هذا هو السعيد حقا !
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد واله الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخوتي الاكارم تعالو نتزود من هذه المعارف الحقة التي هي بمثابة درر ثمينه ان التزم الانسان المؤمن بها وطبقها كان من الفائزين في الدنيا والاخرة .
رُوِيَ عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ 1 ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ أَبِيهِ ( عليهم السلام ) ، قَالَ : بَيْنَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السَّلام ) ذَاتَ يَوْمٍ جَالِسٌ مَعَ أَصْحَابِهِ يُعَبِّيهِمْ لِلْحَرْبِ إِذَا أَتَاهُ شَيْخٌ عَلَيْهِ شَحْبَةُ السَّفَرِ .
فَقَالَ : أَيْنَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ؟
فَقِيلَ : هُوَ ذَا .
فَسَلَّمَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنِّي أَتَيْتُكَ مِنْ نَاحِيَةِ الشَّامِ ، وَ أَنَا شَيْخٌ كَبِيرٌ قَدْ سَمِعْتُ فِيكَ مِنَ الْفَضْلِ مَا لَا أُحْصِي ، وَ إِنِّي أَظُنُّكَ سَتُغْتَالُ ، فَعَلِّمْنِي مِمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ .
قَالَ : " نَعَمْ يَا شَيْخُ ، مَنِ اعْتَدَلَ يَوْمَاهُ فَهُوَ مَغْبُونٌ ، وَ مَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هِمَّتَهُ اشْتَدَّتْ حَسْرَتُهُ عِنْدَ فِرَاقِهَا ، وَ مَنْ كَانَ غَدُهُ شَرَّ يَوْمَيْهِ فَهُوَ مَحْرُومٌ ، وَ مَنْ لَمْ يُبَالِ بِمَا رُزِئَ مِنْ آخِرَتِهِ إِذَا سَلِمَتْ لَهُ دُنْيَاهُ فَهُوَ هَالِكٌ ، وَ مَنْ لَمْ يَتَعَاهَدِ النَّقْصَ مِنْ نَفْسِهِ غَلَبَ عَلَيْهِ الْهَوَى ، وَ مَنْ كَانَ فِي نَقْصٍ فَالْمَوْتُ خَيْرٌ لَهُ .
يَا شَيْخُ ، ارْضَ لِلنَّاسِ مَا تَرْضَى لِنَفْسِكَ ، وَ ائْتِ إِلَى النَّاسِ مَا تُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْكَ " .
ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ ، فَقَالَ : " أَيُّهَا النَّاسُ أَ مَا تَرَوْنَ إِلَى أَهْلِ الدُّنْيَا يُمْسُونَ وَ يُصْبِحُونَ عَلَى أَحْوَالٍ شَتَّى ، فَبَيْنَ صَرِيعٍ يَتَلَوَّى ، وَ بَيْنَ عَائِدٍ وَ مَعُودٍ ، وَ آخَرُ بِنَفْسِهِ يَجُودُ ، وَ آخَرُ لَا يُرْجَى ، وَ آخَرُ مُسَجًّى ، وَ طَالِبِ الدُّنْيَا وَ الْمَوْتُ يَطْلُبُهُ ، وَ غَافِلٍ وَ لَيْسَ بِمَغْفُولٍ عَنْهُ ، وَ عَلَى أَثَرِ الْمَاضِي يَصِيرُ الْبَاقِي " .
فَقَالَ لَهُ زَيْدُ بْنُ صُوحَانَ الْعَبْدِيُّ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، أَيُّ سُلْطَانٍ أَغْلَبُ وَ أَقْوَى ؟
قَالَ : " الْهَوَى " .
قَالَ : فَأَيُّ ذُلٍّ أَذَلُّ ؟
قَالَ : " الْحِرْصُ عَلَى الدُّنْيَا " .
قَالَ : فَأَيُّ فَقْرٍ أَشَدُّ ؟
قَالَ : " الْكُفْرُ بَعْدَ الْإِيمَانِ " .
