العنف والسلام بين (انشتاين) و(فرويد) مراسلات قبل اكثر من 70 عاماً(ح1)
الفيزيائي العبقري (Albert Einstein) لعالم النفس النمساوي فرويد (Sigismund Schlomo Freud) ، (هل من الممكن السيطرة على التطور العقلي للشخص من أجل مكافحة هوس الكراهية والدمار) ، هذا هو الهم الذي شغل (البرت) لسنوات طويلة وكل شخص يفكر بطريقته ، كيف يمكننا ان نوقف الحرب ، هذا هو سؤال الفيزيائي ، اذ يبحث عن الروابط والعلاقات بين المسائل المختلفة ، لكنه يحتاج الى جذور هذه المسائل ، بينما يقدم عالم النفس جذور هذه المسائل يكون بحاجة ماسة الى من يتقبلها كحقائق بعيدة عن العاطفة ، استقبل فرويد رسالة (البرت) بكل شفافية ونفس متفائلة فيبدأ طرح نظريته حول تطور العنف في حياة البشر من دائرته الحيوانية الضيقة الى اوسع مدى عرفته البشرية في ذلك الوقت ، (فرويد) يجعل التطور الاسلوبي في مسألة العنف اساسه الفكر (فمنذ البداية، كانت القوة العضلية المتفوقة هي التي تقرر، بين أفراد جماعة بشرية صغيرة، لِمَن تعود ملكية الأشياء أو مَن ينبغي أن يسيطر. هذه القوة العضلية لَحِقَ بها سريعًا، وحلَّ محلَّها، استخدامُ الأدوات: غدا الفائز مَن يملك السلاح الأفضل، أو مَن يستخدمه استخدامًا أبرع. ومنذ اللحظة التي دخل فيها السلاحُ عالم الإنسان، بدأ التفوق الفكري تقريبًا يحلُّ محلَّ القوة العضلية البهيمية؛ لكن غاية القتال النهائية بقيت هي ذاتها: أن يُجبَر هذا الطرفُ أو ذاك على التخلِّي عن دعواه أو اعتراضه، وذلك بإيقاع الضرر به وتحطيم قوته. وكانت تلك الغاية تتحقق على أتم وجه) ، تظهر قوة هذا التطور في نفس الانسان عن طريق الغريزة الشريرة الكامنة فيه والتي يطلق عليها (فرويد) اسم (الغريزة التدميرية) ، ومحاولة (البرت) هي عبارة عن ايجاد الحل لإخماد او توجيه هذه الغريزة ، بتطوير ثقافة الانسان ووعيه وجعله اكثر تمدناً يربط ذلك بمسؤولية العلماء والقادة اذا ما رسوا دورهم بشكل صحيح يقول: (أملنا العميق لأولئك الذي نعتبرهم قادة أخلاقيين وروحانيين خارج حدود حياتهم الخاصة وخارج وطنهم, من زمن المسيح الي زمن غوته وكانت. ليس امراً كبيراً ان يتم الاعتراف بمثل هؤلاء الرجال عالمياً علي أنهم قادة. على الرغم من أن رغبتهم في التأثير على مجرى الشؤون الإنسانية كانت غير فعالة تماماً؟
وأنا مقتنع بأن هؤلاء الرجال تقريباً من العظماء الذين حققوا إنجازتهم, ومعروفين بأنهم قادة حتي لو كانت مجموعات صغيرة تتشارك نفس القيم. ولكن كان لديهم تأثير صغير يُذكر على مجرى الأحداث السياسية. يبدو تقريباً أن هذا النطاق من النشاط البشري هو الأكثر أهمية لمصير الدول ولا مفر منه في يد حفنة من السياسيين عديمي المسئولية) ، اخذ هنا مسار تشخيص اثر العلماء وربطه في تحقيق غايته ، فالكل يتفق ان هؤلاء العلماء والمصلحين اذا تكلموا سوف يلتف حولهم المجتمع بشكل كبير جداً ، فهو يكن لهم الاحترام والتقدير ، من هنا تنشأ قيادة المجتمع نحو العدالة والحقانية بعيداً عن الحرب وتوترات السياسة ، فعند (فرويد) ان العنف ينشأ عن الحالة الفردية التي يشعر صاحبها بالزهو والسيادة لقوته وكبريائه ، فلا طريق لإيقافه غير الاتحاد (وهي أن القوة التي يتفوق بها فردٌ واحد يمكن أن ينافسها اتحادُ قوى لعدد من الأفراد الضعفاء: "في الاتحاد قوة." إذن، فالعنف يمكن تحطيمه بالوحدة. وقوة أولئك الذين اتحدوا غَدَتْ تمثِّل القانون تجاه عنف الفرد الواحد. من هنا نرى أن "الحق" هو قوة الجماعة) لكن شرطه الاساس ان تبقى هذه القوة دون تفكيك وتفتيت كي تكون قانوناً وحكم عام يظهر منه العدل الجماعي امام البطش الفردي ، (أن تكون وحدة الأكثرية ثابتة ودائمة. إذ لو أن علَّة وجود هذه الوحدة كانت فقط مواجهة فرد مسيطر واحد، ثم أُلغِيَتْ بعد هزيمته، فسيكون الأمر وكأن شيئًا لم يكن. ذلك أن أول مَن يجد في نفسه القوة الكافية سيسعى مرة أخرى إلى فَرْضِ هيمنته عن طريق العنف، وستتكرر اللعبة ذاتُها إلى ما لا نهاية) ، (فرويد) يوضح هنا ان الهدف الجماعي والتطور والتماسك بهذا الشكل سيرسم خارطة واضحة في معالم الحركة الاجتماعية ، فيتولد منها عُرفية عمل هذه القوى الضعيفة المتحدة ، (من هنا كان لا بدَّ للجماعة من أن تدعم باستمرار وأن تنظِّم وأن تضع الأنظمةَ التي تتوقع مسبقًا خطر التمرد؛ كما تعيَّن عليها أن تقيم السلطات التي تشرف على تطبيق تلك الأنظمة – القوانين – وتتأكد من تنفيذ أعمال العنف المشروعة قانونيًّا. اعتراف الجماعة بمصالح كهذه أدى إلى نموِّ روابط عاطفية بين أفراد جماعة متحدة من الناس – فكانت مشاعر الوحدة تلك هي المصدر الحقيقي لقوتها) ، يعود بهذا التحليل الى الجوهرين الاساسين التي وضعهما (البرت) هما (القوة ، والعنف) ، فهذه الجماعة التي فرضها (فرويد) ستعتبر قوة امام العنف وبدوره سيضعف العنف الفردي امام هذه القوى الكبرى ، فهو بذلك اختزل الضعف الفردي وجعل الاتحاد بمظهر القوة ، لكن المشكلة الاكبر تظهر في التساوي والاختلاف بين افراد المجموعة ، فاذا كان الاختلاف حاصل سينشأ ذلك العنف داخل المجموعة التي تكونت لمناهضة العنف ، فيبدوا ان المسألة في غاية التعقيد ، يشرح (فرويد) مسار الامم والجماعات وتاريخها الطويل ومسألة الحروب التي نشبت في فترات التاريخ المختلفة ، ويقسمها الى حروب جرت النفع وحروب جرت الويلات ، ثم يبدي رأيه حول الموقف الصحيح من عدم وقوع الحرب (إذ لن تتم الحيلولة دون الحروب حيلولة قاطعة إلا إذا اتخذ الجنس البشري موقفًا موحدًا يقضي بإقامة سلطة مركزية تعطي الحقَّ في الحكم على كلِّ ما ينشب من نزاعات وصراعات مصلحية. هنا، ثمة شرطان منفصلان تمامًا لا بدَّ من توفرهما: إيجاد سلطة عليا، ومنحها القوة اللازمة؛ وأيُّ شرط من دون الآخر لا يساوي شيئًا. وعصبة الأمم يخطَّط لها كسلطة من هذا النوع) ، وسبق لـ(البرت) ان بث شكواه من سوء استخدام السلطة وضعف رجال السلطة في عدم تخليص شعوبهم من لعنة الحرب ، لم يتوقف (فرويد ) في تحليلاته واجمل ما توصل اليه لمنع الحرب هو (إن نظريتنا الأسطورية عن الغرائز تجعل من اليسير علينا أن نجد صيغة خاصة بالطرائق غير المباشرة لمقاومة الحرب. فإذا كانت الرغبة في شنِّ الحرب ناجمةً عن غرائز التدمير، فإن أبسط خطة هي أن نجعل الـ(Eros) – عدوَّها الأكبر – يعمل ضدها. أي ينبغي