تويت
بِسْمِ اَللهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ
اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد
اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد
قال الله تعالى: ﴿وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَّا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ۗ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾.[1]
كلمات إرشادية إلهية لعباده المؤمنين أتباع سيد الخلق وخاتم النبيين صلوات الله عليه وآله وعليهم أجمعين مفادها من قوله تعالى:
﴿وَمِنْ أَهْلِ اَلْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ﴾، أي تجعله أمينا و تودع عنده ﴿بِقِنْطارٍ﴾، المال الكثير ﴿يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ﴾، أي يرده إليك عند المطالبة ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينارٍ﴾، وهو مال قليل ﴿لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ﴾، أي ينكره فلا يؤده ﴿إِلاّ ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً﴾، أي مطالبا منه بعنف وشدة ﴿ذلِكَ﴾، أي تركهم الأداء ﴿بِأَنَّهُمْ﴾، أي بسبب أن هؤلاء الذين لا يؤدون ﴿قالُوا لَيْسَ عَلَيْنا فِي اَلْأُمِّيِّينَ﴾، أي المسلمين المنسوبين إلى أم القرى ﴿سَبِيلٌ﴾، فلا يتمكنون من مطالبتنا يوم القيامة، لأن أموالهم حلال لنا ﴿وَيَقُولُونَ﴾، هؤلاء الذين قالوا: ليس علينا في الأميين سبيل ﴿عَلَى اَللهِ اَلْكَذِبَ﴾، فان الله لم يبح أموال المسلمين للكافرين ﴿وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾، أنهم كاذبون.
لحبه لعباده والحرص على عدم ضياعهم في التوهم الحاصل لمن قبلهم هدى الله تعالى اهل الايمان بعدم الاتكال التام والوثوق الى اهل الكتاب لأن فيهم وان كان من يؤدى المال الكثير لأمانته، ولكن فيهم أيضا من لا يؤدي المال القليل كالدينار فضلا عن الكثير الا أن تكون مراقبه حتى لا يأكله، والعلة في القسم الثاني اظهارهم أنه لا سبيل ولا سلطنة (للأميين) أي من لم يقرأ ولم يكتب من أصحاب النبي صلّى الله عليه وآله واتباعه الموصوفين بتلك الصفة (صفة الأمية)، أو من كان من اهل مكة، وهي ام القرى(علينا) ويتوهمون أن رد الأمانة اثبات السبيل، اذ لهم مطالبة اماناتهم، وعلمهم أو ظنهم بالرد يطالبون فيثبت لهم السبيل. وأما في صورة اكل مالهم وعدم الرد ييأسون من الاداء فلا يطالبون، وهذا توهم فاسد، إذ على أي حال يطالبون وفي صورة الانكار لهم رفع الامر الى النبي صلّى الله عليه وآله أو الولي المنصوب من قبله واقامة البينة أو الحلف دون ما اذا ادوا، فالسبيل قد حصل في صورة الانكار لا الاداء؛ وعلى أي حال فأهل الكتاب لانقسامهم الى القسمين، وعدم تميزهم عندنا يلزم من باب حكم العقل بلزوم دفع الضرر المحتمل، الاجتناب عن الايداع عند اهل الكتاب، فأرشد الله الى هذا الحكم وبالإشارة نهانا عن الايداع عندهم، بل الحشر معهم زايدا على المقدار اللازم في غير محله، وبملاحظة عدم حصول الحب لهم، وعدم التخلق بأخلاقهم الردية من العصبية والبغض لما لا يوافق اغراضهم وإن كان على طبق ارادة الله، يلزم تقليل المعاشرة معهم مهما امكن، وهو ينافى استئمانهم وجعل الوديعة عندهم.
وذكر الشيخ الطبرسي في تفسيره: فِي قَوْلِهِ: وَمِنْ أَهْلِ اَلْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ إلى قوله ﴿يُحِبُّ اَلْمُتَّقِينَ﴾، قَالَ آخِرُ الشَّرْحِ وَرُوِيَ عَنِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: أَنَّهُ لَمَّا قَرَأَ هَذِهِ اَلْآيَةَ قَالَ: ((كَذَبَ أَعْدَاءُ اَللهِ مَا مِنْ شَيْءٍ كَانَ فِي اَلْجَاهِلِيَّةِ إِلاَّ وَهُوَ تَحْتَ قَدَمَيَّ إِلاَّ اَلْأَمَانَةَ، فَإِنَّهَا مُؤَدَّاةٌ إِلَى اَلْبَرِّ وَاَلْفَاجِرِ)).[2]
﴿وَيَقُولُونَ عَلَى اَللهِ اَلْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾، أي من لا يبالي من الكذب الأعلى وهو الكذب على الله مع علمه بانه كذب حيث يظهرون انه لا بد ان يكون النبي صلّى الله عليه وآله من ولد إسحاق مع عدم مساعدة العقل والنقل عليه؛ فكيف يجتنب من الكذب الأدنى ولا ينكر ما جعلت عنده، وذلك واضح فجميع ما يستفاد من هذه الآية الشريفة يكون على طبق حكم العقل.
[1] سورة آل عمران، الآية: 75.
[2] تفسير مجمع البيان، ج 2، ص 327.
تعليق