تويت
بِسْمِ اَللهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ
اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد
اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد
قال الله تعالى: ﴿وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾.[1]
قد يتصور بعض الناس وهو واقع أن كل من تدين بدين سماوي بوجود دين الإسلام فقد أصاب لأنها كلها من الله وتؤدي الى مرضات الله، ولهذا وضع الباري عز وجل ضابطة من خلال هذه الآية الشريفة تنفي هذا الاعتقاد وتبطله، فقال الشيخ الطوسي: الابتغاء: الطلب، تقول: بغى فلان كذا أي طلبه، ومنه بغى فلان على فلان: إذا طلب الاستعلاء عليه ظلما ومنه البغي: الفاجرة، لطلبها الزنى. ومنه ينبغي كذا، لأنه حقيق بالطلب. والإسلام: هو الاستسلام لأمر الله بطاعته فيما دعا إليه، فكل ذلك إسلام، وإن اختلفت فيه الشرائع، وتفرقت المذاهب، لأن مبتغيه دينا ناج، ومبتغي غيره دينا هالك، والإيمان، والإسلام واحد.
لأن «من يبتغي غير الإسلام دينا» فهو مبطل كما أن من يبتغي غير الإيمان دينا، فهو مبطل، وذلك كمن يبتغي غير عبادة الإله دينا، فهو كافر، ومن يبتغ غير عبادة الخالق دينا، فهو كافر، والإله هو الخالق.[2]
وقوله تعالى: ﴿وَمَن يَبْتَغِ﴾، ويختار لنفسه غَيْرَ دين الإسلام والذي حقيقته هي التّوحيد الخالص، والتّسليم لأحكام الله وطلب مرضاته دِيناً ينتحل إليه، كالوثنيّة واليهوديّة والنّصرانيّة وغيرها؛ وذلك لأنه مبتدع ولا قيمة لمبتدع في قبال الله سبحانه فَلَنْ يُقْبَلَ ذلك الدّين الباطل مِنْهُ أبدا، ولا يؤجر عليه شيئا وَهُوَ مع ذلك فِي اَلْآخِرَةِ محسوب مِنَ اَلْخاسِرِينَ المغبونين، أمّا خسرانه في الدنيا فكما نراه في كل متحيّز عن الإسلام ودنياه التي يعتبرها دنيا مؤقتة ليست بسالمة وأمّا خسارته في الآخرة فلأنه مخالف لله والآخرة ملك خاص لله فلا يشركه فيها، حيث إنّه ضيّع فطرته السّليمة التي فطر النّاس عليها، وحرّم على نفسه الثّواب الجزيل الدائم، والنّعم العظيمة الباقية، ثمّ اشترى العذاب الشّديد الأبد، فيدخله من التأسّف والتّحسّر على ما فاته في الدّنيا من الأعمال الصّالحة وحلاوة العبادة، وعلى ما تحمّله من التّعب والمشقّة في تحصيل الحطام الدّنيوي وتقرير ذلك الدّين الباطل ما لا يتصوّر ولا يعلمه إلا الله.
وأما مبتغي واحد من سائر الأديان فإن في مبتغاه من الخرافات الشيء الكثير على مقولة التشكيك، فما من نزعة دينية قديمة أو حديثة الاّ وتصيبها الخرافات بطور مدهش، وأمّا مبتغي الأديان القائمة على الأحزاب والآراء الشخصية فتلك تتموج بحسب السوانح ولا قرار لها على نوع خاص.
أمّا دساتير الإسلام وآدابه فهي بمقتضى العقول السليمة من أرقى ما يمكن التعرّف عليه والعمل به، ومباعدة الأجيال الحاضرة له منشؤها أنها التصقت بطوارئ التجدد فعادت تستغربه وتعدّ الالتحاق بموكبه مبعدا لها عن قافلة الأحياء في هذه الدنيا.
وقيل: في مورد نزول الآية أن اهل الكتاب اختصموا الى رسول الله فيما اختلفوا فيه من دين إبراهيم عليه السلام فغضبوا وقالوا: والله ما نرضى بقضائك ولا نأخذ بدينك.
ودين الله الواحد هو الإسلام لأنه جامع لأشرف نظام وابلغ دستور وإعلان أدب وبعده عن كل موهن، في أن ولاية آل الرسول داخلة في الإسلام الحقيقي المرادف للإيمان.
ثمّ اعلم أنّ لفظ الإسلام كان مرادفا للإيمان، وحقيقته حقيقته، وهو الإقرار بالشّهادتين، والتّصديق بجميع ما جاء به النبيّ صلّى الله عليه وآله، عن صميم القلب، فيدخل فيه ولاية آل الرّسول صلوات الله عليهم وخلافة علي والمعصومين من ذرّيّته عليهم السلام.
فمن أنكر ولايتهم ووجوب طاعتهم، فقد اختار لنفسه دينا غير الإسلام، حيث إنّ من أنكر واحدا ممّا جاء به الرّسول صلى الله عليه وآله يكون كمن أنكر جميعه.
نعم، يكون لمن أقرّ بالشّهادتين، ولو كان منافقا على الأظهر، أحكام خاصّة من طهارة الجسد، واحترام المال، وجواز المناكحة، ووجوب غسل ميّته وتكفينه ودفنه، دون غيرها من الأحكام كحرمة غيبته، وجواز الاقتداء به، وإعطائه الزّكاة الواجبة والكفّارات، وقبول الرّواية والشّهادة.
[1] سورة آل عمران، الآية: 85.
[2] التبيان، ج 2، ص 520.
تعليق