ورد أن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) إذا خرج حكم بحكم داوود لا يحتاج إلى بينة، بينما روي عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) قوله: إنما أمرت أن أقضي بالبينات.
فلماذا يعمل النبي وأهل البيت (عليهم السلام) بالبينات ولا يحتاج الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) لذلك؟
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
المقصود من حكم داوود (عليه السلام) والذي سيحكم به الإمام القائم (عجّل الله فرجه) إنما هو في خصوص الرسم الإجرائي وطريقة القضاء، وأمّا نفس الحكم فيكون بالأحكام الإسلامية لا غير، وليس في ذلك إشكالية كما قد يشيع البعض، فإن الكثير من فقهاء المسلمين يجيزون للقاضي أن يحكم بعلمه.
يقول السيد الخوئي (رحمه الله): كما أنَّ للحاكم أن يحكم بين المتخاصمين بالبيِّنة وبالإقرار وباليمين، كذلك له أن يحكم بينهما بعلمه. [مباني تكملة المنهاج للسيد الخوئي: ج1، ص12، مسألة 8]، وهو نفس المعنى الذي يذهب إليه الكثير من علماء العامة، قال محيي الدين النووي: وإذا علم القاضي عدالة الشاهد أو فسقه عمل بعلمه في قبوله وردِّه. [المجموع لمحي الدين النووي: ج20، ص162]
بطبيعة الحال يمكن أن نفهم الحكمة في هذا التفاوت من جهة الاختلاف الوظيفي بين ما هو ملقى على عاتق النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) والأئمة (عليهم السلام)، وبين الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، فإن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) إنما كان يحكم على ضوء البينات والإيمان لمصلحة اقتضت ذلك، لكونه (صلّى الله عليه وآله) في مرحلة التأسيس للمجتمع الإسلامي الذي يأتي من بعده، فلو حكم بعلمه الغيبي لاضطرب وضع قضاة المسلمين وعجزوا عن إدارة شؤونهم لافتقادهم هذه القدرة، وأمّا بالنسبة للإمام المهدي (عجّل الله فرجه) فلما كانت دولته هي آخر الدول ولأن تكليفه بإقامة العدل ظاهراً وباطناً، استلزم ذلك أن يحكم على ضوء ما يلهمه الله تعالى من العلم والوقائع على أن هذا الإجراء بذاته لا يعني التناقض مع الشريعة الإسلامية، بل ورد في عدة روايات أن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) قد قضى في بعض المرات بعلمه أيضاً وحكم بذلك، وإنما الذي منع من أن يكون ذلك هو الأمر السائد في زمن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) هو ما قدمناه من التعليل السابق.
فقد روى الحاكم النيسابوري عن ابن عباس: إن رجلاً ادعى عند رجل حقاً فاختصما إلى النبي (صلّى الله عليه وآله)، فسأله البينة، فقال: ما عندي بينة. فقال للآخر: احلف. فحلف فقال: والله ما له عندي شيء. فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): بل هو عندك، ادفع إليه حقه. [المستدرك على الصحيحين للحكام النيسابوري: ج4، ص96]
وكذلك ما رواه أحمد بن حنبل عن أبي نضرة، عن سعد بن الأطول أن أخاه مات وترك ثلاثمائة درهم وترك عيالاً، فأردت أن أنفقها على عياله، فقال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم): إن أخاك محبوس بدَيْنه، فاقض عنه. فقال: يا رسول الله فقد أديت عنه، إلّا دينارين ادَّعَتْهُما امرأة وليس لها بينة. قال: فاعطها فإنها محقة. [مسند أحمد بن حنبل: ج5، ص7]
وغير ذلك من الأحاديث الأخرى التي روتها أخبار العامة والخاصة والتي تنص على أن حكم النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) بعلمه لا يتناقض مع أصل التشريع الإسلامي، وإنما قد يقتضي الأمر هذا التطبيق دون الآخر بحسب المصلحة المتوخاة.
