بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد وآل محمد
لا بد أن نتعرف على النماذج القرآنية للشخصيات المنحرفة على طول التاريخ، ولا تهمنا الأسماء بقدر ما تهمنا الشخصيات والقيم والمثل التي كان يعتقد بها هؤلاء والتي أنتجت منهم هذه النماذج المنحرفة. ومن هذه الشخصيات:
الشخصية المتردة: وهي شخصية تفقد التوازن والثبات وليس لها قوام فكري، وهي ممن قال عنها سبحانه: (ارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ)، فتراها تبحث في بطون الكتب وتبحث ثم لا تصل إلى نتيجة، فهي قلقلت ومترددة فيما تأتي به الشريعة وهي متشتتة في فكرها وتكثر الجدل في المسائل الفرعية وهي غافلة عن الأصول والأساسيات. وكذلك هو حال من لا يبحث عن الأصول بحثا دقيقا، يبقى قلقا إلى آخر أيام عمره.
الشخصية الانتفاعية: وهي شخصية لا وفاء لها ولا يمكن الركون إليها والثقة بها لأنها تتبع مصلحتها أين ما كانت، فهو معك إن كنت تؤمن مصالحه وعليك إن أحس بأنك تعرض مصالحه إلى خطر، وهو قوله تعالى: (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ)
ويمكن اعتبار هؤلاء من شياطين الإنس ولعلهم أخطر من الشياطين الجن التي توسوس للإنسان من حيث لا يرون، بل إن هؤلاء يؤثرون على الإنسان من خلال المعاشرة ومن قرب وقد يجبروه على ارتكاب الحرام من حيث لا يريد.
الشخصية المتثاقلة إلى الأرض: إن صاحب هذه الشخصية مسلم يعتقد بالمثل والقيم والدار الآخرة، ولكنه ضعيف الإرادة ضعيف الهمة لا يرتقي في سلوكه عباديا ولا اجتماعيا، وليس له برنامج هادف في حياته، قد رضي بالحياة الدنيا وركن إليها ولزم الأرض، وقعد عن الجهاد بشقيه الأكبر والأصغر. وهؤلاء ممن قال عنهم الله سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ)
وكلمة (اثَّاقَلْتُمْ) فيها إشارة إلى هذه الحقيقة وهي: أن الأشياء تميل بطبيعتها إلى الانحدار والتسافل نحو الأرض تبعاً لقانون الجاذبية، وصعودها إلى الأعلى يحتاج إلى قوة دفع قوية، تخالف تلك الطبيعة.
ولو لم يقم الإنسان بفعل ثوري وانقلاب على نفسه وواقعه، فيستحول إلى عنصر من عناصر هذا الوجود الصماء، وسيكون من مصاديق قوله سبحانه: (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ)[٨]. ومن الغريب أن هذا الإنسان الذي خلقه الله تعالى في أحسن تقويم، وكرمه أحسن تكريم، وعلمه البيان؛ يتسافل إلى أسفل سافلين، ويتحول إلى دابة، وليس من عامة الدواب، وإنما من شر الدواب.
الشخصية الهلامية: وصاحبها لا تربطه بالله سبحانه علاقة وطيدة ثابتة، وهو كما أشار سبحانه: (حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ). فتراه يفزع إلى
الله سبحانه وتعالى في الملمات والنكبات وعلى أسرة المستشفيات وفي غرف الزنزانات لا باعتباره أنه الرب الذي يستحق العبادة كما قال أمير المؤمنين (ع): (إِلَهِي مَا عَبَدْتُكَ خَوْفاً مِنْ عِقَابِكَ وَلاَ طَمَعاً فِي ثَوَابِكَ وَلَكِنْ وَجَدْتُكَ أَهْلاً لِلْعِبَادَةِ فَعَبَدْتُكَ) وإنما باعتباره ملجأ ومنجى له من ورطه تلك.
