تساؤلات عن ثورة المختار الثقفي (ر) وما يتعلق بها والجواب عليها .
بسم الله الرحمن الرحيم .
اللهم صل على محمد وآل محمد .
*** السؤال الأول : لماذا لم يلتحق المختار الثقفي بالإمام الحسين(عليه السلام) وينصره في كربلاء ؟
الجواب : حبس ابن زياد المختار قبل مقتل الإمام الحسين (عليه السلام) ، حيث اجتمع ميثم التمّار في حبس زياد ، بعد مقتل مسلم بن عقيل ، وأخبر المختار بأنّه سيفلت من حبس ابن زياد ، ويخرج عليه ، ثائراً بدم الحسين(عليه السلام) ، ويقتل ابن زياد، ويطأ رأسه برجله .
قال المرحوم السيد الخوئي في (معجم رجال الحديث 19/109) :
الأمر الثاني: أنّ خروج المختار وطلبه بثار الحسين (عليه السلام) ، وقتلة لقتلة الحسين (عليه السلام) لا شكّ في أنّه كان مرضياً عند الله ، وعند رسوله والأئمّة الطاهرين (عليهم السلام) ، وقد أخبره ميثم ، وهما كانا في حبس عبيد الله بن زياد، بأنّه يفلت ويخرج ثائراً بدم الحسين(عليه السلام) .
وقال الفيض الكاشاني في (الوافي 5/692) :
فقدم - ميثم التمار - الكوفة فأخذه عبيد الله بن زياد فأدخل عليه، فحبسه وحبس معه المختار بن أبي عبيدة. قال ميثم التمار للمختار إنّك تفلت وتخرج ثائرا بدم الحسين(عليه السّلام) فتقتل هذا الذي يقتلنا، فلمّا دعا عبيد الله بالمختار ليقتله طلع بريد بكتاب يزيد إلى عبيد الله يأمره بتخلية سبيله، فخلاه وأمر بميثم أن يصلب.
وكان مقتل ميثم(رحمه الله) قبل قدوم الحسين بن عليّ (عليه السّلام) العراق بعشرة أيام، فلمّا كان اليوم الثالث من صلبه طعن ميثم بالحربة فكبّر ثمّ انبعث في آخر النهار فمه وأنفه دماً، وهذا من جملة الأخبار عن الغيوب المحفوظة عن أمير المؤمنين(عليه السّلام) وذكره شائع والرواية به بين العلماء مستفيضة.
وذكر الأمين في (أصدق الأخبار ص32) :
ذكر المختار بن أبي عبيدة الثقفي وطلبه بثار الحسين(عليه السلام) :
لمّا بعث الحسين(عليه السلام) مسلم بن عقيل إلى الكوفة نزل دار المختار فبايعه المختار في جملة من بايعه من أهل الكوفة وناصحه ودعا الناس إليه، فلمّا خرج مسلم كان المختار في قرية له خارج الكوفة لأنّ خروج مسلم كان قبل ميعاده بسبب ضرب ابن زياد لهاني وحبسه، فجاء الخبر إلى المختار عند الظهر بخروج مسلم، فاقبل المختار في مواليه حتّى دخل الكوفة وأتى إلى باب الفيل وهو من أبواب المسجد بعد المغرب وكان ابن زياد قد عقد لعمرو بن حريث راية وأمره على الناس وأقعده في المسجد، فمرّ بالمختار رجل من أصحاب ابن زياد يسمّى هانئ بن أبي حية الوداعي ، فقال للمختار: ما وقوفك ههنا، لا أنت مع الناس ولا أنت في بيتك ؟! فقال له المختار: أصبح رأي مرتجاً لعظم خطيئتكم ، فدخل هاني على عمرو بن حريث وأخبره بذلك، فأرسل عمرو إلى المختار رجلاً يأمره أن لا يجعل على نفسه سبيلاً ، فقال زائدة بن قدامة بن مسعود لعمرو: يأتيك المختار على أنّه آمن، قال عمرو: أمّا منّي فهو آمن وإن بلغ الأمير عبيد الله عنه شيء شهدت عنده ببرائته وشفعت له أحسن الشفاعة، فجاء المختار إلى ابن حريث وجلس تحت رايته حتّى أصبح.
