إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

من وحي الوصي.. الحكم القصار للإمام علي؛ لآلئ ودرر (الجزء الثاني)

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • من وحي الوصي.. الحكم القصار للإمام علي؛ لآلئ ودرر (الجزء الثاني)







    7
    اعجبوا لهذا الإنسان ينظر بشحم، يتكلم بلحم، يسمع بعظم، يتنفس من خرم.

    المراد بالشحم هنا غير اللحم كالجلد الشفاف الذي يغطي شبكة العين ونحوه، أما العظم فالمراد به الغضروف، هو عظم طري.
    أشار الإمام الى أربعة أعضاء البصر واللسان والسمع والأنف. وللعين مهمتان‏ الأولى انها نافذة الى القلب تتسرب اليه منها ما تراه في الخارج. المهمة الثانية انها مرآة تعكس في كثير من الأحيان ما هو مودع في القلب من حب وبغض، فطنة وبلادة، خير وشر، معنى هذا ان العين تعطي القلب وتأخذ منه، تؤثر فيه، يؤثر فيه. وأيضا معنى هذا ان كل ما في العين لا بد أن يكون‏رقيقا شفافا يحكي عما وراءه، نقيا صافيا ينعكس فيه ما تقع عليه العين، من ‏البداهة أن في اللحم غلظة وكثافة، ان كان اللحم أقل كثافة من العظم، الشحم أخف وأرق من اللحم، هو أشبه ب “النيلون”.
    أما اللسان فهو أكثر الأعضاء حركة وقبضا وبسطا..تجري حركته بسرعة بلا تعب وكلال عند الكلام والشراب والطعام، عند ابتلاع الريق وقذفه، بل يتحرك عند السكوت وترك الطعام والشراب..فاستدعى ذلك أن يكون لحمار طبا بلا عظم وعصب، أن يكون في الفم بمنزلة الصدر للقلب صونا له من ‏العوارض الخارجية.
    و أما الأذن فهي الأداة اللاقطة للصوت، الصوت يحمله الهواء، لا يدخل ‏الى الأذن إلا بعد انكسار حدته، فجعلها سبحانه عضوا لينا لا لحما مسترخي، لا عظما صلبا بل عظما طريا متماسكا.
    أما التنفس في الإنسان فيقول أهل الاختصاص أن له عضلات كثيرة، أهمها الأنف، به يستغنى عن الفم لاستنشاق الهواء، قد جعل سبحانه تجويفه بقدرالحاجة، لو كان أوسع مما عليه لدخل الى الجوف من الهواء أكثر من المطلوب، أضيق لدخل دون القدر اللازم، أيضا جعل التجويف مستطيلا لينحصر فيه ‏الهواء وتنكسر حدته قبل أن يصل الى الدماغ، إلا صدمه بقوته وأوقفه عن‏الحركة.
    فسبحان الذي خلق فسوى، قدر فهدى.
    8

    إذا أقبلت الدنيا على أحد أعارته محاسن غيره. وإذا أدبرت عنه سلبته محاسن نفسه.

    المراد بإقبال الدنيا على الإنسان أن ينال منها ما يغبط عليه ويحسد، المراد بإعارته محاسن غيره أن يرفع فوق منزلته، كمن ساد، ما هو بأهل للسيادة.
    وليس من الضروري أن تنسب اليه فضائل الآخرين، كما توهم الشارحون، بل ‏قد يكون ذلك، قد لا يكون، المعيار أن يقدر بأكثر من ثمنه.
    والمراد بسلبته محاسن نفسه أن تبخس أشياؤه، يبهظ حقه ومقامه. والأمثلة على ذلك ‏لا تحصى كثرة، منها ان يؤلف شهير كتاب، فيقبل عليه الناس ويشتروه بأغلى ‏الأثمان، يكيلوا له المديح بلا حساب، يستشهدوا بكلماته كدليل على الحق!.
    ولو نسب هذا الكتاب بالذات الى مغمور مجهول لأعرضوا عنه.. وربما سخروا منه.
    وفي الخطبة 107 أوضح الإمام السبب الموجب وبينه بقوله “فهو عبد لهاـأي للدنيا ـولمن في يده شي‏ء منها حيثما زالت زال اليه، حيثما أقبلت أقبل‏عليه”.انه يقبل ويدبر بوحي من دنياه ومصلحته، هو يظن أنه ما فعل ‏وما ترك إلا بإملاء الحق والعدل.
    9

    خالطوا الناس مخالطة إن متم معها بكوا عليكم، إن ‏عشتم حنوا إليكم.

    فرق بعيد بين النفاق وحسن المعاشرة، فالنفاق أن تضمر البغض وتظهر الحب، أما حسن المعاشرة فهي أن تحسن ولا تسي‏ء، تحب ولا تكره، تعين ولا تخذل.. وبهذا تكون محبوبا عند الناس يبكون عليك ان مت، يحنون عليك ان غبت.قال سبحانه ﴿وقولوا للناس حسنا﴾ ـ83 البقرة.
    وقديما قيل أحبب لغيرك ما تحب لنفسك.. ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف. ومن أقوال ‏الإمام أسوأ الناس حالا من لم يثق بأحد لسوء ظنه، لم يثق به أحد لسوء فعله. وقال القريب من قربته الأخلاق، الغريب من لم يكن له حبيب. وتقدم ذلك في الرسالة.30
    10

    إذا قدرت على عدوك فاجعل العفو عنه شكرا للقدرة عليه.

