بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد ةواله الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الإسلام يقول أنّ المرأة يمكنها أن تنال أعلى مراتب الإيمان مثل الرجل، قال الله تبارك وتعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوأُنثَىٰ وَهُو مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾(1).
نلاحظ أنّ الله يعد المؤمنين والمؤمنات دون فرق بأنّ لهم حياةً طيّبةً إن عملوا صالحاً، وبغضّ النظر عن كون الفاعل رجلاً أو امرأة، إذاً يمكن للمرأة أن تنال أعلى مراتب الإيمان كما يمكن الرجل، عكس ما تقوله الأديان الأُخرى التي تُحقّر المرأة وتحرمها من كلّ المقامات الدينية.
مثلاً عند اليهود المرأة مخرّبةً للحكم، وقد امتلأت كتبهم الدينية بما يهين جنس المرأة ويُحقّرها، حتّى أنّ استانسون يقول أنّ الكتاب المقدّس مختصّ بالرجال (استانسون: ص21) عدا النساء، وأنّ النساء رأس الشرّ.
وجاء أيضاً في الجزء الثالث من العهد العتيق في الإنجيل: لا شرّ كشرّ النساء، والذنوب بدأت بالنساء وبسببهنّ، فإنّنا لن ندخل الجنّة وسنموت حتماً.
وقالوا: كانت حوّاء سبب ذنب آدم، والاستيلاء الأبدي للزوج على الزوجة هو كعقاب لحوّاء على ما فعلت(2).
ويقول رهبان المسيح: إنّا لا نسمح للمرأة بالتعليم والتعلّم، لأنّها تحت يد الرجل ولم يذنب آدم، بل حوّاء هي التي أذنبت(3).
لكن الإسلام يقول بأنّه كما يُمكن للرجل أن يصل إلى أعلى مراتب الإيمان، المرأة أيضاً يُمكنها ذلك، عكس ما يقوله اليهود والمسيح بأنّ المرأة هي سبب هبوط آدم، وامرأة هي أصل الشرّ، وبداية الذنوب والمعاصي، فلم يُمكن للمرأة أن تنال الحياة الطيّبة ودرجات الإيمان.
ولهذا لم نرى في تاريخ اليهود والمسيح ذكراً لامرأة وصلت إلى المقامات العالية في الكنائس والأديرة، وأعلى مقام للمرأة في الدير هو الرهبانية، وبهذا يجب عليها ترك كلّ اللذّات الدنيوية وحرمانها من كلّ النعم الإلهية على طول حياتها، وهذا المقام (الرهبانية عند اليهود) ليس مقام في الحقيقة، بل هو نهاية التحقير والذلّ للمرأة.
أمّا الإسلام يقول أنّ المرأة ليست رأس الشرّ، بل إنّ أكثر الخير في النساء.
يقول الإمام الصادق(ع): أكثر الخير في النساء(4).
ولإثبات عدم وجود فرق بين الرجل والمرأة في الإسلام في نيل مراتب الكمال، يكفينا بيان فضائل السيّدة فاطمة الزهراء(سلام الله عليها)، ووصل مقامها إلى حدّ أن يغضب الله لغضبها ويرضى لرضاها.
قال رسول الله(ص): يا فاطمة إنّ الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك(5).
وقال(ص): فاطمة بضعة منّي، مَن أغضبها فقد أغضبني(6).
ووصلت إلى مقام يقول فيها الإمام الحسن العسكري(ع): نحن حجج الله على خلقه، وجدّتنا فاطمة حجّة الله علينا(7).
ويقول فيها الإمام الحجّة(ع): في إبنة رسول الله لي أُسوة حسنة(8).
الخلاصة:
يتّضح من ما ذكرنا من الآيات والروايات مقام المرأة في الإسلام، فليس هناك معيار للفضل في الإسلام إلّا التقوى والعمل الصالح، ولا تفاضل بين الرجل والمرأة بسبب الجنس، بل المرأة أهمّ من الرجل نظراً إلى دورها في المجتمع، وكما أنّ الرجل يُمكنه نيل الكمالات والدرجات العالية للإيمان، المرأة أيضاً يُمكنها ذلك.
وعلى هذا، فلا فضل للرجل على المرأة في الإسلام، وملاك الفضل هو التقوى والإيمان والعمل الصالح وليس الجنس.
إن قلت: إذا ما كان بين الرجل والمرأة فرق، لماذا جاء في القرآن الكريم: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء﴾(9).
