بسم الله الرحمن الرحيم
ولله الحمد والصلاة والسلام على خير الخلق أجمعين محمد وآله الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
آداب الدعاء..
وضع الامام الصادق عليه السلام منهجاً خاصاً لآداب الدعاء، فعلى المسلم السير على ضوئه..
حيث جاء في منهاج الشريعة: قال الامام الصادق عليه السلام : «احفظ أدب الدعاء ، وانظر من تدعو ؟ كيف تدعو ؟ وحقّق عظمة الله وكبرياءه ، عاين بقلبك علمه بما في ضميرك ، واطّلاعه على سرّك ، وما يكون فيه من الحقّ والباطل ، واعرف طريق نجاتك وهلاكك ، كيلا تدعو الله بشيء عسى أن يكون فيه هلاكك ، وأنت تظنّ أنّ فيه نجاتك ، قال الله تعالى : «وَيَدعُ الإنسانُ بالشرِّ دُعاءَهُ بالخيرِ وكانَ الإنسانُ عجولاً» (الإسراء: 11) .
«وتفكّر ماذا تسأل ؟ وكم تسأل ؟ ولماذا تسأل ؟ والدعاء استجابة الكلّ منك للحقّ ، تذويب المهجة في مشاهدة الربّ ، وترك الاختيار جميعاً ، وتسليم الأمور كلّها ظاهراً وباطناً إلى الله تعالى ، فإن لم تأتِ بشرط الدعاء فلا تنتظر الإجابة فإنّه يعلم السرّ وأخفى ، فلعلّك تدعوه بشيء قد علم من سرّك خلاف ذلك» .
وعلّق على الحديث الشريف صاحب كتاب المراقبات الشيخ الميرزا التبريزي: والظاهر أنّ المراد بقوله : «استجابة الكلّ منك للحقّ» يعني يدعو الله جلّ جلاله إجابة لأمره ، حيث ندب عباده لدعائه في كتابه الكريم بقوله : «واسألوا الله» (النساء : 32) وبقوله : «فَليَستَجيبوا لي وَليُؤمِنوا بي» (البقرة : 186) بشرار وجوده .
وأمّا قوله : «في مشاهدة الرب» لعلّ وجهه أنّ الداعي لو لم يعرف المدعوّ لا يتحقّق دعاؤه ، ولعلّه لو لم يعرفه دعا غيره ، ويتخيّل أنّه دعا الله ، وهذا هو الأغلب في غير الكاملين من الداعين ، ومعرفته أن يكون معرفة حقيقيّة حتّى يشاهده بروحه وقلبه ، كما في دعائه عليه السلام : «اللهمّ نوّر ظاهرنا بطاعتك ، وباطننا بمعرفتك ، وقلوبنا بمحبّتك ، وأرواحنا بمشاهدتك» .
وأمّا قوله : «ترك الاختيار جميعاً» فالمراد منه أن يدعوه جلّ جلاله لمراده ولا يعيّن له طريقه وفرده ، مثلاً إذا أراد المال لا يعيّن عليه أن يعطيه من يد فلان أو شراء شيء ، أو بيع شيء ، إلا أن يكون هو أيضاً من أصل مراده ، أو يكون المراد أنّ الأصل في المرادات كلّها الخير والسعادة ، وأقصى كلّ خير وسعادة معرفة الله وقربه وجواره ، كما في قولهم : «يا غاية آمال العارفين» فليدع الداعي لكلّ مراداته ذلك ، ولا يختار السعادات المتفرّقة المتشتتة دونها ، فإن كان ما يعنيه للسعادة والخير موصلاً إلى هذه الغاية يعلمه الله ، وإلا فلا ثمرة في تعيينها بل قد يكون مضرّاً في الغاية القصوى من مراداته ، ولكن هذا مقام الكاملين من أهل المعرفة الذين أُشير إليهم في حديث المعراج بقوله : «وأستغرق عقله بمعرفتي ، وأقوم له مقام عقله» فيا له من مقام ما أعلاه وعلوّ ما أسناه .
ثمّ إذا قرأت الأدعية المأثورة ، فكن في قراءتك متفهّماً بما تقول ، متحقّقاً بحقائق ما تذكره في دعائك ، وإيّاك وإيّاك أن تواجه ربّك بدعوى كاذبة ، وإظهار ما لست عليه من أحوال العبوديّة ومراسم التضرّع والابتهال والمسكنة..
وضع الامام عليه السلام في هذا الحديث المناهج لآداب الدعاء التي منها أن يتأمل الداعي، ويفكر بوعي في عظمة من يدعوه، ويرجو منه أن يفيض عليه بقضاء حوائجه، وعليه أن يعرف أنه يدعو خالق الكون العالم بخفايا النفوس وأسرار القلوب، كما أن على السائل أن يتمعن في مسألته، وينظر في أبعادها، لكي لا يدعو بما فيه هلاكه، وكذلك عليه أن يسلّم جميع أموره ظاهرها وباطنها لله تعالى، من بيده العطاء والحرمان، وعلى الداعي أن يراعي بدقة هذه الآداب، فان أهملها فلا ينتظر الاجابة من الله تعالى..
