جابر بن عبد الله الانصاري الصحابي المخلص
بسم الله الرحمن الرحيم
من أصحاب النبي محمد (ص) الذين بايعوه في بيعة العقبة الثانية، ومن الحفّاظ ومكثري الحديث. من رواياته حديث اللوح الذي ذكر فيه النبي أسماء أئمة الشيعة.
وهو أوّل من زار قبر الإمام الحسين ، وقد وافق وصوله إلى كربلاء مع مرور أربعين يوماً على مقتل الإمام الحسين ، وكان جابر من المعمرين، حتى أدرك الإمام الباقر ، فأبلغه سلام رسول الله.
نسبه وكنيته
جدّه عَمرو بن حرام بن كعب بن غَنْم الذي ينتهي نسبه إلى خَزْرَج.[1]
وكان أبوه من سابقي الأنصار، وممن اعتنق الإسلام قبل هجرة النبي إلى يثرب، وكان من المبايعين له في بيعة العقبة الثانية، وهو أحد النقباء الإثني عشر الذين اختارهم الرسول؛ لينوبوا عن قبائلهم، ومن المشاركين في معركة بدر والحاضرين في معركة أحد.[2]
يكنى جابر بأبي عبد الله، وقيل: بأبي عبد الرحمن، والأول أصح.[3]
حياته
أوّل واقعة سجلها لنا التاريخ الإسلامي عن حياة جابر هي حضوره مع أبيه في بيعة العقبة الثانية والتي وقعت في السنة الثالثة عشرة للبعثة، وكان أصغر من شهد البيعة من الأوس والخزرج،[4] حيث لم يبلغ عمره أكثر من ست سنين إذا ما قورن بين عمره وتاريخ وفاته.[5]
الحروب التي شارك فيها
بعد أن هاجر النبي الأكرم من مكة إلى المدينة حتى انضم جابر إلى قافلة الشباب الذين كان لهم حضور في الغزواة والسرايا فلم يتخلف إلا في غزوتي بدر وأحد.[6] وقد روى عنه أنّه علل تخلفه عن الغزوتين بقوله: «لم أشهد بدراً؛ لأن أبي كان يخلفني على أخواتي، وكنّ تسعاً».[7]
علماً أن بعض المصادر التاريخية ذكرت أنّه شهد بدراً وكان ينقل لأصحابه الماء.[8]
وقد اختلفت كلمة المؤرخين في عدد الغزوات التي شهدها، وروي عنه أنّه شهد تسع عشرة غزوة من بين سبع وعشرين غزوة.[9] وروي عنه اشتراكه في بعض السرايا أيضاً.[10]
غزوة حمراء الأسد
غزوة حمراء الأسد هي الغزوة التي وقعت بعد معركة أحد مباشرةً وفي السنة الرابعة من الهجرة، وكانت تمثل أوّل تجربة حضور لجابر في الحرب، وقد ذكر المؤرخون أنّ النبي أمر أصحابه وبهم أشدّ القرح – جراحات معركة أحد- بطلب العدو ليسمعوا بذلك ويصيبه التزلزل والهلع، وقال: «لا ينطلقن معي إلا من شهد القتال في معركة أحد»، فاستجاب الصحابة لله ورسوله على الذي بهم من البلاء. وأقبل جابر بن عبد الله إلى رسول الله فقال: «يا رسول الله، إنّ أبي رجعني وقد خرجت معك لأشهد القتال لكي لا أترك نساءنا، فاستشهده الله، فأراد بي البقاء لتركته، ولا أحبّ أن تتوجه وجهاً إلا كنت معك، وقد كرهت أنّ يطلب معك إلا من شهد القتال بأحد، فأذن لي»، فأذن له رسول الله.[11]
وحضر تسع عشرة غزوة إضافة إلى بعض السرايا، كما مرّ.
