لأن أصحاب المحال والمتاجر قد يرفضون انخراطهم في سوق العمل بذريعة عدم قدرته أو سخرية الآخرين منه مع أنهم يعملون براتب أقل وتحت رعاية آخرين فأين فرص الحياة لهؤلاء؟
ج- تعامل الفرد مع نفسه:
هذا يعود إلى مستوى هذا التأخر، فالتأخر الشديد لا يستطيع ضمن الظروف المحيطة به التعاطي مع المجتمع أما المتوسط والخفيف فهو أسرع. والبيئة القريبة خاصة الأسرة هي التي تساهم في إعطاء فرصة للحالة، فمثلاً بعض الأسر ترفض أن يخرج الولد أمام المجتمع خوفاً من العار أو السخرية، فإذا ما ظهر فجأة فإنه سيُظهر إعاقة أكثر لأنه لا يملك التجربة وهذا ما يعرف بالإعاقة الاجتماعية. والجانب الآخر إذا كان محيطه يساعده أو يتقبله فإذا خرج الولد وقوبل بالسخرية والاستهزاء فانه سينطوي على نفسه أو تزداد حاله سوءاً وتأخراً. والأهل هم المعنيون بالدرجة الأولى لأنهم وحدهم القادرون على فرض احترامه على الآخرين، وهذه ضمن تجربة خاصة، فعندما حاول صاحب المحل إعطاء ولدي صاحب الحالة الحاجيات مجاناً بداعي الشفقة رفضت وأقنعته بأن يتعامل معه كغيره وهكذا باقي المحيط. وهنا يجب أن تتظافر الجهود بين الأسرة والمجتمع والمدرسة لمساعدته على الدمج الاجتماعي.
د- الجهة أو المؤسسة التي ستعمل مع هذه الحالة: بالنسبة للمؤسسة التي ستعمل مع هذه الحالة فإنها ستجري اختباراً لتحديد قدراته العقلية وقلنا في التعاطي مع الحالة إن هناك فريقاً يقوم بتحديد الحالة وتشخيصها ومن ثمَّ يتحول إلى مجموعة عمل مناسبة لعمره الذهني وليس الزمني. وعلى المهتمين مربين ومربيات أن يتعاملوا معه على انه إنسان والانطلاق من احترام قدراته وما يمتلك من قدرات ومهارات يمكن تطويرها حتى الجسدية منها المستمدة من الدماغ كما تقدم.
والمدرسة عادة قادرة على وضع برامج خاصة بمساعدة المشرفين والتربويين فهناك خمس برامج أساسية هي على نحو الإيجاز:
1- برنامج التدخل المبكر وفق معايير علمية وهذا يتطلب إدخال الأولاد في وقت مبكر السنة الأولى وإلاَّ تضطر المدرسة إلى إعادته إلى الوراء.
2- البرنامج التربوي: وهو تقويم السلوك وتعليمه مهارات السلوك الجلوس، تناول الطعام، المشي... حتى لا يكون نافراً اجتماعياً.
3- البرنامج التعليمي: لأنه قادر على التعلم بمستوى قدراته لكي يستفيد فيما بعد من المهن التي يمكن تعلمها.
4- البرنامج المهني: التأهيل المهني عندما يصل إلى سن الرابعة عشرة وهو غير قادر على متابعة التحصيل الأكاديمي فيحول إلى البرامج المهنية، وهذا يتوقف على البرامج السابقة.
5 - مرحلة الاكتفاء الذاتي: وهي القيام بعمل تنفيذي وهي مهنة معينة حسب قدراته والمهنة بالنسبة لهذه الحالة هي في ورش محمية ومرافق مختصة أو في محال ضمن المجتمع.
