بسم الله الرحمن الرحيم
وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26) إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (27) / سورة نوح .
هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ ۗ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا ۗ قُلِ انتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ (158) / سورة الأنعام.
[ تأملات قرآنية - من نوح الى المهدي ، الغربلة الكبرى ]
بسمه تعالى ، السلام عليكم
النبي المرسل نوح عليه السلام أول أولي العزم من الرسل ، وهو يعتبر كمثل الله آدم ع ابو البشر لانه بعد الطوفان لم يبقى إلا من انجاه الله في السفينة .
لبث نوح ع في قومه كما بين القرآن ٩٥٠ سنة ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ )
استعمل نوح ع كل وسائل الهداية مع قومه وصبر عليهم كاطول زمان ما صبر نبي على قومه ، ولكن أصروا على كفرهم وعصيانهم ( وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا ) ( وَاتَّبَعُوا مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاَّ خَسَارًا * وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا )
فكان على أثر ذلك أن وصل إلى نتيجة واحدة وهي انهم بكفرهم وعصيانهم هذا بعد كل ما فعل معهم في طريق الهداية انهم قوم لا يهتدون وأنهم بذرة خبيثة لا تنتج إلا الخبيث ، فدعى ربه ( رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا * إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا )
ففصل الله بينه وبين قومه الظالمين ، فنجى المؤمنين وهم الاقل ، وهلك الباقين
وابتدأ مجتمع أمة جديد من المؤمنين في حياة البشرية الاولين .
ولعله لم يكن على الأرض زمن نوح ع من البشر سوى نوح وقومه وهذا لعله يستشف من دعائه عليهم بقرينة ( على الأرض ) إذ قال ( رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا ) . وإلا ما حصل من عذاب الاستأصال على قومه حصل في الأمم التالية بعده كما يحدث القرآن سوى أن الفرق بينه وبين الأمم التالية كثر وتوزع وانتشر البشر في ربوع الأرض، فلما يحص أن يهلك قوم نبي أو رسول بذنوبهم ويستأصلوا لا يهلك كل أهل الأرض من المنحرفين عن خط السماء .
وهذا لعله يرجع إلى أن البشرية زمن نوح ع كانت أمة واحدة ولا يوجد غيرها وبعده أصبحت امم متعددة وفي بلاد متعددة . وكل أمة تحاسب على فعلها ولها أجلها
( فاحفظ هذا ) .
والملاحظة الأخرى المهمة في قوم نوح ع نقلها القرآن فيما يخص ابنه الذي آوى إلى جبل ليعصمه من الطوفان ، فهو أشبه بمحاولة المحايدة في أمر فصل
فنوح ع دعى بالهلاك على قومه واستأصالهم إلا من ركب السفينة ، فكان ركوب السفينة علامة الإيمان وبها النجاة .
بينما ابنه لم يؤمن ولم يركب السفينة ولكن أيضا أراد النجاة بمحاولة صعود جبل ليعصمه من الغرق فكان كأنما يريد أمرا بين أمرين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء كالمترددين وإلا إذا أردت النجاة من الغرق فلماذا لم تصعد سفينة النجاة مع المؤمنين وهل الاعتزال عن المنحرفين فقط في أمر فصل به بأمر من الله وبلاغ من الرسول ينجي من الهلاك ( فتذكر ذلك ) .
ومن هنا حتى نوح ع توهم ان ابنه بهذا العمل يمكن أن ينال النجاة بعد ان علم مسبقا ان الله وعده انه سينجيه وأهله في السفينة إلا أمرأته ، فدعى ربه ( إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ )
فجائه النداء الإلهي ( إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ۖ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ۖ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۖ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ) .
هذا هو كان مشهد نبي الله نوح مع قومه وكيفية هلاكهم بعد ان فصل الله تعالى الامر بينهما بعد طول مدة واجيال متعاقبة من أمة توارثت الكفر والانحراف ورفضت الإيمان فكان الفصل بينهما انه من آمن بالله وكان مع نوح أن يركب السفينة لينجوا ولا ينفع إيمان مؤمن وقتها بدون ركوب السفينة لأن من لم يركبها سيغرق حاله حال من ختم عليه بالكفر والهلاك بعذاب الاستأصال ، فتامل .
إذا كان هذا واضحا ، فسنرى مشهد فصل آخر في آخر الزمان يشمل امتحان لكل أهل الأرض ، كل البشر ، لا أمة واحدة منهم او أهل دين أو ملة محددة ، يفصل بين المؤمنين والكفار وذلك زمان ظهور الإمام الحجة المهدي المنتظر ع ويوم الفصل المهدوي الموعود سيكون توقيته عندما يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ ، فتطلع الشمس من مغربها وهذا ما سنبينه في المبحث المهم اللاحق .
