تويت
علي حسين الخباز
(محاولة جديدة في بحث مشكلة اليأس على ضوء النظرية الإسلامية للشهيد السيد نوري طعمة)
الشهيد السيد نوري بن محمد حسين آل طعمة، المولود في كربلاء المقدسة سنه 1954 م، درس أصول الدين في كلية الفقه، وصدرت له مؤلفات مثل (المشكلة الاجتماعية المعاصرة/نقاط وحروف/مواكب الجامعة/وكتب أخرى) أعدم عام 1974، نقل جثمانه ودفن في مقبرة السادة آل طعمة في الصحن الحسيني الشريف.
المعرفة الحقيقية بما يمتلك الإنسان من قيم الوعي المدرك لبناء المجتمع، وبما ينسجم مع روح الإسلام وتطورات العصر.
انفرد السيد نوري طعمة بقراءة لا تمس الاجتماع ولا اليأس النفسي مباشرة، لكنها تعني باليأس أولا من الدعوة نفسها، ومن المشروع والثورة والتغيير يفتح لمرحلة مكتظة بالتوقعات والترقب، يعمل على إعادة الاعتبار للمثابة التي بدا منها حراك التغيير.
ماذا يفعل الإنسان أمام تطرف الحياة، وما هي الوسائل التي يحتاجها ليستنهض الهمم والأمة تعيش في قوقعة الجهل، بعيدة عن قوى المعرفة وشعلة النور الوهاجة؟
يرى السيد الشهيد نوري طعمة أن وعي الأمة يعيش معركة مصيرية عنوانها اليأس الشعبي العام، والمجتمع يعيش محنة ارتباك المفاهيم واضطرابها، أصيبت الأمة بداء اليأس، وخلق الله الإنسان مطبوعا بطابع العقيدة والإيمان، مفطورا على الفطرة السليمة، أثرت عليه مؤثرات خارجية، ولّدت لديه صراعات نفسية أو فكرية، بحيث أدى هذا الصراع إلى خلق التباس ذهني، تحولت الاضطرابات إلى سلوك عملي في حياة أي إنسان، عدم إدراك المواقف المناسبة وعدم معرفة الأسلوب الأفضل الذي يحقق الصلاح، وما يريد أن يصل إليه السيد نوري طعمة هو أن المشكلة لا تنبع من ذاك الإنسان ،بل مما يلامسه من الشبهات المتركزة، إنما هو وليد أحداث عاشها في حياته ويبحث في جذور المشكلة.
ومفهوم الصراع الذي هو أساسا نتيجة اختلاف المفاهيم والعواطف في قراءة لنظم (المدرسة الاشتراكية) وإيمانها بفلسفة التاريخ المبنية على تصارع الطبقات و(المدرسة الرأسمالية) تؤمن بقواعد الحرية المطلقة في تنظيم مرافق الدولة، الإنسان له حريته ضمن إطار خدمة الوطن، صراع عام شامل بين المدرستين في مصالحها وتصوراتها، وفي كل مدرسة أيضا ،هناك صراع ضمني يقوم على تفسير الأساليب التي تحقق الأهداف، وهناك مشكلات فردية واجتماعية، لا شك أن موضوع البحث موضوع شمولي يذهب باتجاه الدين والتاريخ والفلسفة والتربية والأخلاق والانتماءات الفكرية، فالاستعمار سعى إلى تفكك الوحدة وشكل قواعد تبشيرية استثمرت غفلة الجماهير، وبعد الأمة عن الفهم الحقيقي للإسلام أوجد تيارات فكرية ونزاعات سياسية، وعصبيات قومية، ونعرات طائفية،
الوعي الديني يعني تماثل الناس للدين وفق مختلف المستويات الإنسانية على الجانب المعرفي والوجداني والسلوكي، وهذا يضاعف القدرة على التفاعل مع البيئة المحيطة، بينما الجهل بالمفاهيم الصحيحة للإسلام هو أساس هذا الانهيار، لا غرابة أن ترى المشكلات الاجتماعية في المدرسة الإسلامية، ولدراسة الملامح الظاهرية للمشكلة يعرض لنا (اليأس) صفة من الصفات النفسية تتولد نتيجة عوامل خارجية وذاتية وهو من مصاديق العاطفة الإنسانية واليأس يدل على الإنسانية والاستسلام وعدم الشعور بالمسؤولية أمام قضية من أهم قضايا الأمن للأمة الإسلامية المصيرية، وإعادة بناء كيانها، يمتلك الشهيد السيد نوري لغة واضحة ومهارة تساعده على تشكيل أفكاره بطريقة تجذب المتلقي أمام تعريف اليأس يقدم مهام المسلم العامل وما يصرفه من جهد يتناسب وحجم المشكلة، ويقدم لنا مفهوم اليأس وما يحتوي من سلبية تجسد انهزام المسلم أمام قيمه وتضائله أمام التيارات الأخرى، وفقدان الثقة بنفسه، وقضية معالجة اليأس تحتاج إلى قوة العزيمة، الواقع الانهزامي يحطم إرادته الشخصية وكثير من أفراد المجتمع أصيب بهذا الداء، لا يرتضون تغيير الواقع المعاش كونهم تطبعوا على أن يكون ليس جزء من كيانهم فيصرون على عدم التمكين من التغيير الاجتماعي، وحين يفقد المسلمون الفهم الصحيح لديه ما يمكن الكافر منهم.