* هل من أجهزة أو وسائل خاصة لمساعدة هذه الحالة؟
سؤال مهم، فالأهل يعتبرون أنه كما أن المريض يشفى من الدواء كذلك صاحب الاحتياجات الخاصة، وهذا الخطأ شائع، فحتى صاحب الاحتياجات الجسدية الإعاقة الحركية فإن استخدام الآلة ضمن شروط ولمدة زمنية محددة. أما الإعاقات العقلية فالأهل يظنون أن كمية الألعاب هي التي تعطي القدرات للطفل، وهذه فكرة خاطئة، لأن كل المفردات الموجودة حولنا في البيت، في الشارع، في المدرسة... هي وسائل تربوية للطفل شرط أن نعرف كيف نقدم هذه المادة. ملاقط الغسيل تستخدم لتمييز الألوان والأعداد.. وحتى تمرين عضلات الجسد بالضغط عليها، الأوعية البلاستيكية بوضعها داخل بعضها وترتيبها الصغيرة داخل الكبيرة، هذا الترتيب المنطقي.. وهذا يتم بمساعدة وتوجيه المختصين. وخلاصة القول: إن الأولاد لا يحتاجون إلى ألعاب مجهزة تقنياً، فهذه إن وُجدت فهي خير وإلاَّ فلا يمكن حرمان الطفل من النمو التربوي عندها من الواجب الالتفات إلى كل المفردات الموجودة حولنا وتحويلها إلى وسائل تربوية، حتى الصحف القديمة وإطارات السيارات وغيرها
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ التحريم/6. إذا كان الأطفال الأذكياء بحاجة إلى دقة واهتمام زائدين، وإذا كان الأطفال الأسوياء بحاجة إلى رعاية ومتابعة دائمتين، فكيف بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة؟ فهم إلى الرعاية أحوج وبالاهتمام أولى. كثيرة هي الحالات من ذوي الاحتياجات هذه، كما أنها متعددة الجوانب والأنواع والأسباب. ذوي الاحتياجات الخاصة من الاحتياجات الفكرية والذهنية، التقينا بالمشرفة التربوية في مراكز ومدارس إمداد الإمام الخميني في لبنان كافة، وهي المديرة لمركز الرعاية والتأهيل في النبطية التابع لجمعية إمداد الإمام الخميني الخيرية، والمتخصصة في التربية المختصة، الأخت شهناز حيدر، وهي أم، أيضاً، لهذه الحالة من الاحتياجات الخاصة، فكان هذا الحوار:
* أولاً: ما هي الإعاقة الفكرية؟ هل يمكن تعريفها؟
في الواقع، وردت تعريفات علمية عدة:
أ- هو نقص في القدرات الذهنية قياساً لمعدل ذكاء الطفل الطبيعي، تطور الذكاء عندهم يتراوح ما بين 70 75 % هؤلاء عندهم تأخر عقلي أما عندما تكون نسبة الذكاء أقل نقول عندهم تخلف عقلي.
ب- نقص في القدرات أي المهارات المعرفية التي تنقسم إلى ستة معايير هي: الإصغاء، المحادثة، القراءة، الكتابة، الرياضيات، التعلم.
عندما نجد أن القدرة على القيام بهذه المهارات ضعيفة أو قليلة أو معدومة نستطيع تشخيص أو تحديد نسبة التخلف. فالمبدأ العام ليس ما يتعلق بالتعلم الدراسي هو التخلف بل هذا يندرج تحت عنوان القدرات التعليمية فقط، لأننا قد نجد حالة لديها تقصير أو تأخر دراسي إعاقات تعليمية فيما تكون المهارات المعرفية سليمة مئة بالمئة.
* من الطبيعي أن تكون لهذه الإعاقات درجات أو مستويات، فما هي أنواع هذه الإعاقات ودرجاتها؟
الإعاقات عموماً عديدة، فهي إعاقات جسدية وأخرى عقلية، وأخرى مركَّبة، فالإعاقات الجسدية إما إعاقات حسيَّة مرتبطة بالحواس فقدان البصر، السمع..، وإما إعاقات حركية في أعضاء الجسد شلل، تشوهات خلقية... أما الإعاقات العقلية فهي ما عرَّفناه من ضعف في الإدراك، وهناك إعاقات مركَّبة جسدية فكرية. وأما مستويات الإعاقة الفكرية فهي ثلاثة: خفيفة، متوسطة، وشديدة، وكل فئة لها حيثيات للتعاطي معها. فالحالات الشديدة قد نجد فيها حالات OTIS أي التوحد، وهي من الحالات الصعبة جداً والعمل على وضع برامج لها صعب ويحتاج إلى اختصاص خاص يمتاز صاحبها بالانطواء على الذات ولا يعرف الأنا ولا الآخر وهو بالتالي غير متكيف مع ذاته أو مع المحيط الآخر، من بشر ومادة تقنيات وغيرها. وإن كانت هذه الحالات قليلة إلاَّ أن التطرق للعمل معها قليل أيضاً إذ لا يوجد في لبنان سوى مركز واحد للتوحد وعندما بدأت الأعداد تتزايد بدأت الجمعية العمل على هذه الحالة.