والله أعلم
يتبع لاحقا
،،،
وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26) إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (27) / سورة نوح .
هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ ۗ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا ۗ قُلِ انتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ (158) / سورة الأنعام.
[ تأملات قرآنية - من نوح الى المهدي ، الغربلة الكبرى ]
بسمه تعالى ، السلام عليكم
النبي المرسل نوح عليه السلام أول أولي العزم من الرسل ، وهو يعتبر كمثل الله آدم ع ابو البشر لانه بعد الطوفان لم يبقى إلا من انجاه الله في السفينة .
لبث نوح ع في قومه كما بين القرآن ٩٥٠ سنة ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ )
استعمل نوح ع كل وسائل الهداية مع قومه وصبر عليهم كاطول زمان ما صبر نبي على قومه ، ولكن أصروا على كفرهم وعصيانهم ( وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا ) ( وَاتَّبَعُوا مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاَّ خَسَارًا * وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا )
فكان على أثر ذلك أن وصل إلى نتيجة واحدة وهي انهم بكفرهم وعصيانهم هذا بعد كل ما فعل معهم في طريق الهداية انهم قوم لا يهتدون وأنهم بذرة خبيثة لا تنتج إلا الخبيث ، فدعى ربه ( رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا * إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا )
ففصل الله بينه وبين قومه الظالمين ، فنجى المؤمنين وهم الاقل ، وهلك الباقين
وابتدأ مجتمع أمة جديد من المؤمنين في حياة البشرية الاولين .
ولعله لم يكن على الأرض زمن نوح ع من البشر سوى نوح وقومه وهذا لعله يستشف من دعائه عليهم بقرينة ( على الأرض ) إذ قال ( رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا ) . وإلا ما حصل من عذاب الاستأصال على قومه حصل في الأمم التالية بعده كما يحدث القرآن سوى أن الفرق بينه وبين الأمم التالية كثر وتوزع وانتشر البشر في ربوع الأرض، فلما يحص أن يهلك قوم نبي أو رسول بذنوبهم ويستأصلوا لا يهلك كل أهل الأرض من المنحرفين عن خط السماء .
وهذا لعله يرجع إلى أن البشرية زمن نوح ع كانت أمة واحدة ولا يوجد غيرها وبعده أصبحت امم متعددة وفي بلاد متعددة . وكل أمة تحاسب على فعلها ولها أجلها
( فاحفظ هذا ) .
والملاحظة الأخرى المهمة في قوم نوح ع نقلها القرآن فيما يخص ابنه الذي آوى إلى جبل ليعصمه من الطوفان ، فهو أشبه بمحاولة المحايدة في أمر فصل
فنوح ع دعى بالهلاك على قومه واستأصالهم إلا من ركب السفينة ، فكان ركوب السفينة علامة الإيمان وبها النجاة .
بينما ابنه لم يؤمن ولم يركب السفينة ولكن أيضا أراد النجاة بمحاولة صعود جبل ليعصمه من الغرق فكان كأنما يريد أمرا بين أمرين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء كالمترددين وإلا إذا أردت النجاة من الغرق فلماذا لم تصعد سفينة النجاة مع المؤمنين وهل الاعتزال عن المنحرفين فقط في أمر فصل به بأمر من الله وبلاغ من الرسول ينجي من الهلاك ( فتذكر ذلك ) .
ومن هنا حتى نوح ع توهم ان ابنه بهذا العمل يمكن أن ينال النجاة بعد ان علم مسبقا ان الله وعده انه سينجيه وأهله في السفينة إلا أمرأته ، فدعى ربه ( إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ )
فجائه النداء الإلهي ( إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ۖ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ۖ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۖ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ) .
هذا هو كان مشهد نبي الله نوح مع قومه وكيفية هلاكهم بعد ان فصل الله تعالى الامر بينهما بعد طول مدة واجيال متعاقبة من أمة توارثت الكفر والانحراف ورفضت الإيمان فكان الفصل بينهما انه من آمن بالله وكان مع نوح أن يركب السفينة لينجوا ولا ينفع إيمان مؤمن وقتها بدون ركوب السفينة لأن من لم يركبها سيغرق حاله حال من ختم عليه بالكفر والهلاك بعذاب الاستأصال ، فتامل .
إذا كان هذا واضحا ، فسنرى مشهد فصل آخر في آخر الزمان يشمل امتحان لكل أهل الأرض ، كل البشر ، لا أمة واحدة منهم او أهل دين أو ملة محددة ، يفصل بين المؤمنين والكفار وذلك زمان ظهور الإمام الحجة المهدي المنتظر ع ويوم الفصل المهدوي الموعود سيكون توقيته عندما يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ ، فتطلع الشمس من مغربها وهذا ما سنبينه في المبحث المهم اللاحق .
والله أعلم
يتبع لاحقا
،،،
تعليق