اللهم عجل لوليك الفرج
في ليلة النصف من شعبان، حين سجد الليل بخشوعٍ تحت قباب القدر، وحين سكنت الأرض لتصغي إلى همسات الغيب، انبثق النور في أحضان الزمن، ووُلد الأمل في رحم الأرض المتعبة. كانت السماوات تهمس للملائكة، وكان الكون كله على موعدٍ مع ميلاد رجلٍ ليس ككل الرجال، رجلٍ خُلق ليكون الميزانَ حين تختلّ الموازين، والنورَ حين يعمّ الظلام، والوعدَ الذي لا تنقضه حوادث الدهر بل تسارع في تحقيقه.
لم يكن الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه) مجرد اسمٍ يمرّ في صفخات الكتب، أو ذكرى تُروى في المجالس، بل هو الامتداد الطبيعي لمسيرة الأنبياء، وهو نهر الرسالة المتدفّق منذ آدم إلى محمد (صلى الله عليه وآله)، وهو اليد الإلهية التي ستعيد كتابة التاريخ حين يطمس الظلم ملامحه. لقد بُعث ليكون كلمة الله التي تتحقق، وحكمه الذي لا يُرد، وعدله الذي يملأ الأرض بعد أن تتلاشى معالم العدل بين الناس.
لم يكن ميلاده الأقدس حدثًا عابرًا، بل كان بداية لعصرٍ جديد، عصرٍ تستفيق فيه الأرض من غفلتها، وتتطهّر من أدران الظلم، وتتهيّأ لاستقبال النور الموعود. في تلك الليلة، ارتجف الظلم وهو لا يدري، وتزلزل الطغيان وهو في غفلته، فقد أُعدّت السنن الإلهية لميلادِ من سيكون هادم القهر، وكاسر القيود، ومحيي القلوب الميتة.
حركته العالمية وانسجامها مع مقاصد القرآن
إنّ حركة الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه) ثورة على الظلم، لا، بل هي نهضة شاملة، تحقق مقاصد القرآن العظمى، وتعيد تشكيل العالم وفقًا للإرادة الإلهية التي شاءت أن يسود العدل بعد أن يعمّ الفساد. إنّ منهجه ليس مقتصرًا على إسقاط الطغاة، بل يتجاوز ذلك إلى بناء حضارةٍ إلهية، تكون فيها القيم الإلهية هي الحاكمة، وتتحقق فيها الغاية التي خُلق لأجلها الإنسان.
حين يظهر الإمام، لن يكون قائدًا بالسيف وحده كما يتصوره البعض، بل بالحكمة والعلم، كما أخبر القرآن عن النبي داوود (عليه السلام): ﴿وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ﴾ [ص: 20]. فسيكون صوته صوتَ الحق الذي انتظره المظلومون عبر العصور، وسيرتفع نداؤه ليوقظ الضمائر، وينزع من القلوب أوهام الطغاة، ويعيد للعالم توازنه، فيتحقق وعد الله: ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾ [القصص: 5].
إنّ الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه) سيعيد الأرض إلى فطرتها الأولى، إلى عهدها الذي كانت فيه ساحةً للخلافة الإلهية، لا ساحةً للصراع والفساد. لن يكون هناك شرقٌ وغربٌ، ولن تتصارع المصالح فوق أشلاء الضعفاء، بل سيكون هناك نظامٌ رباني، تعود فيه البشرية إلى حقيقتها، ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ [التوبة: 33].
ميلاده دعوةٌ للاستعداد لا للانتظار
لم تكن ذكرى ميلاد الإمام المهدي أبداً مجرد مناسبة تُحيى، بل هي رسالة لكلّ منتظِرٍ أن يكون جزءًا من مشروعه العظيم، فليس الانتظار قعودًا في الزوايا المظلمة، ولا هو ترقّبٌ خامل، بل هو إصلاحٌ للنفس، وسعيٌ للحق، وتهيئةٌ للعالم كي يكون مستحقًا لنوره الأبهى.
