بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
واللعنة الدائمة على اعدائهم الى قيام يوم الدين
نُكتةٌ لطيفة:
"ثمّ إنّ في الآية الشريفة نكتة لطيفة ينبغي التعرّض لها، فنقول: إنّه يستظهر منها بدواً بحسب الفقاهة أنّ السرّ الوحيد والعلّة التامّة في منع المشركين عن دخول المسجد هو كونهم نجساً، فيصطاد ويستفاد منها- بمقتضى كون العلّة معمّمة- عمومٌ، وهو عدم جواز قرب أيّ نجس من النجاسات من المسجد مطلقاً، ولكنّ الظاهر من جملة: (فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ) بعد التأمّل فيها أنّه حكمٌ مختصٌّ بالمشركين، وأنّ نجاستَهم ليست علّة حتّى يعمّ الحكم جميعَ النجاسات بل هي حكمةٌ لذلك.
وذلك لأنّ النهي فيها عن قربهم من مسجد الحرام لا عن دخولهم فيه مع أنّ مجرّد قرب النجاسة لا يوجب السراية وليس هو سبباً للنجاسة، بل هي موقوفة على المماسّة والملاقاة وتأثّر الملاقي بها، فهذا التعبير حاكٍ عن كمال اهتمام الشارع بعدم حصول أيّ صلةٍ وترابطٍ بين المسلمين والكفّار، وعزلهم عن إطار عيشهم وعشرتهم، وعلى هذا فلا عموم أصلًا.
وبعبارةٍ أُخرى: لمّا كان الناس يستبعدون عدمَ جواز قرب المشركين من المسجد ويكبر عليهم هذا الحكم لا سيّما بلحاظ إناطة منافعهم بالتّبادل التجاريّ معهم، واختلافهم، وتردّدهم إلى مكّة المعظّمة، فلذا بيّن حكمة هذا الحكم -أعني لزوم طرد الكفّار- فقال: (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ). وهذه الحكمة تكشف عن عظمة تعاليم النبيّ الكريم وسموّ دعوته، وتقوّي روحً المؤمن وتشجّعه وتجعله عزيزاً شديداً على الكفّار، غير مكترثٍ بهم في جنب الله، لا يخاف في الله لومةَ لائم، وتعلو في ظلّها همّته، فلا يودّهم، ولا يتولّاهم، ولا يتّخذهم أولياءَ وبطانة، ويكون صلب العود، قويّ العزم، في مواجهة الكفّار، ولا يكون الدين عنده أُلعوبة يعبث به، فقد أراد الله تعالى أن يكون المسلم متصلّباً خشناً في ذات الله، وأن يجعل من الأمّة الإسلاميّة رجالاً شجعاناً أبطالاً، يكون الكافر في أعينهم أصغر من ذبابة، وأن يكونوا بحيث لو أجمع العالم كلّه على الكفر والعناد واتّفق أهله على الضلال والإلحاد ولم يكن من ينتحل الإسلام إلّا واحداً، فهذا المسلم الواحد يكون معتزّاً بالإسلام معتدّاً بشرفه، لا يخاف ولا يستوحش، بل يقوم وحدَه حذاءَ العالم المُجمِع على الكفر، ويقول مخاطباً لهم: لا تمسّوني، ولا تقربوا منّي، فإنّكم بأجمعكم -أيّتها الأمّة المُجتمعِة على الكفر والضلال- نجسٌ، وأنا وحدي -في ظلال التوحيد والإسلام- طاهرٌ، و فيه من رقيّ الإسلام وكيان المسلم وإعلاء كلمة الدين وتحرير الإنسان من الخضوع لغير الله ونفخ روح الرجولة والجلادة فيه ما لا يخفى".
نتائج الأفكار إلى نجاسة الكفّار، تقريراً لأبحاث الفقيه السيد محمّد رضا الگلپايگاني.
والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
واللعنة الدائمة على اعدائهم الى قيام يوم الدين
نُكتةٌ لطيفة:
"ثمّ إنّ في الآية الشريفة نكتة لطيفة ينبغي التعرّض لها، فنقول: إنّه يستظهر منها بدواً بحسب الفقاهة أنّ السرّ الوحيد والعلّة التامّة في منع المشركين عن دخول المسجد هو كونهم نجساً، فيصطاد ويستفاد منها- بمقتضى كون العلّة معمّمة- عمومٌ، وهو عدم جواز قرب أيّ نجس من النجاسات من المسجد مطلقاً، ولكنّ الظاهر من جملة: (فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ) بعد التأمّل فيها أنّه حكمٌ مختصٌّ بالمشركين، وأنّ نجاستَهم ليست علّة حتّى يعمّ الحكم جميعَ النجاسات بل هي حكمةٌ لذلك.
وذلك لأنّ النهي فيها عن قربهم من مسجد الحرام لا عن دخولهم فيه مع أنّ مجرّد قرب النجاسة لا يوجب السراية وليس هو سبباً للنجاسة، بل هي موقوفة على المماسّة والملاقاة وتأثّر الملاقي بها، فهذا التعبير حاكٍ عن كمال اهتمام الشارع بعدم حصول أيّ صلةٍ وترابطٍ بين المسلمين والكفّار، وعزلهم عن إطار عيشهم وعشرتهم، وعلى هذا فلا عموم أصلًا.
وبعبارةٍ أُخرى: لمّا كان الناس يستبعدون عدمَ جواز قرب المشركين من المسجد ويكبر عليهم هذا الحكم لا سيّما بلحاظ إناطة منافعهم بالتّبادل التجاريّ معهم، واختلافهم، وتردّدهم إلى مكّة المعظّمة، فلذا بيّن حكمة هذا الحكم -أعني لزوم طرد الكفّار- فقال: (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ). وهذه الحكمة تكشف عن عظمة تعاليم النبيّ الكريم وسموّ دعوته، وتقوّي روحً المؤمن وتشجّعه وتجعله عزيزاً شديداً على الكفّار، غير مكترثٍ بهم في جنب الله، لا يخاف في الله لومةَ لائم، وتعلو في ظلّها همّته، فلا يودّهم، ولا يتولّاهم، ولا يتّخذهم أولياءَ وبطانة، ويكون صلب العود، قويّ العزم، في مواجهة الكفّار، ولا يكون الدين عنده أُلعوبة يعبث به، فقد أراد الله تعالى أن يكون المسلم متصلّباً خشناً في ذات الله، وأن يجعل من الأمّة الإسلاميّة رجالاً شجعاناً أبطالاً، يكون الكافر في أعينهم أصغر من ذبابة، وأن يكونوا بحيث لو أجمع العالم كلّه على الكفر والعناد واتّفق أهله على الضلال والإلحاد ولم يكن من ينتحل الإسلام إلّا واحداً، فهذا المسلم الواحد يكون معتزّاً بالإسلام معتدّاً بشرفه، لا يخاف ولا يستوحش، بل يقوم وحدَه حذاءَ العالم المُجمِع على الكفر، ويقول مخاطباً لهم: لا تمسّوني، ولا تقربوا منّي، فإنّكم بأجمعكم -أيّتها الأمّة المُجتمعِة على الكفر والضلال- نجسٌ، وأنا وحدي -في ظلال التوحيد والإسلام- طاهرٌ، و فيه من رقيّ الإسلام وكيان المسلم وإعلاء كلمة الدين وتحرير الإنسان من الخضوع لغير الله ونفخ روح الرجولة والجلادة فيه ما لا يخفى".
نتائج الأفكار إلى نجاسة الكفّار، تقريراً لأبحاث الفقيه السيد محمّد رضا الگلپايگاني.