قَالَ : فَأَيُّ دَعْوَةٍ أَضَلُّ ؟
قَالَ : " الدَّاعِي بِمَا لَا يَكُونُ " .
قَالَ : فَأَيُّ عَمَلٍ أَفْضَلُ ؟
قَالَ : " التَّقْوَى " .
قَالَ : فَأَيُّ عَمَلٍ أَنْجَحُ ؟
قَالَ : " طَلَبُ مَا عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ " .
قَالَ : فَأَيُّ صَاحِبٍ لَكَ شَرٌّ ؟
قَالَ : " الْمُزَيِّنُ لَكَ مَعْصِيَةَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ " .
قَالَ : فَأَيُّ الْخَلْقِ أَشْقَى ؟
قَالَ : " مَنْ بَاعَ دِينَهُ بِدُنْيَا غَيْرِهِ " .
قَالَ : فَأَيُّ الْخَلْقِ أَقْوَى ؟
قَالَ : " الْحَلِيمُ " .
قَالَ : فَأَيُّ الْخَلْقِ أَشَحُّ ؟
قَالَ : " مَنْ أَخَذَ الْمَالَ مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ فَجَعَلَهُ فِي غَيْرِ حَقِّهِ " .
قَالَ : فَأَيُّ النَّاسِ أَكْيَسُ ؟
قَالَ : " مَنْ أَبْصَرَ رُشْدَهُ مِنْ غَيِّهِ ، فَمَالَ إِلَى رُشْدِهِ " .
قَالَ : فَمَنْ أَحْلَمُ النَّاسِ ؟
قَالَ : " الَّذِي لَا يَغْضَبُ " .
قَالَ : فَأَيُّ النَّاسِ أَثْبَتُ رَأْياً ؟
قَالَ : " مَنْ لَمْ يَغُرَّهُ النَّاسُ مِنْ نَفْسِهِ ، وَ مَنْ لَمْ تَغُرَّهُ الدُّنْيَا بِتَشَوُّفِهَا " .
قَالَ : فَأَيُّ النَّاسِ أَحْمَقُ ؟
قَالَ : " الْمُغْتَرُّ بِالدُّنْيَا وَ هُوَ يَرَى مَا فِيهَا مِنْ تَقَلُّبِ أَحْوَالِهَا " .
قَالَ : فَأَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ حَسْرَةً ؟
قَالَ : " الَّذِي حُرِمَ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةَ ، ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ " .
قَالَ : فَأَيُّ الْخَلْقِ أَعْمَى ؟
قَالَ : " الَّذِي عَمِلَ لِغَيْرِ اللَّهِ يَطْلُبُ بِعَمَلِهِ الثَّوَابَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ " .
قَالَ : فَأَيُّ الْقُنُوعِ أَفْضَلُ ؟
قَالَ : " الْقَانِعُ بِمَا أَعْطَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ " .
قَالَ : فَأَيُّ الْمَصَائِبِ أَشَدُّ ؟
قَالَ : " الْمُصِيبَةُ بِالدِّينِ " .
قَالَ : فَأَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ؟
قَالَ : " انْتِظَارُ الْفَرَجِ " .
قَالَ : فَأَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ عِنْدَ اللَّهِ ؟
قَالَ : " أَخْوَفُهُمْ لِلَّهِ ، وَ أَعْمَلُهُمْ بِالتَّقْوَى ، وَ أَزْهَدُهُمْ فِي الدُّنْيَا " .
قَالَ : فَأَيُّ الْكَلَامِ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ؟
قَالَ : " كَثْرَةُ ذِكْرِهِ ، وَ التَّضَرُّعُ إِلَيْهِ بِالدُّعَاءِ " .
قَالَ : فَأَيُّ الْقَوْلِ أَصْدَقُ ؟
قَالَ : " شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ " .
قَالَ : فَأَيُّ الْأَعْمَالِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ؟
قَالَ : " التَّسْلِيمُ وَ الْوَرَعُ " .
قَالَ : فَأَيُّ النَّاسِ أَصْدَقُ ؟
قَالَ : " مَنْ صَدَقَ فِي الْمَوَاطِنِ " .
ثُمَّ أَقْبَلَ ( عليه السَّلام ) عَلَى الشَّيْخِ ، فَقَالَ : " يَا شَيْخُ ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ خَلْقاً ضَيَّقَ الدُّنْيَا عَلَيْهِمْ ، نَظَراً لَهُمْ ، فَزَهَّدَهُمْ فِيهَا وَ فِي حُطَامِهَا ، فَرَغِبُوا فِي دَارِ السَّلَامِ الَّتِي دَعَاهُمْ إِلَيْهَا ، وَ صَبَرُوا عَلَى ضِيقِ الْمَعِيشَةِ ، وَ صَبَرُوا عَلَى الْمَكْرُوهِ ، وَ اشْتَاقُوا إِلَى مَا عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنَ الْكَرَامَةِ ، فَبَذَلَوا أَنْفُسَهُمُ ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ ، وَ كَانَتْ خَاتِمَةُ أَعْمَالِهِمُ الشَّهَادَةَ ، فَلَقُوا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ هُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ ، وَ عَلِمُوا أَنَّ الْمَوْتَ سَبِيلُ مَنْ مَضَى وَ مَنْ بَقِيَ ، فَتَزَوَّدُوا لآِخِرَتِهِمْ غَيْرَ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ ، وَ لَبِسُوا الْخَشِنَ ، وَ صَبَرُوا عَلَى الْبَلْوَى ، وَ قَدَّمُوا الْفَضْلَ ، وَ أَحَبُّوا فِي اللَّهِ ، وَ أَبْغَضُوا فِي اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ، أُولَئِكَ الْمَصَابِيحُ وَ أَهْلُ النَّعِيمِ فِي الْآخِرَةِ ، وَ السَّلَامُ " .
قَالَ الشَّيْخُ : فَأَيْنَ أَذْهَبُ وَ أَدَعُ الْجَنَّةَ وَ أَنَا أَرَاهَا وَ أَرَى أَهْلَهَا مَعَكَ ، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ جَهِّزْنِي بِقُوَّةٍ أَتَقَوَّى بِهَا عَلَى عَدُوِّكَ .
فَأَعْطَاهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السَّلام ) سِلَاحاً ، وَ حَمَلَهُ ، وَ كَانَ فِي الْحَرْبِ بَيْنَ يَدَيْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السَّلام ) يَضْرِبُ قُدُماً ، وَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السَّلام ) يَعْجَبُ مِمَّا يَصْنَعُ ، فَلَمَّا اشْتَدَّ الْحَرْبُ أَقْدَمَ فَرَسَهُ حَتَّى قُتِلَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، وَ أَتْبَعَهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السَّلام ) ، فَوَجَدَهُ صَرِيعاً وَ وَجَدَ دَابَّتَهُ وَ وَجَدَ سَيْفَهُ فِي ذِرَاعِهِ ، فَلَمَّا انْقَضَتِ الْحَرْبُ أَتَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السَّلام ) بِدَابَّتِهِ وَ سِلَاحِهِ ، وَ صَلَّى عَلَيْهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السَّلام ) ، وَ قَالَ : " هَذَا وَ اللَّهِ السَّعِيدُ حَقّاً ، فَتَرَحَّمُوا عَلَى أَخِيكُمْ " 2.
المصادر
1. أي الإمام موسى بن جعفر الكاظم ( عليه السَّلام ) ، سابع أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) .
2. من لا يحضره الفقيه : 4 / 381 ، للشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن حسين بن بابويه القمي المعروف بالشيخ الصدوق ، المولود سنة : 305 هجرية .