* هل من توضيح حول الإعاقتين الأخريين وكيفية التعاطي معها؟
في السالف كان التعاطي مع صاحب الإعاقة البالغة الشديدة أو العميقة والإعاقة المتوسطة يقتصر على الإيواء فقط في المصح ولم يكن هناك برامج لتطوير قدراتهم الفكرية. لكن منذ عشر سنوات تقريبا بدأت المؤسسات تعمل على إيجاد برامج لهذه الحالات ولذا بدأنا نشهد تقديم خدمات لا يستهان بها.
* ما هي أسباب هذه الإعاقات؟ وراثية؟ جهل؟ إهمال؟... وكيف يمكن الوقاية منها؟
هناك أسباب متعددة لها:
أولاً: الوراثة وهذا واضح.
ثانياً: أسباب عضوية مثل تناول الكحول والعقاقير الطبية غير المناسبة أو في غير محلها والتي تؤدي إلى تشوهات خُلقية وخلقية أثناء تكون الجنين.
ثالثاً: سوء التغذية، أو عدم تآلف الدمين عند الوالدين.
رابعاً: هناك أسباب، غير علمية، أو غير ظاهرة أو معلومة أسباب غير مادية ولكنها مؤكدة من قِبَل المعصومين عليهم السلام. فالله تعالى لا يريد النقص أو التشوهات لأحد فقد قال وهو أصدق القائلين: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾.
: .
أما بالنسبة لسبل الوقاية، فمن خلال ذكر أسباب هذه الحالة يمكن تحديد سبل الوقاية:
أ- إجراء فحوصات مخبرية قبل الزواج، ثم العودة إلى العائلة إذا كان فيها مثل هذه الحالة وإجراء فحوصات للجنين.
ب- الجانب الآخر هو الجانب الروحي وهو الالتزام بالمستحبات بعد الواجبات في العلاقات الزوجية الجماع خصوصاً عند انعقاد النطفة، فهناك بعض الحالات التي تكره فيها المباشرة الزوجية أو تحرم أو تستحب أوقات وأوضاع وحالات من بعض الأيام الفلكية
* إذا وجدت الحالة، فما هي العلاجات، ومن يحددها؟
نحن نحدد الحالة فيما إذا كانت ترتبط فيها مشاكل طبية صحية مثلاً فيجب متابعتها مع الطبيب المختص. وهناك مثلاً مشاكل أخرى ناتجة عن التأخر الفكري كما في مشاكل النطق التي لا تكون ناتجة عن إعاقة حسية يعني الطفل ليس أبكماً فهذه حالة ناتجة عن الضعف الذهني وعلاجها يكون تربوياً وليس عضوياً، لذا ينبغي تأمين معالج نطق وبعد تقويم حالته يتابع تعليمه القراءة والكتابة وغيرهما. من هنا نقول انه يجب تشخيص الحالة ومستوى الإعاقة وشكلها ومشاكلها، فإذا كان هناك مثلاً عدم توازن في أعضاء الجسد هذا يمنعه من الانخراط في البرامج الرياضية للمدرسة، وهنا ينبغي تأمين علاج فيزيائي. أما العلاجات التربوية وهي العبارة المناسبة تماماً للحالة، فكل حالة لها علاج مختلف وذلك يتم بعد تحديد قدراتها فنقول: إن هذه الحالة تحتاج إلى علاج طبي، سلوكي، انشغالي، تربوي، نفسي.
والذي يحدد الحالة ونوعها هو فريق متكامل يسمى "حلقة التشخيص التكاملي" عبر ملء استمارات تتضمن معلومات كاملة عن الحالة ثم وضع الخطة المناسبة لها:
أ- العائلة الأم والأب، حالته المنزلية مع والديه وأخوته ونفسه.
ب- البيئة والمجتمع الذي يتحرك فيه، يخرج إليه، يلعب معه أم لا.