تفعيل أيِّ شيء يشجِّع نموَّ الروابط العاطفية بين الناس ضد الحرب) ، يبقى السؤال المجهول هو: اننا لماذا نتمرد على الحب ونتمتع بتلك السلمية بينما غيرنا يتمتع بذلك النضوج العنفي ضد السلم ، أي تطور الحركة السلمية في نفوسنا اكبر من غيرنا ، هذا السؤال قد راود الجميع بما فيهم (البرت) ، يقدم لنا (فرويد) اجابته قائلاً: (إنني أرى أن السبب الرئيسي لرفضنا للحرب هو أنه لا يسعنا إلا أن نفعل ذلك. فنحن مناصرون للسلام لأننا مضطرون إلى أن نكون كذلك لأسباب عضوية. وبالتالي، فإننا لا نجد صعوبة في إيجاد الحجج التي تبرِّر موقفنا) ، ويمكن ان يكون موقفنا شديداً بسبب العمق الفكري والوعي العالي الذي يمتلكه الانسان المسالم ضد الحرب ووضوح عمق الوحشية والدمار التي تخلفها الحرب ، قد يرجع سبب ذلك الى البعد النفسي عند (فرويد) لكنه دون شك هو اثر واضح ونية خالصة حملها الكثير من البشر ، من هنا تظهر جدلية محب السلام ومحب الحرب ، وهذه لوحدها تحتاج الى دراسة عميقة في الفكر الانساني على مدار التاريخ ، والبعد العضوي والنفسي للإنسان ، وتاريخ الديانات لا سيما السماوية منها ، فمن الممكن الوقوف على هاتين الظاهرتين بصورة شبه دقيقة والخروج بنتيجة جيدة تؤدي الى ظهور فوائد كبيرة ، لا سيما اذا كانت تلك العلل التي دفعتنا للسلم قابلة للثبات او التغير ، وباعتقادي ان هذه المراسلات التي افتتحها (البرت) قبل اكثر من 70 سنة بحاجة الى اعادة تدوين فكري وثقافي واعادة طرح بشكل يوافق الحدث بعد الـ70 سنة الماضية .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفيزيائي العبقري (Albert Einstein) لعالم النفس النمساوي فرويد (Sigismund Schlomo Freud) ، (هل من الممكن السيطرة على التطور العقلي للشخص من أجل مكافحة هوس الكراهية والدمار) ، هذا هو الهم الذي شغل (البرت) لسنوات طويلة وكل شخص يفكر بطريقته ، كيف يمكننا ان نوقف الحرب ، هذا هو سؤال الفيزيائي ، اذ يبحث عن الروابط والعلاقات بين المسائل المختلفة ، لكنه يحتاج الى جذور هذه المسائل ، بينما يقدم عالم النفس جذور هذه المسائل يكون بحاجة ماسة الى من يتقبلها كحقائق بعيدة عن العاطفة ، استقبل فرويد رسالة (البرت) بكل شفافية ونفس متفائلة فيبدأ طرح نظريته حول تطور العنف في حياة البشر من دائرته الحيوانية الضيقة الى اوسع مدى عرفته البشرية في ذلك الوقت ، (فرويد) يجعل التطور الاسلوبي في مسألة العنف اساسه الفكر (فمنذ البداية، كانت القوة العضلية المتفوقة هي التي تقرر، بين أفراد جماعة بشرية صغيرة، لِمَن تعود ملكية الأشياء أو مَن ينبغي أن يسيطر. هذه القوة العضلية لَحِقَ بها سريعًا، وحلَّ محلَّها، استخدامُ الأدوات: غدا الفائز مَن يملك السلاح الأفضل، أو مَن يستخدمه استخدامًا أبرع. ومنذ اللحظة التي دخل فيها السلاحُ عالم الإنسان، بدأ التفوق الفكري تقريبًا يحلُّ محلَّ القوة العضلية البهيمية؛ لكن غاية القتال النهائية بقيت هي ذاتها: أن يُجبَر هذا الطرفُ أو ذاك على التخلِّي عن دعواه أو اعتراضه، وذلك بإيقاع الضرر به وتحطيم قوته. وكانت تلك الغاية تتحقق على أتم وجه) ، تظهر قوة