إنّ من المعمرين الذين افنوا عمرهم في طاعة الله تبارك وتعزز، هي (حبابة الوالبية) فقد عاشت (236) سنة، وأدركت ثمان حجج من حجج الله تعالى، أولهم علي بن أبي طالب عليه السلام إلى الإمام الرضا عليه وعلى آبائه وأبنائه آلاف التحيات والثناء.
وكانت (حبابة) هذه إمرأة جليلة القدر، مدحها اراب التراجم، ونقل منها المحدثون الحديث، وهي في عداد الروات الثقات، وقد نقل عنها صاحب الكافي أعلى الله مقامه الشريف على ما جاء في كتاب (المنية) بقوله:
عن علي بن محمد، عن محمد بن إسماعيل بن موسى بن جعفر، عن أحمد إبن قاسم العجلي، عن أحمد بن يحيى، عن محمد بن خداهي، عن عبد الله بن أيوب، عن عبد الله بن هاشم، عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي، عن (حبابة الوالبية) قالت: رأيت أمير المؤمنين في شرطة الخميس ومعه درة، ولها سبابتان يضرب بها يباعي الجري، والمارماهي، والزمير، ويقول لهم: يا بياعي مسوخ بني إسرائيل، وجند بني مروان، فقام فرات بني أحنف، فقال يا أمير المؤمنين: وما جند بني مروان؟ فقال له عليه السلام: أقوام حلقوا اللحى وفتلوا الشوارب فمسخوا، فلم أر أحسن ناطقاً منه.
تقول حبابة: ثم اتبعته فلم أزل اقفوا أثره حتى قعد في رحبة المسجد.
فقلت له: يا أمير المؤمنين ما دلالة الإمامة يرحمك الله؟
قالت: فقال عليه السلام: ائتيني بتلك الحصاة ـ وأشار بيده إلى حصاة ـ فأتيته فطبع فيها بخاتمة الشريف، ثم قال: با حبابة إذا أدعى مدع الإمامة فقدر أن يطبع كما رأيتيني فاعلمي انه أمام مفترض الطاعة، والإمام لا يعزب عنه شيء يريده.
ثم قالت: إنصرفت حتى قبض أمير المؤمنين عليه السلام فجئت إلى الحسن عليه السلام وهو في مجلس أمير المؤمنين والناس يسألونه.
فقال عليه السلام: يا حبابة الوالبية! فقلت: نعم: يا مولاي. فقال: هات ما معك. قالت: فأعطيته إياها فطبع كما طبع أمير المؤمنين عليه السلام.
قالت: ثم أتيت الحسين عليه السلام وهو في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله، فقرب ورحب، فقال عليه السلام: إنّ في الدلائل دليل على ما تريدين دلائل الإمامة! فقلت: نعم يا سيدي، فقال: هات ما معك، فناولته الحصاة فطبع لي فيها.
قالت: ثم أتيت إلى علي بن الحسين عليه السلام، وقد بلغ لي من الكبر إلى أن أرعشت، وأنا أعد يومئذ (113) سنة، فرأيته راكعاً وساجداً مشغولاً بالعبادة، فيئست من الدلالة، فأومئ إلي بالسبابة، فعاد إلى شبابي.
قالت: فقلت يا سيدي كم مضى من الدنيا، وكم بقى منها؟
قال عليه السلام: أما ما مضى فنعم، وأما ما بقى فلا.
(هنا علق سماحة آية الله الطبسي قائلاً: قوله عليه السلام: أماما مضى فنعم معناه انه نعلم ما مضى ولنا معرفة به. وأمّا ما بقي فلا.. يعني لا سبيل لنا إلى معرفته، لأنه من الغيب الذي لا يعلمه إلّا الله.
(أقول: ولو أراد الإمام عليه السلام أن يعلم ما بقي من الدنيا لتمكن.
بدليل: إنّ الله تعالى أهداه علم التوجه، فإذا توجه علم..
وبدليل تفسير الآية كما جاء في مجمع البيان (وما كان الله ليطلعكم على الغيب) أي ما كان الله ليظهر على غيبه أحداً منكم (ولكن الله يجتبى من رسله من يشاء) أي يختار من يشاء فيطلعه على الغيب..
وبدليل قول أمير المؤمنين عليه السلام فيما يخبر به من الملاحم بالبصرة.
حيث يقول للرجل الكلبي: با أخا كلب ليس هو بعلم غيب، وإنما هو تعلم من ذي علم.
ويقول أيضاً : في نفس الخطبة ـ وما سوى ذلك ـ أي سوى الغيب ـ فعلم علمه الله نبيه صلى الله عليه وآله فعلمنيه (نهج البلاغة).