    علمتني التجربة وتكرارها أشياء، منها أن من فر الى الله وقرع بابه مخلصا أغاثه وشمله بعنايته، منها أن من شكر القليل من فضله تعالى زاده أضعاف، من رفضه وتبرم به طلبا للكثير عاقبه بالحرمان، ان من أبى إلا القصاص بيده‏ ممن أساء اليه تركه سبحانه وشأنه يشفي غيظه من عدوه ان استطاع، ان من‏ عفا عن حقه الخاص لوجه الله كان له ناصر، عوض عليه أضعافا مضاعفة.
    ويأتي قول الإمام أولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة. وقوله أول عوض‏الحليم من حلمه ان الناس انصاره على الجاهل.
    11

    أعجز الناس من عجز عن اكتساب الإخوان، أعجز منه من ضيع من ظفر به منهم.

    قالوا في تعريف الصديق وصفاته وأكثرو. والوصف الداخل في ماهيته أو اللازم لها هو أن الصديق حقا وواقعا يرفض الشائعات عن صديقه حتى ولو كان‏على جهل بمصدره. وهذا الصديق ثروة وعدة في الدين والدني، قال تعالى‏ حكاية عن أهل النار فما لنا من شافعين ولا صديق حميم 101 الشعراء.
    وقيل لحكيم قديم ما أفضل ما يقتنيه الإنسان؟ فقال “الصديق المخلص”.
    وإذا كان الإخوان أفضل قوة وثروة يقتنيها الإنسان فمن العجز أن تعيش بلا أصدقاء، ان ضيعت واحدا منهم بعد الظفر به فأنت أخسر الفاشلين، كما قال الإمام.
    وقال بعض الشارحين للصداقة طرق وأسباب، عد منه “الملاقاة بالبشر والطلاقة”. والحق ان السبب الوحيد للصداقة هو التوافق في الطباع حتى الطيور على أشكالها تقع. واشتهر عن نبي الرحمة صلى الله عليه وآله وسلم الأرواح جنود مجندة ما تعارف منه ائتلف، ما تناكر منها اختلف. وتقدم الكلام عن الصداقة في الرسالة 30 وفيها يقول الإمام ولا تضيعن حق أخيك اتكالا على ما بينك وبينه.
    وبعد، فلا متعة أعذب وأطيب من حديث تنفض به عن قلبك غبار الآلام‏ و الأشجان أمام صديق يصغي اليك بروح زاكية تطمئن اليه، عاطفة دافئة تلجأ اليها.. ومن فقد متعة الإحساس بالصداقة فقد حرمه الله أجمل ما في الحياة، ان كان بيته مترفا ومزخرفا.
    12

    إذا وصلت إليكم أطراف النعم فلا تنفروا أقصاها بقلة الشكر.

    المراد بأطراف النعم أوائلها والقليل منه، بأقصاها نموها وزيادته، المعنى ‏ان الله سبحانه إذا أحدث لك نعمة فاحفظها وعظمها بالشكر والتدبير، من أي نوع كانت وتكون، ان حقرتها وقصرت في حفظها وشكرها سلبها الله منك، حرمك من غيره. وتقدم في الرسالة 68 قول الإمام “واستصلح كل نعمة أنعمها الله عليك، لا تضيعن نعمة من نعم الله عندك” .
    وقد منّ سبحانه على المسلمين بدولة كريمة فلم يشكروها بالجهاد والإخلاص ‏و أضاعوها بالخلافات واتباع الشهوات.
    13

    من ضيعه الأقرب أتيح له الأبعد.

    لا تيأس إذا أصابك شر من الأقارب والأرحام فأبواب الخير والنجاح عند الله ‏لا يبلغها الإحصاء، فإن أغلق دونك باب منها فتح الله عليك ما هو خير وأجدى.. ومن توكل عليه كفاه حتى ولو كاد له أهل السموات والأرض ومن بينهن.
    14

    ما كل مفتون يعاتب.

    المراد بالمفتون هنا من فعل ما لا ينبغي فعله، المعنى اذا رأيت شذوذا من ‏إنسان فلا تبادر الى لومه وعتابه قبل أن تعرف السبب الموجب، فابحث‏ و انظر، فإن كان السبب مشروعا كمن أكل من الميتة وسرق رغيفا لسد الجوعة فهو معذور إذا انحصر سبب الحياة بذلك، كان جاهلا بلا تقصير، ان‏ كان لمجرد الهوى واللامبالاة بالدين والقيم فهو مأزور، عليك أن ترشده بالحسنى.. اللهم إلا مع اليأس من صلاحه وإصلاحه كابن عمر وابن وقاص وابن مسيلمة حيث أحجموا عن بيعة الإمام، لم ينصروا حق، يخذلوا باطلا.
    المصدر: شبكة المعارف الإسلامية الثقافي




  • #2
    جزاكم الله خيرا

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X