وجاء عمارة بن عقبة بن الوليد بن عقبة بن أبي معيط فأخبر ابن زياد بأمر المختار ، فلمّا أذن ابن زياد للناس دخل عليه المختار في جملة من دخل، فقال له ابن زياد: أنت المقبل في الجموع لتنصر ابن عقيل ؟! فقال : لم أفعل، ولكنّي أقبلت وقعدت تحت راية عمرو بن حريث إلى الصباح ، وشهد له عمرو بن حريث بذلك، فضربه ابن زياد بالقضيب على وجهه حتّى أصاب عينه فشترها، وقال : والله لولا شهادة عمرو لك لضربت عنقك ، وأمر به إلى السجن وحبس معه ميثم التمّار صاحب أمير المؤمنين (عليه السلام) ، فقال ميثم للمختار : إنّك تفلت وتخرج ثائراً بدم الحسين (عليه السلام) فتقتل هذا الذي يقتلنا وتطأ بقدميك على وجنته ، وكان ميثم أخذ ذلك من أمير المؤمنين (عليه السلام) ، (فلم) يزل المختار محبوسا حتّى قتل الحسين (عليه السلام) فأرسل المختار رسولاً إلى عبد الله بن عمر يطلب منه أن يكتب إلى يزيد ليكتب إلى ابن زياد بإطلاق المختار ، فلمّا جاء الرسول إلى عبد الله بن عمرو ، وعلمت زوجته صفية بحبس أخيها بكت وجزعت فرق لها عبد الله وكتب إلى يزيد يطلب منه أن يكتب إلى ابن زياد بإطلاقه، فكتب يزيد إلى ابن زياد (أمّا بعد) فخلّ سبيل المختار بن أبي عبيد حين تنظر في كتابي ، فدعا ابن زياد بالمختار فأخرجه، ثمّ قال له: قد أجلتك ثلاثاً فإن أدركتك بالكوفة بعدها فقد برئت منك الذمّة، فلمّا كان اليوم الثالث خرج المختار إلى الحجاز، فلقيه ابن العرق مولى ثقيف وراء واقصة ، فسلّم عليه وسأله عن عينه ؟ فقال : خبطها ابن الزانية بالقضيب فصارت كما ترى ، ثمّ قال : قتلني الله إن لم أقاطع أنامله وأعضاءه أرباً أرباً ، ثمّ قال له : إذا سمعت بمكان قد ظهرت به في عصابة من المسلمين أطلب بدم الشهيد المظلوم المقتول بالطفّ سيّد المسلمين وابن سيّدها وابن بنت سيّد المرسلين الحسين بن عليّ فوربّك لأقتلن بقتله عدّة القتلى التي قتلت على دم يحيى بن زكريا (عليهما السلام) ، فجعل ابن العرق يتعجّب من قوله ، ثمّ سار المختار حتّى وصل إلى مكّة وابن الزبير يدعو إلى نفسه سرّاً ، فكتم أمره عن المختار ففارقه المختار وغاب عنه سنة ، فسأل عنه ابن الزبير ؟ فقيل له : إنّه بالطائف ، ثمّ حضر المختار وبايع ابن الزبير على شروط شرطها ، وأقام عنده وحارب معه أهل الشام وقاتل قتالاً شديداً ، وكان أشد الناس على أهل الشام (فلمّا) هلك يزيد وأطاع أهل العراق ابن الزبير أقام المختار عنده خمسة أشهر وأياماً ، فقدم هاني بن أبي حية الوداعي إلى مكّة يريد العمرة في رمضان فسأله المختار عن أهل الكوفة ؟ فأخبره أنّهم على طاعة ابن الزبير إلاّ أنّ طائفة من الناس هو عدد أهلها لو كان لهم من يجمعهم على رأيهم أكل بهم الأرض ، فقال المختار : أنا أبو إسحاق ، أنا والله لهم أن أجمعهم على الحقّ وألقى بهم ركبان الباطل وأهلك بهم كلّ جبار عنيد ، ثمّ ركب راحلته وأقبل نحو الكوفة حتّى وصل إلى نهر الحيرة يوم الجمعة ، فاغتسل وادهن ولبس ثيابه واعتم وتقلّد سيفه وركب راحلته ودخل الكوفة ، وجعل لا يمرّ على مجلس إلاّ سلّم على أهله ، وقال : أبشروا بالنصرة والفلج أتاكم ما تحبّون ، ولقيه عبيدة بن عمرو البدائي الكندي وكان من أشجع الناس وأشعرهم وأشدهم تشيّعاً وحبّاً لعليّ(عليه السلام) ، فقال له : أبشر بالنصر والفلج (وكان) سليمان بن صرد وأصحابه في ذلك الوقت يستعدّون للطلب بثأر الحسين(عليه السلام).