وهذا التذبذب في الحياة أمر خطير جدا. فالحواريون الذين طلبوا المائدة السماوية من عيسى (ع) وأرادوا بذلك كرامة من الله وتميزا؛ هددهم الله سبحانه بعقاب أليم لم يسبق له مثيل. قال تعالى: (إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ * … قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ)
. وإذا فتح الله عز وجل لعبده بابا من أبواب القرب في ليالي القدر أو في مناجاة من مناجاته في شعبان عندما يطلب من ربه: (هب لي كمال الانقطاع إليك أو أجرى له دمعة في ليلة من الليالي التي يقيمها بالصلاة والعبادة ثم كفر بها وتجاوز الحد وظلم العباد وخرب البلاد؛ فلينتظر من الله عز وجل عقوبة تحل به. وكم هم الذين فتح الله لهم بابا من أبواب القرب ومن عليهم بحالات روحية متميزة ثم هوى كما هوى قارون حتى أصبح يتحدى الله والرسول، لأنه لم يقدر تلك النعمة التي منحها الله إياه.
الشخصية المنافقة أو المتلونة: وصاحبها يرى إقبالا في العبادة أمام الناس وتفتر عزيمته ويقل إقباله في المنزل حيث لا يراه أحد. فلا بد أن يكون في المسجد وفي إحياء جماعي حتى يتنشط للعبادة، والحال أن المؤمن هو ممن يخشى الله بالغيب. وإذا كان الإنسان يستأنس بذكر ربه؛ فما الفرق بين الخلوة والجلوة؟
وقد يصل المؤمن إلى درجة لا فرق فيها عنده في الإقبال على الله عز وجل سواء كان في بيت الله أو بيته..! وإن كانت بالطبع بعض الامتيازات والخصوصيات في الأماكن المقدسة؛ لأنه يعيش المعية الإلهية. وقد مدح الله سبحانه الذين يخشون بالغيب وقال لنبيه: (إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ)؛ أي إن أصحاب الشخصية المتلونة ممن له حالة في البحر تختلف عن حالته في البر لا يرتقي إلى مستوى خطاب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم ).
الشخصية التحريضية: وصاحب هذه الشخصية لا يحب السلام والأمن في المجتمع، ويكثر فيها الفساد، قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ)
الشخصية المرعوبة المرتبكة: وصاحب هذه الشخصية قلق خائف لا هدف له في الحياة، وإذا أراد أن يبرمج لنفسه انقلب الأمر عليه وقطع جذوره بيده من دون أن تشعر بذلك وهؤلاء هم الذين عناهم الله سبحانه بقوله: (فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ)
اللهم صلِ على محمد وآل محمد
لا بد أن نتعرف على النماذج القرآنية للشخصيات المنحرفة على طول التاريخ، ولا تهمنا الأسماء بقدر ما تهمنا الشخصيات والقيم والمثل التي كان يعتقد بها هؤلاء والتي أنتجت منهم هذه النماذج المنحرفة. ومن هذه الشخصيات:
الشخصية المتردة: وهي شخصية تفقد التوازن والثبات وليس لها قوام فكري، وهي ممن قال عنها سبحانه: (ارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ)، فتراها تبحث في بطون الكتب وتبحث ثم لا تصل إلى نتيجة، فهي قلقلت ومترددة فيما تأتي به الشريعة وهي متشتتة في فكرها وتكثر الجدل في المسائل الفرعية وهي غافلة عن الأصول والأساسيات. وكذلك هو حال من لا يبحث عن الأصول بحثا دقيقا، يبقى قلقا إلى آخر أيام عمره.
الشخصية الانتفاعية: وهي شخصية لا وفاء لها ولا يمكن الركون إليها والثقة بها لأنها تتبع مصلحتها أين ما كانت، فهو معك إن كنت تؤمن مصالحه وعليك إن أحس بأنك تعرض مصالحه إلى خطر، وهو قوله تعالى: (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ)
ويمكن اعتبار هؤلاء من شياطين الإنس ولعلهم أخطر من الشياطين الجن التي توسوس للإنسان من حيث لا يرون، بل إن هؤلاء يؤثرون على الإنسان من خلال المعاشرة ومن قرب وقد يجبروه على ارتكاب الحرام من حيث لا يريد.
الشخصية المتثاقلة إلى الأرض: إن صاحب هذه الشخصية مسلم يعتقد بالمثل والقيم والدار الآخرة، ولكنه ضعيف الإرادة ضعيف الهمة لا يرتقي في سلوكه عباديا ولا اجتماعيا، وليس له برنامج هادف في حياته، قد رضي بالحياة الدنيا وركن إليها ولزم الأرض، وقعد عن الجهاد بشقيه الأكبر والأصغر. وهؤلاء ممن قال عنهم الله سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ)
وكلمة (اثَّاقَلْتُمْ) فيها إشارة إلى هذه الحقيقة وهي: أن الأشياء تميل بطبيعتها إلى الانحدار والتسافل نحو الأرض تبعاً لقانون الجاذبية، وصعودها إلى الأعلى يحتاج إلى قوة دفع قوية، تخالف تلك الطبيعة.