ج- الباحث النفسي.
د- المربي المختص.
هـ- الباحث الاجتماعي.
و- الطبيب المختص.
ز- الإدارة.
فالمربي ينفّذ الخطة في المدرسة ويطلب إلى الأهل تنفيذ البرامج المطلوبة في البيت والمتفق عليها في المدرسة حتى تكون العملية التربوية ضمن خطين متوازيين متكاملين لنجاح الهدف.
* كيف ينبغي التعامل مع هذه الإعاقة؟
في البداية ملاحظة عامة: أن التسمية المطلوبة والصحيحة هي "ذوي الاحتياجات الخاصة" وليست معاق أو منغولي. فلفظة منغولي هي اسم بلد له سمات معينة وهي لا تدل على هذه الحالة اطلاقاً أما تشخيص الحالة فهي Down cyndrom أو متلازمة داون وهي عبارة عن نقص في Chromosome أو زيادة فيه وقد اكتشفها داون. وما يُعرف بصاحب الملامح المخفضة على أساس شكله الخارجي المختلف عن الآخرين، فالطفل صاحب هذه الحالة يعرف أنها صفة ونعت له وهو يفهمها ويدرك أنها تقال له في أوقات معينة فتحدث أثراً سلبياً ينعكس عليه لذا ينبغي الحذر وعدم إطلاقها احتراماً له.
أما التعامل مع هذه الفئات فهو عند:
أ- الأهل: على الأهل أولاً أن يتعاطوا بقبول هذه الحالة وقناعة بها لأنهم إذا لم يقتنعوا أو يقبلوا بحالة ولدهم معناه أنهم يرفضون إرساله إلى مؤسسة ويحرمونه من تلقي البرامج الخاصة به وبالتالي فرصة الدمج الاجتماعي بشكل طبيعي. ولو تأخر هذا القبول لهذا الواقع فعليهم اعتباره عطاءً من الله تعالى لا يمكن رده.
وثانياً: عليهم معرفة أن هذه الحالة لا يمكن أن تختفي في وقت قريب فهو ليس مرضاً قابلاً للشفاء بل البحث عن المكان المناسب لقدراته واحترام حالته ووضعه في مركز مختص لتكون له الفرصة لتطوير قدراته مع العلم بعدم اختفاء هذه الحالة من حياته.
ب- المجتمع: تعاطي المجتمع ينقسم إلى أربعة أنواع:
نوع لا يعرف شيئاً عن هذه الحالات، فإذا شاهدها تجاهلها تماماً، نوع يعرفها ويتعامل معها بسخرية واحتقار ودونية، ونوع يتعامل معها بشفقة، ونوع رابع وهو الذي عنده مثل هذه الحالات ويعرف كيفية التعامل فيحترمها لأنه يمتلك الوعي والمعرفة بها إلى حدٍ ما. وهنا نحن نطالب المجتمع بالنظر إلى هؤلاء الأشخاص على أنهم بشر لهم حق الاندماج الاجتماعي، فعلى الآخرين تقبله واحترامه ومساعدته لأنه لا يعرف متى تصيبه مثل هذه الحالة أو توجد عنده في بعض أولاده. لذا من الإنسانية أن نساعدهم في تطويرهم المهني أيضاً لأن أصحاب المحال والمتاجر قد يرفضون انخراطهم في سوق العمل بذريعة عدم قدرته أو سخرية الآخرين منه مع أنهم يعملون براتب أقل وتحت رعاية آخرين فأين فرص الحياة لهؤلاء؟
ج- تعامل الفرد مع نفسه:
هذا يعود إلى مستوى هذا التأخر، فالتأخر الشديد لا يستطيع ضمن الظروف المحيطة به التعاطي مع المجتمع أما المتوسط والخفيف فهو أسرع. والبيئة القريبة خاصة الأسرة هي التي تساهم في إعطاء فرصة للحالة، فمثلاً بعض الأسر ترفض أن يخرج الولد أمام المجتمع خوفاً من العار أو السخرية، فإذا ما ظهر فجأة فإنه سيُظهر إعاقة أكثر لأنه لا يملك التجربة وهذا ما يعرف بالإعاقة الاجتماعية. والجانب الآخر إذا كان محيطه يساعده أو يتقبله فإذا خرج الولد وقوبل بالسخرية والاستهزاء فانه سينطوي على نفسه أو تزداد حاله سوءاً وتأخراً. والأهل هم المعنيون بالدرجة الأولى لأنهم وحدهم القادرون على فرض احترامه على الآخرين، وهذه ضمن تجربة خاصة، فعندما حاول صاحب المحل إعطاء ولدي صاحب الحالة الحاجيات مجاناً بداعي الشفقة رفضت وأقنعته بأن يتعامل معه كغيره وهكذا باقي المحيط. وهنا يجب أن تتظافر الجهود بين الأسرة والمجتمع والمدرسة لمساعدته على الدمج الاجتماعي.