هذا التطور في نفس الانسان عن طريق الغريزة الشريرة الكامنة فيه والتي يطلق عليها (فرويد) اسم (الغريزة التدميرية) ، ومحاولة (البرت) هي عبارة عن ايجاد الحل لإخماد او توجيه هذه الغريزة ، بتطوير ثقافة الانسان ووعيه وجعله اكثر تمدناً يربط ذلك بمسؤولية العلماء والقادة اذا ما رسوا دورهم بشكل صحيح يقول: (أملنا العميق لأولئك الذي نعتبرهم قادة أخلاقيين وروحانيين خارج حدود حياتهم الخاصة وخارج وطنهم, من زمن المسيح الي زمن غوته وكانت. ليس امراً كبيراً ان يتم الاعتراف بمثل هؤلاء الرجال عالمياً علي أنهم قادة. على الرغم من أن رغبتهم في التأثير على مجرى الشؤون الإنسانية كانت غير فعالة تماماً؟
وأنا مقتنع بأن هؤلاء الرجال تقريباً من العظماء الذين حققوا إنجازتهم, ومعروفين بأنهم قادة حتي لو كانت مجموعات صغيرة تتشارك نفس القيم. ولكن كان لديهم تأثير صغير يُذكر على مجرى الأحداث السياسية. يبدو تقريباً أن هذا النطاق من النشاط البشري هو الأكثر أهمية لمصير الدول ولا مفر منه في يد حفنة من السياسيين عديمي المسئولية) ، اخذ هنا مسار تشخيص اثر العلماء وربطه في تحقيق غايته ، فالكل يتفق ان هؤلاء العلماء والمصلحين اذا تكلموا سوف يلتف حولهم المجتمع بشكل كبير جداً ، فهو يكن لهم الاحترام والتقدير ، من هنا تنشأ قيادة المجتمع نحو العدالة والحقانية بعيداً عن الحرب وتوترات السياسة ، فعند (فرويد) ان العنف ينشأ عن الحالة الفردية التي يشعر صاحبها بالزهو والسيادة لقوته وكبريائه ، فلا طريق لإيقافه غير الاتحاد (وهي أن القوة التي يتفوق بها فردٌ واحد يمكن أن ينافسها اتحادُ قوى لعدد من الأفراد الضعفاء: "في الاتحاد قوة." إذن، فالعنف يمكن تحطيمه بالوحدة. وقوة أولئك الذين اتحدوا غَدَتْ تمثِّل القانون تجاه عنف الفرد الواحد. من هنا نرى أن "الحق" هو قوة الجماعة) لكن شرطه الاساس ان تبقى هذه القوة دون تفكيك وتفتيت كي تكون قانوناً وحكم عام يظهر منه العدل الجماعي امام البطش الفردي ، (أن تكون وحدة الأكثرية ثابتة ودائمة. إذ لو أن علَّة وجود هذه الوحدة كانت فقط مواجهة فرد مسيطر واحد، ثم أُلغِيَتْ بعد هزيمته، فسيكون الأمر وكأن شيئًا لم يكن. ذلك أن أول مَن يجد في نفسه القوة الكافية سيسعى مرة أخرى إلى فَرْضِ هيمنته عن طريق العنف، وستتكرر اللعبة ذاتُها إلى ما لا نهاية) ، (فرويد) يوضح هنا ان الهدف الجماعي والتطور والتماسك بهذا الشكل سيرسم خارطة واضحة في معالم الحركة الاجتماعية ، فيتولد منها عُرفية عمل هذه القوى الضعيفة المتحدة ، (من هنا كان لا بدَّ للجماعة من أن تدعم باستمرار وأن تنظِّم وأن تضع الأنظمةَ التي تتوقع مسبقًا خطر التمرد؛ كما تعيَّن عليها أن تقيم السلطات التي تشرف على تطبيق تلك الأنظمة – القوانين – وتتأكد من تنفيذ أعمال العنف المشروعة قانونيًّا. اعتراف الجماعة بمصالح كهذه أدى إلى نموِّ روابط عاطفية بين أفراد جماعة متحدة من الناس – فكانت مشاعر الوحدة تلك هي المصدر الحقيقي لقوتها) ، يعود بهذا التحليل الى الجوهرين الاساسين التي وضعهما (البرت) هما (القوة ، والعنف) ، فهذه الجماعة التي فرضها (فرويد) ستعتبر