إنّ الذين يدّعون انتظاره، ثم يمدّون أيديهم للظلم، أو يسكتون على الفساد، هم في الحقيقة أبعد الناس عن دولته، لأنّ الإمام لن يأتي ليقيم العدل بأيدٍ ألفت الظلم، بل بأيدٍ طهّرتها التقوى، وهيّأها الإيمان.
في هذه الذكرى العظيمة، يجب أن يسأل كلّ إنسانٍ نفسه: هل أنا حقًا من المنتظرين؟ هل مواقفي، وأخلاقي، وأفعالي، وأحلامي، تنسجم مع مشروعه الإلهي؟ أم أنني ممن يكتفون بذكر اسمه دون أن يهيّئوا قلوبهم لقدومه؟ إنّ الانتظار الحقيقي هو أن نكون مستعدّين لأن نكون جنوده، وأن نحمل مشعل العدل في زمانٍ ضاعت فيه معالمه.
سلامٌ عليك يا ابن الأئمة الطاهرين، يا وعد الله الذي لا يخطئ ميعاده يا محقق حلم الأنبياء، متى يصدح صوتك في أسماع الدنيا؟ متى تهتز لك الجبال، وتخضع لك القلوب؟ متى يسقط الطغيان تحت قدميك، وينحني الجور أمام عدلك؟
لقد طال الانتظار، والقلوب يعتصرها الشوق، والأرض عطشى لخطواتك، والسماء تنتظر أن تأذن لخيل الحق أن تنطلق. ها نحن بانتظارك، نُعدّ أرواحنا لساحتك، ونُهيّئ عقولنا لكلماتك، ونرفع أيدينا بالدعاء:
"اللهم عجّل لوليّك الفرج، واجعلنا من أنصاره وأعوانه، ومن المجاهدين بين يديه، ومن المستشهدين تحت لوائه".
: مركز التبليغ القرآني الدولي
في ليلة النصف من شعبان، حين سجد الليل بخشوعٍ تحت قباب القدر، وحين سكنت الأرض لتصغي إلى همسات الغيب، انبثق النور في أحضان الزمن، ووُلد الأمل في رحم الأرض المتعبة. كانت السماوات تهمس للملائكة، وكان الكون كله على موعدٍ مع ميلاد رجلٍ ليس ككل الرجال، رجلٍ خُلق ليكون الميزانَ حين تختلّ الموازين، والنورَ حين يعمّ الظلام، والوعدَ الذي لا تنقضه حوادث الدهر بل تسارع في تحقيقه.
لم يكن الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه) مجرد اسمٍ يمرّ في صفخات الكتب، أو ذكرى تُروى في المجالس، بل هو الامتداد الطبيعي لمسيرة الأنبياء، وهو نهر الرسالة المتدفّق منذ آدم إلى محمد (صلى الله عليه وآله)، وهو اليد الإلهية التي ستعيد كتابة التاريخ حين يطمس الظلم ملامحه. لقد بُعث ليكون كلمة الله التي تتحقق، وحكمه الذي لا يُرد، وعدله الذي يملأ الأرض بعد أن تتلاشى معالم العدل بين الناس.
لم يكن ميلاده الأقدس حدثًا عابرًا، بل كان بداية لعصرٍ جديد، عصرٍ تستفيق فيه الأرض من غفلتها، وتتطهّر من أدران الظلم، وتتهيّأ لاستقبال النور الموعود. في تلك الليلة، ارتجف الظلم وهو لا يدري، وتزلزل الطغيان وهو في غفلته، فقد أُعدّت السنن الإلهية لميلادِ من سيكون هادم القهر، وكاسر القيود، ومحيي القلوب الميتة.
