إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

كتاب الاسلام ومحنة افتراق الطرق / صالح الطائي

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كتاب الاسلام ومحنة افتراق الطرق / صالح الطائي



    كتاب الاسلام ومحنة افتراق الطرق / صالح الطائي
    علي حسين الخباز
    نستطيع من خلال التدقيق في مخرجات هذا التناحر الفكري أن نكتشف ضحالة الثقافة الموجودة عند المفكرين انفسهم كونهم لم ينظروا الى نهضة الأمم بقدر تحيزهم الفكري والمذهبي، فان الاشتغالات القصدية تعمل عادة على تعطيل الهوية سواء كانت في إطارها القصدي أو العفوي، وهذه العفوية أيضا تقودنا الى فكرة إنشاء طبقة مفكرين سلطويين يتداركون أخطاء السلطة، ويحيلون تلك الأخطاء إلى أسس للمسوغات الشرعية التي تدعم الحكام بتأويلات غير سليمة لكنها فاعلة تؤدي الأغراض التي يعملون من أجلها، فمن شأنهم نشر فكر معاق ليعموا على أعين الناس فلا يعودوا يميزون بين الصح والخطأ.
    قواميس اللغة والدراسات المنطقية وتلك العلوم الفكرية كلها، بكل ثقلها وقدراتها، هل تعطلت جميعها فعلاً أمام مفردة (اختلاف) فعجزت عن التماهي معها وصولا إلى حل منطقي؟ وهل أن هذا الحديث اليتيم وحده هو الذي أربك قواميس اللغة؟ أم أن هناك الكثير من تلك الأحاديث؛ هي التي جعلت حياتنا خارج سياق الموقف من الدين الحقيقي، واثرت حياتنا بكم كبير من أسس الخلاف؟
    يقال إن مسألة الحداثة تعني جملة من التصورات الفكرية التي نشأت في الشرق أم في الغرب، ذلك ليس مهما عندنا بقدر أن أسقطناها الرد الفكري على كل جهد مثابر يحتوي بمساعيه روح الاكتشاف، الحداثة في قراءة الموروث، وسبر افكاره برؤية فكرية تنموية، والنظر في تعددية الآراء التي وردت حول حديث تكلم عن قضية واحدة جعلته يحدث كل هذا الإرباك، والنظر في تعددية الآراء التي وردت في قضية واحدة من بين ملايين القضايا التي شكلت بال الإنسان على مر التاريخ بعين العقل والحمة والمنطق، لا بعين العاطفة والانتماء والتحيز، بدل أن نغرق أنفسنا في عالم التعليل والتأويل المؤدلج إلى حد القرف، والذي تسبب في تشظي الأمة فرقا ومذاهب.
    وكل تلك المناهج التحليلية العاطلة التي شغلونا بها لم تثمر على مر التاريخ في بلوغ الحقيقة أو جزء منها، بقدر كونها تسببت في تعطيل قدراتنا الذاتية، وألا ما قيمة أن يعتبر البعض حديث (اختلاف أمتي رحمة) حديثا لا أصل له، إلا أنه صحيح المعنى؟ وكم هي ضبابية هذه الصورة التي أرادوا من خلالها تخفيف وهج الحديث والحد من تأثيره!
    هنا يظهر الاختلاف يقينا بين معنى الاختلاف نفسه، والفرق بين الاختلاف والخلاف اصطلاحيا. البحث عن الفكر المنشود من خلال عملية اختلاف الرؤى بينما المعروف ان على علوم العقيدة تفسير السنة وغيرها من المناهج، اذا نظرنا الى هذا الموضوع بوصفه مشروعا، فيمكن القول إن من قصديات الاجراء المهني المنهجي وخلق تصورات ومفاهيم معدة لتدارك هفوات السلطة، اختلاف أهل اللغة امتدادا إلى خلاف المفسرين والرواة، الى تعدد الرؤى نفسه، واختلاف الفهم، هذا ما يفهم من رأي الأستاذ (صالح الطائي) الذي أكد وبإصرار أن الخلاف ليس هو الاختلاف، وان الاختلاف في الرؤى سنة حياتية لا توجب عند العقلاء التنازع ولا الشقاق، أما الخلاف فيقود غالبا إلى الفوضى، فوضى الإدراك والاستيعاب، وقد أراد من خلال قوله هذا أن يوصل لنا فكرة أن المشروع المعد هو خلط قصدي بين المعنيين؛ الذي يحيي النفرة والشقاق والتنازع بين الناس، ليصبح هذا الخلاف وكأنه مقولة مفهومة من قبل الاساتذة، ويشكلون على اعتبارها مقاربات حداثية.