زواجه
تزوج جابر في 3 هـ وقبل غزوة ذاتُ الرَقاع من ابنة عمته سُهَیْم بنت مسعود بن أوس بن مالك بن سواد بن ظفر وأمها الشموس بنت عمرو بن حرام بن ثعلبة بن حرام من بني سلمة وكانت قد تزوجت قبله فكانت ثيباً، ولما سئل عن سبب اختياره لامرأة ثيب، قال: «إنّي كرهت أن أجيئهن – يعني أخواته- بمثلهن فأردت امرأة تقوم عليهن وتعلمهن».[12]
وقد روى ابن سعد في الطبقات عن جابر بن عبد الله أنّ أباه توفي وعليه دين، فأتى رسول الله فقال: «إن أبي ترك عليه ديناً وليس عندنا إلا ما يخرج نخله فلا يبلغ ما يخرج نخله سنتين ما عليه. فانطلق معه لكيلا يفحش على الغرماء». قال جابر: «فمشى حول بيدر من بيادر التمر، ودعا، ثم جلس عليه، وقال: أين غرماؤه؟ فأوفاهم الذي لهم وبقي مثل الذي أعطاهم».[13]
علاقته بالنبي الأكرم
ذكرت المصادر التاريخية العلاقة القوية بين الرسول وبين جابر بن عبد الله والتي كان ملؤها المحبة والعطف والحنان، وقد أشار جابر إلى ما يدل على حب الرسول له، قائلاً: «عادني رسول الله – في مرضي- فوجدني لا أعقل فدعا بماء فتوضأ ثم رش عليّ منه فأفقت، فقلت: كيف أصنع في مالي يا رسول الله؟ قال: فأنزلت يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُم لِلْذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ».(سورة النساء: 176.)[14]
فترة الخلفاء الثلاثة
لم تتحدث المصادر عن موقف معين لجابر من أبي بكر ولعله ساير المهاجرين والأنصار في بادئ الأمر ثم عدل بعد ذلك إلى صفّ أمير المؤمنين وأهل البيت .[15]
وقد عرف عن جابر اهتمامه في فترة الخلفاء الثلاثة بالجانب العلمي والإرشادي بعيداً عن الأمور السياسية والعسكرية. ولم يشترك إلا في معركة واحدة من معارك الفتح الإسلامي في عصر أبي بكر حيث سار في ركاب خالد بن الوليد لفتح دمشق.[16] ولم يعلم هل واصل المسير مع جيش خالد نحو العراق أم لا؟ وهل سار إلى منطقة أخرى؟
وكان جابر بن عبد الله في زمن خلافة عمر بن الخطاب من العرفاء.[17] والعريف: القيم بأمور جماعة من الناس بأمر من الحاكم، يلي أمورهم ويتعرف منه الحاكم أحوالهم.
ولم تذكر الأخبار عن دور جابر في عصر عثمان بن عفان، إلا ما ذكر من اشتراكه في وفد الواسطة بين المصريين وبين عثمان، فقد روى صاحب الطبقات: «أن المصريين لما أقبلوا من مصر يريدون عثمان ونزلوا بذي خشب دعا عثمان محمد بن مسلمة فقال: اذهب إليهم فأرددهم عني وأعطهم الرضى وأخبرهم أني فاعل بالأمور التي طلبوا ونازع عن كذا بالأمور التي تكلموا فيها. فركب محمد بن مسلمة إليهم إلى ذي خشب. قال جابر وأرسل معه عثمان خمسين راكباً من الأنصار أنا فيهم».[18]
فترة خلافة الإمام علي
ذكر صاحب أعيان الشيعة أن جابر كان من المقاتلين تحت لوائه .[19] وكان من الممتنعين في بادئ الأمر من مبايعة بسر بن أبي أرطاة حينما دخل المدينة، فقد روى الثقفي عمّن سمع جابر بن عبد الله يقول: «بعث معاوية بسر بن أبي أرطاة إلى المدينة ليبايع أهلها على راياتهم وقبائلهم فجاءته بنو سلمة فقال: «أفيهم جابر؟»- قالوا: «لا»، قال: «فليرجعوا فانّي لست مبايعهم حتّى يحضر جابر»، قال: «فأتاني قومي فقالوا: ننشدك الله لمّا انطلقت معنا فبايعت، فحقنت دمك ودماء قومك فان لم تفعل ذلك قتلت مقاتلينا وسبيت ذرّيّتنا»، قال: «فاستنظرتهم اللّيل فأتيت أمّ سلمة زوجة النّبيّ فأخبرتها الخبر، فقالت: «يا بنيّ انطلق فبايع [احقن دمك ودماء قومك فانّي قد أمرت ابن أخي أن يذهب فيبايع] وإنّي لأعلم أنّها بيعة ضلالة..»[20]