ولو لم يقم الإنسان بفعل ثوري وانقلاب على نفسه وواقعه، فيستحول إلى عنصر من عناصر هذا الوجود الصماء، وسيكون من مصاديق قوله سبحانه: (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ)[٨]. ومن الغريب أن هذا الإنسان الذي خلقه الله تعالى في أحسن تقويم، وكرمه أحسن تكريم، وعلمه البيان؛ يتسافل إلى أسفل سافلين، ويتحول إلى دابة، وليس من عامة الدواب، وإنما من شر الدواب.
الشخصية الهلامية: وصاحبها لا تربطه بالله سبحانه علاقة وطيدة ثابتة، وهو كما أشار سبحانه: (حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ). فتراه يفزع إلى
الله سبحانه وتعالى في الملمات والنكبات وعلى أسرة المستشفيات وفي غرف الزنزانات لا باعتباره أنه الرب الذي يستحق العبادة كما قال أمير المؤمنين (ع): (إِلَهِي مَا عَبَدْتُكَ خَوْفاً مِنْ عِقَابِكَ وَلاَ طَمَعاً فِي ثَوَابِكَ وَلَكِنْ وَجَدْتُكَ أَهْلاً لِلْعِبَادَةِ فَعَبَدْتُكَ) وإنما باعتباره ملجأ ومنجى له من ورطه تلك.
وهذا التذبذب في الحياة أمر خطير جدا. فالحواريون الذين طلبوا المائدة السماوية من عيسى (ع) وأرادوا بذلك كرامة من الله وتميزا؛ هددهم الله سبحانه بعقاب أليم لم يسبق له مثيل. قال تعالى: (إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ * … قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ)
. وإذا فتح الله عز وجل لعبده بابا من أبواب القرب في ليالي القدر أو في مناجاة من مناجاته في شعبان عندما يطلب من ربه: (هب لي كمال الانقطاع إليك أو أجرى له دمعة في ليلة من الليالي التي يقيمها بالصلاة والعبادة ثم كفر بها وتجاوز الحد وظلم العباد وخرب البلاد؛ فلينتظر من الله عز وجل عقوبة تحل به. وكم هم الذين فتح الله لهم بابا من أبواب القرب ومن عليهم بحالات روحية متميزة ثم هوى كما هوى قارون حتى أصبح يتحدى الله والرسول، لأنه لم يقدر تلك النعمة التي منحها الله إياه.
الشخصية المنافقة أو المتلونة: وصاحبها يرى إقبالا في العبادة أمام الناس وتفتر عزيمته ويقل إقباله في المنزل حيث لا يراه أحد. فلا بد أن يكون في المسجد وفي إحياء جماعي حتى يتنشط للعبادة، والحال أن المؤمن هو ممن يخشى الله بالغيب. وإذا كان الإنسان يستأنس بذكر ربه؛ فما الفرق بين الخلوة والجلوة؟
وقد يصل المؤمن إلى درجة لا فرق فيها عنده في الإقبال على الله عز وجل سواء كان في بيت الله أو بيته..! وإن كانت بالطبع بعض الامتيازات والخصوصيات في الأماكن المقدسة؛ لأنه يعيش المعية الإلهية. وقد مدح الله سبحانه الذين يخشون بالغيب وقال لنبيه: (إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ)؛ أي إن أصحاب الشخصية المتلونة ممن له حالة في البحر تختلف عن حالته في البر لا يرتقي إلى مستوى خطاب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم ).
الشخصية التحريضية: وصاحب هذه الشخصية لا يحب السلام والأمن في المجتمع، ويكثر فيها الفساد، قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ)
الشخصية المرعوبة المرتبكة: وصاحب هذه الشخصية قلق خائف لا هدف له في الحياة، وإذا أراد أن يبرمج لنفسه انقلب الأمر عليه وقطع جذوره بيده من دون أن تشعر بذلك وهؤلاء هم الذين عناهم الله سبحانه بقوله: (فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ)
تعليق