لماذا يجب أن يكون الرجال قوّامون على النساء؟ أليس هذا ظلم للمرأة؟
نقول:
أوّلاً: إنّ هذه الآية مختصّة بالأزواج والزوجات، وبقرينة ذيل الآية التي ترتبط بأُمور الزوج والزوجة، المراد من قوام الرجل على المرأة هو قوام الزوج على الزوجة، وليس قوام جنس الذكر على جنس الأُنثى.
نعم، إنّ بعض المفسّرين ومنهم العلّامة الطباطبائي قال أنّ الآية مطلقة، وجنس الرجال قوّامون على جنس النساء.
جاء في تفسير الميزان:
عموم هذه الآیة يُعطي أنّ الحكم المبني عليها أعني قوله: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء﴾، غير مقصور على الأزواج بأن يختصّ القوّامية بالرجل على زوجته، بل الحكم مجعول لقبيل الرجال على قبيل النساء في الجهات العامّة التي ترتبط بها حياة القبيلين جميعاً.
فالجهات العامّة الإجتماعية التي ترتبط بفضل الرجال كجهتي الحكومة والقضاء مثلاً اللتين يتوقّف عليهما حياة المجتمع، إنّما يقومان بالتعقّل الذي هو في الرجال بالطبع أزيد منه في النساء، وكذا الدفاع الحربي الذي يرتبط بالشدّة وقوّة التعقّل، كلّ ذلك ممّا يقوم به الرجال على النساء، وعلى هذا فقوله: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء﴾ ذوإطلاق تامّ(10).
لكن كما ذكرنا وبقرينة ذيل الآية ﴿وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾، وما ذُكر حول النشوز ﴿وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ﴾ و… .
ثانياً: لتوضيح مراد الآية وتوضيح القوام والقيمومة، نقول: الأُسرة هي مجتمع واجتماع صغير، وكما أنّ كلّ مجتمع بشري يحتاج إلى قائد، فالأُسرة أيضاً تحتاج إلى قائد ومدير، فمَن يكون هذا القائد؟ الرجل؟ أو المرأة؟ أو كلاهما؟
الجواب: لا معنى لأن يكون للأُسرة قائدين، لأنّ التضارب في الأذواق سيُسبّب التضارب في الآراء وحدوث مشاكل في الأُسرة، فتكون القيادة مستقلّة للرجل أو المرأة.
القرآن الكريم يُصرّح أنّ مقام القوام والقيادة يجب أن يكون للرجل، وهذا الكلام لا يعني الاستبداد والإجحاف والظلم، لأنّه لا تناقض بين أن يكون الرجل هو قائد الأُسرة، وأن يستشير المرأة في قراراته، سيّما أنّ القرآن الكريم أمر بالتشاور في الأُمور.
أمّا الدليل في إعطاء هذا المقام والقوام للرجل هو صفاته الروحية والجسدية، ومنها ترجيح العقل على العواطف في القرار، والقدرة والقوّة الجسدية وتحمّل المصاعب.
هذه الصفات تختصّ بالرجال، وغالب الرجال يتمتّعون بها، وفي المقابل فإنّ غالب النساء لا يتمتّعون بهذه الصفات، لكن هذا ليس بمعنى وجود نقص في المرأة، بل قد يُحسب حُسن لها، لأنّ واجبات المرأة في المجتمع وخاصّة في الأُسرة وأهمّها الأُمومة، تستلزم رجحان عواطف المرأة على كلّ الأُمور الأُخرى، وأيضاً مقام الزوجية وسحرها لجذب الزوج، لا يتناسب مع قوّة الجسد، لأنّ المرأة كائن لطيف وحسّاس، ولهذا لم تُعطى لها هذه الصفات لأنّها لا تُناسب واجباتها في الأُسرة.
أمّا الرجل فله مقام القوام والقيادة ليستطيع ترجيح العقل على العواطف، ويكون قراره أصوب عند حدوث المشاكل والسوانح لأعضاء الأُسرة، ويستطيع الدفاع عنهم بتلك القوّة الجسدية التي عنده، وأيضاً تُعطيه القوّة للعمل وتحصيل ما تحتاجه الأُسرة، ويتحمّل العمل في الظروف الصعبة والمُتعبة، وهذه الظروف لا تتحمّلها المرأة بطبيعة حالها وهي ريحانة وليست بقهرمانة.