حادثة نقل منبر النبي
في سنة خمسين للهجرة قرر معاوية نقل منبر النبي من المدينة وأن يُحمل إلى الشام، وقال: «لا يترك هو وعصا النبي بالمدينة، وحرّك المنبر فكسفت الشمس حتى رأيت النجوم باديةً، فأعظم الناس ذلك فتركه». وقيل: «بل أتاه جابر وأبو هريرة فقالا له: يا أمير المؤمنين، لا يصلح أن يخرج منبر النبي من موضع وضعه وتنقل عصاه إلى الشام؛ فتركه معاوية».[21]
رحلاته وأسفاره
سافر جابر سنة 50 للهـجرة إلى مصر فروى عنه جماعة من المصريين.[22] وكان الوالي عليها مَسلَمة بن مُخَلَّد الأنصاري من قبيلة جابر، ومن هنا روى ابن مَنْدَة أن جابراً سافر مع مَسلَمة بن مُخَلَّد إلى الشام ومصر.[23] وفي رواية أخرى أنه سافر إلى الشام ليروي حديثاً في باب القصاص عن عبد اللّه بن اُنَیْس،[24] إلا أن المصادر لم تذكر تاريخ تلك الرحلة.
وروي أيضاً أنّه قدم إلى معاوية من دمشق، فلم يأذن له أياماً، فلما أذن له قال: «يا معاوية، أما سمعت رسول الله يقول: من حجب ذا فاقة وحاجة حجبه الله يوم القيامة، يوم فاقته وحاجته»، فغضب معاوية، وخرج جابر فاستوى على راحلته ومضى، فوجّه إليه معاوية بستمائة دينار، فردها على معاوية.[25] ولعل السبب في موقف معاوية من جابر يعود إلى منهج الأمويين في التقليل من شأن أهل المدينة وازدرائهم بسبب قتلهم لعثمان بن عفان.
العصر الأموي
بسم الله الرحمن الرحيم
من أصحاب النبي محمد (ص) الذين بايعوه في بيعة العقبة الثانية، ومن الحفّاظ ومكثري الحديث. من رواياته حديث اللوح الذي ذكر فيه النبي أسماء أئمة الشيعة.
وهو أوّل من زار قبر الإمام الحسين ، وقد وافق وصوله إلى كربلاء مع مرور أربعين يوماً على مقتل الإمام الحسين ، وكان جابر من المعمرين، حتى أدرك الإمام الباقر ، فأبلغه سلام رسول الله.
نسبه وكنيته
جدّه عَمرو بن حرام بن كعب بن غَنْم الذي ينتهي نسبه إلى خَزْرَج.[1]
وكان أبوه من سابقي الأنصار، وممن اعتنق الإسلام قبل هجرة النبي إلى يثرب، وكان من المبايعين له في بيعة العقبة الثانية، وهو أحد النقباء الإثني عشر الذين اختارهم الرسول؛ لينوبوا عن قبائلهم، ومن المشاركين في معركة بدر والحاضرين في معركة أحد.[2]
يكنى جابر بأبي عبد الله، وقيل: بأبي عبد الرحمن، والأول أصح.[3]
حياته
أوّل واقعة سجلها لنا التاريخ الإسلامي عن حياة جابر هي حضوره مع أبيه في بيعة العقبة الثانية والتي وقعت في السنة الثالثة عشرة للبعثة، وكان أصغر من شهد البيعة من الأوس والخزرج،[4] حيث لم يبلغ عمره أكثر من ست سنين إذا ما قورن بين عمره وتاريخ وفاته.[5]
الحروب التي شارك فيها
بعد أن هاجر النبي الأكرم من مكة إلى المدينة حتى انضم جابر إلى قافلة الشباب الذين كان لهم حضور في الغزواة والسرايا فلم يتخلف إلا في غزوتي بدر وأحد.[6] وقد روى عنه أنّه علل تخلفه عن الغزوتين بقوله: «لم أشهد بدراً؛ لأن أبي كان يخلفني على أخواتي، وكنّ تسعاً».[7]