ودمتم في رعاية الله . (منقول من مركز الأبحاث العقائدية) .
*** السؤال الثاني : إذا كان المختار قد أخذ بثأر الإمام الحسين (عليه السلام) فلماذا تطالبون بثأره ؟ فمن المعروف ان المختار الثقفي اخذ بثأر الامام الحسين (عليه السلام) من قتلته فما السبب في استمرار الثأر حتى بعد ظهور الإمام المهدي (عليه السلام) ؟
الجواب : حسب ما ورد في الزيارة الشريفة للإمام الشهيد : (لَعَنَ اللهُ اُمَّةً قَتَلَتْكَ ، وَلَعَنَ اللهُ اُمَّةً خَذَلَتْكَ ، وَلَعَنَ اللهُ اُمَّةً اَلَبَّتْ عَلَيْكَ) بطبيعة الحال في آخذ الثأر ينقسم الامر الى قسمين اذا كان الثأر شخصي فيؤخذ من شخص واحد صاحب الفعل .
لكن هناك ثأر يؤخذ من امة بأكملها وهو ما كان في يوم عاشوراء , فأن الامة التي رفضت حكم الله سبحانه وتعالى احكام شريعته الخاتمة على يد نبيه واهل بيته الاطهار , الامة التي رضت بهذا حتى ولو لم تشارك بالشكل المباشر في سفك الدماء , الامة التي تهون وتقلل من شأن القضية الحسينة ايضاً .
اذا في هذا الحال يجب ان يؤخذ بالثأر من هؤلاء جميعهم وهذا الامر يحتاج الى إحاطة تامة وعلم وهذا لا يتحقق الا من قبل الله سبحانه وتعالى على يد وليه صاحب العصر والزمان .
ولهذا انحصر الثأر الحقيقي بالله سبحانه وتعالى والامام المنتظر .
واما الثأر الظاهري فقد اخذه المختار الثقفي ممن قتل الامام الشهيد واهل بيته واصحابه . (منقول للفائدة) .
*** السؤال الثالث : إذا كان المختار قد أخذ بثأر الإمام الحسين (عليه السلام) وقتل قتلته ، فمّمن يطلب المهدي الثأر ؟!
الجواب :
أولاً : إن هذا السؤال يفترض أن المسألة مسألة شخصية ، تنتهي بقتل الأشخاص ، والحال أن القضية أعمق من هذا بكثير ، فإنها قضية خطين لا يلتقيان ، ونظريتين لا تجتمعان .
أشار إلى هذه الحقيقة الإمام الصادق (عليه السلام) في ما روي عنه حيث قال : ( إنا وآل أبي سفيان أهل بيتين تعادينا في الله ، قلنا : صدق الله ، وقالوا : كذب الله . قاتل أبو سفيان رسول الله صلى الله عليه وآله ، وقاتل معاوية علي بن أبي طالب عليه السلام ، وقاتل يزيد بن معاوية الحسين بن علي عليهما السلام ، والسفياني يقاتل القائم عليه السلام) . معاني الأخبار ، الشيخ الصدوق ، ص 346.
وهذا معناه أن هذين الخطين ما زالا على شاكلتهما، ولا ينقطعان أبداً.
ثانياً: لقد ورد في بعض الروايات أن ثأر الإمام الحسين (عليه السلام) لم يتم أخذه بعد، فعن الامام الباقر عليه السلام في تفسير
قوله تعالى (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ) انه قال : (الحسين بن علي منهم، ولم يُنصر بعد، ثم قال: والله لقد قُتل قتلة الحسين عليه السلام ولم يُطلَب بدمه بَعد). كامل الزيارات ، لابن قولويه ، ص134.
فيكون ما فعله المختار (رضي الله عنه) مجرد انتقام معجل من القتلة المباشرين ، ولا يعني انتهاء الثأر بذلك .