د- الجهة أو المؤسسة التي ستعمل مع هذه الحالة: بالنسبة للمؤسسة التي ستعمل مع هذه الحالة فإنها ستجري اختباراً لتحديد قدراته العقلية وقلنا في التعاطي مع الحالة إن هناك فريقاً يقوم بتحديد الحالة وتشخيصها ومن ثمَّ يتحول إلى مجموعة عمل مناسبة لعمره الذهني وليس الزمني. وعلى المهتمين مربين ومربيات أن يتعاملوا معه على انه إنسان والانطلاق من احترام قدراته وما يمتلك من قدرات ومهارات يمكن تطويرها حتى الجسدية منها المستمدة من الدماغ كما تقدم.
والمدرسة عادة قادرة على وضع برامج خاصة بمساعدة المشرفين والتربويين فهناك خمس برامج أساسية هي على نحو الإيجاز:
1- برنامج التدخل المبكر وفق معايير علمية وهذا يتطلب إدخال الأولاد في وقت مبكر السنة الأولى وإلاَّ تضطر المدرسة إلى إعادته إلى الوراء.
2- البرنامج التربوي: وهو تقويم السلوك وتعليمه مهارات السلوك الجلوس، تناول الطعام، المشي... حتى لا يكون نافراً اجتماعياً.
3- البرنامج التعليمي: لأنه قادر على التعلم بمستوى قدراته لكي يستفيد فيما بعد من المهن التي يمكن تعلمها.
4- البرنامج المهني: التأهيل المهني عندما يصل إلى سن الرابعة عشرة وهو غير قادر على متابعة التحصيل الأكاديمي فيحول إلى البرامج المهنية، وهذا يتوقف على البرامج السابقة.
5 - مرحلة الاكتفاء الذاتي: وهي القيام بعمل تنفيذي وهي مهنة معينة حسب قدراته والمهنة بالنسبة لهذه الحالة هي في ورش محمية ومرافق مختصة أو في محال ضمن المجتمع.
* هل من أجهزة أو وسائل خاصة لمساعدة هذه الحالة؟
سؤال مهم، فالأهل يعتبرون أنه كما أن المريض يشفى من الدواء كذلك صاحب الاحتياجات الخاصة، وهذا الخطأ شائع، فحتى صاحب الاحتياجات الجسدية الإعاقة الحركية فإن استخدام الآلة ضمن شروط ولمدة زمنية محددة. أما الإعاقات العقلية فالأهل يظنون أن كمية الألعاب هي التي تعطي القدرات للطفل، وهذه فكرة خاطئة، لأن كل المفردات الموجودة حولنا في البيت، في الشارع، في المدرسة... هي وسائل تربوية للطفل شرط أن نعرف كيف نقدم هذه المادة. ملاقط الغسيل تستخدم لتمييز الألوان والأعداد.. وحتى تمرين عضلات الجسد بالضغط عليها، الأوعية البلاستيكية بوضعها داخل بعضها وترتيبها الصغيرة داخل الكبيرة، هذا الترتيب المنطقي.. وهذا يتم بمساعدة وتوجيه المختصين. وخلاصة القول: إن الأولاد لا يحتاجون إلى ألعاب مجهزة تقنياً، فهذه إن وُجدت فهي خير وإلاَّ فلا يمكن حرمان الطفل من النمو التربوي عندها من الواجب الالتفات إلى كل المفردات الموجودة حولنا وتحويلها إلى وسائل تربوية، حتى الصحف القديمة وإطارات السيارات وغيرها