    كان أحد الاساتذة يرى ان الخلاف والاختلاف في اللغة ضد الاتفاق، وهو أهم من الضد، وإذا كان معنى الخلاف والاختلاف هو المضادة والمعارضة المضمونية، وهو الرؤية الفردية الى المعنى، فما نفعها إذا ما كانت معادة مستنسخة مكرورة تثير مسألة تعميق الغموض؟ فهو حقا أن هذا الأستاذ لم يميز بين الخلاف والاختلاف في المعنى، أم أن مؤثرات القوى الدنيوية بكل أنواعها هي التي دفعته إلى مثل هذا القول المربك؟
    مثل هؤلاء يبدون مهتمين بتشكيل مجموعة من الرؤى أو الأوصاف التفسيرية المتنوعة ؛ الغرض منها اعطاء رأيهم سمة الابتكار، وصحة المعتقد، وعدم السماح لأحد بمنافسته، على اعتبار أنها رؤى مستنبطة جاءت عبر مقاربات فكرية بناءة ومنهجية مدركة، ولذا لابد وأن تخضع لها جميع القراءات الأخرى مهما كان مصدرها وكانت طبيعتها.
    ولا أنجح لتشتيت الفكر الجمعي من أن تخلق كماً وافراً من الآراء المتعارضة، وتلقي بها بين جهلة، ثم تدعم كل رأي منها بقوة ليبدو هو الصحيح وهو الذي يجب أن يتبع، وللنجاح في هذه المهمة العسيرة كرروا الحديث في مواطن وأزمنة مختلفة عن موضوع الفروقات.
    عندما نقرأ ما ذكره الباحث الطائي عن هذه الرؤى أو سواها تتولد لدينا اسئلة وتساؤلات يمكن من خلالها تمحيصها أن نستشعر مقدار الفوضى التي كانت تتحكم بالواقع القلق، عند ذكر الدلالات يصنع الرؤية في مقاربات الجهد المبذول للدفاع عن محورية الرؤية بوصفها رؤية لا تمتلك قدرة تمثيل العالم، فهم يعترفون بوجود فرق بين الخلاف والاختلاف لكنهم يخففون لهجة الفرق، بمعنى أنهم أرادوا الإيهام بأن هناك فرقا دقيقا ليس مهما، ويؤكدون على رأيهم بعدم وجود فرق بينهما، ويبحثون بفرق اللفظتين من جهة الاستعمال لا أكثر! أين فاعلية الفكر في حيرته الكبيرة أمام مفردة واحدة شغلوا العالم بها. هنا استشهد الباحث بقول (محمد المروكي) والملحوظ في استعمال الفقهاء أنهم لا يفرقون بين الخلاف والاختلاف، لأن معناها العام واحد! وفق هذا التخبط اللامحمود؛ بت أعتقد أن مثل هذه المقاربات تكشف نظام البنية الفكرية عند مذاهب السلطويين، بينما يفترض بهم بدل انشغالهم بالتعليل الساذج ذهابهم للبحث عن الثراء الفكري الكامن في النص نفسه بدل التغاير الفكري المفضي للفوضى، وربما لهذا السبب اعتقد محمد المروكي أن استعمال كلمة (خالف) يدل على أن طرفا من الفقهاء جاء باجتهاد مغاير لاجتهاد الآخرين، وإذا نظرنا الى طرفين من أطراف الخلاف، سنجد هناك آراءً متغايرة اختلافا بشكل يفوق الوصف.
    إن الرؤية التي اتمحور حولها في قراءة البحث تعني أن إدراك الأشياء بالبصيرة، بالحدس، هو الذي يقودنا الى معرفة ومتابعة هذا الجهد، فالذي لا يفرقون بين الخلاف والاختلاف، ويعدونهما من مادة واحدة واهمون كثيراً، ولكن جرت العادة على استخدام الاختلاف في التنوع والتعدد وتلاقح الافكار والتدافع بين الآراء واختلاف الحجج والبراهين، أما الخلاف فيكون في التنازع على الحقوق وتعارض المصالح، وهذا في الغالب الأعم ليس قاعدة مفردة، ولذا أرى أن العلماء قد غرقوا في فيض مفردة إلى حد الترهل، وما استحضروه ليس أكثر من صورة الاختلاف في اذهانهم، وهذا شيء فيه الكثير من الخصوصية والتخصيص، وهي ظاهرة لابد أن تدرس من قبل علماء النفس قبل غيرهم، لنرى قدرة الانسان على خلق ايهامات شعورية لمجرد انها تحافظ على قدسية الاسماء والافعال،.
