بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
الخوف والقلق والرعب محنة الإنسان، وأزمته الكبرى في هذا العصر.. والأمن والسلام على مستوياته الثلاثة: الفردية والاجتماعية والعالمية هي من أهم غايات الإنسان وحقوقه في الحياة.. خلق الإنسان ليعيش في أمن وسلام على هذه الأرض، وذلك حقّه الأوّل في الحياة، وحينما يصبح هذا الحقّ مهدداً بالزوال، وشبح الخوف والرعب والإرهاب والقلق يطارده، تفقد الحياة قيمتها ومعناها في نفسه، وتتحول إلى شقاء وعذاب، وعائق يقف في طريق نمو الحياة السوي.. هذه حقيقة يشعر بها كلّ إنسان، فهو عندما يفقد الأمن يفقد معنى الحياة.
إنّ محنة الإنسان على هذه الأرض هي محنة الخوف والرعب والإرهاب، وانعدام الأمن والخوف، هما السبب الرئيس في القلق والشقاء والعذاب النفسي، وهما مصدر الكثير من الأمراض والعقد النفسية والفوضى السياسية والاجتماعية والاقتصادية.. إنّ الأمن والسلام الاجتماعي في المفهوم الإسلامي حقّ طبيعي للإنسان، يجب أن يكفله القانون، ويحميه الرأي العام بوعيه وإصراره على تجسيد هذا الحقّ سلوكاً وواقعاً في الحياة.. ومن قراءة قوله تعالى: (مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعً) (المائدة/ 32).
(وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ * ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالإثْمِ وَالْعُدْوَانِ) (البقرة/ 84-85).
القتل لا يصح إلّا بالقضاء قصاصاً أو عقوبة.. أو بالحرب أو للدفاع أو للردع عن الجريمة..
(لا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ...) (الأنعام/ 151).
(وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ...) (الفرقان/ 68).
(وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) (التكوير/ 8-9).
(وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا) (الإسراء/ 33).
من قراءة هذه الآيات نستكشف حرمة الحياة، واحترام حياة الإنسان، وأنّ قتل الفرد البريء في شريعة القرآن هو قتل للإنسانية جميعها، وإحياء النفس وإنقاذها إنقاذ للبشرية جميعها.
لذا نجد الرسول الكريم محمّداً (ص) يثبت حقّ الأمن للإنسان، وحماية دمه وماله وعرضه وكرامته في خطبته التأريخية الخالدة في حجة الوداع.. الرسول (ص) ابتدأ هذه الخطبة التأريخية الخالدة بقوله: "لعلكم لا تلقوني على مثل حالي هذه، وعامكم هذا، هل تدرون أي بلد هذا؟ وهل تدرون أي شهر هذا؟ وهل تدرون أي يوم هذا؟ فقال الناس: نعم، هذا البلد الحرام، والشهر الحرام، واليوم الحرام، قال: فإنّ الله حرّم عليكم دماءكم وأموالكم كحرمة بلدكم هذا، وكحرمة شهركم هذا، وكحرمة يومكم هذا، ألا هل بلغت؟ قالوا: نعم، اللّهمّ اشهد".
ويصف الرسول الكريم محمّد (ص) الإنسان وكرامته وحقوقه الطبيعية في الحياة فيقول: "إنّ هذا الإنسان بنيان الله، ملعون مَن هدم بنيانه".
وقال (ص): "أكبر الكبائر الإشراك بالله، وقتل النفس، وعقوق الوالدين، وشهادة الزور".
تحدّث القرآن عن أهمية الأمن والسلام في الأرض عندما روى لنا سبب اعتراض الملائكة على استخلاف الجنس البشري في هذه الأرض، الذي جاء ملخصاً في نص الآية الكريمة: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ) (البقرة/ 30).
إنّ تحليل هذا النص يكشف عن أنّ الإفساد في الأرض، وسفك الدماء كافيان لعدم استحقاق الاستخلاف في الأرض.. فالاستخلاف في الأرض يستحقه المسبحون المقدسون.. الذين ينزهون الله سبحانه عن الشرّ والظلم بعقيدتهم وسلوكهم، فلا يصدر عنهم شر ولا ظلم ولا فساد في الأرض، وشر الظلم والفساد هو القتل، وانعدام الأمن.. وفي هذه الآية يصور القرآن بشاعة القتل والإفساد في الأرض، وانّه الجريمة التي حُرِم فاعلها من حقّ العيش على الأرض، ومن استحقاقه لشرف الاستخلاف فيها.. اعتبر القرآن مسألة الأمن على الحياة من أعظم وأهم ما يجب الحفاظ عليه، واعتبر قتل الإنسان الفرد قتلاً للبشرية جميعها، ولحفظ الحياة شرع القصاص من القاتل لردع الأشرار، وإشعارهم بالخوف إذا ما أقدموا على الجريمة.