ثالثاً: ان الحسين عليه السلام يمثل منهجاً عملياً نحو الاسلام المحمدي الأصيل ، فكل من كان على غير خطه ومنهجه يُعتبر قاتلاً له، ولذلك سيقوم الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف بقتل كل من رضي بقتلته صلوات الله عليه وان لم يباشر القتل .
فقد ورد ان عبد السلام بن صالح الهروي قال : قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام : يا بن رسول الله ما تقول في حديث روي عن الصادق عليه السلام انه قال : ( اذا خرج القائم قتل ذراري قتلة الحسين عليه السلام بفعال آبائها ؟
فقال عليه السلام : هو كذلك.
فقلت : فقول الله عز وجل (ولا تزر وازرة وزر اخرى) ما معناه ؟
فقال : صدق الله في جميع أقواله لكن ذراري قتلة الحسين يرضون افعال آبائهم ويفتخرون بها ، ومن رضي شيئاً كان كمن اتاه ، ولو ان رجلاً قُتل في المشرق فرضي بقتله رجل في المغرب كان الراضي عند الله شريك القاتل وانما يقتلهم القائم اذا خرج لرضاهم بفعل آبائهم ).
ويقرر الإمام الصادق (عليه السلام) هذا المبدأ أكثر فيما روى عنه محمد بن الأرقط قال ، قال لي : ( تنزل الكوفة ؟ فقلت : نعم ، فقال : ترون قتلة الحسين عليه السلام بين أظهركم ؟ قال : قلت : جعلت فداك ما بقي منهم أحد ، قال : فأنت إذا لا ترى القاتل إلا من قتل ، أو من ولى القتل ؟! ألم تسمع إلى قول الله : { قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين }. فأي رسول قتل الذين كان محمد صلى الله عليه وآله بين أظهرهم ، ولم يكن بينه وبين عيسى رسول ، وإنما رضوا قتل أولئك فسموا قاتلين ).
وسائل الشيعة (آل البيت) ، الحر العاملي ، ج 16 ، ص 141 - 142.
وهو الأمر الذي أشارت له العديد من زيارات الإمام الحسين (عليه السلام) بعنوان : (ولعن أمة سمعت بذلك فرضيت به) . (منقول من مواضيع هذا المنتدى - منتدى الكفيل - للفائدة) .
بسم الله الرحمن الرحيم .
اللهم صل على محمد وآل محمد .
*** السؤال الأول : لماذا لم يلتحق المختار الثقفي بالإمام الحسين(عليه السلام) وينصره في كربلاء ؟
الجواب : حبس ابن زياد المختار قبل مقتل الإمام الحسين (عليه السلام) ، حيث اجتمع ميثم التمّار في حبس زياد ، بعد مقتل مسلم بن عقيل ، وأخبر المختار بأنّه سيفلت من حبس ابن زياد ، ويخرج عليه ، ثائراً بدم الحسين(عليه السلام) ، ويقتل ابن زياد، ويطأ رأسه برجله .
قال المرحوم السيد الخوئي في (معجم رجال الحديث 19/109) :
الأمر الثاني: أنّ خروج المختار وطلبه بثار الحسين (عليه السلام) ، وقتلة لقتلة الحسين (عليه السلام) لا شكّ في أنّه كان مرضياً عند الله ، وعند رسوله والأئمّة الطاهرين (عليهم السلام) ، وقد أخبره ميثم ، وهما كانا في حبس عبيد الله بن زياد، بأنّه يفلت ويخرج ثائراً بدم الحسين(عليه السلام) .
وقال الفيض الكاشاني في (الوافي 5/692) :
فقدم - ميثم التمار - الكوفة فأخذه عبيد الله بن زياد فأدخل عليه، فحبسه وحبس معه المختار بن أبي عبيدة. قال ميثم التمار للمختار إنّك تفلت وتخرج ثائرا بدم الحسين(عليه السّلام) فتقتل هذا الذي يقتلنا، فلمّا دعا عبيد الله بالمختار ليقتله طلع بريد بكتاب يزيد إلى عبيد الله يأمره بتخلية سبيله، فخلاه وأمر بميثم أن يصلب.
وكان مقتل ميثم(رحمه الله) قبل قدوم الحسين بن عليّ (عليه السّلام) العراق بعشرة أيام، فلمّا كان اليوم الثالث من صلبه طعن ميثم بالحربة فكبّر ثمّ انبعث في آخر النهار فمه وأنفه دماً، وهذا من جملة الأخبار عن الغيوب المحفوظة عن أمير المؤمنين(عليه السّلام) وذكره شائع والرواية به بين العلماء مستفيضة.