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد واله الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخوتي الاكارم تعالو نتزود من هذه المعارف الحقة التي هي بمثابة درر ثمينه ان التزم الانسان المؤمن بها وطبقها كان من الفائزين في الدنيا والاخرة .
رُوِيَ عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ 1 ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ أَبِيهِ ( عليهم السلام ) ، قَالَ : بَيْنَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السَّلام ) ذَاتَ يَوْمٍ جَالِسٌ مَعَ أَصْحَابِهِ يُعَبِّيهِمْ لِلْحَرْبِ إِذَا أَتَاهُ شَيْخٌ عَلَيْهِ شَحْبَةُ السَّفَرِ .
فَقَالَ : أَيْنَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ؟
فَقِيلَ : هُوَ ذَا .
فَسَلَّمَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنِّي أَتَيْتُكَ مِنْ نَاحِيَةِ الشَّامِ ، وَ أَنَا شَيْخٌ كَبِيرٌ قَدْ سَمِعْتُ فِيكَ مِنَ الْفَضْلِ مَا لَا أُحْصِي ، وَ إِنِّي أَظُنُّكَ سَتُغْتَالُ ، فَعَلِّمْنِي مِمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ .
قَالَ : " نَعَمْ يَا شَيْخُ ، مَنِ اعْتَدَلَ يَوْمَاهُ فَهُوَ مَغْبُونٌ ، وَ مَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هِمَّتَهُ اشْتَدَّتْ حَسْرَتُهُ عِنْدَ فِرَاقِهَا ، وَ مَنْ كَانَ غَدُهُ شَرَّ يَوْمَيْهِ فَهُوَ مَحْرُومٌ ، وَ مَنْ لَمْ يُبَالِ بِمَا رُزِئَ مِنْ آخِرَتِهِ إِذَا سَلِمَتْ لَهُ دُنْيَاهُ فَهُوَ هَالِكٌ ، وَ مَنْ لَمْ يَتَعَاهَدِ النَّقْصَ مِنْ نَفْسِهِ غَلَبَ عَلَيْهِ الْهَوَى ، وَ مَنْ كَانَ فِي نَقْصٍ فَالْمَوْتُ خَيْرٌ لَهُ .
يَا شَيْخُ ، ارْضَ لِلنَّاسِ مَا تَرْضَى لِنَفْسِكَ ، وَ ائْتِ إِلَى النَّاسِ مَا تُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْكَ " .
ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ ، فَقَالَ : " أَيُّهَا النَّاسُ أَ مَا تَرَوْنَ إِلَى أَهْلِ الدُّنْيَا يُمْسُونَ وَ يُصْبِحُونَ عَلَى أَحْوَالٍ شَتَّى ، فَبَيْنَ صَرِيعٍ يَتَلَوَّى ، وَ بَيْنَ عَائِدٍ وَ مَعُودٍ ، وَ آخَرُ بِنَفْسِهِ يَجُودُ ، وَ آخَرُ لَا يُرْجَى ، وَ آخَرُ مُسَجًّى ، وَ طَالِبِ الدُّنْيَا وَ الْمَوْتُ يَطْلُبُهُ ، وَ غَافِلٍ وَ لَيْسَ بِمَغْفُولٍ عَنْهُ ، وَ عَلَى أَثَرِ الْمَاضِي يَصِيرُ الْبَاقِي " .
فَقَالَ لَهُ زَيْدُ بْنُ صُوحَانَ الْعَبْدِيُّ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، أَيُّ سُلْطَانٍ أَغْلَبُ وَ أَقْوَى ؟
قَالَ : " الْهَوَى " .
قَالَ : فَأَيُّ ذُلٍّ أَذَلُّ ؟
قَالَ : " الْحِرْصُ عَلَى الدُّنْيَا " .
قَالَ : فَأَيُّ فَقْرٍ أَشَدُّ ؟
قَالَ : " الْكُفْرُ بَعْدَ الْإِيمَانِ " .