علماً أن بعض المصادر التاريخية ذكرت أنّه شهد بدراً وكان ينقل لأصحابه الماء.[8]
وقد اختلفت كلمة المؤرخين في عدد الغزوات التي شهدها، وروي عنه أنّه شهد تسع عشرة غزوة من بين سبع وعشرين غزوة.[9] وروي عنه اشتراكه في بعض السرايا أيضاً.[10]
غزوة حمراء الأسد
غزوة حمراء الأسد هي الغزوة التي وقعت بعد معركة أحد مباشرةً وفي السنة الرابعة من الهجرة، وكانت تمثل أوّل تجربة حضور لجابر في الحرب، وقد ذكر المؤرخون أنّ النبي أمر أصحابه وبهم أشدّ القرح – جراحات معركة أحد- بطلب العدو ليسمعوا بذلك ويصيبه التزلزل والهلع، وقال: «لا ينطلقن معي إلا من شهد القتال في معركة أحد»، فاستجاب الصحابة لله ورسوله على الذي بهم من البلاء. وأقبل جابر بن عبد الله إلى رسول الله فقال: «يا رسول الله، إنّ أبي رجعني وقد خرجت معك لأشهد القتال لكي لا أترك نساءنا، فاستشهده الله، فأراد بي البقاء لتركته، ولا أحبّ أن تتوجه وجهاً إلا كنت معك، وقد كرهت أنّ يطلب معك إلا من شهد القتال بأحد، فأذن لي»، فأذن له رسول الله.[11]
وحضر تسع عشرة غزوة إضافة إلى بعض السرايا، كما مرّ.
زواجه
تزوج جابر في 3 هـ وقبل غزوة ذاتُ الرَقاع من ابنة عمته سُهَیْم بنت مسعود بن أوس بن مالك بن سواد بن ظفر وأمها الشموس بنت عمرو بن حرام بن ثعلبة بن حرام من بني سلمة وكانت قد تزوجت قبله فكانت ثيباً، ولما سئل عن سبب اختياره لامرأة ثيب، قال: «إنّي كرهت أن أجيئهن – يعني أخواته- بمثلهن فأردت امرأة تقوم عليهن وتعلمهن».[12]
وقد روى ابن سعد في الطبقات عن جابر بن عبد الله أنّ أباه توفي وعليه دين، فأتى رسول الله فقال: «إن أبي ترك عليه ديناً وليس عندنا إلا ما يخرج نخله فلا يبلغ ما يخرج نخله سنتين ما عليه. فانطلق معه لكيلا يفحش على الغرماء». قال جابر: «فمشى حول بيدر من بيادر التمر، ودعا، ثم جلس عليه، وقال: أين غرماؤه؟ فأوفاهم الذي لهم وبقي مثل الذي أعطاهم».[13]
علاقته بالنبي الأكرم
ذكرت المصادر التاريخية العلاقة القوية بين الرسول وبين جابر بن عبد الله والتي كان ملؤها المحبة والعطف والحنان، وقد أشار جابر إلى ما يدل على حب الرسول له، قائلاً: «عادني رسول الله – في مرضي- فوجدني لا أعقل فدعا بماء فتوضأ ثم رش عليّ منه فأفقت، فقلت: كيف أصنع في مالي يا رسول الله؟ قال: فأنزلت يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُم لِلْذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ».(سورة النساء: 176.)[14]
فترة الخلفاء الثلاثة
لم تتحدث المصادر عن موقف معين لجابر من أبي بكر ولعله ساير المهاجرين والأنصار في بادئ الأمر ثم عدل بعد ذلك إلى صفّ أمير المؤمنين وأهل البيت .[15]
وقد عرف عن جابر اهتمامه في فترة الخلفاء الثلاثة بالجانب العلمي والإرشادي بعيداً عن الأمور السياسية والعسكرية. ولم يشترك إلا في معركة واحدة من معارك الفتح الإسلامي في عصر أبي بكر حيث سار في ركاب خالد بن الوليد لفتح دمشق.[16] ولم يعلم هل واصل المسير مع جيش خالد نحو العراق أم لا؟ وهل سار إلى منطقة أخرى؟
وكان جابر بن عبد الله في زمن خلافة عمر بن الخطاب من العرفاء.[17] والعريف: القيم بأمور جماعة من الناس بأمر من الحاكم، يلي أمورهم ويتعرف منه الحاكم أحوالهم.