وذكر الأمين في (أصدق الأخبار ص32) :
ذكر المختار بن أبي عبيدة الثقفي وطلبه بثار الحسين(عليه السلام) :
لمّا بعث الحسين(عليه السلام) مسلم بن عقيل إلى الكوفة نزل دار المختار فبايعه المختار في جملة من بايعه من أهل الكوفة وناصحه ودعا الناس إليه، فلمّا خرج مسلم كان المختار في قرية له خارج الكوفة لأنّ خروج مسلم كان قبل ميعاده بسبب ضرب ابن زياد لهاني وحبسه، فجاء الخبر إلى المختار عند الظهر بخروج مسلم، فاقبل المختار في مواليه حتّى دخل الكوفة وأتى إلى باب الفيل وهو من أبواب المسجد بعد المغرب وكان ابن زياد قد عقد لعمرو بن حريث راية وأمره على الناس وأقعده في المسجد، فمرّ بالمختار رجل من أصحاب ابن زياد يسمّى هانئ بن أبي حية الوداعي ، فقال للمختار: ما وقوفك ههنا، لا أنت مع الناس ولا أنت في بيتك ؟! فقال له المختار: أصبح رأي مرتجاً لعظم خطيئتكم ، فدخل هاني على عمرو بن حريث وأخبره بذلك، فأرسل عمرو إلى المختار رجلاً يأمره أن لا يجعل على نفسه سبيلاً ، فقال زائدة بن قدامة بن مسعود لعمرو: يأتيك المختار على أنّه آمن، قال عمرو: أمّا منّي فهو آمن وإن بلغ الأمير عبيد الله عنه شيء شهدت عنده ببرائته وشفعت له أحسن الشفاعة، فجاء المختار إلى ابن حريث وجلس تحت رايته حتّى أصبح.
وجاء عمارة بن عقبة بن الوليد بن عقبة بن أبي معيط فأخبر ابن زياد بأمر المختار ، فلمّا أذن ابن زياد للناس دخل عليه المختار في جملة من دخل، فقال له ابن زياد: أنت المقبل في الجموع لتنصر ابن عقيل ؟! فقال : لم أفعل، ولكنّي أقبلت وقعدت تحت راية عمرو بن حريث إلى الصباح ، وشهد له عمرو بن حريث بذلك، فضربه ابن زياد بالقضيب على وجهه حتّى أصاب عينه فشترها، وقال : والله لولا شهادة عمرو لك لضربت عنقك ، وأمر به إلى السجن وحبس معه ميثم التمّار صاحب أمير المؤمنين (عليه السلام) ، فقال ميثم للمختار : إنّك تفلت وتخرج ثائراً بدم الحسين (عليه السلام) فتقتل هذا الذي يقتلنا وتطأ بقدميك على وجنته ، وكان ميثم أخذ ذلك من أمير المؤمنين (عليه السلام) ، (فلم) يزل المختار محبوسا حتّى قتل الحسين (عليه السلام) فأرسل المختار رسولاً إلى عبد الله بن عمر يطلب منه أن يكتب إلى يزيد ليكتب إلى ابن زياد بإطلاق المختار ، فلمّا جاء الرسول إلى عبد الله بن عمرو ، وعلمت زوجته صفية بحبس أخيها بكت وجزعت فرق لها عبد الله وكتب إلى يزيد يطلب منه أن يكتب إلى ابن زياد بإطلاقه، فكتب يزيد إلى ابن زياد (أمّا بعد) فخلّ سبيل المختار بن أبي عبيد حين تنظر في كتابي ، فدعا ابن زياد بالمختار فأخرجه، ثمّ قال له: قد أجلتك ثلاثاً فإن أدركتك بالكوفة بعدها فقد برئت منك الذمّة، فلمّا كان اليوم الثالث خرج المختار إلى الحجاز، فلقيه ابن العرق مولى ثقيف وراء واقصة ، فسلّم عليه وسأله عن عينه ؟ فقال : خبطها ابن الزانية بالقضيب فصارت كما ترى ، ثمّ قال : قتلني الله إن لم أقاطع أنامله وأعضاءه أرباً أرباً ، ثمّ قال له : إذا سمعت بمكان قد ظهرت به في عصابة من المسلمين أطلب بدم الشهيد المظلوم المقتول بالطفّ سيّد المسلمين وابن سيّدها وابن بنت سيّد المرسلين الحسين بن عليّ فوربّك لأقتلن بقتله عدّة القتلى التي قتلت على دم يحيى بن زكريا (عليهما السلام) ، فجعل ابن العرق يتعجّب من قوله ، ثمّ سار المختار حتّى وصل إلى مكّة وابن الزبير يدعو إلى نفسه سرّاً ، فكتم أمره عن المختار ففارقه المختار وغاب عنه سنة ، فسأل عنه ابن الزبير ؟ فقيل له : إنّه بالطائف ، ثمّ حضر المختار وبايع ابن الزبير على شروط شرطها ، وأقام عنده وحارب معه أهل الشام وقاتل قتالاً شديداً ، وكان أشد الناس على أهل الشام (فلمّا) هلك يزيد وأطاع أهل العراق ابن الزبير أقام المختار عنده خمسة أشهر وأياماً ، فقدم هاني بن أبي حية الوداعي إلى مكّة يريد العمرة في رمضان فسأله المختار عن أهل الكوفة ؟ فأخبره أنّهم على طاعة ابن الزبير إلاّ أنّ طائفة من الناس هو عدد أهلها لو كان لهم من يجمعهم على رأيهم أكل بهم الأرض ، فقال المختار : أنا أبو إسحاق ، أنا والله لهم أن أجمعهم على الحقّ وألقى بهم ركبان الباطل وأهلك بهم كلّ جبار عنيد ، ثمّ ركب راحلته وأقبل نحو الكوفة حتّى وصل إلى نهر الحيرة يوم الجمعة ، فاغتسل وادهن ولبس ثيابه واعتم وتقلّد سيفه وركب راحلته ودخل الكوفة ، وجعل لا يمرّ على مجلس إلاّ سلّم على أهله ، وقال : أبشروا بالنصرة والفلج أتاكم ما تحبّون ، ولقيه عبيدة بن عمرو البدائي الكندي وكان من أشجع الناس وأشعرهم وأشدهم تشيّعاً وحبّاً لعليّ(عليه السلام) ، فقال له : أبشر بالنصر والفلج (وكان) سليمان بن صرد وأصحابه في ذلك الوقت يستعدّون للطلب بثأر الحسين(عليه السلام).
ودمتم في رعاية الله . (منقول من مركز الأبحاث العقائدية) .
*** السؤال الثاني : إذا كان المختار قد أخذ بثأر الإمام الحسين (عليه السلام) فلماذا تطالبون بثأره ؟ فمن المعروف ان المختار الثقفي اخذ بثأر الامام الحسين (عليه السلام) من قتلته فما السبب في استمرار الثأر حتى بعد ظهور الإمام المهدي (عليه السلام) ؟
الجواب : حسب ما ورد في الزيارة الشريفة للإمام الشهيد : (لَعَنَ اللهُ اُمَّةً قَتَلَتْكَ ، وَلَعَنَ اللهُ اُمَّةً خَذَلَتْكَ ، وَلَعَنَ اللهُ اُمَّةً اَلَبَّتْ عَلَيْكَ) بطبيعة الحال في آخذ الثأر ينقسم الامر الى قسمين اذا كان الثأر شخصي فيؤخذ من شخص واحد صاحب الفعل .
لكن هناك ثأر يؤخذ من امة بأكملها وهو ما كان في يوم عاشوراء , فأن الامة التي رفضت حكم الله سبحانه وتعالى احكام شريعته الخاتمة على يد نبيه واهل بيته الاطهار , الامة التي رضت بهذا حتى ولو لم تشارك بالشكل المباشر في سفك الدماء , الامة التي تهون وتقلل من شأن القضية الحسينة ايضاً .
اذا في هذا الحال يجب ان يؤخذ بالثأر من هؤلاء جميعهم وهذا الامر يحتاج الى إحاطة تامة وعلم وهذا لا يتحقق الا من قبل الله سبحانه وتعالى على يد وليه صاحب العصر والزمان .
ولهذا انحصر الثأر الحقيقي بالله سبحانه وتعالى والامام المنتظر .
