من الموروث الكربلائي.. زفة ختم القرآن
وهي من الموروث الشعبي الكربلائي، الذي يحكي تقاليد اجتياز الأولاد، مرحة تعلم قراءة وحفظ القرآن الكريم من الكتاتيب. في البداية يحمل التلاميذ الكبار(اللالات) وهي الأضوية القديمة، بينما يحمل بعض الأطفال (الصناع) الشموع والبخور والحرمل في (الصواني) يلبسون الطفل الخاتم للقرآن العقال المقصّب واليشماغ الأبيض والعباءة ذات (الكلبدون) تبدأ المسيرة من باب دار خاتم القرآن، والجميع يهزجون بأهازيج حلوة يتقدمهم (الشيخ)، ويرفع الحمال (الحجلة) وهي (صينية) يوضع عليها أوراد وياس وشموع، وتكون صغيرة الحجم، تلمع فيها (اللالات)، وكل ثلاثة تلاميذ يسيرون بشكل منتظم وهم يرتدون (العرقجين) على رؤوسهم، ويشدّون الحيص المفضضة على بطونهم، وكلهم ينشدون الأناشيد الحزينة، قاصدين صحن الإمام الحسين عليه السلام ومنها:
والشمس وضحاها.. هاها
والقـمر إذا تـلاهـا.. هاها
وقولهم:
الحمد لله الذي هدانا بفضله علمنا القرآنا
ومن الأهازيج الأخرى قولهم :
حب علـي بـن أبي طالــب احلى من الشهد إلى الشارب
لو فتشوا قلبي رأوا وسطه سطرين قــد خطا بلا كـاتب
العدل والتوحيد في جـانب وحب أهل البـيت في جانب
أو قولهم :
الـــحمـد الـــذي تحـــــمدا حمــداً كثـــيراً دائمـــاً وأبدا
أو قولهم :
صبّوا على الرحل دراهم وذهب أنّ أخـانـا قـد تعلـم وكتـب
وفي صحن الحسين يقفون صفاً واحداً أمام الكتـّاب، وينشدون بهذه الأهزوجة :
سلام سلام سلام سلام سلام عليكم فردوا السلام
فنقرأ وندعو لكم جمعنا وعيد مبارك عليكم تمـام
فيرد الشيخ وتلاميذه المستقبلين بالقول :
هنيئاً مريئاً لكم جمعكم وبورك يوم وأسعد عام
على أن كلمات الترحيب هذه هي أطول مما هو مثبت هنا، وأنا أحاول جهدي الحصول عليها من أفواه المعمرين .
ثم يذهب الطلاب إلى صحن العباس ، ويقفون أمام كتاب من كتاتيب الصحن، ويردّدون الأهزوجة السابقة، ومن ثم يقصدون دار خاتم القرآن، لتناول طعام الغذاء، وبعد ذلك يجمع الأطفال هدية من عندهم كأن تكون نقوداً أم غير ذلك، توضع في (الصينية) وتقدم إلى عائلة التلميذ الخاتم .
وهناك في الدار يقف الشيخ مخاطباً صاحب الدار بهذه الأهزوجة، بألحان شجية تستهوي الأذواق وتستميل القلوب :
صلّ يا ربّنا على سيدنـا
مَن به عزّنا و بعتـرتـه
ومنها قوله :
شيخــه تعـَـبا ضاق النصبا
يــرجو الذهبا فـي تعبتــــه
هنـّــــوا عـمّته هنـّـوا خالــته
هنـّــوا أســرته فـي خـتمـــته
لا يكاد ينتهي الشيخ من الإنشاد حتى يقدم له صاحب الدار الهدية، وهي عبارة عن مبلغ من النقود ومقدارها مجيدي = 4 دراهم إذا كان موسرا ونصف مجيدي أو طاقة (عزيزي) أو طاقة (پُتـّه) وهما نوعان من الأقمشة أو (كلـّة قند) (وهو سكر صلب مصنوع بشكل مخروطي) أو غير ذلك حسب إمكاناته المادية. ثم يخاطبه بقوله: اصرف الصناع..
تعليق