قصة حقيقية حدثت في سوق الحرير بدمشق في مطلع الستّينات
- يقول الشّريكُ، كنت أجلسُ في دكّاننا في سوق الحرير فأتى والد شريكي وكان كبيراً بالسنّ، وقال له:
يا بني أريدك أن تعطيني خمسمائة ليرة لأكمل بها شراءَ بعض الضروريات للمنزل.
فقام شريكي التاجر إلى خزانة صغيرة كانت بجانب مكتبهِ وأخرج منها خمسمائة ليرة (لم نكن نملك غيرها حين ذاك) وقال لوالده:
أبشر يا أبي، وإن أحتجت أكثر فأخبرني ولا تتردد.
جلس الوالد قليلاً ثم انصرف.
وبعد وقت قصير رجع الوالد العجوز لابنه وهو يقول: يا بني كأني نسيت أن آخذ منك الخمسمائة ليرة!!
يقول الشريك: لقد رأيته بعينيّ حين أخذها من ابنه!!
لكنني ذهلتُ من موقف شريكي (ولده التاجر) حين قال له: نعم يا أبي، إنك لم تأخذها، وقد استعارها جاري ليردّها لزبونٍ كان عنده! سأحضرها لك على الفور.
هنا خرج التاجر من دكانه إلى دكان جاره ثم عاد ومعه خمسمائة ليرة ثم وضعها بيد أبيه وقال له:
تذكر يا أبي، إن احتجت لشيء فأخبرني على الفور.
خرج الوالد ثم لم يلبث قليلاً إلى أن عاد وبيده ألفُ ليرةٍ سورية ( عبارة عن خمسمائتين ) وقال لابنه:
إني حين خرجت من عندك وأردت أن أدفع ثمن الحاجيات لم أجد الخمسمائة ليرة في جيبي _حيث أحتفظ في النقود عادةً_ فظننت أني نسيت أخذها فرجعت إليك، ثم وجدتها في جيبي وفوقها خمسمائة إضافية!!
فلماذا لم تذكرني أنك أعطيتني إياها!!
فقال له ولده: والله يا أبي حين عدت تطلبها أدركتُ أنك أضعتها فلم أشأ أن أحمّلك هماً وأن أجعلك تفكر بها، فأعطيتك الثانية على أنها الأولى لأني لا أريدك أن تحزن أبداً (فما أرخص أن أشتري لك السعادة بكل ما أملك)!!
نعم هنيئاً لمن باع الدنيا واشترى سعادة والديه.
قصص قصيرة و لها عبرة كبيرة.