إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ﴾

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ﴾

    بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
    اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد



    قال الله تعالى: ﴿وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا[1].


    تنطلق هذه الآية الشريفة من صعيد إنساني في الحث على الجهاد بوجود المستضعفين من الرجال والنساء والوالدان. كما أنها تسلك منحى فنيّا له أهميته في إثارة المشاعر ودفعها إلى الجهاد ألا وهو: رسم المستضعفين في أشد حالاتهم من الأذى بدليل أنهم يقولون ويهتفون بأسى ﴿رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ﴾، أَهْلُهَا فهذا الهتاف يكشف أن المستضعفين - وكانوا في مكة حينئذ - قد اشتدّ بهم الأذى إلى درجة أنهم يعتصرون أفئدتهم ويتوسّلون بحرارة أن ينقذهم الله عز وجل من الظلمة المشركين. إذا، في الحثّ على الجهاد - قد سلك النص منحى فنيا ونفسيا - حينما ربط قضية الجهاد ليس بالعطاء الأخروي فحسب، بل بدلالات إنسانية لا يملك الشخص حيالها إلا أن يستجيب للجهاد من أجل إنقاذ المستضعفين الذين يعانون من الظلمة أشدّ العذاب بحيث يتوسّلون بمرارة أن ينقذهم الله من الشدائد.
    فهو استنهاض للمثبطين عن القتال - لا المقاتلين - تنديدا بتبطيئهم عن القتال قضية نفاق أم ضعف إيمان أم إسلام قبل إيمان، ف ﴿ومَا لَكُمْ﴾، تستنهض هؤلاء الثلاث ليلحقوا بصفوف المؤمنين المقاتلين لا سيما وأن أهليهم المؤمنين رجالا ونساء وأطفالا هم ظلوا تحت نير الظلم والهوان، فحتى ان لا يقاتلوا في سبيل الله مجرّدة، فليقاتلوا في سبيله لنجاة الأهلين الملتصقين بهم فالقرآن لا يقضي على حكم الفطرة الإنسانية بالتضحية للأهلين، وإنما يصفيه الى واجهة الإيمان، حيث يسبك كل الإيجابيات والسلبيات للمؤمنين في قالب التوحيد، تهذيبا عن شوائب الأهواء والآمال الفاسدة، فلذلك نرى هنا ردف سبيل الأهلين بسبيل الله! ومهما لم تصفوا نياتهم أولاء كما يحق في بداية الأمر، فميادين القتال في سبيل الله هي مدارس تربوية تغير من حب الذات لدى المشاركين وتبلور نشاطاتهم. هنا سبيل «المستضعفين» في سبيل الله مدمج في سبيل الله، فلا تعني إلاّ السبيل التي قررها الله للحياة الإيمانية، حفاظا على أصل الإيمان وعلى ﴿الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ﴾، المؤمنين ﴿الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ﴾، وهي حينذاك مكة المكرمة ﴿الظَّالِمِ أَهْلُهَا﴾، حيث لا يسمحون حرية للإيمان ولا يسامحون كتلة الإيمان ﴿وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا﴾، يلي أمرنا «﴿وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا﴾، ينصرنا.
    وورد عَنْ سَمَاعَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ حَدِيثٌ طَوِيلٌ وَفِي آخِرِهِ: ((فَأَمَّا قَوْلُهُ، «وَاَلْمُسْتَضْعَفِينَ اَلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا أَخْرِجْنا» إِلَى «نَصِيراً» فَأُولَئِكَ نَحْنُ))
    [2].
    فالقتال في سبيل تحقيق دعوات هؤلاء المستضعفين - الإيمانية - قتال في سبيل الله، هجمة دفاعية على الظالمين بحقهم تحريرا لهم عن نيرهم المذل، وتحريرا لحق الحرية للإيمان المدل.
    ولقد دعي رسول الله (صلّى اللّه عليه وآله) من قبل أن يخرجه ربه من هذه القرية الظالم أهلها فأخرجه بعد ما أحرجه الظالمون فيها: ﴿كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ[3].
    ذلك، والقتال - كآخر الدواء الكيّ في سبيل سلب الظلم وإيجاب العدل هو قتال في سبيل الله، تحقيقا للسلب والإيجاب في كلمة التوحيد، لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى: ﴿لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنقَلِبُوا خَائِبِينَ
    [4].
    إذا فكل قرية فيها مؤمنون مستضعفون تحت وطأة الظلم الفاتك الحالك، هي مشمولة ل ﴿هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ﴾، دون اختصاص بمكة المكرمة، وعلى سائر المؤمنين قتال أهلها ما استطاعوا تخليصا للمستضعفين، حكما صارما لا حول عنه على مدار الزمن الرسالي حتى يأتي دور صاحب الأمر الذي به تملأ الأرض قسطا وعدلا بعد ما ملئت ظلما وجورا.

    [1] سورة النساء، الآية: 75.
    [2] تفسير نور الثقلين، ج 1، ص 517.
    [3] سورة الأنفال، الآية: 5.
    [4] سورة آل عمران، الآية: 127.


  • #2

    اللهم صل على محمد وال محمد
    احسنتم
    وبارك الله بكم

    تعليق


    • #3
      بسم الله الرحمن الرحيم
      اللهم ص​ل على محمد وآل محمد
      جزاكم الله خيرا
      مع شكرنا وتقديرنا لحسن متابعاتكم
      ​​

      تعليق

      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
      حفظ-تلقائي
      Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
      x
      يعمل...
      X