ولم تذكر الأخبار عن دور جابر في عصر عثمان بن عفان، إلا ما ذكر من اشتراكه في وفد الواسطة بين المصريين وبين عثمان، فقد روى صاحب الطبقات: «أن المصريين لما أقبلوا من مصر يريدون عثمان ونزلوا بذي خشب دعا عثمان محمد بن مسلمة فقال: اذهب إليهم فأرددهم عني وأعطهم الرضى وأخبرهم أني فاعل بالأمور التي طلبوا ونازع عن كذا بالأمور التي تكلموا فيها. فركب محمد بن مسلمة إليهم إلى ذي خشب. قال جابر وأرسل معه عثمان خمسين راكباً من الأنصار أنا فيهم».[18]
فترة خلافة الإمام علي
ذكر صاحب أعيان الشيعة أن جابر كان من المقاتلين تحت لوائه .[19] وكان من الممتنعين في بادئ الأمر من مبايعة بسر بن أبي أرطاة حينما دخل المدينة، فقد روى الثقفي عمّن سمع جابر بن عبد الله يقول: «بعث معاوية بسر بن أبي أرطاة إلى المدينة ليبايع أهلها على راياتهم وقبائلهم فجاءته بنو سلمة فقال: «أفيهم جابر؟»- قالوا: «لا»، قال: «فليرجعوا فانّي لست مبايعهم حتّى يحضر جابر»، قال: «فأتاني قومي فقالوا: ننشدك الله لمّا انطلقت معنا فبايعت، فحقنت دمك ودماء قومك فان لم تفعل ذلك قتلت مقاتلينا وسبيت ذرّيّتنا»، قال: «فاستنظرتهم اللّيل فأتيت أمّ سلمة زوجة النّبيّ فأخبرتها الخبر، فقالت: «يا بنيّ انطلق فبايع [احقن دمك ودماء قومك فانّي قد أمرت ابن أخي أن يذهب فيبايع] وإنّي لأعلم أنّها بيعة ضلالة..»[20]
حادثة نقل منبر النبي
في سنة خمسين للهجرة قرر معاوية نقل منبر النبي من المدينة وأن يُحمل إلى الشام، وقال: «لا يترك هو وعصا النبي بالمدينة، وحرّك المنبر فكسفت الشمس حتى رأيت النجوم باديةً، فأعظم الناس ذلك فتركه». وقيل: «بل أتاه جابر وأبو هريرة فقالا له: يا أمير المؤمنين، لا يصلح أن يخرج منبر النبي من موضع وضعه وتنقل عصاه إلى الشام؛ فتركه معاوية».[21]
رحلاته وأسفاره
سافر جابر سنة 50 للهـجرة إلى مصر فروى عنه جماعة من المصريين.[22] وكان الوالي عليها مَسلَمة بن مُخَلَّد الأنصاري من قبيلة جابر، ومن هنا روى ابن مَنْدَة أن جابراً سافر مع مَسلَمة بن مُخَلَّد إلى الشام ومصر.[23] وفي رواية أخرى أنه سافر إلى الشام ليروي حديثاً في باب القصاص عن عبد اللّه بن اُنَیْس،[24] إلا أن المصادر لم تذكر تاريخ تلك الرحلة.
وروي أيضاً أنّه قدم إلى معاوية من دمشق، فلم يأذن له أياماً، فلما أذن له قال: «يا معاوية، أما سمعت رسول الله يقول: من حجب ذا فاقة وحاجة حجبه الله يوم القيامة، يوم فاقته وحاجته»، فغضب معاوية، وخرج جابر فاستوى على راحلته ومضى، فوجّه إليه معاوية بستمائة دينار، فردها على معاوية.[25] ولعل السبب في موقف معاوية من جابر يعود إلى منهج الأمويين في التقليل من شأن أهل المدينة وازدرائهم بسبب قتلهم لعثمان بن عفان.
العصر الأموي
تعليق