(الأسباب العقائدية)
عدم فهم العقيدة الإسلامية سبب ضعف الوازع الديني عندهم وفقدانهم حيوية العقيدة وانخداعهم بأباطيل الأفكار
(الأسباب النفسية)
انفعالات نابعة من جراء تأثيرات المحيط على اليائس وبدل الحكم على ضعف داعية إسلامي يستدل بضعف الفكر الذي يحمله ويعمل من أجله
وبعض مصادمات الحياة توصل للإنسان الى الهيستريا، مرض نفساني يجذب رغبة مكبوتة وتهدف إلى خلق صفة خاصة والمنشأ هو اليأس
(الأسباب الاجتماعية)
تمثل الانعزال الاجتماعي الذي يمثل اللا مبالاة والشعور بالمسؤولية وتبديل الأعراف الإسلامية، والتقاليد عامل مساعد للمشكلة.
(الأسباب المصلحية)
النواحي الاقتصادية ومراعاة المركز المالي والخوف على المركز الاجتماعي، وجه لنا في خاتمة هذه الفقرة عدة أسئلة مهمة.
سؤال:
- هل يروق المسلم أن تأتيه الراحة والدعة بالخمول والكسل؟
- هل يروق للمسلم أن يأتيه المال والجاه بطريق لا يرتضيه الشرع المقدس؟
- وهل يروق للمسلم أن يكون مطمئنا النفس ومحيطه الإسلامي مقطع الأوصال؟
والجواب: إن شخصية المسلم لا ترضى بذلك أبدا ولا ترتضيها، وله إيمان بأن حب المصلحة منزلق إلى هاوية اليأس والدمار.
يظهر من خلال هذه التحليلات الدقيقة أن الشهيد السيد نوري يمتلك موهبة قادرة على تلخيص أفكاره وأرسالها بشكل مؤثر للمتلقي، ولم يترك بحثه إلا بعد أن يبين مبررات اليأس مثل قضية الانحراف.
عدة أسئلة محورية يحملها اليائس والتبرير
سؤال ... كيف يمكن العمل ومجتمعنا انغمس حتى قمة راسه بالانحراف؟
ما جدوى العمل ونحن نعجز من مجابهة هذا التردي؟
يجد السيد نوري آل طعمه أن هذا السؤال أعطى الانحراف أكثر مما يجب إعطائه، وجسده أكثر مما يستحق، ولا بد أن ننتبه إلى قضيه وجود العاطفة الدينية عند أبناء الأمة، لتسهل أمام العاملين عملية تغييرهم، وعمليه التغيير وليدة الرسالة الإسلامية.
واجبنا كمسلمين هو الطاعة والانقياد لله تعالى، الواجب يدعو للالتزام الشرعي مهما كانت الظروف، وأن في قضية الضغط السياسي يرى أن الكافر لا يحسب حسابا لعدد المسلمين الذين انعزلوا عن واقعهم في فهم خاص في الإسلام لكنه يحسب ألف حساب للذين نورت عقولهم الأفكار والمفاهيم الإسلامية لنشرها الكثير من آيات الوعد والعهد للمؤمنين.
سؤال: - وعد الله تبارك وتعالى وميثاقه سبحانه عقد مع من؟
جواب: مع المؤمنين الصامدين الصابرين الذين لا تأخذهم في الله لومه لائم.
ويعود السيد نوري ليسأل: أليس نكران هذه المعاهدة من قبل اليائسين وعدم التزامهم ببنود ميثاق الله سبحانه وتعالى ما يدل دلالة واضحة على ضعف اعتقادهم وثقتهم بشريعتهم المقدسة؟
يصل بنا إلى عدة دروس مهمة علينا أن نتأملها
(الدرس الأول)
أي اختلال في ميزان الطاعة إنما هو رفع لكافة المعصية الملائمة للذم والعقاب
(الدرس الثاني)
إن الفكر هو الموجه وهو الطاقة الدافعة للإنسان العامل
(الدرس الثالث)
يطلقون الأراجيف في كيفية وقوف العاملين للإسلام في وجه الكافر وأعوانه وهم لا يملكون ما يملك من عدة وعدد، وغاب عن أذهانهم أنه لا يملك ما يملكون من عزيمة وشجاعة.
ليصل إلى حكمة أن العمل المطلوب في هذا الوقت من حياة الأمة أن الانتظار أمر لا بد منه، لكن ينبغي أن يفهم اليائس الذي يقول لا يمكن للعمل إلا بظهور الإمام "عليه السلام" أن هذا راي خاطئ، لأن الله تعالى موجود ودينه وموجود، وإذا كان العمل خالصا لله سبحانه وتعالى فهناك فرق شاسع بين انتظار الفرج وبين القعود عن العمل.
الانتظار لا يسقط عن المسلمين واجبا ولا يدعو إلى التقصير وعدم تأدية ما يستحق العمل من عناية واهتمام، وأعتقد تماما أن الطغمة البعثية قتلت هذا الرجل العالم خوفا من تنامي فكره فيصبح ملهما للأفكار، ومصدرا من مصادر الوعي والإدراك بنعمة الإسلام وقوة العقيدة لذلك قتلوه.
=AZU2ypyb6NqznScQBkfia1D-pE7rGKHmvBzrITnN_2SW9Cmdc47Sku_cW_CR0BaFYNMsnKa8FR n8redXhVM7j0QbLSu2vEgblV0v7l8nbkdvKw&__tn__=EH-R]
تعليق