قال تعالى: (.. مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأرْضِ لَمُسْرِفُونَ) (المائدة/ 32).
وفي سورة قريش نقرأ: (لإيلافِ قُرَيْشٍ * إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ * فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) (سورة قريش).
إنّ الآية الرابعة من هذه السورة تقرر مبدأين أساسين في الحياة الإنسانية هما: الأمن الغذائي وتوفير حاجة الإنسان مما يحتاجه من الغذاء.. والأمن من المخاطر ووسائل الرعب والإرهاب التي تهدد أمن الإنسان وحياته..
وحين تحدّث الرسول (ص) عن أمن المجتمع قال: "كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه".
وتثبت الشريعة الإسلامية هذا الحقّ لكلّ مواطن من أهل الكتاب، يعيش في بلد المسلمين ما زال يتعامل بسلام وموادعة، ويحترم عقيدة المسلمين ومصالحهم، ويعتبر نفسه جزءاً من المجتمع، لذا نجد الرسول (ص) لا يحرم الاعتداء عليهم وإقلاق أمنهم فحسب، بل ويحرم إيذاء أحد منهم.
جاء ذلك في بيانه الخالد: "مَن آذى ذمياً فقد آذاني".
كما تثبته لكلّ معاهد قد قام بينه وبين المسلمين عهد وميثاق.
وفي موارد أخرى يدعو القرآن إلى الحوار والتفاهم مع أهل الكتاب (اليهود والنصارى) ويوضح وحدة العقيدة والأصول المشتركة في الكتب الإلهية جميعها.
قال تعالى: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاّ نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) (آل عمران/ 64).
(وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) (العنكبوت/ 46).
ثمّ ينتقل القرآن في خطابه إلى المسلمين بفتح الأفق النفسي تجاه غير المسلمين لئلّا يسلك البعض منهم السلوك المنفِّر، ويقف خلف الحواجز النفسية فلا يتقدّم في الحوار والمخاطبة تجاه الآخرين.. فالقرآن يشجع المسلمين، ويحثّهم على التفاهم مع أهل الكتاب بالتي هي أحسن ويوضح المشتركات التي ينطلق منها الحوار والخطاب، كما يكشف عن إمكان تقبل الدعوة لدى الطرف الآخر وعدم اليأس منه.
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
الخوف والقلق والرعب محنة الإنسان، وأزمته الكبرى في هذا العصر.. والأمن والسلام على مستوياته الثلاثة: الفردية والاجتماعية والعالمية هي من أهم غايات الإنسان وحقوقه في الحياة.. خلق الإنسان ليعيش في أمن وسلام على هذه الأرض، وذلك حقّه الأوّل في الحياة، وحينما يصبح هذا الحقّ مهدداً بالزوال، وشبح الخوف والرعب والإرهاب والقلق يطارده، تفقد الحياة قيمتها ومعناها في نفسه، وتتحول إلى شقاء وعذاب، وعائق يقف في طريق نمو الحياة السوي.. هذه حقيقة يشعر بها كلّ إنسان، فهو عندما يفقد الأمن يفقد معنى الحياة.
إنّ محنة الإنسان على هذه الأرض هي محنة الخوف والرعب والإرهاب، وانعدام الأمن والخوف، هما السبب الرئيس في القلق والشقاء والعذاب النفسي، وهما مصدر الكثير من الأمراض والعقد النفسية والفوضى السياسية والاجتماعية والاقتصادية.. إنّ الأمن والسلام الاجتماعي في المفهوم الإسلامي حقّ طبيعي للإنسان، يجب أن يكفله القانون، ويحميه الرأي العام بوعيه وإصراره على تجسيد هذا الحقّ سلوكاً وواقعاً في الحياة.. ومن قراءة قوله تعالى: (مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعً) (المائدة/ 32).
(وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ * ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالإثْمِ وَالْعُدْوَانِ) (البقرة/ 84-85).
القتل لا يصح إلّا بالقضاء قصاصاً أو عقوبة.. أو بالحرب أو للدفاع أو للردع عن الجريمة..
(لا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ...) (الأنعام/ 151).
(وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ...) (الفرقان/ 68).
(وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) (التكوير/ 8-9).
(وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا) (الإسراء/ 33).
من قراءة هذه الآيات نستكشف حرمة الحياة، واحترام حياة الإنسان، وأنّ قتل الفرد البريء في شريعة القرآن هو قتل للإنسانية جميعها، وإحياء النفس وإنقاذها إنقاذ للبشرية جميعها.
