صحفيان يصوران وقائع جلسة الإعلان عن نتائج اقتراع بالسعودية في 2005 (الأوروبية-أرشيف)
ياسر باعامر-جدة
تعود فتاوى بالقتل لتطفو على السطح مجددا في المملكة العربية السعودية وتثير مزيدا من الجدل، أحدثها للشيخ الدكتور عبد الرحمن بن ناصر البراك، أحد أبرز العلماء السلفيين السعوديين، وتجيز "قتل من يبيح الاختلاط في العمل والتعليم" وتصفه بـ"الديوث"، وهي فتوى قسمت الفرقاء الشرعيين.
الشيخ البراك يجدد بفتواه أخرى أطلقها في مارس/آذار 2008، وثانية أباحت دم كاتبين سعوديين اتهمها بالردة إن لم يتوبا، على خلفية مقالتين قال إنهما انتهكتا نصوصا دينية قطعية بالضرورة.
ولم تستطع الجزيرة نت الحصول على تعليق من الشيخ البراك على فتواه، رغم اتصالات متكررة بمكتبه في العاصمة الرياض.
وقال البراك في جزء من فتواه منشور على موقعه "الاختلاط بين الرجال والنساء في ميادين العمل والتعليم.. حرامٌ، لأنه يتضمن النظر الحرام والتبرج الحرام والسفور الحرام والخلوة الحرام والكلام الحرام".
وأضاف "الباعث للعصرانيين الداعين إلى هذا الاختلاط أمران: الأول النزعة إلى حياة الغرب الكافر.. والثاني: اتباع الشهوات"، قبل أن يضيف "ومن استحل هذا الاختلاط -وإن أدى إلى هذه المحرمات- فهو مستحل لهذه المحرمات، ومن استحلها فهو كافر، ومعنى ذلك أنه يصير مرتدا، فيُعرَّف وتقام الحجة عليه فإن رجع وإلا وجب قتله".
الفنيسان: منفذ الحكم بمن يحل الاختلاط يجب أن يكون من الجهات المختصة فقط (الجزيرة نت) معلوم الدين
ويبرر البراك فتوى قتل من يحلل الاختلاط بقوله "الأصل في ذلك أن من جحد معلوما من دين الإسلام بالضرورة كفر لأنه مكذب أو غير ملتزم بأحكام الشريعة، وهذا مقرر ومعروف عند علماء الإسلام".
وقسمت الفتوى علماء الدين السعوديين قسمين، ففريق يرى الدعوة إلى الاختلاط الصريح الذي يستدعي السفور نوعا من التعارض مع النصوص الشرعية القطعية، وفريق لا يرى أن الاختلاط أو الحكم المطلق الذي أطلقه الشيخ البراك يوجب القتل لاختلاف الاجتهادات الشرعية.
ويقول للجزيرة نت الخبير الشرعي السعودي العميد السابق لكلية الشريعة بجامعة الإمام الدكتور سعود بن عبد الله الفنيسان إن الشيخ البراك يتحدث عن "استحلال الاختلاط المؤدي إلى الحرام، والخلوة والتبرج"، وذلك يوجب حسب الفنيسان القتل بعد أن يستتاب مؤيد هذا النوع من الاختلاط.
الجهات المختصة
ويشدد الفنيسان على أن منفذ الحكم الجهات الاختصاصية الرسمية لا الأفراد "أما من يؤول مفهوم الاختلاط (في إشارة إلى كتاب الصحف)"، فيعتبرها الفنيسان "من الكبائر التي تفضي بصاحبها إلى التعزيز وليس القتل"، مشترطاً لذلك التنبيه والتوضيح.
وقال مراقب شرعي فضل عدم كشف هويته إن فتوى البراك تحتاج مزيدا من التوضيح، لأنها تحمل إيهامات غير واضحة، وقد تفهم في غير سياقها الشرعي الصحيح، وتستخدم في غير محلها من طلبة علم غير متمكنين.
فتوى البراك تعيد الجدل إلى الساحة السعودية خاصة بعد إقالة عضو هيئة كبار العلماء (المؤسسة الدينية الرسمية) الدكتور سعد الشثري أواخر العام الماضي بعد لقاء تلفزيوني طالب فيه الملك عبد الله بمنع الاختلاط في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية "كاوست".
ويرى مراقبون أن فتوى البراك (غير المحسوب على المؤسسة الدينية الرسمية) تأتي في وقت غير محسوب، وهي امتداد لحالة الصراع الفكري الدائر بين "المحافظين" و"الليبراليين".
المصدر : الجزيرة
تعليق