اللهم صل على محمد وآل محمد
هذا وأننا لا نجد مبررا لتحمل النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " من عائشة جرأتها. وتجاوزاتها المتكررة وإيذائها له في أخيه علي، وفي زوجاته، إلا أنه لم يكن يستطيع أن يتخذ القرار النهائي بالنسبة إليها، لان السياسة كانت تقضي عليه بتحمل كل هذه المشاق. ويدلنا على أن النبي كان يتعامل مع زوجاته من موقعه السياسي الحرج، لا من جو بيت الزوجية. قول عمر لحفصة - عندما تظاهرت على النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " مع عائشة، واعتزلهن: " والله، لقد علمت أن رسول الله " صلى الله عليه وآله وسلم " لا يحبك، ولولا أنا لطلقك رسول الله " صلى الله عليه وآله وسلم "، (1).
هذا، ولم يكن ثمة من يستطيع الجهر بالحقيقة، وإظهار الواقع.
لان الجهاز الحاكم كله كان يمسك بركاب عائشة، ويعلي قدرها، ويرفع من شأنها؟ لأنه كان يستفيد منها أعظم الفوائد، وأسناها. وكان ثمة خطة مرسومة لاظهار عظيم منزلتها، وإغداق الأوسمة عليها، بثمن، أو بغير ثمن!!
وكانت هي تستغل موقعها كزوجة للنبي " صلى الله عليه وآله وسلم "، وكأم للمؤمنين إلى أقصى الدرجات، كما أنها كانت تستفيد من حاجة الهيئة الحاكمة إليها، وكل ذلك يفسر لنا السر في أنها كانت توحي للناس بأنها أقرب زوجات النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " إليه، وآثرهن لديه؟ لجمالها، ولكونه " صلى الله عليه وآله وسلم " قد تزوجها بكرا حسب دعواها. وكان النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " كان يهتم للبكارة وللجمال (مع نقاش لنا في ذلك).
ولا ندري ما هو السر في تواضع أم المؤمنين إلى هذا الحد حتى إنها لم تر في نفسها المؤهلات لان تعتز بالدين، وبالمعاني الانسانية النبيلة أو لعلها كانت ترى أن النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " لا ينطلق في حبه وبغضه من الدين والأخلاق، وإنما من الشهوة، فصورته للمسلمين على أنه رجل شهواني لا أكثر.
-----
(١) صحيح مسلم ج ٤ ص ١٨٩. ولسوف يأتي مزيد توضيح لذلك في البحث عن سبب تكثر زوجاته قبل واقعة أحد في هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.
-----------------
الصحيح من سيرة النبي الأعظم (ص) - السيد جعفر مرتضى - ج ٣ - الصفحة ٣٠٠