قوة امام العنف وبدوره سيضعف العنف الفردي امام هذه القوى الكبرى ، فهو بذلك اختزل الضعف الفردي وجعل الاتحاد بمظهر القوة ، لكن المشكلة الاكبر تظهر في التساوي والاختلاف بين افراد المجموعة ، فاذا كان الاختلاف حاصل سينشأ ذلك العنف داخل المجموعة التي تكونت لمناهضة العنف ، فيبدوا ان المسألة في غاية التعقيد ، يشرح (فرويد) مسار الامم والجماعات وتاريخها الطويل ومسألة الحروب التي نشبت في فترات التاريخ المختلفة ، ويقسمها الى حروب جرت النفع وحروب جرت الويلات ، ثم يبدي رأيه حول الموقف الصحيح من عدم وقوع الحرب (إذ لن تتم الحيلولة دون الحروب حيلولة قاطعة إلا إذا اتخذ الجنس البشري موقفًا موحدًا يقضي بإقامة سلطة مركزية تعطي الحقَّ في الحكم على كلِّ ما ينشب من نزاعات وصراعات مصلحية. هنا، ثمة شرطان منفصلان تمامًا لا بدَّ من توفرهما: إيجاد سلطة عليا، ومنحها القوة اللازمة؛ وأيُّ شرط من دون الآخر لا يساوي شيئًا. وعصبة الأمم يخطَّط لها كسلطة من هذا النوع) ، وسبق لـ(البرت) ان بث شكواه من سوء استخدام السلطة وضعف رجال السلطة في عدم تخليص شعوبهم من لعنة الحرب ، لم يتوقف (فرويد ) في تحليلاته واجمل ما توصل اليه لمنع الحرب هو (إن نظريتنا الأسطورية عن الغرائز تجعل من اليسير علينا أن نجد صيغة خاصة بالطرائق غير المباشرة لمقاومة الحرب. فإذا كانت الرغبة في شنِّ الحرب ناجمةً عن غرائز التدمير، فإن أبسط خطة هي أن نجعل الـ(Eros) – عدوَّها الأكبر – يعمل ضدها. أي ينبغي تفعيل أيِّ شيء يشجِّع نموَّ الروابط العاطفية بين الناس ضد الحرب) ، يبقى السؤال المجهول هو: اننا لماذا نتمرد على الحب ونتمتع بتلك السلمية بينما غيرنا يتمتع بذلك النضوج العنفي ضد السلم ، أي تطور الحركة السلمية في نفوسنا اكبر من غيرنا ، هذا السؤال قد راود الجميع بما فيهم (البرت) ، يقدم لنا (فرويد) اجابته قائلاً: (إنني أرى أن السبب الرئيسي لرفضنا للحرب هو أنه لا يسعنا إلا أن نفعل ذلك. فنحن مناصرون للسلام لأننا مضطرون إلى أن نكون كذلك لأسباب عضوية. وبالتالي، فإننا لا نجد صعوبة في إيجاد الحجج التي تبرِّر موقفنا) ، ويمكن ان يكون موقفنا شديداً بسبب العمق الفكري والوعي العالي الذي يمتلكه الانسان المسالم ضد الحرب ووضوح عمق الوحشية والدمار التي تخلفها الحرب ، قد يرجع سبب ذلك الى البعد النفسي عند (فرويد) لكنه دون شك هو اثر واضح ونية خالصة حملها الكثير من البشر ، من هنا تظهر جدلية محب السلام ومحب الحرب ، وهذه لوحدها تحتاج الى دراسة عميقة في الفكر الانساني على مدار التاريخ ، والبعد العضوي والنفسي للإنسان ، وتاريخ الديانات لا سيما السماوية منها ، فمن الممكن الوقوف على هاتين الظاهرتين بصورة شبه دقيقة والخروج بنتيجة جيدة تؤدي الى ظهور فوائد كبيرة ، لا سيما اذا كانت تلك العلل التي دفعتنا للسلم قابلة للثبات او التغير ، وباعتقادي ان هذه المراسلات التي افتتحها (البرت) قبل اكثر من 70 سنة بحاجة الى اعادة تدوين فكري وثقافي واعادة طرح بشكل يوافق الحدث بعد الـ70 سنة الماضية .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تعليق