وعليه، فإنّ القوام والمكانة التي أُعطيت للرجل فإنّها تصبّ في صالح الأُسرة والمجتمع والمرأة نفسها، وهذا لا يُوجب فضلاً للرجل عند الله سبحانه وتعالى، لأنّنا أثبتنا أنّ ملاك الفضل في الإسلام هو التقوى، وأنّ الرجل والمرأة متساويان عند الله، ولا فضل لأيّهما على الآخر إلّا بالتقوى والعمل الصالح.
وإذا قيل أنّ المراد من القوام، قوام الرجل على المرأة حتّى في المجتمع، نقول: إن كان كذلك، فالمراد قوام الرجل على المرأة في الأعمال التي تُناسب صفاته الجسدية والروحية، مثل الجهاد والقضاء ونحوهما، كما أشار إليه العلّامة الطباطبائي.
وإذا قيل: أنّ الصفات المذكورة للرجل هنا، قد تمتلكها بعض النساء ويمكنهنّ ترجيح العقل على العاطفة، أو أنّ قواهم الجسمية أكثر من الرجال.
نقول: الأحكام تصدر بناءاً على المفاسد والمصالح النوعية والملاك هو نوع البشر وليس الحالات الشاذّة والنادرة.
والخلاصة، أنّ الرجل والمرأة مساويان في الإسلام والمقام عند الله، ولا تفاضل بينهما إلّا بالتقوى، وإنّ أكرمكم عند الله أتقاكم، ولهذا فإنّ كلّ مَن يقول أنّ مقام المرأة في الإسلام مقام دان ورخيص فكلامه باطل، وبما ذكرنا من أدلّة وايضاحات استطعنا ردّ أساس شبهات الإرث بحمد الله.
ـــــــــــــــــــ
1ـ النحل: 97.
2ـ سفر التكوين: الباب 2، الآية 3.
3ـ رسالة بولس الأُولى.
4ـ من لا يحضره الفقيه 3/359، ح4352.
5ـ عوالم العلوم: 14.
6ـ صحيح البخاري 4/210-219.
7ـ عوالم العلوم 11/8، أسرار فاطمة: 37.
8ـ الغيبة للشيخ الطوسي: 286.
9ـ النساء: 34.
10ـ المیزان 4/ 343.
اللهم صلِ على محمد ةواله الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الإسلام يقول أنّ المرأة يمكنها أن تنال أعلى مراتب الإيمان مثل الرجل، قال الله تبارك وتعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوأُنثَىٰ وَهُو مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾(1).
نلاحظ أنّ الله يعد المؤمنين والمؤمنات دون فرق بأنّ لهم حياةً طيّبةً إن عملوا صالحاً، وبغضّ النظر عن كون الفاعل رجلاً أو امرأة، إذاً يمكن للمرأة أن تنال أعلى مراتب الإيمان كما يمكن الرجل، عكس ما تقوله الأديان الأُخرى التي تُحقّر المرأة وتحرمها من كلّ المقامات الدينية.
مثلاً عند اليهود المرأة مخرّبةً للحكم، وقد امتلأت كتبهم الدينية بما يهين جنس المرأة ويُحقّرها، حتّى أنّ استانسون يقول أنّ الكتاب المقدّس مختصّ بالرجال (استانسون: ص21) عدا النساء، وأنّ النساء رأس الشرّ.
وجاء أيضاً في الجزء الثالث من العهد العتيق في الإنجيل: لا شرّ كشرّ النساء، والذنوب بدأت بالنساء وبسببهنّ، فإنّنا لن ندخل الجنّة وسنموت حتماً.
وقالوا: كانت حوّاء سبب ذنب آدم، والاستيلاء الأبدي للزوج على الزوجة هو كعقاب لحوّاء على ما فعلت(2).
ويقول رهبان المسيح: إنّا لا نسمح للمرأة بالتعليم والتعلّم، لأنّها تحت يد الرجل ولم يذنب آدم، بل حوّاء هي التي أذنبت(3).
لكن الإسلام يقول بأنّه كما يُمكن للرجل أن يصل إلى أعلى مراتب الإيمان، المرأة أيضاً يُمكنها ذلك، عكس ما يقوله اليهود والمسيح بأنّ المرأة هي سبب هبوط آدم، وامرأة هي أصل الشرّ، وبداية الذنوب والمعاصي، فلم يُمكن للمرأة أن تنال الحياة الطيّبة ودرجات الإيمان.
