تويت
بِسْمِ اَللهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ
اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد
اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد
قال الله تعالى: ﴿وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا ۚ قَالُوا أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ ۚ قَالَ إِنَّ اللهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ ۖ وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾.[1]
كما وصف تعالى الإنسان في بعض آيات الكتاب الكريم فقال: ﴿.. وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللهِ يَجْحَدُونَ﴾،[2] ففي حالات كثيرة يعترض على أوامر الله وأحكامه، وينسى أنه مخلوق من قبله وعلمه من علمه تعالى، وهو العليم الحكيم ولا يفعل عبثا حشا ذلك، فالمصلحة عنده وهو الذي يضع الأمور في مواضعها، وفي هذه الآية الشريفة صدر الاعتراض الواضح على التنصيب الإلهي لطالوت كي يكون ملكا عليهم ليقودهم للمعركة الحاسمة مع الطاغية جالوت، ودليل اعتراضهم أنه ليس غنيا ولا من سلالة الملوك.
وعليه فالظاهر من الآية الشريفة ان سلطنة طالوت سلطنة الهية وفي السلطنة الإلهية لا اعتناء بالكمالات الخارجية من قبيل المال او النسب اذا لم يرجع الى شرافة ذاتية بل كان من الشرافة الخارجية ككون الانسان ابن الملك، وانما يشترط في السلطنة الإلهية الارجحية من حيث الكمال الداخلي كالعلم و الشجاعة المستكشفة هنا بسعة الجسم والمشية هي الإرادة وهو العلم بالأصلح، أو اعتقاد النفع في غير الله، أو من مقدمات الإرادة العلم لا بالأصلح وتاليه، وعلى أي حال بدون كشف الصلاح لا تتحقق الإرادة ولا تتحقق المشية فلا يكون معنى ايتاء ملكه من يشاء أي سواء كان فيه الصلاح ام لا لتنافيه مع المشية، ومع الفقرة السابقة، اذ جعل المرجح الاصطفاء من حيث العلم والجسم ومع الفقرة اللاحقة أيضا وهو. قوله تعالى: ﴿..وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾، أي محيط بجميع الأشياء، فيعلم ان أي ملك فيه الصلاح، وحينئذ فالآية تدل على ان السلطنة الإلهية التي يجب على الناس اطاعة السلطان تقوم بالمصطفى من الناس بالصفات الداخلية التي هي صفات كمالية، وأعظمها العلم والشجاعة.
اذ معلوم ان عظمة الجثة لو لم تكن كاشفة عن صفة داخلية كمالية لا دخل لها بالسلطنة عند أحد، فكيف يجيب بها النبي قومه، وكيف لا يرد عليه بنو إسرائيل المعلوم حالهم في الجسارة مع الأنبياء وذلك حكم عقلي لبطلان الترجيح بدون المرجح. أو ترجيح المرجوح على الراجح من الله فالآية دالة على ثبوت الملازمة بين الرياسة الإلهية والأكملية على جميع الرعية وقد ذكرنا برهانها.
و توهم ان ذلك النبي كان افضل من طالوت و جعل الله السلطنة للطالوت، (مدفوع)بان ذلك النبي لو كان افضل يكون سلطانا على السلطان كسلطان السلاطين والمنصوب من قبله لا بد ان يكون ارجح من الكل، ولما ان النبي فان في الله فبعثه بعث الله؛ وحينئذ فدلالة الآية تكون أوضح اذ لو كان المنصوب من قبل السلطان لازما ارجحيته فمن قبل الله بدون الواسطة يكون لازما بالأولوية، ولم يكن افضل بل كان هذا النبي يعرفه الناس دون طالوت فلا ايراد أصلا، فثبت مما ذكر ان الإمامة غير قابلة الا للأرجح كمالا من الكل، وفي عصر نبينا(صلى الله عليه وآله)وبعده لما لم يكن من حيث العلم والشجاعة بل جميع الصفات الكمالية بمرتبة على امير المؤمنين عليه السّلام. أحد فيلزم ان يكون له السلطنة الإلهية.
وورد بهذا الخصوص ما عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ : ((فِي قَوْلِ اَللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ﴾ قَالَ لَمْ يَكُنْ مِنْ سِبْطِ اَلنُّبُوَّةِ وَلاَ مِنْ سِبْطِ اَلْمَمْلَكَةِ ﴿قَالَ إِنَّ اللهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ﴾ وَقَالَ ﴿إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ﴾ فَجَاءَتْ بِهِ اَلْمَلاَئِكَةُ تَحْمِلُهُ)).[3]
[1] سورة البقرة، الآية: 247.
[2] سورة الأنعام، الآية: 33.
[3] الكافي، ج 8، ص 316.
تعليق