قَالَ : فَأَيُّ دَعْوَةٍ أَضَلُّ ؟
قَالَ : " الدَّاعِي بِمَا لَا يَكُونُ " .
قَالَ : فَأَيُّ عَمَلٍ أَفْضَلُ ؟
قَالَ : " التَّقْوَى " .
قَالَ : فَأَيُّ عَمَلٍ أَنْجَحُ ؟
قَالَ : " طَلَبُ مَا عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ " .
قَالَ : فَأَيُّ صَاحِبٍ لَكَ شَرٌّ ؟
قَالَ : " الْمُزَيِّنُ لَكَ مَعْصِيَةَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ " .
قَالَ : فَأَيُّ الْخَلْقِ أَشْقَى ؟
قَالَ : " مَنْ بَاعَ دِينَهُ بِدُنْيَا غَيْرِهِ " .
قَالَ : فَأَيُّ الْخَلْقِ أَقْوَى ؟
قَالَ : " الْحَلِيمُ " .
قَالَ : فَأَيُّ الْخَلْقِ أَشَحُّ ؟
قَالَ : " مَنْ أَخَذَ الْمَالَ مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ فَجَعَلَهُ فِي غَيْرِ حَقِّهِ " .
قَالَ : فَأَيُّ النَّاسِ أَكْيَسُ ؟
قَالَ : " مَنْ أَبْصَرَ رُشْدَهُ مِنْ غَيِّهِ ، فَمَالَ إِلَى رُشْدِهِ " .
قَالَ : فَمَنْ أَحْلَمُ النَّاسِ ؟
قَالَ : " الَّذِي لَا يَغْضَبُ " .
قَالَ : فَأَيُّ النَّاسِ أَثْبَتُ رَأْياً ؟
قَالَ : " مَنْ لَمْ يَغُرَّهُ النَّاسُ مِنْ نَفْسِهِ ، وَ مَنْ لَمْ تَغُرَّهُ الدُّنْيَا بِتَشَوُّفِهَا " .
قَالَ : فَأَيُّ النَّاسِ أَحْمَقُ ؟
قَالَ : " الْمُغْتَرُّ بِالدُّنْيَا وَ هُوَ يَرَى مَا فِيهَا مِنْ تَقَلُّبِ أَحْوَالِهَا " .
قَالَ : فَأَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ حَسْرَةً ؟
قَالَ : " الَّذِي حُرِمَ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةَ ، ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ " .
قَالَ : فَأَيُّ الْخَلْقِ أَعْمَى ؟
قَالَ : " الَّذِي عَمِلَ لِغَيْرِ اللَّهِ يَطْلُبُ بِعَمَلِهِ الثَّوَابَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ " .
قَالَ : فَأَيُّ الْقُنُوعِ أَفْضَلُ ؟
قَالَ : " الْقَانِعُ بِمَا أَعْطَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ " .
قَالَ : فَأَيُّ الْمَصَائِبِ أَشَدُّ ؟
قَالَ : " الْمُصِيبَةُ بِالدِّينِ " .
قَالَ : فَأَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ؟
قَالَ : " انْتِظَارُ الْفَرَجِ " .
قَالَ : فَأَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ عِنْدَ اللَّهِ ؟
قَالَ : " أَخْوَفُهُمْ لِلَّهِ ، وَ أَعْمَلُهُمْ بِالتَّقْوَى ، وَ أَزْهَدُهُمْ فِي الدُّنْيَا " .
قَالَ : فَأَيُّ الْكَلَامِ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ؟
قَالَ : " كَثْرَةُ ذِكْرِهِ ، وَ التَّضَرُّعُ إِلَيْهِ بِالدُّعَاءِ " .
قَالَ : فَأَيُّ الْقَوْلِ أَصْدَقُ ؟
قَالَ : " شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ " .
قَالَ : فَأَيُّ الْأَعْمَالِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ؟
قَالَ : " التَّسْلِيمُ وَ الْوَرَعُ " .
قَالَ : فَأَيُّ النَّاسِ أَصْدَقُ ؟
قَالَ : " مَنْ صَدَقَ فِي الْمَوَاطِنِ " .
ثُمَّ أَقْبَلَ ( عليه السَّلام ) عَلَى الشَّيْخِ ، فَقَالَ : " يَا شَيْخُ ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ خَلْقاً ضَيَّقَ الدُّنْيَا عَلَيْهِمْ ، نَظَراً لَهُمْ ، فَزَهَّدَهُمْ فِيهَا وَ فِي حُطَامِهَا ، فَرَغِبُوا فِي دَارِ السَّلَامِ الَّتِي دَعَاهُمْ إِلَيْهَا ، وَ صَبَرُوا عَلَى ضِيقِ الْمَعِيشَةِ ، وَ صَبَرُوا عَلَى الْمَكْرُوهِ ، وَ اشْتَاقُوا إِلَى مَا عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنَ الْكَرَامَةِ ، فَبَذَلَوا أَنْفُسَهُمُ ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ ، وَ كَانَتْ خَاتِمَةُ أَعْمَالِهِمُ الشَّهَادَةَ ، فَلَقُوا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ هُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ ، وَ عَلِمُوا أَنَّ الْمَوْتَ سَبِيلُ مَنْ مَضَى وَ مَنْ بَقِيَ ، فَتَزَوَّدُوا لآِخِرَتِهِمْ غَيْرَ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ ، وَ لَبِسُوا الْخَشِنَ ، وَ صَبَرُوا عَلَى الْبَلْوَى ، وَ قَدَّمُوا الْفَضْلَ ، وَ أَحَبُّوا فِي اللَّهِ ، وَ أَبْغَضُوا فِي اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ، أُولَئِكَ الْمَصَابِيحُ وَ أَهْلُ النَّعِيمِ فِي الْآخِرَةِ ، وَ السَّلَامُ " .
قَالَ الشَّيْخُ : فَأَيْنَ أَذْهَبُ وَ أَدَعُ الْجَنَّةَ وَ أَنَا أَرَاهَا وَ أَرَى أَهْلَهَا مَعَكَ ، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ جَهِّزْنِي بِقُوَّةٍ أَتَقَوَّى بِهَا عَلَى عَدُوِّكَ .
فَأَعْطَاهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السَّلام ) سِلَاحاً ، وَ حَمَلَهُ ، وَ كَانَ فِي الْحَرْبِ بَيْنَ يَدَيْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السَّلام ) يَضْرِبُ قُدُماً ، وَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السَّلام ) يَعْجَبُ مِمَّا يَصْنَعُ ، فَلَمَّا اشْتَدَّ الْحَرْبُ أَقْدَمَ فَرَسَهُ حَتَّى قُتِلَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، وَ أَتْبَعَهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السَّلام ) ، فَوَجَدَهُ صَرِيعاً وَ وَجَدَ دَابَّتَهُ وَ وَجَدَ سَيْفَهُ فِي ذِرَاعِهِ ، فَلَمَّا انْقَضَتِ الْحَرْبُ أَتَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السَّلام ) بِدَابَّتِهِ وَ سِلَاحِهِ ، وَ صَلَّى عَلَيْهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السَّلام ) ، وَ قَالَ : " هَذَا وَ اللَّهِ السَّعِيدُ حَقّاً ، فَتَرَحَّمُوا عَلَى أَخِيكُمْ " 2.
المصادر
1. أي الإمام موسى بن جعفر الكاظم ( عليه السَّلام ) ، سابع أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) .
2. من لا يحضره الفقيه : 4 / 381 ، للشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن حسين بن بابويه القمي المعروف بالشيخ الصدوق ، المولود سنة : 305 هجرية .
تعليق