بِسْمِ اَللهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ
اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد
اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد
قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا ۖ وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا﴾.[1]
اعلم ان اكل مال اليتيم قد يكون حقا وقد يكون ظلما.
أما الحق: - فهو اكل من وجبت نفقته عليه من قبيل الام أو الجد والجدة من الابوين أو من أحدهما بمقدار المتعارف فإن الولي الذي يتصرف في مال اليتيم، يلزم عليه أن ينفق من هذا المال على هؤلاء؛ وكذا اكل الاولياء بمقدار حق العمل كما سبق، وأما اخراج الزكاة المندوبة من ماله، فعلى فرض يكون كذلك، وعلى فرض يكون خارجا من حيث الموضوع وأما اخراج الخمس من ماله فداخل في القسم الثاني لكونه حكما وضعيا جعل لمن يصرف عليه الخمس، ولذا لا يكون تبعا للتكليف.
وأما الظلم: - فمن اكل مال اليتيم ظلما يظهر بصورة من اكل النار وامتلاء جوفه نارا، كما هو شأن اغلب اهل نار الاخرة، إذا لملكات باطن الانسان وهي منشأ النار فيخرج النار من الباطن الى الظاهر، ويصلون الى النار الموقدة المحيطة بهم بسرعة، ولعل السين في ﴿وَسَيَصْلَوْن﴾، تلويح الى قلة العمر لهذا الشخص.
وقد ورد عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ مَا أَيْسَرُ مَا يَدْخُلُ بِهِ اَلْعَبْدُ اَلنَّارَ قَالَ: ((مِنْ أَكْلٍ مِنْ مَالِ اَلْيَتِيمِ دِرْهَماً وَنَحْنُ اَلْيَتِيمُ)).[2]
وأما ما يستفاد من تقسيم الإرث من الآية الشريفة، إن في صورة وجود القسمين من الأولاد للميت الذكر والانثى، فما يكون للأولاد بعد خروج الزوج أو الزوجة والوالدين كما سيجىء، للذكر نصيبان، وللأنثى نصيب واحد. وفى صورة وجود قسم واحد اناث، فإن كانت اثنتان وفوقهما فلهن ثلثا ما ترك، وإن كانت واحدة فلها النصف.
اعلم أنه لا تنافى عقلا أن يكون للبنتين الثلثان وللبنت الواحدة النصف من جهة خصوص كونها بنت، وأن يكون لهما ولها البقية من باب الأقربية من ساير الارحام، وتعدد الجهة والحيثية موجب لهذا المطلب؛ مثل أن يوقف أحد للهاشميين من بلد مثلا كل واحد مقدارا يكون نفعه الدينار. ولعلماء هذا البلد ايضا مثله وللعدول ايضا مثله، فاجتمعت الصفات في رجل واحد فانه لا اشكال عقلا في شمول الالفاظ الثلاثة لهذا الشخص واعطائه من قسمة كل واحد، حتى على القول بعدم كفاية تعدد الجهة في اجتماع المثلين والضدين، والقول بامتناع اجتماع الامر والنهى، لعدم لزوم اجتماع المثلين والضدين هنا كما لا يخفى، نعم لو لم يمكن في مقام من المقامات على فرض كون الأقربية ايضا موجبة لنصيبهما أو لنصيبها هذا المقدار وكانت الأقربية الموجبة لازمة لهما ولها يمكن أن يقال البنت سهمها ازيد مطلقا من حيث الذات واللازم، وكذا البنتان، ولكن يوجد المقام المذكور أي مقام لا يزيد نصيبهما ونصيبها، إذ في صورة الوالدين والبنتين نصيبهما الثلثان ونصيب كل واحد من الابوين السدس، والسدسان هو الثلث وفي صورة الوالدين والزوج والبنت الواحدة لا تزيد قسمة البنت عن النصف قطعا.
قد يستشكل في مسألة النقص وأن البنت هنا نصيبها أنقص وأن الفرائض المجعولة الإلهية قد لا يفي المال بها كصورة اجتماع البنتين والوالدين والزوج، فإن المال ينقص بالربع وصورة اجتماع البنتين والوالدين والزوجة فإن المال ينقص بالثمن وصورة اجتماع البنت الواحدة مع الوالدين والزوج فإن المال ينقص بنصف السدس لأن الربع سدس ونصف، (وبقية)حق البنتين والوالدين وهي خمسة اسداس(هي السدس) والربع أكثر منه بنصف السدس، فيلزم النقص في المال فيستلزم خلاف العقل.
والجواب هو: بورود النقص على من لم يجعل له المرتبتان، وأما من جعل له المرتبتان(كالأم) فإن لها الثلث في بعض المقامات والسدس في الاخر و(كالزوج) حيث جعل له النصف في بعض المقامات والربع في بعضها (وكالزوجة) حيث جعل لها الثمن في بعض المقامات والربع في بعضها؛ فلا يرد عليهم النقص.
فيصح انتساب النصف بما هو نصف والثلثين بما هما الثلثان الى البنت الواحدة والبنتين، فلا يلزم حينئذ خلاف العقل.
[1] سورة النساء، الآية: 10.
[2] وسائل الشيعة، ج 9، ص 483.
تعليق