ولهذا لم نرى في تاريخ اليهود والمسيح ذكراً لامرأة وصلت إلى المقامات العالية في الكنائس والأديرة، وأعلى مقام للمرأة في الدير هو الرهبانية، وبهذا يجب عليها ترك كلّ اللذّات الدنيوية وحرمانها من كلّ النعم الإلهية على طول حياتها، وهذا المقام (الرهبانية عند اليهود) ليس مقام في الحقيقة، بل هو نهاية التحقير والذلّ للمرأة.
أمّا الإسلام يقول أنّ المرأة ليست رأس الشرّ، بل إنّ أكثر الخير في النساء.
يقول الإمام الصادق(ع): أكثر الخير في النساء(4).
ولإثبات عدم وجود فرق بين الرجل والمرأة في الإسلام في نيل مراتب الكمال، يكفينا بيان فضائل السيّدة فاطمة الزهراء(سلام الله عليها)، ووصل مقامها إلى حدّ أن يغضب الله لغضبها ويرضى لرضاها.
قال رسول الله(ص): يا فاطمة إنّ الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك(5).
وقال(ص): فاطمة بضعة منّي، مَن أغضبها فقد أغضبني(6).
ووصلت إلى مقام يقول فيها الإمام الحسن العسكري(ع): نحن حجج الله على خلقه، وجدّتنا فاطمة حجّة الله علينا(7).
ويقول فيها الإمام الحجّة(ع): في إبنة رسول الله لي أُسوة حسنة(8).
الخلاصة:
يتّضح من ما ذكرنا من الآيات والروايات مقام المرأة في الإسلام، فليس هناك معيار للفضل في الإسلام إلّا التقوى والعمل الصالح، ولا تفاضل بين الرجل والمرأة بسبب الجنس، بل المرأة أهمّ من الرجل نظراً إلى دورها في المجتمع، وكما أنّ الرجل يُمكنه نيل الكمالات والدرجات العالية للإيمان، المرأة أيضاً يُمكنها ذلك.
وعلى هذا، فلا فضل للرجل على المرأة في الإسلام، وملاك الفضل هو التقوى والإيمان والعمل الصالح وليس الجنس.
إن قلت: إذا ما كان بين الرجل والمرأة فرق، لماذا جاء في القرآن الكريم: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء﴾(9).
لماذا يجب أن يكون الرجال قوّامون على النساء؟ أليس هذا ظلم للمرأة؟
نقول:
أوّلاً: إنّ هذه الآية مختصّة بالأزواج والزوجات، وبقرينة ذيل الآية التي ترتبط بأُمور الزوج والزوجة، المراد من قوام الرجل على المرأة هو قوام الزوج على الزوجة، وليس قوام جنس الذكر على جنس الأُنثى.
نعم، إنّ بعض المفسّرين ومنهم العلّامة الطباطبائي قال أنّ الآية مطلقة، وجنس الرجال قوّامون على جنس النساء.
جاء في تفسير الميزان:
عموم هذه الآیة يُعطي أنّ الحكم المبني عليها أعني قوله: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء﴾، غير مقصور على الأزواج بأن يختصّ القوّامية بالرجل على زوجته، بل الحكم مجعول لقبيل الرجال على قبيل النساء في الجهات العامّة التي ترتبط بها حياة القبيلين جميعاً.
فالجهات العامّة الإجتماعية التي ترتبط بفضل الرجال كجهتي الحكومة والقضاء مثلاً اللتين يتوقّف عليهما حياة المجتمع، إنّما يقومان بالتعقّل الذي هو في الرجال بالطبع أزيد منه في النساء، وكذا الدفاع الحربي الذي يرتبط بالشدّة وقوّة التعقّل، كلّ ذلك ممّا يقوم به الرجال على النساء، وعلى هذا فقوله: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء﴾ ذوإطلاق تامّ(10).
لكن كما ذكرنا وبقرينة ذيل الآية ﴿وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾، وما ذُكر حول النشوز ﴿وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ﴾ و… .
ثانياً: لتوضيح مراد الآية وتوضيح القوام والقيمومة، نقول: الأُسرة هي مجتمع واجتماع صغير، وكما أنّ كلّ مجتمع بشري يحتاج إلى قائد، فالأُسرة أيضاً تحتاج إلى قائد ومدير، فمَن يكون هذا القائد؟ الرجل؟ أو المرأة؟ أو كلاهما؟
الجواب: لا معنى لأن يكون للأُسرة قائدين، لأنّ التضارب في الأذواق سيُسبّب التضارب في الآراء وحدوث مشاكل في الأُسرة، فتكون القيادة مستقلّة للرجل أو المرأة.