وقد ثبت أنّ كل إمام يستودع علومه حين الوفات عند الإمام الذي يليه صلوات الله عليهم أجمعين).
قالت حبابة الوالبية: ثم قال لي الإمام زين العابدين عليه السلام: هات ما معك، فأعطيته الحصاة فطبع لي فيها.
ثم أتيت أبا جعفر عليه السلام، فطبع لي فيها.
ثم أتيت ابا عبد الله عليه السلام فطبع لي فيها.
ثم أتيت أبا الحسن موسى عليه السلام فطبع لي فيها.
ثم أتيت الرضا عليه السلام فطبع لي فيها.
وعاشت (حبابة) بعد ذلك تسعة أشهر ـ على ما ذكره محمد بن هشام ـ وكانت على ما ذكر في الوافي وعن شيخنا آية الله المامقاني من أصحاب مولانا الحسن عليه السلام. وذكر إبن داود القمي: انها من أصحاب الإمامين علي بن الحسين ومحمد بن علي عليهما السلام.
وقد عرفت أنها أدركت سيد الموحدين أمير المؤمنين إلى سيدنا ومولانا الإمام الرضا صلوات الله عليهم أجمعين وبقيت بعدما أدركت ثامن الحجج تسعة أشهر.
ومن فضائلها: أنّ مولانا الرضا عليه السلام كفنها بثوبه، رحمها الله تعالى. ونحن إذ أوردنا هذا الموضوع لأربعة أمور فيها:
1 ـ طول عمرها الشريف الذي بلغ (236) سنة، وقضتها في إطاعة الله بولاية أهل البيت عليهم السلام.
2 ـ دليل الحرمة القطعية لحلق اللحية، وقد ثبت في محله أنه من الكبائر.
3 ـ معجزة (جدنا الأعظم) الإمام سيد الساجدين وزين العابدين علي بن الحسين عليهما السلام بأرجاع شبابها لها بمجرد إشارة منه. وكم له ـ ولأهل البيت عليهم السلام ـ من معاجز تحير العقول وتبهر الألباب.
4 ـ ثبوت الإمامة والخلافة القطعية لعلي وأبنائه الطاهرين الذين من الله تعالى بهم على الأمة وجعل مودتهم أجر الرسالة، حيث قال عز من قال: ﴿ قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ﴾ (الشورى: 23).
فطوبى لمن والاهم، والويل لمن تخلف عنهم.
«يا أبا ذر: أيما رجل تطوع في كل يوم إثنتي عشر ركعة سوى المكتوبة كان له حقاً واجباً بيت في الجنة» . النبي (ص)
وكانت (حبابة) هذه إمرأة جليلة القدر، مدحها اراب التراجم، ونقل منها المحدثون الحديث، وهي في عداد الروات الثقات، وقد نقل عنها صاحب الكافي أعلى الله مقامه الشريف على ما جاء في كتاب (المنية) بقوله:
عن علي بن محمد، عن محمد بن إسماعيل بن موسى بن جعفر، عن أحمد إبن قاسم العجلي، عن أحمد بن يحيى، عن محمد بن خداهي، عن عبد الله بن أيوب، عن عبد الله بن هاشم، عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي، عن (حبابة الوالبية) قالت: رأيت أمير المؤمنين في شرطة الخميس ومعه درة، ولها سبابتان يضرب بها يباعي الجري، والمارماهي، والزمير، ويقول لهم: يا بياعي مسوخ بني إسرائيل، وجند بني مروان، فقام فرات بني أحنف، فقال يا أمير المؤمنين: وما جند بني مروان؟ فقال له عليه السلام: أقوام حلقوا اللحى وفتلوا الشوارب فمسخوا، فلم أر أحسن ناطقاً منه.
تقول حبابة: ثم اتبعته فلم أزل اقفوا أثره حتى قعد في رحبة المسجد.
فقلت له: يا أمير المؤمنين ما دلالة الإمامة يرحمك الله؟
قالت: فقال عليه السلام: ائتيني بتلك الحصاة ـ وأشار بيده إلى حصاة ـ فأتيته فطبع فيها بخاتمة الشريف، ثم قال: با حبابة إذا أدعى مدع الإمامة فقدر أن يطبع كما رأيتيني فاعلمي انه أمام مفترض الطاعة، والإمام لا يعزب عنه شيء يريده.
ثم قالت: إنصرفت حتى قبض أمير المؤمنين عليه السلام فجئت إلى الحسن عليه السلام وهو في مجلس أمير المؤمنين والناس يسألونه.
فقال عليه السلام: يا حبابة الوالبية! فقلت: نعم: يا مولاي. فقال: هات ما معك. قالت: فأعطيته إياها فطبع كما طبع أمير المؤمنين عليه السلام.