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)
#صاحب_الزمان #الموعود #القائم #المهدي #الحجة #المنتظر #أبا_صالح #المنقذ #المؤمل #بقية_الله #الإمام_المهدي
#مركز_الدراسات_التخصصية_في_الامام_المهدي عجّل الله فرجه
فلماذا يعمل النبي وأهل البيت (عليهم السلام) بالبينات ولا يحتاج الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) لذلك؟
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
المقصود من حكم داوود (عليه السلام) والذي سيحكم به الإمام القائم (عجّل الله فرجه) إنما هو في خصوص الرسم الإجرائي وطريقة القضاء، وأمّا نفس الحكم فيكون بالأحكام الإسلامية لا غير، وليس في ذلك إشكالية كما قد يشيع البعض، فإن الكثير من فقهاء المسلمين يجيزون للقاضي أن يحكم بعلمه.
يقول السيد الخوئي (رحمه الله): كما أنَّ للحاكم أن يحكم بين المتخاصمين بالبيِّنة وبالإقرار وباليمين، كذلك له أن يحكم بينهما بعلمه. [مباني تكملة المنهاج للسيد الخوئي: ج1، ص12، مسألة 8]، وهو نفس المعنى الذي يذهب إليه الكثير من علماء العامة، قال محيي الدين النووي: وإذا علم القاضي عدالة الشاهد أو فسقه عمل بعلمه في قبوله وردِّه. [المجموع لمحي الدين النووي: ج20، ص162]
بطبيعة الحال يمكن أن نفهم الحكمة في هذا التفاوت من جهة الاختلاف الوظيفي بين ما هو ملقى على عاتق النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) والأئمة (عليهم السلام)، وبين الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، فإن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) إنما كان يحكم على ضوء البينات والإيمان لمصلحة اقتضت ذلك، لكونه (صلّى الله عليه وآله) في مرحلة التأسيس للمجتمع الإسلامي الذي يأتي من بعده، فلو حكم بعلمه الغيبي لاضطرب وضع قضاة المسلمين وعجزوا عن إدارة شؤونهم لافتقادهم هذه القدرة، وأمّا بالنسبة للإمام المهدي (عجّل الله فرجه) فلما كانت دولته هي آخر الدول ولأن تكليفه بإقامة العدل ظاهراً وباطناً، استلزم ذلك أن يحكم على ضوء ما يلهمه الله تعالى من العلم والوقائع على أن هذا الإجراء بذاته لا يعني التناقض مع الشريعة الإسلامية، بل ورد في عدة روايات أن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) قد قضى في بعض المرات بعلمه أيضاً وحكم بذلك، وإنما الذي منع من أن يكون ذلك هو الأمر السائد في زمن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) هو ما قدمناه من التعليل السابق.
فقد روى الحاكم النيسابوري عن ابن عباس: إن رجلاً ادعى عند رجل حقاً فاختصما إلى النبي (صلّى الله عليه وآله)، فسأله البينة، فقال: ما عندي بينة. فقال للآخر: احلف. فحلف فقال: والله ما له عندي شيء. فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): بل هو عندك، ادفع إليه حقه. [المستدرك على الصحيحين للحكام النيسابوري: ج4، ص96]
وكذلك ما رواه أحمد بن حنبل عن أبي نضرة، عن سعد بن الأطول أن أخاه مات وترك ثلاثمائة درهم وترك عيالاً، فأردت أن أنفقها على عياله، فقال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم): إن أخاك محبوس بدَيْنه، فاقض عنه. فقال: يا رسول الله فقد أديت عنه، إلّا دينارين ادَّعَتْهُما امرأة وليس لها بينة. قال: فاعطها فإنها محقة. [مسند أحمد بن حنبل: ج5، ص7]
وغير ذلك من الأحاديث الأخرى التي روتها أخبار العامة والخاصة والتي تنص على أن حكم النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) بعلمه لا يتناقض مع أصل التشريع الإسلامي، وإنما قد يقتضي الأمر هذا التطبيق دون الآخر بحسب المصلحة المتوخاة.
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)
#صاحب_الزمان #الموعود #القائم #المهدي #الحجة #المنتظر #أبا_صالح #المنقذ #المؤمل #بقية_الله #الإمام_المهدي
#مركز_الدراسات_التخصصية_في_الامام_المهدي عجّل الله فرجه