حركته العالمية وانسجامها مع مقاصد القرآن
إنّ حركة الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه) ثورة على الظلم، لا، بل هي نهضة شاملة، تحقق مقاصد القرآن العظمى، وتعيد تشكيل العالم وفقًا للإرادة الإلهية التي شاءت أن يسود العدل بعد أن يعمّ الفساد. إنّ منهجه ليس مقتصرًا على إسقاط الطغاة، بل يتجاوز ذلك إلى بناء حضارةٍ إلهية، تكون فيها القيم الإلهية هي الحاكمة، وتتحقق فيها الغاية التي خُلق لأجلها الإنسان.
حين يظهر الإمام، لن يكون قائدًا بالسيف وحده كما يتصوره البعض، بل بالحكمة والعلم، كما أخبر القرآن عن النبي داوود (عليه السلام): ﴿وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ﴾ [ص: 20]. فسيكون صوته صوتَ الحق الذي انتظره المظلومون عبر العصور، وسيرتفع نداؤه ليوقظ الضمائر، وينزع من القلوب أوهام الطغاة، ويعيد للعالم توازنه، فيتحقق وعد الله: ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾ [القصص: 5].
إنّ الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه) سيعيد الأرض إلى فطرتها الأولى، إلى عهدها الذي كانت فيه ساحةً للخلافة الإلهية، لا ساحةً للصراع والفساد. لن يكون هناك شرقٌ وغربٌ، ولن تتصارع المصالح فوق أشلاء الضعفاء، بل سيكون هناك نظامٌ رباني، تعود فيه البشرية إلى حقيقتها، ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ [التوبة: 33].
ميلاده دعوةٌ للاستعداد لا للانتظار
لم تكن ذكرى ميلاد الإمام المهدي أبداً مجرد مناسبة تُحيى، بل هي رسالة لكلّ منتظِرٍ أن يكون جزءًا من مشروعه العظيم، فليس الانتظار قعودًا في الزوايا المظلمة، ولا هو ترقّبٌ خامل، بل هو إصلاحٌ للنفس، وسعيٌ للحق، وتهيئةٌ للعالم كي يكون مستحقًا لنوره الأبهى.
إنّ الذين يدّعون انتظاره، ثم يمدّون أيديهم للظلم، أو يسكتون على الفساد، هم في الحقيقة أبعد الناس عن دولته، لأنّ الإمام لن يأتي ليقيم العدل بأيدٍ ألفت الظلم، بل بأيدٍ طهّرتها التقوى، وهيّأها الإيمان.
في هذه الذكرى العظيمة، يجب أن يسأل كلّ إنسانٍ نفسه: هل أنا حقًا من المنتظرين؟ هل مواقفي، وأخلاقي، وأفعالي، وأحلامي، تنسجم مع مشروعه الإلهي؟ أم أنني ممن يكتفون بذكر اسمه دون أن يهيّئوا قلوبهم لقدومه؟ إنّ الانتظار الحقيقي هو أن نكون مستعدّين لأن نكون جنوده، وأن نحمل مشعل العدل في زمانٍ ضاعت فيه معالمه.
سلامٌ عليك يا ابن الأئمة الطاهرين، يا وعد الله الذي لا يخطئ ميعاده يا محقق حلم الأنبياء، متى يصدح صوتك في أسماع الدنيا؟ متى تهتز لك الجبال، وتخضع لك القلوب؟ متى يسقط الطغيان تحت قدميك، وينحني الجور أمام عدلك؟
لقد طال الانتظار، والقلوب يعتصرها الشوق، والأرض عطشى لخطواتك، والسماء تنتظر أن تأذن لخيل الحق أن تنطلق. ها نحن بانتظارك، نُعدّ أرواحنا لساحتك، ونُهيّئ عقولنا لكلماتك، ونرفع أيدينا بالدعاء:
"اللهم عجّل لوليّك الفرج، واجعلنا من أنصاره وأعوانه، ومن المجاهدين بين يديه، ومن المستشهدين تحت لوائه".
: مركز التبليغ القرآني الدولي