قالت: ثم أتيت الحسين عليه السلام وهو في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله، فقرب ورحب، فقال عليه السلام: إنّ في الدلائل دليل على ما تريدين دلائل الإمامة! فقلت: نعم يا سيدي، فقال: هات ما معك، فناولته الحصاة فطبع لي فيها.
قالت: ثم أتيت إلى علي بن الحسين عليه السلام، وقد بلغ لي من الكبر إلى أن أرعشت، وأنا أعد يومئذ (113) سنة، فرأيته راكعاً وساجداً مشغولاً بالعبادة، فيئست من الدلالة، فأومئ إلي بالسبابة، فعاد إلى شبابي.
قالت: فقلت يا سيدي كم مضى من الدنيا، وكم بقى منها؟
قال عليه السلام: أما ما مضى فنعم، وأما ما بقى فلا.
(هنا علق سماحة آية الله الطبسي قائلاً: قوله عليه السلام: أماما مضى فنعم معناه انه نعلم ما مضى ولنا معرفة به. وأمّا ما بقي فلا.. يعني لا سبيل لنا إلى معرفته، لأنه من الغيب الذي لا يعلمه إلّا الله.
(أقول: ولو أراد الإمام عليه السلام أن يعلم ما بقي من الدنيا لتمكن.
بدليل: إنّ الله تعالى أهداه علم التوجه، فإذا توجه علم..
وبدليل تفسير الآية كما جاء في مجمع البيان (وما كان الله ليطلعكم على الغيب) أي ما كان الله ليظهر على غيبه أحداً منكم (ولكن الله يجتبى من رسله من يشاء) أي يختار من يشاء فيطلعه على الغيب..
وبدليل قول أمير المؤمنين عليه السلام فيما يخبر به من الملاحم بالبصرة.
حيث يقول للرجل الكلبي: با أخا كلب ليس هو بعلم غيب، وإنما هو تعلم من ذي علم.
ويقول أيضاً : في نفس الخطبة ـ وما سوى ذلك ـ أي سوى الغيب ـ فعلم علمه الله نبيه صلى الله عليه وآله فعلمنيه (نهج البلاغة).
وقد ثبت أنّ كل إمام يستودع علومه حين الوفات عند الإمام الذي يليه صلوات الله عليهم أجمعين).
قالت حبابة الوالبية: ثم قال لي الإمام زين العابدين عليه السلام: هات ما معك، فأعطيته الحصاة فطبع لي فيها.
ثم أتيت أبا جعفر عليه السلام، فطبع لي فيها.
ثم أتيت ابا عبد الله عليه السلام فطبع لي فيها.
ثم أتيت أبا الحسن موسى عليه السلام فطبع لي فيها.
ثم أتيت الرضا عليه السلام فطبع لي فيها.
وعاشت (حبابة) بعد ذلك تسعة أشهر ـ على ما ذكره محمد بن هشام ـ وكانت على ما ذكر في الوافي وعن شيخنا آية الله المامقاني من أصحاب مولانا الحسن عليه السلام. وذكر إبن داود القمي: انها من أصحاب الإمامين علي بن الحسين ومحمد بن علي عليهما السلام.
وقد عرفت أنها أدركت سيد الموحدين أمير المؤمنين إلى سيدنا ومولانا الإمام الرضا صلوات الله عليهم أجمعين وبقيت بعدما أدركت ثامن الحجج تسعة أشهر.
ومن فضائلها: أنّ مولانا الرضا عليه السلام كفنها بثوبه، رحمها الله تعالى. ونحن إذ أوردنا هذا الموضوع لأربعة أمور فيها:
1 ـ طول عمرها الشريف الذي بلغ (236) سنة، وقضتها في إطاعة الله بولاية أهل البيت عليهم السلام.
2 ـ دليل الحرمة القطعية لحلق اللحية، وقد ثبت في محله أنه من الكبائر.
3 ـ معجزة (جدنا الأعظم) الإمام سيد الساجدين وزين العابدين علي بن الحسين عليهما السلام بأرجاع شبابها لها بمجرد إشارة منه. وكم له ـ ولأهل البيت عليهم السلام ـ من معاجز تحير العقول وتبهر الألباب.
4 ـ ثبوت الإمامة والخلافة القطعية لعلي وأبنائه الطاهرين الذين من الله تعالى بهم على الأمة وجعل مودتهم أجر الرسالة، حيث قال عز من قال: ﴿ قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ﴾ (الشورى: 23).
فطوبى لمن والاهم، والويل لمن تخلف عنهم.
«يا أبا ذر: أيما رجل تطوع في كل يوم إثنتي عشر ركعة سوى المكتوبة كان له حقاً واجباً بيت في الجنة» . النبي (ص)
من كتاب الرافد(الاخلاق والمعارف الاسلامیة)