إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ضيافة الله وكرامته في شهر رمضان

تقليص
X
تقليص
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ضيافة الله وكرامته في شهر رمضان




    بسم الله الرحمن الرحيم

    والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.

    قال رسول الله صلى الله عليه وآله و على أهل بيته: "أيّها النّاس أنّه قد أقبل إليكم شهر الله بالبركة والرّحمة والمغفرة، شهر هو عند الله أفضل الشّهور، وأيّامه أفضل الأيّام، ولياليه أفضل اللّيالي، وساعاته أفضل السّاعات، هو شهر دعيتم فيه الى ضيافة الله، وجعلتم فيه من أهل كرامة الله..."، إنه قد أقبل إليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة، شهر هو عند الله أفضل الشهور، ولياليه أفضل الليالي، وأيامه أفضل الأيام، وساعاته أفضل الساعات، شهر دعيتم فيه إلى ضيافة الله، وجعلتم فيه من أهل كرامته. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يبلغنا وإياكم شهر رمضان، قيامه، وصيامه، وقبول العمل فيه، والعتق من النار، ودخول الجنة. نُذَّكر هنا بما أنتم بحمد الله ذاكروه، ونُعَرِّف بما أنتم عارفوه، وهو أن الله سبحانه وتعالى مع أنه خالق كل شيء إلا أنه اختص من خلقه أشياء، فاختص ملائكة من بين مجموع الملائكة، واختص بشرا من بين مجموع البشر، واختص أزمنة وأوقاتا من بين الأزمنة والأوقات، وما ذلك إلا لمزية جعل الله سبحانه وتعالى تلك المزية في تلك الأشياء والمخلوقات. تريليونات الملائكة إن لم يكن أكثر من ذلك، لكن من بين هؤلاء اختص جبرائيل بأن جعله أمينا على الوحي، واختص إسرافيل بنفخة الصور، واختص عزرائيل بقبض الأرواح، وعلى هذا المعدل، مع أنه خلق كل هؤلاء الملائكة. كذلك أيضا من بين البشر خلق البشر ليس فقط هذه الدورة البشرية التي نحن فيها، وإنما بحسب ما تشير بعض الروايات: "أن قبل آدمكم هذا ألف ألف آدم، وقبل عالمكم هذا ألف ألف عالم"، فهذه الدورة البشرية التي نحن فيها منذ بدايتها إلى الآن، الله العالم كم من البشر خلق الله فيها؟ من بين كل المجموعة البشرية اختص واختار أنبياء ومرسلين وأسر وعوائل، قال تعالى: ﴿اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾ [سورة الحج: 75]، ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ [سورة آل عمران: 33]، فاصطفى أنبياء ومرسلين، واصطفى أسر وعوائل، واصطفى بين كل ما خلق، ومن خلق، محمدا وآل محمد، فجعلهم أدلاء لخلقه، وهداة إلى صراطه، هذا اصطفاء. كذلك أيضا اصطفى من الزمان، اصطفى في الأيام يوم الجمعة وليلته، واصطفى من بين الشهور (4) حرم، واصطفى شهر رمضان وهو أفضل من الأشهر الحرم، فأضافه إليه حتى عرف بأنه شهر الله، إنه قد أقبل إليكم شهر الله، مع أن سائر الأشهر أيضا هي شهور الله، هو خلقها، هو كونها، ولكن هذا فيه مزية الإضافة. الكعبة المشرفة بيت الله، مع أن كل المساجد أيضا هي بيوت الله سبحانه وتعالى، ولكن شتان بينهما. لذلك يناسب أن يستقبل هذا الشهر المصطفى