واما الثأر الظاهري فقد اخذه المختار الثقفي ممن قتل الامام الشهيد واهل بيته واصحابه . (منقول للفائدة) .
*** السؤال الثالث : إذا كان المختار قد أخذ بثأر الإمام الحسين (عليه السلام) وقتل قتلته ، فمّمن يطلب المهدي الثأر ؟!
الجواب :
أولاً : إن هذا السؤال يفترض أن المسألة مسألة شخصية ، تنتهي بقتل الأشخاص ، والحال أن القضية أعمق من هذا بكثير ، فإنها قضية خطين لا يلتقيان ، ونظريتين لا تجتمعان .
أشار إلى هذه الحقيقة الإمام الصادق (عليه السلام) في ما روي عنه حيث قال : ( إنا وآل أبي سفيان أهل بيتين تعادينا في الله ، قلنا : صدق الله ، وقالوا : كذب الله . قاتل أبو سفيان رسول الله صلى الله عليه وآله ، وقاتل معاوية علي بن أبي طالب عليه السلام ، وقاتل يزيد بن معاوية الحسين بن علي عليهما السلام ، والسفياني يقاتل القائم عليه السلام) . معاني الأخبار ، الشيخ الصدوق ، ص 346.
وهذا معناه أن هذين الخطين ما زالا على شاكلتهما، ولا ينقطعان أبداً.
ثانياً: لقد ورد في بعض الروايات أن ثأر الإمام الحسين (عليه السلام) لم يتم أخذه بعد، فعن الامام الباقر عليه السلام في تفسير
قوله تعالى (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ) انه قال : (الحسين بن علي منهم، ولم يُنصر بعد، ثم قال: والله لقد قُتل قتلة الحسين عليه السلام ولم يُطلَب بدمه بَعد). كامل الزيارات ، لابن قولويه ، ص134.
فيكون ما فعله المختار (رضي الله عنه) مجرد انتقام معجل من القتلة المباشرين ، ولا يعني انتهاء الثأر بذلك .
ثالثاً: ان الحسين عليه السلام يمثل منهجاً عملياً نحو الاسلام المحمدي الأصيل ، فكل من كان على غير خطه ومنهجه يُعتبر قاتلاً له، ولذلك سيقوم الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف بقتل كل من رضي بقتلته صلوات الله عليه وان لم يباشر القتل .
فقد ورد ان عبد السلام بن صالح الهروي قال : قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام : يا بن رسول الله ما تقول في حديث روي عن الصادق عليه السلام انه قال : ( اذا خرج القائم قتل ذراري قتلة الحسين عليه السلام بفعال آبائها ؟
فقال عليه السلام : هو كذلك.
فقلت : فقول الله عز وجل (ولا تزر وازرة وزر اخرى) ما معناه ؟
فقال : صدق الله في جميع أقواله لكن ذراري قتلة الحسين يرضون افعال آبائهم ويفتخرون بها ، ومن رضي شيئاً كان كمن اتاه ، ولو ان رجلاً قُتل في المشرق فرضي بقتله رجل في المغرب كان الراضي عند الله شريك القاتل وانما يقتلهم القائم اذا خرج لرضاهم بفعل آبائهم ).
ويقرر الإمام الصادق (عليه السلام) هذا المبدأ أكثر فيما روى عنه محمد بن الأرقط قال ، قال لي : ( تنزل الكوفة ؟ فقلت : نعم ، فقال : ترون قتلة الحسين عليه السلام بين أظهركم ؟ قال : قلت : جعلت فداك ما بقي منهم أحد ، قال : فأنت إذا لا ترى القاتل إلا من قتل ، أو من ولى القتل ؟! ألم تسمع إلى قول الله : { قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين }. فأي رسول قتل الذين كان محمد صلى الله عليه وآله بين أظهرهم ، ولم يكن بينه وبين عيسى رسول ، وإنما رضوا قتل أولئك فسموا قاتلين ).
وسائل الشيعة (آل البيت) ، الحر العاملي ، ج 16 ، ص 141 - 142.
وهو الأمر الذي أشارت له العديد من زيارات الإمام الحسين (عليه السلام) بعنوان : (ولعن أمة سمعت بذلك فرضيت به) . (منقول من مواضيع هذا المنتدى - منتدى الكفيل - للفائدة) .