    ولتأكيد ما يريدون الوصول إليه من تحريف، أصل من خلال المتابعة الى نتيجة انهم فقدوا التصور الذهني، وما عاد العقل عندهم يتصرف بمعرفته الطبيعية السليقية، فتلك لم تكن آراء شخصية لها فرادتها بقدر كونها جاءت نتيجة تأثير عالِم سابق تحول الى جهة فاعلة لها قدرة التأثير على عالِم آخر لاحق اعتاد على الاقتباس بعيدا عن التجديد، ولهذا السبب بالذات نراهم قد فهموا ما ذهب اليه من سبقهم من قبل على أن الخلاف والاختلاف لفظ مشترك بين معانٍ عديدة يأخذ معناه من حيث الفعل، وهذا مخالف لمشهور معنى الخلاف والاختلاف في اللغة، فالخلاف لغة ومضمونا مضاد للاختلاف، فالخلاف عدم الاتفاق، والاختلاف تباين وجهات النظر.
    وفق تصور غير نمطي أراني أبحث عن معنى الرؤية في مفاهيم هؤلاء الناس، ما معنى ان نُقلِّب أكداس الآراء المتعارضة الموروثة التي سبقتنا، لنستنتج منها الرأي دون ان نتأمل فيه؟ فذلك تقليد ممجوج، بعيدا عن روح التجديد الذي دعا إليه الدين القيم.
    إن غاية بحثي المضني مجرد أملٍ واعد، عسانا نكتشف فيه ومن خلاله انسانيتنا القلقة لنقودها إلى دنيا الاستقرار والطمأنينة بدل الفوضى العارمة التي تتهدد الكون. وبرأيي كان المطلوب من اولئك العلماء تحري الدقة والموضوعية وعدم التعمق في الموروث، إلا في حدود المنهج العلمي الاستقرائي، لا وقف رؤية العالِم عند حدود الموروث، بدل أن يجعل قدرته موقوفة فقط عند تكرار الرأي؛ الذي يقبل عادة مثل جميع الآراء الخطأ والصواب!
    قرأت مرة بحثاً لأحد العلماء تحدث فيه عن البناء الفكري وفكرة المنهجية ، أرى ان فكرة المنهجية يمكن أن تعد من خلالها دروس وافكار تهدم البناء الفكري من الداخل، لابد للبحث ان يكون عن مقومات البناء الفكري السليمة، فاغلب زواحف التأريخ هم متمنهجون تحت راية سياسية توحد الخطاب، وتؤكد على المفارقات التي تضعها المناهج لخدمة السلطة، السؤال الذي أثير من قِبل الكثير من المفكرين ومن جميع الانتماءات هو: من أين تبدأ عملية البناء الفكري؟ وما المطلوب من هذه العملية؟ ربما البعض منهم يجد أن مثل هذا السؤال قد يضع الانسان عند مفترق طرق، وهنا لابد من التعرف على السبيل الواضح في عملية البناء الفكري، وسبل السعي بمصداقية وراء البحث الجاد المجدد المبدع البعيد عن التقليد الأعمى.
    والجميل في البحوث التجديدية الرصينة أنها ترشدنا الى قضية مهمة، وهي أن العقل الذي يستخدم جهده لخدمة السلطة والجاه من أجل الارتزاق، هو ليس العقل الذي يبحث عن الحقيقة، ولكي يتحرر العقل التابع من ربقة هذه العبودية المقيتة عليه ألا يلجأ الى استنساخ الآراء لإرضاء السلطات، فالفكر الذي يبني الجاه بحثا عن المنافع الشخصانية، من خلال دعم العروش هو فكر متخلف، لذلك جاء تأكيد بحث الدكتور صالح الطائي على فضح السعي السياسي السلطوي الذي كان يريد توهين حديث اختلاف أمتي رحمة لأسباب يراها فئوية وليس لأسباب عقدية، وهذه حقيقة غير خافية فشت بين صفوف الكتاب والباحثين في مجتمعاتنا منذ زمن طويل، ولقد لمست من خلال المتابعة ان الفكر العربي جعل لتلك المشاريع حضورا مكثفا في الوسط الثقافي وانتشارا واسعا عبر الأجيال، وكأن الفكر العربي ليس لديه سوى الاشتغال بما يبرر الاخطاء أو يوسع قاعدة الخلاف، ولهذا نالت هذه المشاريع التي عرفت بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) والتي جيء بها لتخدم السلطة، نالت نصيبا عاليا من الدعوة وحظا وافرا من الترويج ، وقدرا كبيرا من الاستدعاء والتحميل، قبالة خنق المشاريع التي تدعم الحقيقة وتلبي حاجة العقول، وهذا بالضبط ما بينه الباحث الطائي، واكد عليه في مواطن عديدة من الكتاب، مكررا أن حالة فقدان التوازن التي تصل الى استغراق كامل في إعادة وصقل الحيز الذي يخدم المصالح السياسية ويصيب المفكرين بضعف الحاسة النقدية، وتنهي عمليات البحث والتساؤلات، وخلق اشكاليات وتوافقات ممصلحة، مع متابعتهم للحديث باستمرار تعني أن هناك تحيزا واضحا هدفه دعم المعتقد الفئوي لا بحثا عن الحقيقة الكلية.
    الجميل في هذا البحث أنه استغرق وقتا طويلا في تقليب أكداس النقول التاريخية والفقهية التراثية والبحث في ثناياها عن المعلومة لتعضيد الرأي، من ذلك ـ على سبيل المثال ـ أن البحث نبهنا إلى عمل موسوعة الدرر السنية الموسوعة الحديثة التي أخذت هي الأخرى جانبا واحداً، وأكدت عليه من خلال تكرار أقوال الأشخاص السابقين، وتلك انتباهة ذكية من الباحث في محاولة منه لمتابعة تلك الاقوال التي وردت متكررة في كتبهم، ومن خلال آراء الشخص الواحد التي وردت في أكثر من كتاب من كتبه، ليبدو وكأن عدد المعترضين كثير جدا، وتساؤل الباحث فيما إذا ما كان سبب ذلك هو شيوع التقليد الأعمى؟ أم ضحالة حيوية الفكر، أم السعي الى تعمية الحقائق وتضليل المفاهيم؛ الذي يعني أن أساسيات البناء عندهم راهنت على مراوغة الحقائق والعمل على الانفصال عن عقلية الجمهور، أي بمعنى آخر هي إطفاء شعلة الوعي عن قصد وتعمد، وتبعا لذلك نجد أن الآليات التي تمثل قاعدة اشتغالاتهم مكررة ومنقولة، وتحتاج الى الكثير من الجهد والمتابعة لتصحيحها، وهذا بحد ذاته يؤكد انتشار ظاهرة الانحراف الفكري وإظهار لعبة تكثير عدد المعترضين عبر عملية التكرار ممجوجة لا داعي لمثلها. ولكي تتضح الصورة بالدليل، سجل لنا الطائي عدة حالات منها: أن المحدث السخاوي في مصدر المقاصد السنية ذكر عبارة: (يزعم كثير من الائمة أنه لا أصل له) وأن السيوطي في تدريب الراوي حكم بإن الحديث ضعيف تبعا لهذه الرؤية، وأن أبن باز في مجموع فتاوي أبن باز يرى أن الحديث ليس بصحيح، وهذا من كلام القاسم بن محمد في اختلاف أصحاب النبي، وأن المحدث الألباني في بداية السؤل يرى أن الحديث لا سند له، وأن الالباني نفسه في إصلاح المساجد عاد وقال عن الحديث: لا يصح، ثم عاد وقال عنه في صفة الصلاة: باطل لا أصل له ، وعاد مرة أخرى وقال عن الحديث في السلسلة: أن الحديث لا أصل له، وكرر القول نفسه في ضعيف الجامع بأن ادعى أن الحديث موضوع، وأن أبن عيثيمين في شرح البخاري يجد الحديث لا يصح، وفي كتاب تفسير الفاتحة قال عن الحديث: لا صحة له، وقال في تفسير سورة النساء: الحديث ليس بصحيح، والوادعي في الفتاوي الحديثية أن الحديث لا يوجد له سند ولا يثبت عن النبي.
    وحينما يستدعى كل هذا الجهد ليدعم مشروعا معينا من خلال الاقتباس والتقليد والتكرار الممجوج فذلك يعني أن الحديث تسبب بحرج شديد لمن سوقوا نظرية أن الأمة لم تتشظى بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنها بقيت متماسكة متوحدة.XIقد يكون رسمًا توضيحيًا لـ ‏‏شخص واحد‏ و‏نص‏‏

  • #2

    اللهم صل على محمد وال محمد
    احسنتم
    وبارك الله بكم

    ​​

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X