لا سيما مع احتفاء المصطفى به، قبل وصوله يحتفي به، (أيّها النّاس أنّه قد أقبل إليكم)، التفتوا، تنبهوا، شهر الله لم يأت هكذا ضمن حالة طبيعية جغرافية وفلكية كما تدور الأشهر، يدور هو أيضا، لا، قد أقبل بنحو خاص، (قد أقبل إليكم شهر الله بالبركة والرّحمة والمغفرة)، ثم أيضا أعاد الأمر لعل أحدا لم يلتفت، (شهر هو عند الله أفضل الشهور، أيامه أفضل الأيام، لياليه أفضل الليالي). ذكرنا ذات يوم في أنه أحيانا قد يكون المجموع من حيث المجموع هو أفضل، ولكن الأفراد ليست كذلك، قد تكون السنة كاملة سنة مباركة، لكن قد تكون في بعض أيامها أيام غير مباركة، فيها جذب، فيها قحط، فيها جوع، فيها عطش، لكن مجموع هذه السنة يقال عنها سنة مباركة. شهر رمضان ليس هكذا، كله فيه فضيلة، وأجزاؤه مهما صغرت أيضا فضيلة، وهي أفضل من غيره، (شهر هو عند الله أفضل الشهور)، كمجموع أفضل الشهور، كأفراد لياليه أفضل من سائر الليالي في سائر الشهور، أيامه ونهاراته، قد يكون مثلا أحيانا أحد يقول شهر ربيع مثلا في أيام الشتاء وبالتالي ليله طويل، يستعين فيه الإنسان على كثرة القيام لله عز وجل بالعبادة، اعتبار ليله طويل. هنا لا، يقول لياليه أفضل من سائر ليالي الأشهر، أيامه أيضا أفضل من سائر أيام الأشهر، بل أبعاض الأبعاض، ساعاته أفضل الساعات، ليس كل اليوم يعني النهار بكامله فقط، وليس كامل الليل، لا، حتى أجزاء الأجزاء أيضا كذلك. (هو شهر دعيتم فيه الى ضيافة الله)، شهر أنتم فيه مدعوون من قبل الله عز وجل، لو أن أحدا دعاك إلى مائدته، ثم لم يضفك فيها، كانت ذلك منقصة فيه ومثلبة، بل حتى لو دعاك ولم يعطك بمستواه، مثلا دعاك إلى مائدة وهو من أهل الأموال الطائلة، ثم قدم لك خبزا وتمرا مثلا، يعتبر هذا عند العقلاء مذمة، إنما يريد أن يهينك أو يعتبر هذا بخيل أو غير عارف بالأصول، أنت المليونير تدعو شخصا لكي يأتي إليك ثم تضيفه بالخبز اليابس مثلا أو بالتمر الجشب؟ لا يناسب ذلك الحكمة، إنما ينبغي أن يضيفك بمستوى، كان فقيرا يضيفك بمستوى فقره، إذا كان غنيا يضيفك بمستوى غناه، في الحد المتوسط. الله سبحانه وتعالى عندما دعانا ودعا عباده إلى مائدته وإلى ضيافته، فإن ضيافته ستكون بحجمه، بمقدار عطائه، بمستواه لا بمستوى الضيف، المستوى الذي يُطالب به الله عز وجل في حده الأدنى هو الجنة، لا درجاتها العالية (العليين)، وإن كان يفعل بكرمه ذلك. (هو شهر دعيتم فيه الى ضيافة الله)، لا، بل جُعلتم فيه من أهل كرامته، هذا المُضَّيف إذا يريد أن يضيف شخصا يقدم له المتوسط الخاص به، الآن في هذه البلاد، ما هو متوسط الضيافة؟ لنفترض مقدارا من الرز، مقدارا من اللحم، مقدارا من الفاكهة، أما إذا أردت أن تكرم ضيفك، لا، تحتاج إلى شيء أكثر من هذا، تزيد له في الكمية، تزيد له في النوعية، تزيد له في الاهتمام والعناية. أنت في شهر رمضان لست مدعوا فقط إلى مائدة الله حتى تعطى المتوسط، وإنما أنت بعد الدعوة إلى هذه الضيافة مجعول من أهل الكرامة، ليس المتوسط الذي يراد إكرامه ليس في المتوسط، متوسط الضيافة هذا ما فيه كرامة، هذا الشيء الطبيعي، عندما يراد إكرام أحد أنت هناك تحتاج إلى أن تبالغ في الأمر، أصناف أخرى، طعام من نوع خاص، ليس من الدرجة المتوسطة، أنت قد تقوم على رأسه أو يقوم على رأسه بعض أبنائك لخدمته، هذا كله إظهار ماذا؟ التكريم. الله سبحانه وتعالى جعل المدعوين في هذا الشهر الكريم من أهل كرامته، قد يكون ما بعدها من الكلمات شرحا لهذه الكرامة، (أنفاسكم فيه تسبيح، ونومكم فيه عباده، ودعاؤكم فيه مستجاب، وعملكم فيه مقبول). هذه (4) أمور، أما (أنفاسكم فيه تسبيح)، فبالفعل هذه كرامة عظيمة، لماذا؟ لأن هذا النفس لا يرافق أمرا عباديا، العبادة نعم هي تسبيح، هي ذكر لله بلسانك أو بجوارحك عبادة، أما إنسان يتنفس يغمض عينه ويفتحها مثلا، يتنفس، ترمش عينه، هذا ليس عملا عباديا، ولذلك في سائر الأيام في سائر الأشهر لا يثاب عليها هذا الإنسان، طبيعي الإنسان لابد أن سينبض قلبه، طبيعي أن يتنفس لكي تستديم حياته، لكن هذا أمر لا يرتبط بالموضوع العبادي، والشاهد على ذلك أننا لا نجد ثوابا له أو أنه محسوب عبادة في سائر الأشهر. في شهر رمضان من الكرامة الإلهية أن هذا الشيء (النفس) الذي في سائر الأشهر لا تستحق عليه شيئا، في شهر رمضان يعتبر تسبيحا، والتسبيح أعلى الأفكار، كما ورد في بعض الأخبار، (سبحان الله) وما يشتق منها، لذلك تجد في السجود، سبحان الله، في الركوع سبحان الله، في الركعة الثالثة والرابعة سبحان الله، إضافة إلى التسبيحات بقية الأذكار، هذا الذي هو في الصلوات موجود وهو أعلى الأذكار، في شهر رمضان شيء لم تصنعه أنت، يعتبر أعلى الأذكار. (نومكم فيه عبادة)، أيضا نفس الكلام، النوم في سائر الأشهر مذموم، إذا زاد عن حاجة البدن، واعتبر إضاعة للعمر مذموم ذات الوقت، عنه (صلى الله عليه وآله): "قالت أم سليمان بن داود لسليمان عليه السلام: إياك وكثرة النوم بالليل، فإن كثرة النوم بالليل تدع الرجل فقيرا يوم القيامة"، تصبح فقيرا يوم القيامة، لماذا؟ لأنه بالتالي إذا ثلث عمرك راح في النوم كان ينبغي أن تختصر هذا المقدار من النوم بمقدار حاجة بدنك، وتبدل هذا المقدار من النوم لشيء مفيد. وبالفعل أحيانا يصبح الآن قسم من الناس لو تسأله مثلا حضرت اليوم صلاة الجمعة أو الجماعة في أي مسجد؟ يقول لك لا، لماذا؟ كنت نائما، هذا ليس إفقارا؟ ألا يفقر الإنسان أن يكون نائما عن صلاة الجمعة أو صلاة الجماعة في يوم الجمعة؟ دع عنك قضية اغتسال الجمعة، دع عنك ذكر الصلاة على النبي وآله، دع عنك دعاء الندبة، دع ودع إلى غير ذلك. واحد نائم طول هذه المدة، هذا إفقار، (فإنه يفقرك يوم القيامة)، تأتي ذاك البعيد يوم القيامة غيري يأتي يوم الجمعة وعنده ضياء، (كشافات حسب التعبير)، في كل سنة (52) ضياء يسمى يوم الجمعة، (52) أسبوعا، وأنا آتي كل هذه الأضواء مطفأة، لماذا؟ لأنه أنا كنت في حالة نوم، (إياك وكثرة النوم فإنه يفقرك يوم القيامة). هذا النوم الذي هو في سائر الأيام في سائر الأوقات مفقر ومذموم، في شهر رمضان على أثر التعب، لا يأتي أحد يقول ما دام بهذا الشكل فخليني أطويه من طلوع الفجر إلى غروب الشمس في عبادة النوم، كلا، لا، بمقتضى كما يقول العلماء مناسبة الحكم والموضوع أن الإنسان في أيام الصيام على أثر قلة الطاقة الناشئة من التغذية قد يغفو وينام، هذا نومه الناشئ عن الصيام والتعب وما شابه ذلك، (نومكم فيه عبادة)، أليست هذه كرامة؟ النوم الذي لا يفعل فيه الإنسان شيئا، لكنه يعتبر في شهر رمضان لخصوصية هذا الشهر يعتبر عبادة. (أنفاسكم في تسبيح، ونومكم فيه عبادة، ودعاؤكم فيه مستجاب)، نحن نعلم أن دعاء الإنسان في سائر الأشهر إذا توفرت فيه شروط القبول يستجاب، صحيح أم لا؟ إذا قلنا نفس الكلام موجود في شهر رمضان، فإذن لا ميزة لشهر رمضان، إذا لا ميزة له، لماذا قال النبي صلى الله عليه وآله وهو سيد البلغاء والمتكلمين، (دعاؤكم فيه مستجاب)؟ يستطيع أحد أن يقول له إذا ما كان حاويا للشروط فلا يستجاب، إذا كان حاويا لشروط الاستجابة، فكما يستجاب في شهر رمضان يستجاب في غير شهر رمضان، لا، هنا توجد ميزة خاصة، ولذلك جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله، أنه حتى لو لم يستكمل كل شروط الاستجابة يأتي شهر رمضان ويكمل هذه الشروط. لو أردنا أن نمثل مثالا على ذلك، في الشركات أنت تأتي وتقدم طلبا لقبولك في هذه الشركة، يرون أن (10) متطلبات لابد لقبولك في هذه الشركة، أنت قدمت (9) أو (8)، فيأتي مكمل لذلك، مثلا قول المدير، مدير الشركة يقول أنا من صلاحياتي عندي قدرة أن أقبل من أراه مناسبا لهذه الشركة، وأنا أعرف هذا الشخص، حتى لو كان ناقصا للرقم (10) خلوه يمشي لأني أعلم بفائدته لهذه الشركة. أنت هنا لم تستجمع شروط القبول العادية، وإنما ماذا؟ موقع المدير أكمل شروط قبولك، شهر رمضان هو هكذا، وإلا أنا قدمت دعاء فيه (10) شروط وكلها كاملة فاستجيب لي، في شهر شوال أيضا نفس الشيء قدمت دعاء فيه (10) شروط واستجيب، ما هي ميزة شهر رمضان على شهر شوال؟ ما هي ميزة شهر شعبان أو شهر ربيع عليه؟ النبي عندما يقول (دعاؤكم فيه مستجاب)، يعني حتى لو لم يكن مستجمعا لكل الشروط، فيه نقص، بركات شهر رمضان حيث أنك من أهل كرامة الله، حيث أنك من ضيوف الله عز وجل فيه، موقع الداعي من جهة وهو الله سبحانه وتعالى، موقع الزمان حيث أنه محل الضيافة والكرامة، هذا مثل توقيع المدير في مثالنا الذي ذكرناه. (دعاؤكم فيه مستجاب، وعملكم فيه مقبول)، نفس الكلام الذي قلناه في الدعاء المستجاب أيضا يأتي في العمل المقبول. بعد ذلك يقول: (فسلوا الله ربّكم بنيّات صادقة، وقلُوب طاهرة أن يجعلكم من عتقائه من النار)، اللهم اعتقنا من النار، وأدخلنا الجنة، وأكرمنا بما أنت أهله لا بما نستحقه، اللهم اغفر لنا في هذا الشهر الكريم، وبلغنا إياه، وارزقنا صيامه، وقيامه، وتلاوة كتابك فيه، وارزقنا الجنة فيه لنا ولوالدينا ولآبائنا وأمهاتنا وأرحامنا، إنك على كل شيء قدير، وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين.
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...