بِسْمِ اَللهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ
اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد
اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد
قال الله تعالى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۚ ذَلكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا﴾.[1]
يتحير العقل هنا في ارتباط هذا الجزاء بالشرط، لعدم الربط بين خوف عدم العدل في اليتامى واموالهم، والترخيص في نكاح النساء.
﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا﴾، القسط هو العدل، والمراد بالخوف العلم بوقوعه، أي وإن علمتم بوقوع الجور(وهو خلاف العدل) المخوف.
وسبب النزول أنّهم كانوا يتزوّجون من يحلّ لهم من اليتامى اللاتي يؤلونهنّ لكن لا لرغبة بل، في مالهنّ ويسيئون الصحبة والمعاشرة ويتربّصون بهنّ أن يمتن فيرثونهنّ.
وقيل: هي اليتيمة تكون في حجر وليّها فيرغب في مالها وجمالها ويريد أن ينكحها بأدنى من سنّة نساءها فنهوا أن ينكحوهنّ إلّا أن يقسطوا لهنّ في إكمال الصداق فأمروا أن ينكحوا من سواهنّ من النساء.
فمعنى الآية ﴿وإن خفتم أن لا تعدلوا﴾، في حقّ اليتامى إذا تزوجتم بهنّ بإساءة العشرة أو بنقص الصداق ﴿فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ﴾، «ما» موصولة اوثرت على «من» إشعارا إلى الوصف أي نكاحا طاب لكم من النساء غير اليتامى؛ فانكحوا من استطابتها نفوسكم من الأجنبيّات وهذا المعنى بشهادة قرينة المقام ﴿مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ﴾، وقرأ: من طاب لكم من النساء. وكلمة ﴿مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ﴾، معناه اثنين اثنين وثلاثا وثلاثا وأربعا وأربعا وهو غير منصرف اجتمع في الكلمة العدل والوصف: أمّا العدل وهو أنّ تذكّر كلمة وتريد بها اخرى كما تقول: عمرو وتريد عامر فهي معدولة، وأمّا أنّه وصف لمعنى الوصفيّة لأنّ معنى قوله: ﴿أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ﴾،[2] أي موصوفين بهذه الصفات فهذه الألفاظ معدولة عن تكرّرها فإنّك لا تريد بقولك: مثنى ثنتين فقط بل ثنتين ثنتين فإذا قلت: جاءني اثنان أو ثلاثة، كان غرضك الإخبار عن مجيء هذا العدد فقط أمّا إذا قلت: جاءني القوم مثنى، أفاد أنّ ترتيب مجيئهم وقع اثنين اثنين فثبت أنّه حصل في هذه الألفاظ نوعان من العدد.
وقوله: ﴿مَثْنَى وَثُلَاثَ﴾، يجوز أن يكون حال من قوله: ﴿مَا طَابَ لَكُم﴾، ويجوز أن يكون بدل من «ما» وإنّما جاءت الواو في «وثلاث» ولم تأت «أو» لأنّه على طريق البدل كأنّه قال: وثلاث بدل من مثنى، ورباعا بدل من ثلاثا، ولو جاء «أو» لكان لا يجوز لصاحب المثنى ثلاث ولصاحب الثلاث رباع.
قال الطبرسيّ: [إنّ هذا لا يؤدّي إلى جواز نكاح التسع بأنّ اثنين وثلاثة وأربعة تسعة؛ فإنّ من قال: دخل القوم البلد مثنى وثلاث ورباع، لا يقتضي اجتماع الأعداد في الدخول، ولأنّ لهذا العدد لفظا موضوعا وهو تسع فالعدول عنه إلى مثنى وثلاث نوع من العيّ مقدّس كلامه عن ذلك؛ قال الصادق عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: ((لاَ يَحِلُّ لِمَاءِ اَلرَّجُلِ أَنْ يَجْرِيَ فِي أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَرْحَامٍ مِنَ اَلْحَرَائِرِ))[3]][4].
﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا﴾، بين الأربع والثلاث في النفقة وسائر وجوه التسوية فتزوّجوا ﴿فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾، أي واقتصروا على الإماء حتّى لا تحتاجوا إلى التسوية والقسم بينهنّ لأنّهنّ لا حقّ لهنّ في القسم.
﴿ذَلكَ﴾، إشارة إلى اختيار الواحدة ﴿أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا﴾، العول الميل من قولهم عال الميزان إذا رجح ومال، وعال في الحكم إذا جار، والمراد هنا الميل المحظور المقابل للعدل فيحصل لكم ميل بظلم وجور على واحدة أو اكثر منهن، أي ما ذكر من اختيار الواحدة والتسرّي أقرب إلى التقوى بالنسبة إلى ما عداهما.
[1] سورة النساء، الآية: 3.
[2] سورة فاطر، الآية: 1.
[3] وسائل الشيعة، ج 20، ص 519.
[4] تفسير مجمع البيان، ج 3، ص 15.
تعليق