تويت
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ
اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد
اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد
قال الله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ۚ ذَٰلِكُمْ فِسْقٌ..﴾[1].
﴿اَلْمَيْتَةُ﴾، في المصطلح الشرعي ما استند موته الى أمر آخر غير التذكية على الوجه الشرعي كالموت حتف انفه أو القتل أو الذبح.
﴿وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ﴾، فالإهلال هو التصويت، والخنق هو التضييق على مجرى التنفس حتى لا يجري فيه الهواء، والوقذ هو الضرب المبرّح فيشمل رمح الدابة لغيرها، والتردّي السقوط من عال، ﴿واَلنَّطِيحَةُ﴾، فعلية بمعنى مفعول وهي المصدومة بضرب الحيوان لها برأسه يقال نطحه إذا ضربه برأسه، ﴿واَلسَّبُعُ﴾، كل حيوان مفترس والذكاة الشرعية يندمج فيها الذبح والنحر والذبح هو فري الأوداج الاربعة بالشرائط والنحر طعن الإبل في لبّاتها بالشرائط ايضا كما يدخل فيها إخراج السمك من الماء حيّا ويموت خارج الماء وأخذ الجراد من الأرض وهو حيّ ﴿واَلنُّصُبِ﴾، جمع نصاب وهي الحجارة تتخذ للعبادة، ﴿بِالْأَزْلَامِ﴾، جمع زلم وهو القدح، ﴿تَسْتَقْسِمُوا﴾، والاستقسام طلب القسمة فيكون بمعنى الاستخارة كما يكون بمعنى القمار وطلب الربح من طريقه، ﴿مَخْمَصَةٍ﴾، وهو الجوع وفلان خميص البطن إذا كان مطويّها جوعا، ﴿مُتَجَانِفٍ﴾، المتمايل والجنف الميل.
ومفاد الآية ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ اَلْمَيْتَةُ﴾، بكافة منافعها يعنى أن الانتفاع بالميتة مطلقا حرام فيتناول أكلها وبيعها وشرائها ولبس جلودها وما الى ذلك من جهات الانتفاع بالميتة التي يلابسها فعل المكلّف والدم بحكم الميتة ويلزم تقييده بالمسفوح لوروده في القرآن كذلك ﴿ولَحْمُ اَلْخِنْزِيرِ﴾، مثل الميتة ايضا وهكذا كل ذبيحة سمّى عليها غير اسم الله كأن يذبحها صاحبها للصنم ويقول باسم اللات مثلا، والتي ماتت بقطع نفسها بالخنق سواء اختنقت من نفسها بأن خنقها حبل رباطها أو خنقها انسان أو حيوان، والتي رمحتها دابة اخرى أو برّح بها انسان ضربا حتى ماتت، والتي سقطت من جبل أو من شفير بئر فهلكت على اثر سقوطها، والتي نطحها حيوان فأماتها بالنطح، والتي افترسها السبع فماتت من وخز أنيابه أو مخالبه أكل منها أم لم يأكل كلّ ذلك من منخنق وموقوذ ومترد ومنطوح ﴿وما أَكَلَ اَلسَّبُعُ﴾، يحرم تناوله والانتفاع به لأنّه ميتة الا ما أدركت ذكاته مع خنقه ووقذه وتردّيه ووقوعه منطوحا لحيوان ومأكولا لسبع بأن استطاع الإنسان ان يجرى عليه الذكاة الشرعية وحياته مستقرة فإن الحيوان بهذه الصورة لا يضرّه ما طرأ عليه من خنق ووقذ وتردّى ونطح وأكل السبع منه ويحلّ بالذكاة على الشرط الذي أسلفناه.
وقد ورد عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: ((كُلُّ شَيْءٍ مِنَ اَلْحَيَوَانِ غَيْرَ اَلْخِنْزِيرِ وَاَلنَّطِيحَةِ وَاَلْمُتَرَدِّيَةِ وَمَا أَكَلَ اَلسَّبُعُ وَهُوَ قَوْلُ اَللهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلاّٰ ما ذَكَّيْتُمْ، فَإِنْ أَدْرَكْتَ شَيْئاً مِنْهَا وَعَيْنٌ تَطْرِفُ أَوْ قَائِمَةٌ تَرْكِضُ أَوْ ذَنَبٌ يُمْصَعُ فَقَدْ أَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ فَكُلْهُ اَلْحَدِيثَ))[2].
وكذلك يحرم ﴿ما ذُبِحَ عَلَى اَلنُّصُبِ﴾، وهي كما قيل حجارة مسطحة تذبح عليها الذبيحة تقربا لآلهة الشرك فيكون سبب تحريمها هو هذا القصد لا الإهلال عليها لغير الله فحتى لو لم يهلّ عليها بشيء تكون حراما والاستقسام بالأزلام الذي هو حرام له معنيان(أحدهما)الضرب بالقداح قمارا طلبا للاستفادة وهو حرام (وثانيهما) الضرب بالقداح شبه الاستخارة المعمولة بين اهل الدين عند التحير في مطلب من مطالب الدنيا فكانوا يكتبون على سهم افعل وعلى آخر لا تفعل ويغفلون السهم الثالث من كل كتابة ويضعون هذه السهام المتماثلة في خريطة ويضربونها بعضا ببعض ويمدّ المستقسم يده في الخريطة ويخرج واحدا من السهام فإذا كان فيه افعل تقدم الى مطلبه وإذا كان فيه لا تفعل أحجم عنه وإذا خرج الثالث ردّه في الخريطة وضربها جميعا وكرّر العملية حتى يحصل له إمّا امر أو نهي فهذا من الحرام ايضا.
فذلكم كله اشارة الى كلّ ما سبق فسق وانحراف عن دين الله الذي اراده لعباده.
[1] سورة المائدة، الآية: 3.
[2] وسائل الشيعة، ج 24، ص 22.
تعليق