ولله الحمد والصلاة والسلام على خير الخلق أجمعين محمد وآله الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
آداب الدعاء..
وضع الامام الصادق عليه السلام منهجاً خاصاً لآداب الدعاء، فعلى المسلم السير على ضوئه..
حيث جاء في منهاج الشريعة: قال الامام الصادق عليه السلام : «احفظ أدب الدعاء ، وانظر من تدعو ؟ كيف تدعو ؟ وحقّق عظمة الله وكبرياءه ، عاين بقلبك علمه بما في ضميرك ، واطّلاعه على سرّك ، وما يكون فيه من الحقّ والباطل ، واعرف طريق نجاتك وهلاكك ، كيلا تدعو الله بشيء عسى أن يكون فيه هلاكك ، وأنت تظنّ أنّ فيه نجاتك ، قال الله تعالى : «وَيَدعُ الإنسانُ بالشرِّ دُعاءَهُ بالخيرِ وكانَ الإنسانُ عجولاً» (الإسراء: 11) .
«وتفكّر ماذا تسأل ؟ وكم تسأل ؟ ولماذا تسأل ؟ والدعاء استجابة الكلّ منك للحقّ ، تذويب المهجة في مشاهدة الربّ ، وترك الاختيار جميعاً ، وتسليم الأمور كلّها ظاهراً وباطناً إلى الله تعالى ، فإن لم تأتِ بشرط الدعاء فلا تنتظر الإجابة فإنّه يعلم السرّ وأخفى ، فلعلّك تدعوه بشيء قد علم من سرّك خلاف ذلك» .
وعلّق على الحديث الشريف صاحب كتاب المراقبات الشيخ الميرزا التبريزي: والظاهر أنّ المراد بقوله : «استجابة الكلّ منك للحقّ» يعني يدعو الله جلّ جلاله إجابة لأمره ، حيث ندب عباده لدعائه في كتابه الكريم بقوله : «واسألوا الله» (النساء : 32) وبقوله : «فَليَستَجيبوا لي وَليُؤمِنوا بي» (البقرة : 186) بشرار وجوده .
وأمّا قوله : «في مشاهدة الرب» لعلّ وجهه أنّ الداعي لو لم يعرف المدعوّ لا يتحقّق دعاؤه ، ولعلّه لو لم يعرفه دعا غيره ، ويتخيّل أنّه دعا الله ، وهذا هو الأغلب في غير الكاملين من الداعين ، ومعرفته أن يكون معرفة حقيقيّة حتّى يشاهده بروحه وقلبه ، كما في دعائه عليه السلام : «اللهمّ نوّر ظاهرنا بطاعتك ، وباطننا بمعرفتك ، وقلوبنا بمحبّتك ، وأرواحنا بمشاهدتك» .
وأمّا قوله : «ترك الاختيار جميعاً» فالمراد منه أن يدعوه جلّ جلاله لمراده ولا يعيّن له طريقه وفرده ، مثلاً إذا أراد المال لا يعيّن عليه أن يعطيه من يد فلان أو شراء شيء ، أو بيع شيء ، إلا أن يكون هو أيضاً من أصل مراده ، أو يكون المراد أنّ الأصل في المرادات كلّها الخير والسعادة ، وأقصى كلّ خير وسعادة معرفة الله وقربه وجواره ، كما في قولهم : «يا غاية آمال العارفين» فليدع الداعي لكلّ مراداته ذلك ، ولا يختار السعادات المتفرّقة المتشتتة دونها ، فإن كان ما يعنيه للسعادة والخير موصلاً إلى هذه الغاية يعلمه الله ، وإلا فلا ثمرة في تعيينها بل قد يكون مضرّاً في الغاية القصوى من مراداته ، ولكن هذا مقام الكاملين من أهل المعرفة الذين أُشير إليهم في حديث المعراج بقوله : «وأستغرق عقله بمعرفتي ، وأقوم له مقام عقله» فيا له من مقام ما أعلاه وعلوّ ما أسناه .
ثمّ إذا قرأت الأدعية المأثورة ، فكن في قراءتك متفهّماً بما تقول ، متحقّقاً بحقائق ما تذكره في دعائك ، وإيّاك وإيّاك أن تواجه ربّك بدعوى كاذبة ، وإظهار ما لست عليه من أحوال العبوديّة ومراسم التضرّع والابتهال والمسكنة..
وضع الامام عليه السلام في هذا الحديث المناهج لآداب الدعاء التي منها أن يتأمل الداعي، ويفكر بوعي في عظمة من يدعوه، ويرجو منه أن يفيض عليه بقضاء حوائجه، وعليه أن يعرف أنه يدعو خالق الكون العالم بخفايا النفوس وأسرار القلوب، كما أن على السائل أن يتمعن في مسألته، وينظر في أبعادها، لكي لا يدعو بما فيه هلاكه، وكذلك عليه أن يسلّم جميع أموره ظاهرها وباطنها لله تعالى، من بيده العطاء والحرمان، وعلى الداعي أن يراعي بدقة هذه الآداب، فان أهملها فلا ينتظر الاجابة من الله تعالى..
تعليق