إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تَمُوتَ﴾

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تَمُوتَ﴾

    بِسْمِ اَللهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ

    اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد



    قال الله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ كِتَابًا مُّؤَجَّلًا ۗ وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا ۚ وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ﴾.
    [1]
    ﴿وَمَا كَانَ﴾، كما في نظائرها تضرب السلب إلى أعماق الزمن الثلاث، إحالة لهذه الكينونة مهما كانت بصيغة الماضي، إذ لا صيغة سائغة له إلا الماضي الذي يستقبله المستقبل.
    و﴿لِنَفْسٍ﴾، تعم كافة النفوس الحية لمكان ﴿أَن تَمُوتَ﴾، إضافة الى نفس النفس الدالة على حياة. فكما الإحياء بإذن الله كذلك الإماتة، فإنهما من اختصاصات الربوبية، مهما كانت عندنا أسباب لهما، ولكنما السبب الأخير لأقل تقدير ليس إلا بأذن الله. والإذن هنا تكويني، سواء أكان دون وسيط فهو أمره التكويني، ام بوسيط كأسباب الموت فهو أيضا امره التكويني مقارنا لأسباب الموت.
    ثم ﴿كِتَابًا مُّؤَجَّلًا﴾، قد تكون حالا ل‍ ﴿تَمُوتَ﴾، فلا موت إلا بإذن الله في كتابه المؤجل، فلا يعجل قبل أجله ولا يؤجل عنه، وبين الأجل المحتوم والمعلق عموم من وجه. ولأن ﴿تَمُوتَ﴾، تعم الأجل المعلق الى الأجل المحتوم، إذا ف‍ ﴿مُّؤَجَّلًا﴾، تعمهما، فكما الأجل المحتوم ليس إلا بإذن الله، كذلك المعلق، مهما كان الثاني بأسباب ظاهرة من خلق الله. فقد ترى أسباب الموت الظاهرة تتوارد على نفس ولكنها لا تموت، أم لا ترى أسبابه، أم ترى أسبابا لما دون الموت متواردة على نفس ولكنها تموت، مما يبرهن أن وراء الأسباب الظاهرة وسواها - في حساباتنا - للموت وعدمه يتوارى السبب الرباني للموت وعدمه، ولا فرار عن الموت بسببه الخفي الرباني، أجلا محتوما او معلقا، وإنما الفرار عن الأسباب الجلية إذا لم يؤمر بها مثل القتال في سبيل الله، ففيما وراءها تأتي ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ﴾،
    [2] وأضرابها محكمة حاكمة بالحرمة.
    ﴿وَمَن يُرِدْ﴾، ذلك التعقيب يقدم المحتمل الأول في الأجل، أنه اجل الرسول الأجلّ صلى الله عليه وآله ﴿وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا﴾، ارتدادا على عقبيه ﴿نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ﴾، ثبوتا على الإيمان ﴿نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ﴾، ﴿ثَوَابَ الدُّنْيَا﴾، هنا لذاتها الطليقة، سمي ثوابا لمقارنته بثواب الآخرة، ثم الثواب هو نتيجة العمل أيا كان، مهما غلب استعماله على النتيجة الخيّرة، فعمل الدنيا ينتج لها كما عمل الآخرة لها، وأين عمل من عمل وثواب من ثواب. وترى الإرادة - فقط - تخلّف الثواب أيا كان وإن لم تخلف العمل الذي يستحق به الثواب‌؟ كلا، بل لا تعني الارادة إلا التي تستتبع العمل، فالإرادة التي لا يحول بينها وبين المراد حائل مسيّر هي العمل محتما.
    ثم وترى ﴿مَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا﴾، تختص بإرادتها دون الأخرى، كما ﴿وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ﴾، تختص بها دون الأولى‌؟ ومن يردهما جمعا بينهما يُعطَهُما ﴿وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾،
    [3]! ﴿يُرِدْ﴾، في كل منهما تعني - فقط - كلا منهما، ثم ومريد الدنيا للآخرة هو مريد الآخرة، وحسنة الدنيا هي الحياة الحسنة التي هي مزرعة الآخرة وليست مزرعة للآخرة حتى تصبح جمعهما جمعا بين الضدين.
    إذا ف‍ ﴿مَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا﴾، و﴿مَن يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ﴾، تعنيان ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ ۖ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ
    [4].
    فمن أقبل على الدنيا بوجهه كله ونأى عن الآخرة بعطفه، فكدح للدنيا جاهدا، ولم يعمل للآخرة صالحا، جاحدا، فهو الذي «يُرد الدنيا» دون الآخرة، ويعاكسه المقبل على الآخرة بعمل الدنيا والآخرة فانه ممن «يُرد الآخرة».
    والسؤال: لماذا ﴿نُؤْتِهِ مِنْهَا﴾، في كلّ منهما والإرادة فيهما طليقة بالنسبة للثواب المراد دون تبعيض‌؟
    والجواب: لأن الذي يؤتى على أية حال ليس كل الثواب، فانه موزّع بين أهليه في الدنيا والآخرة، مهما كان ثواب الدنيا ضئيلا قليلا أمام ثواب الآخرة الجليل.



    [1] سورة آل عمران، الآية: 145.
    [2] سورة النساء، الآية: 29.
    [3] سورة البقرة، الآية: 201.
    [4] سورة الشورى، الآية: 20.


  • #2
    احسنتم ويبارك الله بكم
    شكرا لكم كثيرا
    مأجورين
    ​​​​

    تعليق


    • #3
      بسم الله الرحمن الرحيم
      اللهم ص​ل على محمد وآل محمد
      جزاكم الله خيرا
      مع شكرنا وتقديرنا لحسن متابعاتكم
      ​​​​

      تعليق

      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
      حفظ-تلقائي
      Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
      x
      يعمل...
      X