لذا نجد الرسول الكريم محمّداً (ص) يثبت حقّ الأمن للإنسان، وحماية دمه وماله وعرضه وكرامته في خطبته التأريخية الخالدة في حجة الوداع.. الرسول (ص) ابتدأ هذه الخطبة التأريخية الخالدة بقوله: "لعلكم لا تلقوني على مثل حالي هذه، وعامكم هذا، هل تدرون أي بلد هذا؟ وهل تدرون أي شهر هذا؟ وهل تدرون أي يوم هذا؟ فقال الناس: نعم، هذا البلد الحرام، والشهر الحرام، واليوم الحرام، قال: فإنّ الله حرّم عليكم دماءكم وأموالكم كحرمة بلدكم هذا، وكحرمة شهركم هذا، وكحرمة يومكم هذا، ألا هل بلغت؟ قالوا: نعم، اللّهمّ اشهد".
ويصف الرسول الكريم محمّد (ص) الإنسان وكرامته وحقوقه الطبيعية في الحياة فيقول: "إنّ هذا الإنسان بنيان الله، ملعون مَن هدم بنيانه".
وقال (ص): "أكبر الكبائر الإشراك بالله، وقتل النفس، وعقوق الوالدين، وشهادة الزور".
تحدّث القرآن عن أهمية الأمن والسلام في الأرض عندما روى لنا سبب اعتراض الملائكة على استخلاف الجنس البشري في هذه الأرض، الذي جاء ملخصاً في نص الآية الكريمة: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ) (البقرة/ 30).
إنّ تحليل هذا النص يكشف عن أنّ الإفساد في الأرض، وسفك الدماء كافيان لعدم استحقاق الاستخلاف في الأرض.. فالاستخلاف في الأرض يستحقه المسبحون المقدسون.. الذين ينزهون الله سبحانه عن الشرّ والظلم بعقيدتهم وسلوكهم، فلا يصدر عنهم شر ولا ظلم ولا فساد في الأرض، وشر الظلم والفساد هو القتل، وانعدام الأمن.. وفي هذه الآية يصور القرآن بشاعة القتل والإفساد في الأرض، وانّه الجريمة التي حُرِم فاعلها من حقّ العيش على الأرض، ومن استحقاقه لشرف الاستخلاف فيها.. اعتبر القرآن مسألة الأمن على الحياة من أعظم وأهم ما يجب الحفاظ عليه، واعتبر قتل الإنسان الفرد قتلاً للبشرية جميعها، ولحفظ الحياة شرع القصاص من القاتل لردع الأشرار، وإشعارهم بالخوف إذا ما أقدموا على الجريمة.
قال تعالى: (.. مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأرْضِ لَمُسْرِفُونَ) (المائدة/ 32).
وفي سورة قريش نقرأ: (لإيلافِ قُرَيْشٍ * إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ * فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) (سورة قريش).
إنّ الآية الرابعة من هذه السورة تقرر مبدأين أساسين في الحياة الإنسانية هما: الأمن الغذائي وتوفير حاجة الإنسان مما يحتاجه من الغذاء.. والأمن من المخاطر ووسائل الرعب والإرهاب التي تهدد أمن الإنسان وحياته..
وحين تحدّث الرسول (ص) عن أمن المجتمع قال: "كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه".
وتثبت الشريعة الإسلامية هذا الحقّ لكلّ مواطن من أهل الكتاب، يعيش في بلد المسلمين ما زال يتعامل بسلام وموادعة، ويحترم عقيدة المسلمين ومصالحهم، ويعتبر نفسه جزءاً من المجتمع، لذا نجد الرسول (ص) لا يحرم الاعتداء عليهم وإقلاق أمنهم فحسب، بل ويحرم إيذاء أحد منهم.
جاء ذلك في بيانه الخالد: "مَن آذى ذمياً فقد آذاني".
كما تثبته لكلّ معاهد قد قام بينه وبين المسلمين عهد وميثاق.
وفي موارد أخرى يدعو القرآن إلى الحوار والتفاهم مع أهل الكتاب (اليهود والنصارى) ويوضح وحدة العقيدة والأصول المشتركة في الكتب الإلهية جميعها.
قال تعالى: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاّ نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) (آل عمران/ 64).
(وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) (العنكبوت/ 46).
ثمّ ينتقل القرآن في خطابه إلى المسلمين بفتح الأفق النفسي تجاه غير المسلمين لئلّا يسلك البعض منهم السلوك المنفِّر، ويقف خلف الحواجز النفسية فلا يتقدّم في الحوار والمخاطبة تجاه الآخرين.. فالقرآن يشجع المسلمين، ويحثّهم على التفاهم مع أهل الكتاب بالتي هي أحسن ويوضح المشتركات التي ينطلق منها الحوار والخطاب، كما يكشف عن إمكان تقبل الدعوة لدى الطرف الآخر وعدم اليأس منه.
تعليق