القرآن الكريم يُصرّح أنّ مقام القوام والقيادة يجب أن يكون للرجل، وهذا الكلام لا يعني الاستبداد والإجحاف والظلم، لأنّه لا تناقض بين أن يكون الرجل هو قائد الأُسرة، وأن يستشير المرأة في قراراته، سيّما أنّ القرآن الكريم أمر بالتشاور في الأُمور.
أمّا الدليل في إعطاء هذا المقام والقوام للرجل هو صفاته الروحية والجسدية، ومنها ترجيح العقل على العواطف في القرار، والقدرة والقوّة الجسدية وتحمّل المصاعب.
هذه الصفات تختصّ بالرجال، وغالب الرجال يتمتّعون بها، وفي المقابل فإنّ غالب النساء لا يتمتّعون بهذه الصفات، لكن هذا ليس بمعنى وجود نقص في المرأة، بل قد يُحسب حُسن لها، لأنّ واجبات المرأة في المجتمع وخاصّة في الأُسرة وأهمّها الأُمومة، تستلزم رجحان عواطف المرأة على كلّ الأُمور الأُخرى، وأيضاً مقام الزوجية وسحرها لجذب الزوج، لا يتناسب مع قوّة الجسد، لأنّ المرأة كائن لطيف وحسّاس، ولهذا لم تُعطى لها هذه الصفات لأنّها لا تُناسب واجباتها في الأُسرة.
أمّا الرجل فله مقام القوام والقيادة ليستطيع ترجيح العقل على العواطف، ويكون قراره أصوب عند حدوث المشاكل والسوانح لأعضاء الأُسرة، ويستطيع الدفاع عنهم بتلك القوّة الجسدية التي عنده، وأيضاً تُعطيه القوّة للعمل وتحصيل ما تحتاجه الأُسرة، ويتحمّل العمل في الظروف الصعبة والمُتعبة، وهذه الظروف لا تتحمّلها المرأة بطبيعة حالها وهي ريحانة وليست بقهرمانة.
وعليه، فإنّ القوام والمكانة التي أُعطيت للرجل فإنّها تصبّ في صالح الأُسرة والمجتمع والمرأة نفسها، وهذا لا يُوجب فضلاً للرجل عند الله سبحانه وتعالى، لأنّنا أثبتنا أنّ ملاك الفضل في الإسلام هو التقوى، وأنّ الرجل والمرأة متساويان عند الله، ولا فضل لأيّهما على الآخر إلّا بالتقوى والعمل الصالح.
وإذا قيل أنّ المراد من القوام، قوام الرجل على المرأة حتّى في المجتمع، نقول: إن كان كذلك، فالمراد قوام الرجل على المرأة في الأعمال التي تُناسب صفاته الجسدية والروحية، مثل الجهاد والقضاء ونحوهما، كما أشار إليه العلّامة الطباطبائي.
وإذا قيل: أنّ الصفات المذكورة للرجل هنا، قد تمتلكها بعض النساء ويمكنهنّ ترجيح العقل على العاطفة، أو أنّ قواهم الجسمية أكثر من الرجال.
نقول: الأحكام تصدر بناءاً على المفاسد والمصالح النوعية والملاك هو نوع البشر وليس الحالات الشاذّة والنادرة.
والخلاصة، أنّ الرجل والمرأة مساويان في الإسلام والمقام عند الله، ولا تفاضل بينهما إلّا بالتقوى، وإنّ أكرمكم عند الله أتقاكم، ولهذا فإنّ كلّ مَن يقول أنّ مقام المرأة في الإسلام مقام دان ورخيص فكلامه باطل، وبما ذكرنا من أدلّة وايضاحات استطعنا ردّ أساس شبهات الإرث بحمد الله.
ـــــــــــــــــــ
1ـ النحل: 97.
2ـ سفر التكوين: الباب 2، الآية 3.
3ـ رسالة بولس الأُولى.
4ـ من لا يحضره الفقيه 3/359، ح4352.
5ـ عوالم العلوم: 14.
6ـ صحيح البخاري 4/210-219.
7ـ عوالم العلوم 11/8، أسرار فاطمة: 37.
8ـ الغيبة للشيخ الطوسي: 286.
9ـ النساء: 34.
10ـ المیزان 4/ 343.
تعليق